1/12/2005
كلمة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
عند افتتاح الدورة التجريبية الثانية المنظمة ببوزنيقة
الخميس 01 دجنبر 2005
ــ السيدات والسادة المدعوات والمدعوين للجلسة الافتتاحية.
ــ الإخوة والأخوات المشاركات والمشاركين في الدورة التكوينية الثانية المنظمة في إطار مشروع ابن رشد.
يسعدني باسم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن أرحب بكم جميعا في هذه الجلسة التي تشكل انطلاقة لهذه الدورة الثانية الممتدة من 01 إلى 04 دجنبر والتي جاءت بعد الدورة الأولى المنجزة ما بين 27 و 30 نونبر. وكلا الدورتين تشكلان انطلاقة لمشروع ابن رشد.
وإذا كانت هذه الدورة الثانية كما هو الشأن بالنسبة للدورة الأولى تهم حوالي مئة من شغيلة التعليم، نصفهم نساء ونصفهم رجال، فإن مشروع ابن رشد الذي سيتم إنجازه في سنتي 2006 و 2007 يهم حوالي 2000 من شغيلة التعليم يتم تكوينهم على فترتين: فترة التحسيس بمفاهيم وقيم معايير حقوق الإنسان الكونية، يتم إنجازها في السنة المقبلة 2006، وفترة التقوية والتعرف على بعض آليات الدفاع عن حقوق الإنسان المفتوحة للمستفيدين من التكوين التحسيسي للفترة الأولى.
إن مشروع ابن رشد، الذي بدأنا في إنجازه، يدخل ضمن الاهتمام المتزايد للجمعية بالنهوض بحقوق الإنسان وبالتربية على حقوق الإنسان، ويدخل كذلك في إطار اهتمام الجمعية بتحسيس شغيلة التعليم، ومن خلالهم التلاميذ، بقضايا حقوق الإنسان وبإدماجهم جميعا أساتذة وتلاميذ في العمل الطويل النفس من أجل ترسيخ حقوق الإنسان ببلادنا.
إن مشروع ابن رشد يدخل كذلك ضمن تفعيل مبدأ الجمعية بشأن جماهيرية النضال الحقوقي، وهو المبدأ الذي يستوجب مشاركة أوسع فئات المواطنات والمواطنين وفي مقدمتهم شغيلة التعليم والشباب، نساء ورجالا، في العمل الحقوقي. وإننا طبعا نأمل أن يتحول نساء ورجال التعليم الذين يتم تكوينهم في إطار مشروع ابن رشد إلى مناضلات ومناضلين من أجل نشر قيم وثقافة حقوق الإنسان، سواء في إطار أندية حقوق الإنسان التي يتم تكوينها داخل الثانويات والمؤسسات الجامعية ودور الشباب، أو في إطار الجمعيات الحقوقية التي قد ينضموا إليها مستقبلا.
ولا بد من الإشارة إلى أن مشروع ابن رشد الذي يهم شغيلة التعليم، يتم إنجازه بموازاة إنجاز مشروع آخر لا يقل أهمية، وهو مشروع “بروميتيوس” الهادف إلى تحسيس التلميذات والتلاميذ بقيم ومعايير وثقافة حقوق الإنسان. وقد أنجزنا في يوليوز الأخير، بشراكة مع سفارة النرويج بالمغرب، وأكاديمية الرباط التابعة لوزارة التربية الوطنية الدورة التجريبية التي همت 200 تلميذة وتلميذ قبل الشروع في السنة القادمة في تكوين حوالي 2000 تلميذة وتلميذ في مجال حقوق الإنسان.
السيدات والسادة المدعويين والمدعوات:
الإخوة والأخوات المشاركين في الدورة التكوينية
لقد أطلقنا على مشروعنا هذا مشروع ابن رشد. لماذا؟
إن ابن رشد فيلسوف وطبيب عربي ازداد سنة 1126 ميلادية بمدينة قرطبة بالأندلس وتوفي سنة 1198. بعد دراسات معمقة في الشؤون الدينية والعلمية والفلسفية، أصبح قاضيا بإشبيلية ثم في قرطبة. وكان ينتقل كثيرا ما بين المغرب وإسبانيا.
