20/2/2007

أظهرت دراسة ميدانية حديثة أعدها مركز الجنوب لحقوق الإنسان حول سبل تفعيل المشاركة السياسية للشباب عمق المشكلات التي يعاني منها الشباب، والتي تمثل مخاطر حقيقية تفرض بذل أقصى جهد ممكن من الجهات المهتمة بمستقبل هذا الوطن بما فيها السلطات التنفيذية والجهات الأهلية لمحاولة التصدي للآثار السلبية لتهميش دور الشباب المصري وابتعاده عن الحياة السياسية، فطالما ظل الشباب بعيدين عن المشاركة السياسية فأنهم قد يمثلون قنابل قابلة للإنفجار إذا ما تسلمتهم أيدي الجماعات المتطرفة التي تزدهر كلما ازدادت الازمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بالاضافة إلى حالة الفراغ السياسي التي يعيش فيها هؤلاء الشباب عبر تهميشهم وعدم الاهتمام بقضاياهم في برامج وانشطة الأحزاب السياسية القائمة، وهو ماتظهر نتائجه واضحة في عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة العامة بمختلف صورها.

وجاءت نتائج الدراسة التي اعدت بالتعاون مع مركز البحوث الإجتماعية بالجامعة الأمريكية لتوضح أسباب غياب مشاركة الشباب الحالية وكيفيةالعمل من تفعيل مشاركة الشباب في العمل العام بمختلف جوانبه سواء النشاط الوطني العام أو النشاط من خلال منظمات أهلية أو أحزاب سياسية، فالملفت للنظر ابتعاد الشباب وعزوفهم عن النشاط السياسي من خلال الأحزاب، وهذا بدون شك له أسبابه المرتبطة بطبيعة هذه الأحزاب وبرامجها الموجهة للشباب والتي إما أنها لا تعطي الاهتمام المطلوب للشباب، أو أن خطابها السياسي لا يشكل عامل جذب لهم، بسبب تقادمها وعدم مواكبتها لمتطلبات الشباب العصرية واحتياجاتهم الراهنة، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر فيها لدراسة كيفية تفعيل طاقات الشباب وإعادة جذبها إلى الأحزاب والعمل العام، وتفعيل دور المنظمات غير الحكومية، من خلال إعادة صياغة أولوياتها وبرامجها انسجاما مع الأجندة الوطنية العامة، بما يكامل في العمل بينها وبين المؤسسات الرسمية ويجعل من هذه المنظمات منظمات تحظى بمصداقيتها أمام الجمهور.

كشفت الدراسة أن الشباب لايثقون في نتائج عملية المشاركة بسبب الممارسات التي تنتقص من الحق في المشاركة مثل التزوير المتكرر للانتخابات وعدم اطلاق الحريات العامة في البلاد، وعلى هذا الأساس فإن الشباب يعبرون بعدم مشاركتهم عن الاحتجاج على السياسات العامة وفقدان الثقة في البناء السياسي والحزبي الذي أصبح بالنسبة لهم غير قابل للتغيير والإصلاح نتيجة الممارسات التي تشهدها العمليات الانتخابية من تزوير في إرادة الناخبين حتى في ظل مايسمى بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، بالاضافة إلى ابتعاد التعديلات الدستورية الجاري مناقشتها عن رغبات الشباب في احداث تغيير جذري وشامل بما يضمن تحقيق اصلاح سياسي ودستوري حقيقي يدفع الشباب للمساهمة بجدية في الحياة العامة.

وعكست نتائج الدراسة عدداً من الحقائق من بينها أن إدراك الشباب لأهمية المشاركة في الحياة السياسية ضيئلة للغاية رغم الدعاية المكثفة من قبل أجهزة الإعلام الحكومية والمعارضة والمستقلة، كما أشارت النتائج إلى أن برامج التوعية المقدمة من الجهات الحكومية أو غير الحكومية لم تؤثر جديا في دفع الشباب نحو الاستجابة لمثل هذه البرامج، الأمر الذي يجعلنا ندعو إلى ضرورة تكثيف الجهود من اجل اقناع الشباب بضرورة المشاركة وبداياتها فيحيازة بطاقة انتخابية تمكنهم من المشاركة الفعالة.

