19/8/2006
يعرب مركز الجنوب لحقوق الإنسان مجددا عن قلقه من خطورة تزايد عمليات الهجرة الغير شرعية التي لم تقتصر أبعادها ووقائعها على الخريجين الشباب الجدد الذين يصابون بالإحباط فور تخرجهم من الدبلومات الفنية والمعاهد والجامعات لعدم توافر فرصة عمل والتحاقهم القسري بقطار البطالة فحسب، بل أمتد هذا الشعور العام بالاحباط ليشمل طلاب الجامعات الذين أدركوا أن دراستهم للحصول على الشهادة الجامعية لم يعد لها أي أهمية فهي أصبحت مجرد ورقة ليست لها أي قيمة في سوق العمل الذي يشهد تزايد مستمرا في العرض مقابل انخفاضا حاداً في الطلب بسبب السياسات الاقتصادية الجديدة الذي أصبحت عملية الوساطة والبحث عن فرصة عمل فيه مثل الشخص الذي يبحث عن لبن العصفور.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يحذر من خطورة هذا الوضع المأساوي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم وتفشى بين كل شباب مصر خريجين وطلاب بسبب تيقن هؤلاء الطلاب بأنهم يجب أن يبحثوا عن حلول بديلة حتى لو كانت تلك الحلول قد تكلفهم حياتهم أو السجن عبر لجؤهم إلى الطرق الغير قانونية في السفر واعتمادهم مبدأ الهجرة الغير شرعية، وأصبح هذا الوهم بمثابة الحل السحري الذي يؤمن به أغلب الشباب المصري للهروب من الواقع الأليم المتمثل في تفاقم البطالة وتدنى مستويات الأجور وانضمامهم إلى كل الحالمين والباحثين عن فرصة عمل وحياة كريمة في إحدى الدول الأوروبية أو بلاد العم سام.
إن المسئولية لا تقع على عاتق هؤلاء الشباب وإنما هي مسؤولية الحكومة التي عجزت ووقفت مكتوفة الأيدي عن اتخاذ أي خطوات فعلية وعملية للحد من تزايد عربات قطار البطالة التي وصلت معدلاتها إلى أكثر من 30% أي حوالي سبعة مليون عاطل، وهى نسبة تعتبر مرتفعة جدا بالمقارنة حتى بالدول الصغرى الفقيرة في أفريقيا واعتماد الحكومة على سياسات الشعارات والوعود الوردية التي ترى فيها مسكننا قويا للبطالة متناسية تماما أن تزايد استخدام المسكنات قد لا يحدث نفس الأثر الأولى بل قد تفاقم من الأزمة فحتى البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك الذي وعد فيه بإنشاء آلف مصنع كل سنة لم يتحقق بما جعله وعدا أضيف لوعود وتصريحات الحكومة بأعدادها برامج قومية لتشغيل، في الوقت الذي يتم خلاله تشريد عمال القطاع العام بسبب الخصخصة.
إن تجاهل الحكومة وعجزها عن إيجاد حلول عاجلة وواقعية سيزيد من أعداد الشباب الراغب في الهجرة الغير شرعية ويفتح نشاط جديدا من النشاطات وهو نشاط السماسرة والمهربين الذين يستغلون أحلام الشباب بالسفر للخارج ويهربونهم عبر ليبيا مروا بالبحر المتوسط إلى ايطاليا مقابل أكثر من 20 ألف جنية.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان طالب بضرورة العمل الجدي من قبل الحكومة وكافة مؤسسات الدولة على معالجة أزمة البطالة المتزايدة عبر توفير فرص عمل حقيقة توفر دخلاً مناسبا للشباب، والتوسع في برامج دعم المشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى إحداث نقلة نوعية في المناهج والبرامج التعليمية في المعاهد الفنية والجامعات بما يمسح بتخريج دفعات تكون قادرة على التعامل مع سوق العمل الذي أصبح يتطلب توافر مهارات لايمتلكها سوى الأقلية من خريجي الجامعات الأجنبية التي لايستطع الكثيرون توفير مصاريفها الباهظة.