9/8/2006

طالب خبراء قانونين وسياسيين وممثلي منظمات حقوق الإنسان والأحزاب والنقابات المهنية بتشكيل هيئة عربية تتولى مهمة ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وكذلك إعداد وتوثيق ملف خاص بالجرائم الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية والفلسطينية، وستتولى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لمناهضة التمييز مهمة دعوة منظمات المجتمع المدني العربية والدولية وأساتذة القانون الدولي والكتاب والمثقفين وغيرهم بغية دعم التحرك المطلوب لتشكيل هذه الهيئة . جاء ذلك في ختام فعاليات الحلقة النقاشية التي نظمتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان “الآليات القانونية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين عن جرائهم في لبنان وفلسطين” أمس الاثنين 7/8/2006.

كما أعلن المشاركون إدانتهم ورفضهم للعمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان مطالبين مجلس الأمن بتحمل دوره إزاء الأزمة اللبنانية من خلال اتخاذ قرار فوري بوقف إطلاق النار وضرورة تحميل إسرائيل مسئولية انتهاك القانون الدولي الإنساني، ومطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة للانعقاد في حالة استمرار العدوان الإسرائيلي علي لبنان، مؤكدين دعهم الكامل المادي والمعنوي للشعب اللبناني.

كما دعا المشاركون الجامعة العربية إلى عقد قمة عربية طارئة بهدف بلورة موقف عربي موحد يتجاوز الشجب والإدانة إلى موقف فعال ورادع ضد إسرائيل لوقف جرائمها بحق الشعب اللبناني والفلسطيني،ويضمن الحفاظ على حقوقه، وكذلك ضرورة قيام الدول العربية بتقديم الدعم المادي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لحقوق الإنسان اللبناني والفلسطيني على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي ، ودعوة الدول العربية إلى التوقيع والتصديق على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية للاستفادة من العدالة الدولية ضد جرائم الإبادة أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، وجمع الاتهامات ضد اولمرت والقادة العسكريين وذلك من خلال توثيق الجرائم التي ارتكبت في الجنوب اللبناني .

وافتتحت فعاليات الحلقة النقاشية بكلمة للدكتور بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان مؤكداً فيها ضرورة تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني على المستوى الدولي بالتوازي مع الجهود الرسمية وخلافه ، مضيفًا أنه حتى تكون هناك مصداقية لتلك المؤسسات ينبغي أن تخرج من إطار المحلية للدولية حتى تصبح أداة للتأثير على هذه القوة المسيطرة على العالم، داعيًا النقابات والمنظمات أن تستثمر علاقاتها وعضويتها في التجمعات الدولية لتحمي شعب لبنان وفلسطين من العدوان الإسرائيلي الغاشم .

وطالب د.غالي بإطلاق حملة المليون رسالة (فاكس -أيميل) للجهات المؤثرة في صنع القرار الدولي والأمريكي لتأكيد مطالبتنا بالوقف الفوري للعدوان ، الانسحاب غير المشروط ، تبادل الأسرى ، لجنة تحقيق ، تعويض الشعبين اللبناني والفلسطيني عما لحق بهما من ضرر من جراء العدوان ، وبحث حل شامل للمشكلة الفلسطينية .

ومن جانبه ، أوضح الأستاذ حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية أن السجل الإسرائيلي مليء بالانتهاكات في الأراضي الفلسطينية وذلك منذ عام 1948 وحتى الآن ، ومن أمثلة المذابح الإسرائيلية مذبحة دير ياسين عام 1948 والتي أسفرت عن مقتل 360 قتيلا أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ وقعت خلالها عمليات اغتصاب وتمثيل للجثث وتفجير للمنازل ، ومذبحة قرية أبو شوشة القريبة من قرية دير ياسين وراح ضحيتها 50 شهيدا من النساء والرجال والشيوخ والأطفال ضربت رؤؤس العديد منهم بالبلطات ، ومذبحة الطنطورة أغسطس 1948 وقد خلفت المذبحة أكثر من 90 قتيلا .