ما تشير النسب المتعلقة بحيازة الفتيات المبحوثات أو أولياء أمورهن من الأمهات والأخوات إلى انخفاض نسبة النساء الحائزات على بطاقة انتخابية الأمر الذي يمنعهن من المشاركة الحقيقة في الحياة السياسية في مختلف مجالاتها، ويفرض على المسئولين والمهتمين بالعمل على العام ان يلتفتوا لهذه المشكلة التي تحول دون مشاركة النساء بشكل عام في الحياة السياسة بتوفير برامج خاصة للنساء للتوعية بضرورة مشاركتهم في الحياة السياسية بالبدء في استخراج بطاقات انتخابية حتى يتسنى لهن ابداء ارائهن في الحياة العامة.

كما تشير النتائج الخاصة بالانتماء إلى الأحزاب السياسية إلى عمق انفصال الشباب عن العملية السياسية في ظل سيطرة الحزب الوطني الحاكم على كافة مجريات العملية السياسية بدءً من منح حق تأسيس الأحزاب من خلال لجنة شئون الاحزاب السياسية التي تقرر اعلان حزب أو وفاته بالامتناع عن تأسيسه وادخاله في داومة المحاكم التي قد تستمر لأكثر من عشر سنوات مثلما حدث موخراً مع 12 حزبا رفضت المحمكمة الإدارية العليا منحهم حق التأسيس، وهكذا يبدو ان هؤلاء الشباب الذين لاينغمسون في العمل الحزبي قد فقدوا الثقة في الاحزاب القائمة حاليا بما فيها المعارضة فهم يعرفون أنها أحزاب مرضي عنها من قبل الحزب الحاكم وتقوم بدور هام في تجميل وجه الحكم بما يتح الادعاء بالتعددية الحزبية ولكنها في نظر الشباب تعددية مقيدة برغبة الحزب الحاكم، الأمر الذي يدفعهم للعزوف عن المشاركة في أياً منها، ويعزز فقدان الثقة لديهم في امكانية الاصلاح السياسي وبالتالي المشاركة فيه.

وتؤكد نتائج الدراسة على ظاهرة عزوف الشباب حتى من حائزي بطاقة انتخابية عن المشاركة في العملية السياسية، الأمر الذي يستلزم ضرورة التفكير في كيفية إقناعهم بأهمية المشاركة خصوصا وانهم يختلفون عن النسبة الغالبة من بقية الشباب بما يحوزنه من قدر من الادراك لأهمية مشاركتهم بدليل حيازتهم لبطاقات انتخابية ولكن غالبيتهم لايحرصون على المشاركة كما تظهر بجلاء اجابات المبحوثين، وهو الأمر الذى تمتد جذوره إلى مراحل التعليم المختلفة حيث تظهر النتائج غياب التوعية الأولية بمبادي المشاركة التي يمكن أن تتيحها العملية الانتخابية للاتحادات الطلابية وخصوصا في المراحل العمرية المبكرة، فغياب آليات واضحة وشفافة لاجراء الانتخابات التي يتشكل على اساسها الاتحادات الطلابية في المدارس يمكن ان تمثل بداية يمكن ان تسفر عن زيادة الوعي والاهتمام لدى الشباب بضرورة المشاركة في اختيار ممثليهم في الاتحادات الطلابية كمقدمة لاختيار ممثليهم في المجالس النيابية.

