24/2/2005

كانت احلامهم حين شرعت الحكومة فى بناء مصنع السماد منذ اربعين عاما انه سياتى بكل انواع الخير معه سواء بالانتاج المتوقع من السماد او بتوفير فرص عمل للمئات من ابناء جزيرة الاكراد الواقعة فى محافظة اسيوط ،غيران البدايات دائما لدينا لا تاتى بالنهايات المتوقعه و المقدمات لاتاتى بالنتائج المرجوه ، فقد اصبح المصنع على مر السنين مصدر للخطر المستمر الذى يداهم الانسان والحيوان والنبات ،فالمصنع يقع جنوب غرب مدينه اسيوط وتحديدا فى جزيرة الاكراد واقيم على مساحة مائة فدان استقطعت من اراضى تعد من اجود الاراضى الزراعية ، ومنذ ان بدا المصنع فى العمل بدات تظهر اخطار كبيرة بسبب نفايات المصنع الناتجه من عمليات تصنيع السماد وتخزين انتاجه فى العراء مما كان له الاثر السئ والضرر البالغ على كل ما يحيطه من كائنات

يقول جعفر عنتر محمود من ابناء جزيرة الاكراد اننا نسكن هنا منذ عام 1911 جيل وراء جيل حتى وصل عدد السكان الى عشرة الاف نسمه وكلنا نعانى من اضرار مصنع السماد ، فلقد تسبب فى الامراض الجلدية والصدرية وامرض الرمد والامراض النفسية للكثير من السكان ، فلقد شاء حظنا السئ ان تصبح قريتنا ملاصقة تماما لسور المصنع بالرغم من ان الماده 16 من القانون 453 لسنه 54 تنص على ضرورة وجود حرم لمثل هذه المنشأت يقدر بحوالى 2000 مترا ليعزله عن العمران والمناطق السكنية مما جعلنا فى حظر تجول داخل القرية من بعد الساعه السابعه مساء وهى موعد بدايه العمل الجاد للمصنع مما يعنى تطاير الاتربه الكيماويه لتغطى كل شئ بيوتنا ، وحقولنا ، حتى وجوهنا لم تسلم من هذا التراب الكيماوى القاتل ، وبالرغم من ان محافظ اسيوط السابق اللواء سميح السعيد رفع تقريرا الى الدكتور عاطف عبيد وزير قطاع الاعمال فى ذلك الوقت برقم 265 فى 18/10/1995 حيث تم منح المصنع مهله لتوفيق اوضاعه وازاله مصادر التلوث 000 الا ان ذلك لم يحدث ومازلنا نعانى من التلوث حتى الان

ويؤكد الباحث الطبيب عبد المنعم محمد عبد الرحمن فى رساله الماجستير التى اجراها على تاثير نفايات مصنع السماد على صحة الانسان بان معظم سكان قرية جزيرة الاكراد يعانون من امراض الصدر خاصه الاطفال حيث اثبت الدراسة زياده عدد الوفيات فى هذه المنطقه بسبب امراض الجهاز التنفسى الناتجه عن التلوث

ولم تتوقف الاثار الخطيرة المترتبة عن الغازات والاتربه المنبعثة من المصنع عند الانسان فقط بل تجاوزته لتؤثر على صحه الحيوان مما كان له الضرر البالغ على الثروة الحيوانيه فى تلك المنطقه ، ففى دراسة اجراها الدكتور ثابت عبد المنعم ابراهيم استاذ الطب الشرعى والسموم بكلية الطب البيطرى جامعه اسيوط حيث اثبت ان تلك الغازات والاتربه تؤدى الى انخفاض نسبة الكالسيوم والفسفور اللازمه لبناء الهيكل العظمى للحيوانات وتؤثر على انخفاض نسبة المواليد مما يؤدى بدوره الى تاخير النمو وعدم القدرة على الوقوف اضافه الى نفوق الحيوانات اثناء الولادة 0