في البداية كانت مؤلفاته ومواقفه عبارة عن تفسيرات وتأويلات لأفكار الفيلسوف اليوناني أرسطو، لكنه سرعان ما شيد مواقفه المتميزة وفلسفته الخاصة العقلانية والمادية والتي أثارت انتقادات وعداء الفقهاء التقليديين. ومن أشهر مؤلفاته “تهافت التهافت” الذي يشكل ردا على مؤلف للعالم المحافظ الغزالي.
وقد درست فلسفة ابن رشد في جامعة باريس ابتداء من القرن 13، إلا أنها انتقدت من طرف الكنيسة المسيحية بشدة قبل أن يتم منع تدريسها سنة 1513 من طرف البابا ليون العاشر.
إن اختيارنا لهذا الإسم المشرق هو تكريم للعقل وانحياز منا في الحركة الحقوقية للفكر الحداثي والمتنور ضدا على الأفكار التقليدية البائدة والظلامية لأن حقوق الإنسان بمفهومها الكوني شيدت على اساس العقلانية والفكر التحرري والقيم الثابتة المتجسدة في الحرية والمساواة والتضامن وقدسية الحق في الحياة والسلامة البدنية.
الإخوة والأخوات المشاركين في الدورة التكوينية
إن الدورة التكوينية التجريبية التي ننظمها ما بين 27 نونبر و 04 دجنبر تتم بشراكة بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وسفارة فنلندا بالرباط ووزارة التربية الوطنية ممثلة بأكاديمية الرباط.
ولا يفوتنا أن نشكر بحرارة السيـــد Ingmar Strom القائم بأعمال سفارة فنلندا بالرباط، على دعمه المعنوي لهذا المشروع وعلى دعم بلاده المادي لانطلاق الدورة التكوينية الأولى. وإن هذا الدعم الذي نأمل أن يستمر في المستقبل، والذي يمس كذلك إنجاز مشروع بروميتيوس الخاص بالتلاميذ والتلميذات، ليس بغريب على بلاد فنلندا المعروفة بدفاعها عن حقوق الإنسان الكونية.
كما لا يفوتنا أن نشكر هنا كذلك وزارة التربية الوطنية ممثلة هنا بـالسيدة حليمة زين العابدين مسؤولة بأكاديمية الرباط – سلا – زمور – زعير.
وإننا بهذه المناسبة ننوه مرة أخرى باتفاقية الشراكة المبرمة بين وزارة التربية الوطنية من جهة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية من جهة أخرى، آملين أن يتم تفعيل هذه الاتفاقية بشكل أوسع وأعمق في المستقبل باعتبارها مفتاح أساسي للنهوض بحقوق الإنسان بالنسبة لشغيلة التعليم وكذا الشباب.
بقي لي أن اشكر كل الذين ساهموا من قريب أو بعيد في التهييئ لهذا النشاط الحقوقي .
الإخوة والأخوات المتدربين والمتدربات
أتمنى لكم مقاما طيبا هنا، وأن تكون هذه الدورة التكوينية ليس فقط مناسبة للتعلم وتوسيع معارفكم في مجال حقوق الإنسان، ولكن كذلك فترة لنسج علاقات جيدة مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومع مناضليها وأطرها، رجالا ونساء، ولنسج علاقات إنسانية راقية فيما بينكم، قوامها الصداقة والمودة والتضامن والعزم الجماعي على العمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، وبناء دولة الحق والقانون، ومجتمع المواطنات والمواطنين الأحرار المتمتعين بكافة حقوقهم الإنسانية. إن الدورة الأولى كانت جد موفقة على هذا المستوى، وافترق المشاركون والمشاركات في جو عائلي رائع وكلهم حماس للعمل الجماعي من أجل مناصرة حقوق الإنسان. أتمنى لدورتكم أن تعرف نفس التوفيق أو أكثر.
والسلام عليكم
الرباط في 01 دجنبر 2005