وتشير نتائج البحث إلى وجود حاجة ماسة لعدد من الآليات التي يمكن ان تسهم في تفعيل المشاركة السياسية للشباب التي تعاني من الانخفاض في نسبتها ومجالاتها، من بين هذه الآليات أن تعمل الأحزاب والجمعيات الأهلية على تصميم برامج لتوعية الشباب وتدربهم على عملية المشاركة سواء في انشطتها أو تأسيس جمعيات جديدة يمكن أن يشارك الشباب أنفسهم في تأسيسها بدعم وتوجيه من القيادات المحلية الحالية للاحزاب أو الجمعيات الأهلية القائمة، فبدون توافر مثل هذه البرامج التدريبية على المشاركة وبدون ان يبدأ الشباب أنفسهم في ممارسة العمل التطوعي سوف يكون من الصعب أن يطور هؤلاء الشباب من أدراكهم لأهمية المشاركة السياسية، في ظل عدم تضمينها بشكل مناسب في المناهج الدراسية سواء في المدارس أو الجامعات، وفي ظل حالة الاستبداد السياسي القائمة على التناقض بين دعاوي الإصلاح والواقع الذي يشهد مزيداً من القيود على المشاركة في الحياة السياسية،

ولذلك لابد من ان تتزامن هذه البرامج التدريبية مع المجهودات التوعوية التي يجب تكثيفها لإشراك الشباب في الحياة السياسية بدءً من استخراج البطاقات الانتخابية التي تمكنهم من المشاركة السياسية في الاستفتاءات والانتحابات العامة وصولاً إلى مناقشة وطرح تصورات التعديلات التي ينبغي ادخالها على البناء السياسي للإصلاح التشريعي والدستوري بما يسهم في زيادة ثقة الشباب بدورهم في الحياة العملية السياسية، ويمكن ان يتحقق ذلك عبر زيادة عدد اللقاءات والندوات التي تتاح فيها الفرصة أمام الشباب لكي يعبروا عن وجهات نظرهم وآمالهم وطموحاتهم في ظل تواجد القيادات الحزبية والأهلية والحكومية، وفي نفس الوقت يجب الاهتمام بتوفير المكون الترفيهي في مثل هذه اللقاءات عبر تنظيم الاحتفالات والمهرجانات الشبابية والحفلات الموسيقية لمراعاة توافر عنصر الجذب الذي يتيح امكانية اكبر لمشاركة الشباب واقبالهم على مثل هذه الانشطة بفعالية واهتمام.

توصل البحث الذى جرى تطبيقه على 200 شاب وفتاة من منطقة إمبابة إلى عدد من النتائج التى تعد مؤشراً لتدني مستوى مشاركة شباب المنطقة فى الحياة العامة، ففيما يتعلق بمستوى إدراك الشباب لأهمية المشاركة في الحياة السياسية وصلت نسبة المقيدين في الجداول الانتخابية من بين المبحوثين إلى 30% من الذكور و 18% من الفتيات، وغالبية الشباب المسجلين في الجداول الانتخابية لم يتقدموا لاستخراج بطاقات انتخابية حيث عبروا عن اعتقادهم بأنه تمت اضافتهم تلقائيا للجداول الانتخابية. هذا كما ظهر ان حائزي بطاقة انتخابات وقت اجراء البحث لم يتجاوز 18 شابا من بين 100 وبالنسبة للفتيات 7 فقط من 100 فتاة. أما فيما يتعلق بأفراد أسرهم المقيدين في الجداول الانتخابية فقد ظهر أن أباء 40% من المبحوثين مسجلين بالجداول الانتخابية بينما لم تتجاوز الأمهات الحائزات على بطاقة انتخابية سوى 22%، والنسبة للأخوة الذكور 26% والبنات 14% فقط. أما فيما يتعلق بالانتماء لحزب سياسي فقد أظهرت النتائج أن 14% من المبحوثين يتنمون لأحزاب سياسية بينما تصل نسبة غير المنتمين إلى 86% من بين المبحوثين. وبخصوص الاحزاب التي يتنمى لها الشباب، جاء الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم على رأس قائمة الاحزاب حيث أوضح 9% من مجموع المنتمين لأحزاب انتمائهم للحزب الوطنى، و1% لكل من أحزاب الوفد ، والتجمع مصر الفتاة، بينما 2% ينتمون لحزب الغد.