ومذبحة قليقلية عام 1956 وراح ضحيتها أكثر من 70 شهيدا ،ومذبحة كفر قاسم في ذات العام ، وراح ضحيتها 49 مدنيا فلسطينياً ، وحريق المسجد الأقصى عام 1969، ومذبحة صبرا وشاتيلا وذلك في 16 سبتمبر1982 ، وقد قدرت أعداد القتلى بعد تلك المذبحة حوالي 3326 شخصا وفقًا لمنظمة العفو الدولية، ومذبحة المسجد الأقصى عام 1990، ومذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994، ومذبحة مخيم جنين عام 2002 …الخ . يضاف إلى ذلك عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية لعناصر المقاومة الفلسطينية، والاعتقال الجماعي ، واستهداف الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ ، والتعذيب، والحصار ، والتجويع ، والقصف العشوائي للمدن والقرى .

وأضاف أبو سعده أن العمليات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان هي عبارة عن سلسلة من جرائم الحرب فقد خرقت إسرائيل الهدنة مع لبنان والموقعة عام 1949 م وهذا ليس جديدا عليها فقد خرقت تلك الهدنة برا وبحرا عام 1968، 1972، 1982 وأكثر من مائه مرة عن طريق الجو وهو ما يعد انتهاك للسيادة اللبنانية، كما عمدت إسرائيل إلي تنفيذ سياسية التدمير المنهجي وهي ممنوعة بنص لائحة الحرب البرية لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949وفقا للمادة 147 من هذه الاتفاقية والتي حرمت القتل العمد والتعذيب والإبعاد غير القانوني والحرمان المتعمد من الحقوق والتدمير الواسع للممتلكات ومصادرتها مما لا تبرره الضرورات العسكرية ويتم ارتكابه بصورة قانونية ومتعمدة، ومن ناحية أخرى نجد أن هذا التدمير مخالف لنص الفقرة الأخيرة من المادة 85 من بروتوكول جنيف الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات عام 1949 والتي تنص على أن الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات ولهذا البروتوكول بمثابة جرائم حرب.

وأنهى الأمين العام للمنظمة المصرية حديثه بطرحه تساؤلاً مفاده : هل من الممكن أن تمارس الشعوب والحكومات ومنظمات المجتمع المدني العربية الضغط على المجتمع الدولي من اجل محاكمة أيهود اولمرت رئيس وزراء إسرائيل و عمير بيرتز وزير الدفاع الإسرائيلي كمجرمي حرب عما ارتكباه في لبنان؟ .

وعن البعد القانوني للتصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان ، أكد د.عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري السابق أن ما تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية واللبنانية يتجاوز الحدود القانونية والأخلاقية، كما أن ما تدعيه إسرائيل بأن

عملياتها الأخيرة في لبنان هي دفاعا شرعيا عن النفس غير صحيح ، منتقداً تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة الذي اعتبر أن ما تفعله إسرائيل هو دفاعا عن النفس وتطبيقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ، موضحاً أن هذه المادة تؤكد على ممارسات مستقرة بموجبه يعتبر ما تقوم به دولة ما دفاعًا عن النفس وهي وقوع هجوم ضدها أو أن هذا الهجوم على وشك الحدوث ، كما أضافت محكمة العدل الدولية عام 2004 أن الهجوم المسلح يجب أن تقوم به دولة وليس جماعة وبذلك فان ما يقوم به حزب الله لا يعتبر دفاعا عن النفس .

وطرح د.الأشعل مجموعة من التساؤلات من بينها هل يجوز لحزب الله دخول الحدود الإسرائيلية ؟ مجيبًا بالإيجاب أنه يجوز لحزب الله ذلك ما لم تكف إسرائيل عن العدوان واحتلال مزارع شبعا ، وهل يجوز لحزب الله أن يأسر الجنديين الإسرائيليين؟ نعم لأنها علاقة حرب، ولأن الأسر جاء لاعتبارات قانونية وإنسانية وهي إنقاذ المعتقلين في السجون الإسرائيلية ولاسيما في ظل الصمت الدولي كما وأن إسرائيل لها تجربة سابقة في هذا الأمر حينما أسرت 10 الآلاف جندي مصري وقامت بقتلهم، هل ما قامت به إسرائيل هو رد على عملية حزب الله؟ لا فقادة إسرائيل اعترفوا أن ما قامت به إسرائيل هو عملاً مدبراً وأن ما فعله حزب الله هو مجرد ذريعة أساسية وأن الخطة التي استخدمتها إسرائيل هي خطة مجهزا قبل ذلك الغرض منها نزع سلاح حزب الله تنفيذا لإرادة المجتمع الدولي غير أن هذا الادعاء غير قانوني فإسرائيل ليس لها الحق في الإنابة عن المجتمع الدولي في تنفيذ هذا القرار.

