10/12/2006

تشير كافة الدلائل إلى أن الأزمة السودانية آخذة في التفاقم ليس على المستوى الدولي فقط بل على المستوى الداخلي أيضا، الأمر الذي ينذر بكارثة كبرى في السودان ويمكن أن يمتد لهيبها لدول الجوار، نظراً للإنقسامات الداخلية الحادة التي تطفو على سطح الحياة السياسية السودانية.

فبالرغم من تمديد مهمة قوات حفظ السلام الافريقية في أقليم دارفور المنكوب حتى منتصف العام القادم إلا أن المطالبة الدولية لاتزال مستمرة بضرورة توفير قوات دولية مشتركة مع القوات الافريقية لحماية المدنيين في دارفور، ويظهر اختلاف الاستجابة لهذه المطالبة إنقساما في موقف حكومة الوحدة الوطنية، فالبشير يعلن دوماً رفضه لدعوة الأمين العام للأم المتحدة كوفي عنان بقبول القرار 1706 ومساعدة المنظمة الدولية على تنفيذه، ويجدد البشير رفضه للقرار وهدد بمحاربة أية قوات دولية تدخل للأقليم، ولم يكتف بذلك بل بدأ في حملة واسعة لتعبئة الرأى العام لرفض القوات على اعتبار ان مقاومة هذه القوات نوعا من “الجهاد”، بينما تعلن الحركة الشعبية لتحرير السودان تأييدها للتدخل الدولي لوقف أعمال العنف والإبادة طالما لم تستطع الحكومة وقوات الاتحاد الافريقي وضع حد للإنتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في أقليم دارفور.

وتزداد خطورة الوضع في السودان في ظل الإعلان عن تأسيس جبهة الخلاص الوطني من الحركات المسلحة الرافضة لإتفاق أبوجا الموقع في مايو الماضي لإحلال السلام في دارفور، ودخولها في مواجهات مسلحة عنيفة مع القوات الحكومية، وكذلك عمليات القتال العنيف التي وقعت مؤخراً في ملكال جنوبي السودان بين قوات الحركة الشعبية والقوات المسلحة السودانية.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يرى تزايد المخاطر والتحديات التي يواجهها الشعب فإنه يؤكد على أن القرار 1706 بصيغته الحالية يجعل من تنفيذه أمراً مستحيلاً حيث جاء نص البند الأول منه على دعوة حكومة الوحدة الوطنية للقبول به، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، الأمر الذي ينبئ بإمكانية صدور قرار جديد كما أعلن الرئيس الأمريكي مؤخراً أن هناك عدة بدائل منها أن يتم تمرير قرار من الأمم المتحدة يرسل القوات دون الحاجة لموافقة الحكومة.

كما يستنكر مركز الجنوب لحقوق الإنسان تواطؤ النظام العربي مع نظام البشير عبر عدم جديته في تحمل تكاليف بعثة الاتحاد الأفريقي مثلما أعلن من قبل، والتأييد الواضح لمواقف البشير الذي قرر الدخول في مواجهة عسكرية دولية بدلاً من العمل على إنهاء أسباب النزاعات التي باتت تمزق السودان بسبب سياسات الاستعلاء والتهميش والقمع المتواصل للحريات والحقوق المدنية والسياسية بدعوى مقاومة المخططات والمؤمرات الدولية والصهيونية.

ويحذر مركز الجنوب لحقوق الإنسان من استمرار إنقسام الحكومة السودانية وتضارب تصريحات البشير ونائبه الأول وتناقض موقفهما من التدخل الدولي الذي يقترب بشدة من السودان ينذر بحدوث كوارث إضافية للسودانيين الذين هم في غني عن المزيد ويكفيهم ما يعانونه من مأسي إنسانية، فلا يوجد أقليم من أقاليم السودان المترامية الأطراف ينعم حاليا بالإستقرار، كما أن استمرار الصراع المسلح في دارفور يؤجج الصراعات الأخرى في الجنوب والشرق وكردفان وجبال النوبة، والحديث عن قدرة البشير على المواجهة المزعومة سوف ينكشف عمليا إذا ما أصر المجتمع الدولي على حماية أهالي دارفور عبر إصدار قرار جديد يلزم البشير بقبول القوات الدولية.

ويعرب مركز الجنوب لحقوق الإنسان عن خشيته من دخول السودان بحكومته الحالية وأحزابه المنقسمة على نفسها في دوامة لا نهاية لها سوى التفتت والإنقسام بعد معارك طاحنة في حرب أهلية جديدة تزهق خلالها الأرواح لا لشئ سوى تعنت جناح البشير في الحكومة وتغذيته لمشاعر الكراهية بين أبناء السودان متعددي الثقافات والديانات والأعراق.