وأشار الشباب المنتمين للحزب الوطني انهم أنضموا الحزب لانه يقدم لهم الكثير من الخدمات منها الرحلات منخفضة التكاليف وأخرين قالوا انه انضماهم للحزب يساعدهم في التقدم لطلب وظائف وبعضهم أكد انه انضم للوجاهة الاجتماعية، والمنتمين للاحزاب المعارضة أجمعوا على رفضهم لسياسات الحزب الوطني وانهم يشعرون ان الاحزاب التي ينتمون لها غير قادرة على تقديم بديل حقيقى أو أن تتحدى السيطرة المطلقة للحزب الوطني على الحياة السياسية.

وفيما يتعلق بأراء النسبة العظمى من الشباب غير المنتمين لأيا من الاحزاب السياسية ونسبتهم حوالي 34% من المبحوثين، فقد قال 12% منهم أنه يفضل عدم الانضمام لأي حزب حرصا على مستقبله الوظيفي، واشار 23 % إلى انهم لايشاركون في العمل الحزبي لعدم فاعليته، وبرر 11% عدم مشاركتهم بأن برامج جميع الأحزاب غير واضحة، واجمع 40% من المبحوثين على انهم غير مهتمين أصلا بالأحزاب أو الحياة السياسية برمتها. وحول مدى مواظبة المبحوثين من حائزى البطاقات الانتحابية على الادلاء بأصواتهم في الانتخابات، فقد قال 54% منهم أنهم لايواظبون على الادلاء بصوتهم في ايا من الانتخابات أو الاستفتاءات، بينما قال 23 % منهم أنهم يواظبون على المشاركة بالتصويت في الانتخابات، ونفس النسبة قالت حسب الظروف.

وفيما يتعلق بمشاركة المبحوثين في انتخابات الاتحادات الطلابية اثناء دارستهم، أفاد 46 % أنهم شاركوا في هذه الانتخابات على مستوى الفصل الدراسي بينما قال 54% انهم لم يشاركوا في هذه الانتخابات لانها لم تنظم أصلا ولم يعرفوا عنها شئيا طول سنوات دراستهم. وفي صورة أخرى من صور عدم اهتمام الشباب بالمشاركة في الأنشطة التطوعية أجاب 88% من المبحوثين بأنهم لم يشاركوا في أي نشاط تطوعي في أي مجال من مجالات العمل التطوعي، وانحصرت نسبة من شاركو في بعض الأعمال التطوعية في 12% فقط ، وأشاروا إلى مشاركتهم في أعمال بعض الجمعيات الخيرية التي تقدم خدماتها للفقراء من أبناء المنطقة أو مشاركتهم في بعض أعمال النظافة التي نظمها الحزب الوطني خلال الأجازة الدراسية نظير مقابل مادي محدود، وافاد بعضهم بانهم شكلوا فريق مسرحي يقدم عروضه في الشارع بلا مقابل.

وحول تقدير المبحوثين لمشاركة الشباب في العملية الانتخابية أقر 67% منهم بأن هذه المشاركة سلبية في مجملها، بينما رأي 23% منهم أن هذه المشاركة ايجابية، واعتبرها 11% من المبحوثين جيدة جداً وقال 24% من أن هذه المشاركة معقولة ورأى 37% منهم هذه المشاركة ضعيفة ، واقر 28% أنه لاتوجد مشاركة من جانب الشباب في العملية الانتخابية. وجاءت أجابات المبحوثين على سؤال لماذا لايشارك الشباب في الانتخابات لتضيف بعداً آخر من مظاهر ضعف المشاركة الشبابية فقد قال 7% منهم أنهم ليس لديهم وقت، وأقر 38% منهم بانهم غير مهتمين بالسياسة أصلاً، وعبر 12% عن أنهم لايشعرون بجدوى المشاركة، واوضح 34% انهم لايثقون بالعملية الانتخابية أو اصواتهم أو مشاركتهم سوف تسهم في تغيير النتائج التي تريدها الحكومة، وقال 9% من المبحوثين أن الشباب لايوجد لديهم وعي بأهمية المشاركة في الانتخابات.

