7/11/2007

تعرب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء قيام السلطات السعودية بقطع يد المواطن المصري”عمرو محمد ظريف” لاتهامه بالسرقة ، وكذلك إعدام الصيدلي المصري” “ع.م.أ” لاتهامه بإزدراء الأديان.

وفي هذا الصدد ، تؤكد المنظمة أن السلطات السعودية لم تلتزم بالمعايير الدولية المعنية بحقوق الإنسان في هاتين القضيتين ، ولاسيما الضمانات الأساسية للحق في المحاكمة العادلة والمنصفة المكفولة بمقتضى المادتين 14 و15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، ومن بين هذه الضمانات:

1-انتهاك الحق في المثول أمام محكمة مختصة محايدة ومستقلة
ويقصد بهذه الضمانة أن تنشأ المحكمة وتحدد اختصاصاتها قبل وقوع الجريمة، فيجب أن يعرف كل مواطن سلفاً من هو قاضيه الطبيعي، وعليه فإنه يجب أن يتم تحديد اختصاص المحاكم بواسطة القانون وفقاً لمعايير موضوعيه مجردة، لا أن تكون متوافقة على قرار صادر من سلطة معينة. فهذا يتعارض أيضاًمع مبدأ المساواة أمام القانون فقد يكون هناك متهمين ارتكابا ذات الفعل أحداهما يحال إلى محكمة بناء على نص قانوني ، و الأخر بناء على قرار صادر من سلطة ما .

2- انتهاك الحق في علانية المحاكمة
من الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة والمنصفة أن تتم المحاكمة بصورة علانية ، ومعنى العلانية هنا تمكين الأفراد من حضور المحاكمة في كافة أطوارها، إلا أن هذا لم يحدث مع القضيتين.

3- انتهاك الحق في منح المتهم التسهيلات الكافية لإعداد دفاعه
ومن أهم ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة الضمانة الواردة بنص المادة 14 فقرة 3ب من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي نصت على ضرورة أن يتاح للمتهم ما يحتاجه من الوقت والتسهيلات حتى يتمكن من إعداد دفاعه ودفوعه، وقد افتقرت القضيتين لذلك .

4- الحق في الطعن على الأحكام الصادرة أمام محكمة أعلى
و عن أخر الضمانات التي أوردتها الفقرة 5 من المادة 14 والتي تنص على أنه ” لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء وفقًا للقانون إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه” ، ولم يرد النص على هذا الحق في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقط ، وإنما قد ورد في العديد من المواثيق الدولية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
م 7 (أ) من الميثاق الأفريقي.
م8 (ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
وان دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى أهمية هذا الحق الذي يكفل لكل من أدين بارتكاب فعل جنائي أن يلجأ إلى محكمة أعلى لمراجعة حكم الإدانة الصادر ضده والعقوبة المقررة عليه

ومن ناحية ثانية ، تشكل القضيتين انتهاكًا للمادة 23 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والتي تنص على أنه”يتمتع العمال المهاجرون وأفراد أسرهم بالحق في اللجوء إلى الحماية والمساعدة من السلطات القنصلية أوالدبلوماسية لدولة منشئهم ، أو للدولة التي تمثل مصالح تلك الدولة ، كلما حدث مساس بالحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية ” ، وكذلك للفقرة 7 من المادة 16 لذات الاتفاقية والتي تنص على أنه ” في حالة إلقاء القبض على عامل مهاجر أو فرد من أسرته أو إيداعه السجن أو حبسه احتياطيًا ريثما تقديمه للمحاكمة أو احتجازه بأي طريقة أخرى أن يتم إخطار السلطات القنصلية أو الدبلوماسية لدولة منشئة أو الدولة التي تمثل مصالح تلك الدولة دون إبطاء ، إذا طلب ذلك ، بإلقاء القبض عليه أو احتجازه وبأسباب ذلك”.
والملاحظ في القضيتين سالفتي الذكر أنه لم تتح الفرصة للممثلين الدبلوماسيين المصريين في السعودية للاتصال بالمتهمين والاستماع لهما بغية تقديم المساعدة القانونية والمعنوية .

ومن ناحية ثالثة، تشكل القضيتين انتهاكًا للمبادىء الرئيسية حول دور المحامي التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين لعام 1990 ، حيث نص المبدأ الأول على أنه ” لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محام يختاره بنفعة لحماية حقوقه وإثباتها، وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية ” وكذلك لنص المبدأ الثاني ” تضمن الحكومات توفير إجراءات فعالة وآليات قادرة على الاستجابة تتيح الاستعانة بالمحامين بصورة فعالة وعلى قدم المساواة لجميع الأشخاص الموجودين في أراضيها والخاضعين لولايتها، دون تمييز من أي نوع ، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الأصل العرقي أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الرأي أو المولد”.

وإعمالاً للمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تكفل الحق في المحاكمة العادلة والمنصفة وكذلك الحق في الحياة ، ولأهمية ملف العمالة المصرية في الخارج، فإن المنظمة ستقوم باتخاذ عدة إجراءات تتمثل في الآتي :
1-تقديم شكوى إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وإلى المنظمات الدولية والإقليمية، وكذلك العاملة في السعودية للتحقيق في القضيتين وإتخاذ موقف إزاء ذلك.

2- مطالبة السعودية بمراجعة قوانينها المحلية، بما يتسق مع المعايير الدولية، وبشكل خاص التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم عام 1990، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ولاسيما المواد المتعلقة بالحق بالمحاكمة العادلة والمنصفة ، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.

3- مطالبة الدول الخليجية ومن بينها السعودية بإلغاء نظام الكفيل الذي يتنافى مع أحكام المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومن أمثلتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بما يضعه من قيود على حرية التنقل للعامل من مكان لأخر،كذلك القيود المفروضة على العامل والتي تعيقه عن اختيار عمله الذي يناسبه بكامل إرادته وإرغامه عن التنازل عن مستحقاته المالية .
وفي ذات الوقت ، تطالب المنظمة السلطات المصرية وسفاراتها في السعودية بالتدخل في مثل هذه القضايا دفاعًا عن حق المواطن المصري في الحياة وكذلك حقه في محاكمة عادلة ومنصفة.