وعن محاكمة الإسرائيليين كمجرمي حرب أوضح د.نبيل حلمي عميد كلية الحقوق بجامعة الزقازيق أن المحكمة الجنائية تكون ضد الأفراد المتهمين بارتكاب أعمال ضد الإنسانية ، وقد دفعت الحاجة لهذا لنوع من المحاكم إلى إنشاء محاكم نومبرج لمحاكمة النازيين الذين اتهموا بارتكاب أعمال ضد اليهود، أما في الوقت الحالي فهناك دعوة لمحاكمة اليهود الذين ارتكبوا ومازالوا يرتكبوا أعمال ضد حقوق الشعب الفلسطيني واللبناني .

وأضاف د.حلمي أن المحكمة الجنائية تختلف عن محكمة العدل الدولية،فهي تختص بتولي مهمة محاكمة المتهمين بارتكاب أعمال ضد الإنسانية وجرائم حرب وكذلك جرائم الإرهاب، ولا تسقط هذه الجرائم بالتقادم أو العفو ولا يوجد حصانة ضد أي شخص يرتكبها،وتتطلب هذه المحاكمة إصدار قرار من مجلس الأمن يدعو إلى ذلك ، وتختص المحكمة الجنائية الدولية بالدول التي صدقت على نظامها الأساسي أو على أرض دولة وقعت على نظامها الأساسي ، مشيراً إلى أن المحكمة الجنائية هي قضاء تكميلي فالأصل هو القضاء الوطني،ولكن إذا عجز القضاء الوطني عن تحقيق العدالة، فهنا يأتي دور المحكمة الجنائية الدولية ، داعيًا الدول العربية وخاصة لبنان إلى التصديق على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية.

وأشار د.عماد جاد الأمين العام للمنظمة العربية لمناهضة التمييز أن النجاح الذي حققه حزب الله في معركته الأخيرة ضد الإسرائيليين لم يكن متوقعاً للجميع ، فقد تعرضت إسرائيل لاضطراب شديد في قواتها البرية ، ومن ثم لجاءت للقصف الجوي للمصانع والجسور والمستشفيات مستهدفة المدنيين اللبنانيين مما يشكل انتهاكًا جسيماً للقانون الإنساني الدولي ، مؤكداً أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق اللبنانيين والفلسطينيين ما هي إلا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعا د. جاد منظمات المجتمع المدني العربية والدولية إلى حشد الجهود لدعم التحرك المطلوب لتشكيل فريق عربي لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وضرورة تجهيز وتوثيق

ملف بالجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية واللبنانية لتكون صورة حية أمام العالم أجمع عن المذابح الإسرائيلية بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، وأوضح أن هناك دولتين عربيتين فقط وقعتا على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية هما جيبوتي والأردن ، وعليه طالب بقية الدول العربية بالتوقيع والتصديق على هذا الميثاق .

ومن جانبه انتقد الأستاذ أحمد المسلماني الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية موقف وزارة الخارجية المصرية عند تعاملها مع الأزمة اللبنانية واصفاً إياه بالضعف ، ولكنه في ذات الوقت أشاد بدور الجهات المصرية الرسمية وغير الرسمية في إرسالها معونات غذائية وطبية للشعب اللبناني الشقيق ، وأوضح أن هناك اختلاف بين حسن نصر الله وتنظيم القاعدة موكداْ أن نصر الله حارب عام 2000 وقاد لبنان إلى النصر أما تنظيم القاعدة فهو يحارب قادة الدول من أجل إرساء نظام الخلافة الإسلامية ، وأشار المسلماني إلى أن هناك كارثة نجني ثمارها الآن وهي الأسطورة التي ترسخت بمبادلة الأسري العرب بأقل عدد من الأسرى اليهود .

وأكد د. مجدي عبد الحميد رئيس مجلس إدارة جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية أن هناك من الوثائق ما يؤكد أننا أمام جرائم حرب إسرائيلية في قانا مكتملة الأركان من قتل للأطفال الأبرياء وتدمير للبنية التحتية وأمام ثلاث شخصيات إسرائيلية على الأقل ينبغي محاكمتها والباقية تأتي، فهناك رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اتخذ قرار الحرب ووزير الدفاع الإسرائيلي وقائد القوات الجوية ، مطالبًا بسرعة تشكيل محكمة جنائية خاصة لمحاكمة هؤلاء المجرمين عن جرائمهم البشعة بحق الشعب اللبناني .