وفيما يتعلق بمتابعة المبحوثين لانتخابات مجلس الشعب بالدائرة أفاد 40% منهم أنهم كانوا مهتمين جداً بأخبار المنافسة الانتخابية واشار 16% إلى أنهم كانوا مهتمين إلى حد ما بينما أوضح 44% منهم أنهم لم يكونوا مهتمين بهذه الانتخابات، وعن مصدر معلومات المبحوثين عن الانتخابات أفاد 8% منهم أنهم حصلوا على المعلومات من التليفزيون والراديو، و23% اعتمدوا على الصحف الحكومية في متابعة أخبار الانتخابات، بينما استقى 36% معلوماتهم من الصحف الحزبية، و33% اعتمدوا على متابعة اخبار الانتخابات من خلال احاديثهم مع الأصدقاء والمعارف. وحول علاقة المبحوثين بنواب الدائرة فى مجلس الشعب فقد قال 7% انهم حاولوا التواصل مع النائب أملا في أن يساعدهم في الحصول على فرصة عمل بينما اعلن 93% من المبحوثين انهم لم يقوموا بمثل المحاولة أبداً وبرر 38% من الشباب أسباب عدم اللجوء أنهم لايثقون أن النائب سوف يخدمهم، وقال 44% انهم لايعرفون كيفية الوصول إلى نائب الدائرة فهو ليس لديه مقر معروف يمكن أن يلتقوا به من خلاله، وقال 18% ان النائب غير متواجد بالدائرة في اغلب الاوقات لعمله في محافظة الاسماعلية.

وبالنسبة للاحزاب التي يعرفها الشباب جاء الحزب الوطني في المقدمة حيث قال 48% من المبحوثين انهم يعرفونه ، وحزب الوفد 18% وحزب الغد 23% والحزب الناصري 4% وحزب التجمع 3% ومصر الفتاة 2% وحزب العمل1%، وتشير هذه النتائج إلى أن أغلب المبحوثين تعرفوا على الاحزاب الكبرى نظرا لتواجد مقرات لها في المنطقة وفيما يتعلق بحزب مصر الفتاة وهو حزب صغير نسبيا أوضح بعض المبحوثين أنهم تعرفوا عليه عبر مقاراته المتعددة بالمنطقة بسبب التنازع على منصب أمين الحزب بالمنطقة. وبالنسبة للثقافة السياسية للشباب المبحوثين وكيفية تشكليها فقد أظهرت نتائج البحث الميداني أن المؤسسات التعليمية لاتسهم كثيراً في تشكيل هذه الثقافة بالرغم من تخصيص مقررات دراسية عن التربية الوطنية حيث يعتبرها الطلاب مادة غير مهمة وتحصيل حاصل لأنها عبارة عن مجموعة من الأفكار المجردة التي ليست لها علاقة بالواقع الحقيقي الذين يعيشون في ظله، بينما تأتي وسائل الأعلام وخاصة الفضائيات العربية مثل الجزيرة والعربية والمنار على رأس الموسسات الإعلامية التي يستمد منها الشباب معرفتهم بالتطورات والاحداث السياسية الجارية بما يجعلها عنصراً فاعلاً في تشكيل الثقافة السياسية لدى الشباب، كما تلعب الانترنت دوراً في تشكيل الثقافة السياسية بالنسبة للشباب القادرين على استخدام الكمبيوتر لأنها وسيلة تمكنهم من الإطلاع على أحدث التطورات في مختلف المجالات السياسية والثقافية، كما تيح لهم فرصة الاتصال المباشر مع نظرائهم البلدان الأخرى والمشاركة بالرأي في الحوارات والمناقشات الداذرة في المنتديات العديدة في الفضاء الالكتروني، حيث تتميز هذه الحوارات بالحرية المطلقة في التعبير عن أرائهم ومعتقداتهم، تلك الحرية التي يفتقدونها في التعامل مع وسائل الإعلام التقليدية، وفي نفس السياق يلجأ بعض الشباب الى تأسيس مواقعهم الخاصة فيما يعرف بالمدونات وهي مواقع مجانية يتمكن من خلالها الشباب الكتابة بحرية عن أنفسهم وفيما يفكرون ويدلون بآرائهم في مختلف الموضوعات السياسية والثقافية والاجتماعية بلا تدخل من أية جهة رقابية،وهذه الظاهرة بدأت تشهد تزايداً ملحوظاً في الفترة الأخيرة المر الذي يمكن أن يجعل منها مسألة محل البحث الاجتماعي في الايام القادمة للتعرف على كيفية تفاعل ظاهرة تدوين الشباب على الانترنت مع الواقع السياسي والاجتماعي لهم.

