26/3/2007

بعد نجاح نواب الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في تمرير التعديلات الدستورية في مجلس الشعب، وتنظيم الإستفتاء عليها اليوم لكي يسدل الستار على المسرحية الهزلية للتعديلات الدستورية، حدث ماهو متوقع من قبل جماهير الشعب المصري البائسة واليائسة من حدوث أي تغيير حقيقي في ظل تمسك الحزب الحاكم بإحكام سيطرته على الحياة السياسية عن طريق خلق بنية تشريعية معادية للحريات وترسانة هائلة من القوانيين المقيدة للعمل السياسي أو المدني على كافة المستويات.

ولم يكتف بذلك، هذا الحزب الحاكم الذي يستمد شرعيته الوحيدة من الحكم بقانون الطوارئ، بل لجأ إلى استحداث مواد في الدستور تلغي أي ضمانة يمكن أن تكفلها المواد الأخرى في الحريات العامة والشخصية تحت دعوى مكافحة الإرهاب، وهي نفس الحجة التي يبرر بها الحزب الوطني الحاكم بقاءه طوال أكثر من ربع قرن حتى الآن.

وفي ظل هذه السياسات الاستبدادية التي دأب الحزب الوطني الحاكم على تمريرها تقف جماهير الشعب المصري غير مبالية بما يحدث خوفا من البطش الذي ينتظرها إذا ماعبرت عن معاناتها من هذا الاستبداد، ولها في قمع المظاهرات السلمية واعتقال المدنيين ومحاكمتهم عسكريا عبرة لاتخطئها أعين الجماهير التي قررت عدم التفاعل مع أطروحات الحزب الحاكم، ولا مع مطالب أحزاب وجماعات المعارضة المقيدة، ولكنها غالبا ما آثرت السلامة، لذلك نجد أن الجماهير تغرق في السلبية بدلاً من المشاركة الحقيقة في صنع وتقرير مصير بلادهم.

لقد اثبتت وقائع هذا اليوم مدى ابتعاد الجماهير عن الحزب الحاكم والمعارضة، بالعزوف الكامل عن المشاركة في أخطر استفتاء على مستقبل البلاد الذي يسير من سئ إلى أسوأ خاصة فيما يتعلق بالحريات العامة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي يدفع البلاد إلى نفق مظلم ينذر بالمخاطر الحقيقية التي بدأت تلوح في الافق في ظل غياب الحريات العامة وتقييد الحياة السياسية .

لقد اتضح أن الحديث عن المواطنة التي يكررها الحزب الحاكم لتمرير التعديلات الدستورية فارغ من أي مضمون في ظل غياب المشاركة الشعبية، وعدم نجاح أجهزة الاعلام المملوكة للدولة والتي يديرها قادة الحزب الحاكم في اقناع الناس بالمشاركة وهذه أول الانطباعات التي يمكن ان يدركها كل من عاش على أرض مصر في هذا اليوم، ولن يقتنع أحد بالحشود الحكومية امام الكاميرات الحكومية التي ستنشر صورها للموظفين والعمال المغلوبين على أمرهم خوفا من رؤسائهم للاصطفاف أمام عدسات التصوير لخداع العالم بحقيقة ما حدث اليوم.

وستكون الصناديق الزجاجية خير دليل على عدم تفاعل الناس مع ما طرح من تعديلات أو مع دعوة المقاطعة التي قد يحلو لأحزاب المعارضة الإعلان عن نجاحها، ففي جميع اللجان التي غابت عنها الجماهير وحاول الحزب الوطنى قدر طاقته حشدها ولكنه فشل في تحقيق المستهدف وهو طموح محدود لمشاركة 30% من اجمالي عدد الناخبين، هذه الصناديق الفارغة ستؤكد تهافت الدعاية الحكومية لتمرير التعديلات، وتهافت المعارضة التي لم تقنع الجماهير بأهمية المشاركة والتصويت لمنع تمريرها.

وغني عن الذكر ان اساليب التزوير والالتفاف حول الارادة الشعبية عادت لتطل برأسها من جديد في هذا اليوم الذي استخدمت فيه نفس الجداول الانتخابية المعيبة، فظلت مليئة بأسماء المتوفين والاسماء المكررة والخاطئة التي تتيح لأصحاب النفوس الضعيفة استخدام سلاح التزوير، ومن خلال متابعة فريق العمل بمركز الجنوب نستطيع أن نؤكد أن غياب المشاركة الجماهيرية وخاصة بين فئات الشباب دليلا على فقدان المصداقية لأي نتيجة ستعلن لهذا الاستفتاء، ونحذر من مخاطر الانسياق الاعمي خلف تزوير إرادة الجماهير، إن انتخابات نقابة مهنية كنقابة المهندسين التي ترزح تحت وطأة الحراسة القضائية منذ أكثر من عشر سنوات تتطلب مشاركة 50% من اعضاء الجمعية العمومية لها، فما بالنا باستفتاء على تعديلات دستورية تقرر مصير البلاد لسنوات قادمة.

إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يدعو إلى الاستعداد لإعادة طرح تعديلات دستورية جديدة، وتنظيم الاستفتاء عليها بعد إجراء نقاش ديمقراطي وحقيقي يحظي بالتوافق العام والتأييد الجماهيري حتى لاتستمر الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحتى يمكن أن تلحق بلادنا بركب الاصلاح والتطور الديمقراطي الحقيقي الذي تأمله جماهير الشعب المصري.

South Center for Human Rights
Adress: 27Omar Ben Elkhattab St.
Ard Elgamya- Embaba- Giza, Egypt
www.southonline.org
Tel/ Fax: 3143441
Mobile: 0123642094
0104826784