ويضيف محمد على حسين من قريه جزيرة الاكراد “بناء على الشكاوى التى قمنا بها الى جهات مختلفه وتقرير لجنه حمايه البيئة فى 1/4/1996 وايضا على كتاب جهاز شئون البيئة فى 1/9/1996 ومحضر الامن الصناعى رقم 10167 فى 28/8/96 قرر محافظ اسيوط السابق وقف العمل بالمصنع وعدم تشغيل محمصتنى سماد السوبر فوسفات وايقاف العمل بوحده حامض الكبريتيك نهائيا مع ضرورة انجاز اللازم نحو عملية التعبئة الالية بنظام مغلق وامن لمنع تصاعد الاتربه وذلك فى كتابه رقم 549 فى 2/11/96 ولكن لم يتم ايقاف العمل سوى 12 ساعه فقط ثم عاود المصنع عمله لينشر اضرارا فى وضح النهار ضاربا بكل القوانين عرض الحائط ولاعزاء لقانون البيئة رقم 4 لسنه 1994 لدى الضعفاء

” ويؤكد تقرير جهاز شئون البيئة الصادر فى 27/4/2004 ان هناك ملاحظات خطيرة تهدد سلامه العاملين بالمصنع وسكان القرى المحيطة حيث جاء فى التقرير ان البيانات العامه عن المصنع غير كامله ولم توصف بالسجل البيئ وان اللجنة قامت بمعاينه الوحدات الانتاجية بالمصنع ولوحظ عدم ارتداء العاملين المهمات الوقائية فى وحده انتاج حمض الكبريتيك وهى البدله الواقيه والقفازات والكمامه مما يسبب خطرا على العاملين بهذه الوحده ، وعاينت اللجنة موقع طواحين الخام ولوحظ فى هذا الموقع شده الضوضاء وعدم ارتداء العاملين بهذه الطواحين سدادات الاذن والكمامات الواقية وكذلك تبين لاعضاء لجنه التفتيش ان المصنع يقوم بتشوين المواد الخام فى العراء وهى خام الفوسفات وخام الكبريت وان كل طرقات المصنع مغطاه بالاتربه الناعمة الناتجه عن عمليات التشغيل وانها قابله للتطاير مما يلوث البيئة المحيطة داخل المصنع وخارجه ، وقد كشفت اللجنه عن عدم تغطيه السيور الناقله للخامات من المرسى النهرى وحتى مناطق التشوين والطواحين مما ينشر الاتربة بفعل التيارات الهوائية وانتقالها لصدور المواطنين ، اما الاخطر فى ذلك التقرير هو ما اورده بان المصنع يقوم بصرف النقابات فى نهر النيل عن طريق هدار بموجب ترخيص انتهى فى ابريل من عام 2004 مما يفتح المجال واسعا امام ثلوث مياه الشرب والرى فى تلك المنطقه مما يهدد حياه المواطنين بخطر بالغ سواء فى الماكل او المشرب

هذا بعض ماورد فى تقرير جهاز شئون البيئة مما لا يدع مجالا للشك بان اهالى جزيرة الاكراد فى محافظة اسيوط يواجهون الموت فى كل لحظه عبر ما ينفثه مصنع السماد من اتربه وغازات ، ومن جهتنا تؤكد مؤسسة اولاد الارض ان ما يتعرض له الاهالى فى تلك المنطقة يتعارض مع ابسط قواعد حقوق الانسان فى ان يتنفس هواء نقيا غير ملوث وان يشرب كوبا من الماء النظيف وان ياكل طعاما يخلو من الكيماويات والمواد الضارة ولذا تطالب مؤسسة اولاد الارض لحقوق الانسان المسئولين بسرعه تنفيذ ما اوصت به لجنه جهاز شئون البيئة بما يضمن عدم تسرب اى مواد ملوثه من مصنع السماد حفاظا على صحه المواطنين واتباع اجراءات الامن الصناعى حفاظا على العاملين ، اما اذا تعذر تنفيذ تلك الاجراءات فليس امامنا سوى ان نطالب بنقل مصنع السماد بعيدا عن الكتله السكانية تنفيذا للماده 16 من القانون 453 لسنه 54 والتى تنص على ضرورة وجود حرم للمنشات الصناعية يقدر بحوالى 2000 مترا لعزلها عن العمران والمناطق السكنية ، وعلى جانب اخر فقد تقدمت مؤسسة اولاد الارض لحقوق الانسان ببلاغ للنائب العام مطالبين فية بضرور اجراء التحقيقات اللازمة لمحاسبة المسئولين عن هذه الانتهاكات التى يتعرض لها الناس فى جزيرة الاكراد