وقد ظهر أيضا أن المؤسسات الدينية لاتزال تمثل منبراً لتوعية الشباب وتشكيل ثقافتهم السياسية خاصة في أوقات الازمات والحروب مثلما حدث خلال الحرب الأخيرة التي شنتها اسرائيل ضد لبنان في الصيف الماضي، حيث لعبت الخطب الدورية والدروس الأسبوعية في المساجد والكنائس دوراً في التنديد بالعدوان الاسرائيلي على لبنان الذي استمر34 يوما دون أي تدخل حقيقي من جانب المجتمع الدولي لوقت العدوان الاسرائيلي، أما المؤسسات الحزبية فقد رأى الشباب حتى المنتمين للأحزاب أنها تفتقر إلى برامج تثقيفية أو تدريبية متطورة وفعالة يمكنها ان تمثل إضافة حقيقية لوعي الشباب بما فيهم أعضائها. وحول مصادر حصول المبحوثين على أخبار التطورات السياسية جاءت القنوات الفضائية العربية مثل قناة الحزيرة وقناة العربة وقناة المنار في مقدمة المصادر التي يتعرف من خلالها المبحوثين على الاخبار والتحليلات للأحداث السياسية الجارية بنسبة 54% من إجمالي المبحوثين، بينما جاءت قنوات التليفزيون المصري المتعددة كمصدر للمعلومات والأخبار بنسبة 8% فقط من المبحوثين، والصحف القومية 16% والصحف المعارضة والخاصة 14%، وفي نفس الوقت يعتمد 5% من المبحوثين على الاصدقاء في الحصول على أخبار التطورات السياسية، وعبر 3% عن انهم يعتمدون على ما يسمعونه في المسجد أو الكنيسة لفهم ما يحدث من تطورات على الساحة السياسية في مصر والخارج. وفيما يتعلق بمعرفة المبحوثين بحقوق الإنسان فقد جاءت اجاباتهم بنسبة 92% عبروا عن معرفتهم بها نتيجة تكرار الحديث عنها في الأونة الأخيرة بينما أعرب 8% انهم لايعرفون ما هو المقصود بحقوق الإنسان.

وجاءت معاني وتصورات المبحوثين عن حقوق الإنسان متفاونة حيث عنيت بالنسبة للبعض أن يحصل الإنسان على حقوقه التي أقرها الدستور والقانون مثل حق العمل والتعليم والعلاج والسكن، وبالنسبة لآخرين كانت تعني أن يعيش الإنسان بحرية دون تدخل من أحد في حياته، وفي نفس الوقت رأى بعضهم ان حقوق الإنسان موضوع جديد تتجمل به الحكومات ولاتهتم بتحقيقه، كما أعرب البعض عن تخوفه من أن تكون حقوق الإنسان سبباً في التدخل في الشئون الداخلية للبلاد، وقال البعض أن حقوق الإنسان ليست سوى شعارات حتى في الدول التي تدعي الدفاع عنها، ومن جهة أخرى اتفق معظم المبحوثين على أن حقوق الإنسان يجب أن تكون كاملة وشاملة، بحيث تتضمن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن يتم توجيه مزيد من الإهتمام للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع لمساندتهم على تحسين وتطوير أحوالهم وتمكينهم من الحصول على كافة حقوقهم.

وحول الحقوق التي يشعر المبحثون بالحصول عليها جاءت أجاباتهم متقاربة في الحصول على الحق في التعليم ولكن بتكلفة عالية بسبب الدروس الخصوصية وارتفاع اسعار الكتاب الجامعي، وأنهم يحصلون على حق العلاج في المستشفيات العامة والمستوصفات والعيادات الخاصة، ولم يشر غالبية المبحوثين إلى أياً من الحقوق المدنية والسياسية رغم أنهم جميعاً يتمتعون ببعضها مثل الحق في الحياة والحق في الجنسية والحق في المشاركة في إدارة الشئون العامة للبلاد عبر انتخاب ممثليهم أو حتى ترشيح أنفسهم في الانتخابات العامة. وبالنسبة لمعرفة المبحوثين للمجلس القومي لحقوق الإنسان قال 58% انهم سمعوا به بينما قال 42% انهم لايعرفون عنه شئياً، وقد يرجع ذلك لحداثة تأسيس المجلس وضاءلة المتابعة الاعلامية الدائمة لأنشطته حيث اقتصر دوره بالنسبة لمن يعرفونه على تلقي شكاوي حقوق الإنسان، وحول معرفتهم بجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان، أجاب 62% بمعرفتهم و32% لايعرفون عنها اية معلومات، وقال الذين تعرفوا عليها أنها تقدم خدمات مجانية بنسبة 37% ورأى 22% انها تعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان، بينما راى 18% أنها دورها أن تعارض الحكومة، ورأى 13% أنها تجمل سياسة الحكومة في مجال حقوق الإنسان، واعتقد 30% منهم أن هذه الجمعيات والمؤسسات تعمل لصالح الجهات الاجنبية لأنها تنفذ مخططاتها وتحصل على التمويل في مقابل ذلك. وبالنسبة لرؤيتهم حول امكانية أن تلعب هذه المنظمات دوراً إيجابيا في توعية الشباب بحقوقهم قال 82% انها يمكن ان تعلب مثل هذا الدور، بينما رأى 18% أنها لن يمكنها ذلك بسبب طبيعة المشروعات التي تنفذها وتوجهها إلى النخبة المثقفة فقط وليس عامة الشعب.

ورأى 48% من المبحوثين ان هذه المنظمات يمكن ان تنظم الندوات واللقاءات الفكرية مع الشباب لكي تعمل على زيادة وعيهم بالسياق السياسي والاجتماعي الذي يعيشون فيه وكيفية الاسهام في تطويره، كما رأى 32% ان أتباع منهج الدورات التدريبية لمجموعة من الشباب يمكن أن يسهم في زيادة الوعي لهذه المجموعة وبعدها يمكن أن تقوم هذه المجموعة ذاتها بدور في نشر الوعي بين بقية الشباب المحطين بهم، وقال 20% منهم أن عروض الأفلام تعتبر آداة جيدة للتواصل مع الشباب وقد تمثل مدخلاً لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة لدى الشباب ونشر الوعي بينهم.

وحول الانشطة التي يقترحها المبحوثين لتوعية الشباب بدورهم وضروة مشاركتهم السياسية جاءت اجاباتهم بانه ينبغي زيادة الانشطة التي يمكن ان يشارك الشباب في تنظميها وادراتها بحيث يكون المشرفين على تنفيذ هذه الانشطة من الشباب انفسهم لكي تزدادا مشاركة الشباب فيها، كما أن هناك اقتراحات بضرورة تنظيم الرحلات الترفيهية للشباب وجعل المشاركة فيها بأسعار معقولة حتى يتمكن أكبر عدد من الشباب من المشاركة فيها، بالاضافة الى تنظيم اللقاءات والندوات الفكرية والسياسية. وقد أظهرت اجابات المبحوثين عن الاسئلة الخاصة بالخصائص الاجتماعية أن 96% منهم غير متزوجين بينما وصل عدد المتزوجين إلى 4% فقط وأغلبهم من الفتيات، ويعيش 98% من المبحوثين في شقق عادية بينما يعيش 1% في شقة على السطوح وواحد في المائة بمساكن الأيواء التابعة للمحافظة بمنطقة أرض عزيز عزت، وجاء نمط الإيجار القديم غالبا للشقق السكنية التي يعيش فيها المبحوثين بنسبة 78% والايجار الجديد 12% أما التمليك فلم يتجاوز 10% من المبحوثين. وفيما يتعلق بالمؤهلات الدراسية للمبحوثين تبين أن الحاصلين على مؤهل عال بلغوا 32% من أجمالي المبحوثين ، والحاصلين على مؤهل متوسط 48% أما الحاصلين على شهادة أقل من المتوسط (ابتدائية/اعدادية) 20% من المبحوثين.

وتشير البيانات الميدانية إلى أن نسبة عدد الذين لايعملون من المبحوثين وصلت إلى 58% بينما يعمل 42% فقط، ووالذين يعملون في القطاع الحكومي وصلت نسبتهم إلى 17% وفي القطاع الخاص 63% ومشروعات خاصة 20% من المبحوثين. وحول اجادتهم لاستخدام الكمبيوتر تشير النتائج إلى ان 37% فقط منهم يجيدون استخدام الكمبيوتر وأن 63% لايجيدون استخدامه، أما عن قضاء أوقات فراغهم فقد تنوعت اجاباتهم وحظيت مقاهي الانترنت بمقدمة الأماكن التي يقضي بها الشباب،حيث 37% منهم أوقات فراغهم بها حيث تتيح لهم تصفح الانترنت والتواصل مع اصدقاء لهم عبر برامج الشات أو العاب الكمبيوتر، وجاءت السينما في المرتبة الثانية 21% يفضلون مشاهدة الأفلام في السينما، أما قضاء اوقات الفراغ في مراكز الشباب والاندية الرياضية فلم تتجاوز 17% من المبحوثين، وعن قضاء وقت الفراغ في المكتبات أو القراءة فقد جاءت بنسبة 5% فقط، الأمر الذي يشير إلى تفضيل الشباب لقضاء أوقات فراغهم في التسلية أكثر من الأهتمام باضافة قيم أو معلومات جديدة واضافية عما يتلقونه في المدارس والمعاهد والجامعات.

ويتضح من تحليل نتائج البحث الميداني أن غالبية المبحوثين ينحدرون من فئات اجتماعية وسطى وفقيرة، وحاصلون على مؤهلات عليا ومتوسطة أو لايزالون في فترات الدراسة بالجامعة والمعاهد الفنية، ويعاني غالبيتهم من عدم توافر فرص عمل ملائمة لمؤهلاتهم، وهم بذلك يمثلون عبئاً كبيراً على أسرهم من ناحية، وأهداراً لطاقاتهم وقدراتهم من ناحية أخرى، الأمر الذي يحمل معه امكانية أن يمثل هؤلاء الشباب قنابل قابلة للإنفجار إذا ما تسلمتها أيدي الجماعات المتطرفة التي تزدهر كلما ازدادت الازمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بالاضافة إلى حالة الفراغ السياسي التي يعيش فيها هؤلاء الشباب عبر تهميشهم بعدم الاهتمام بقضاياهم في برامج وانشطة الأحزاب السياسية القائمة، وهو ماتظهر نتائجه واضحة في عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة العامة بمختلف صورها، على الرغم من إدارك غالبيتهم أهمية دورهم ومشاركة في الحياة السياسية، ولكنهم لايثقون في فعالية المشاركة بسبب الممارسات التي تنتقص من الحق في المشاركة كالتزوير المتكرر للانتخابات وعدم اطلاق الحريات العامة في البلاد، وعلى هذا الأساس فإن الشباب يعبرون بعدم مشاركتهم عن الاحتجاج على السياسات العامة وفقدان الثقة في البناء السياسي والحزبي الذي أصبح بالنسبة لهم غير قابل للتغيير والإصلاح نتيجة الممارسات التي تشهدها العمليات الانتخابية من تزوير في إرادة الناخبين حتى في ظل مايسمى بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، بالاضافة إلى ابتعاد التعديلات الدستورية الجاري مناقشتها عن رغبات الشباب في احداث تغيير جذري وشامل بما يضمن تحقيق اصلاح سياسي ودستوري حقيقي يدفع الشباب للمساهمة بجدية في الحياة العامة.

South Center for Human Rights
Adress: 27Omar Ben Elkhattab St.
Ard Elgamya- Embaba- Giza, Egypt
www.southonline.org
Tel/ Fax: 3143441
Mobile: 0123642094
0104826784