25/4/2005

مع كل يوم تزداد جراح مصر عمقا وإتساعا 000 وبرغم التحذيرات التي أطلقناها ومازلنا تتواتر الأخبار علينا كل يوم بالمزيد من الضحايا، شباب في مقتبل العمر لم تتح له فرصة للحياه في الوطن فاراد أن يجدها في وطن أخر 00 حتى ولو كان الثمن حياته 24 شابا من محافظة الشرقية باعوا كل ما يملكون وإستدانوا ورهنوا أراضيهم في سبيل السفر إلى إيطاليا فكان مصيرهم الغرق في مياه البحر المتوسط

ولم ينج من تلك الكارثة غير أربعة كان من بينهم محمد عبد الباسط عطية الذي يبلغ من العمر 24 عاما حاصل على دبلوم صنايع محمد كان يعمل بأحد لكن المصنع سرعان ما اغلق أبوابه أمام العاملين كمصانع أخرى كثيرة لينضم إلى طابور العاطلين بحث محمد عبد الباسط عن عمل دون جدوى ! وكان عليه أن يجد فرصة عمل حتى ولو كانت في إيطاليا 00 وبعد أن وقعت الكارثة عاد محمد ليكشف لنا عن الأحداث المؤلمة واسباب تلك الفاجعة

يقول محمد عبد الباسط لباحثىأولاد الأرض لحقوق الإنسان بعد الذي رأيته كنت أتمنى اقبل قدم والدي وأمي قبل أن أموت فأنا لم اظلم نفس ولم اسع وراء الثراء السريع بل كان هدفي البحث عن فرصة عمل تكفل لى العيش كانسان فالأوضاع في مصر هي التي ظلمتني بحثت طويلا عن فرصة عمل ولم أجد فماذا كنت افعل وأنا أرى شباب جيلي يحاولون السفر إلى الخارج ومنهم من نجح فأردت خوص التجربة وأنا كلى أمل في النجاح من أجل مستقبلي ومستقبل أسرتي ولكن النتيجة كانت غرق زملائي وأصدقائي في سبيل الحصول على لقمه العيش

وبعد أن عدت للوطن لم يتبق في ذاكرتي سوى شريط يحمل الرعب في لحظات موت الأصدقاء ولم أجن من رحلتي سوى المرض والديون وضياع الاف الجنيهات دفعتها ثمنا لهذه الرحلة عليكم قبل أن تتهمونا بالطموح القاتل أن تسألوا عن السبب الذي يدفعنا للموت من أجل حياة آمنة 00 حاكموا من أغلق الباب أمامنا هنا، فلم نجد غير البحر نفر إليه ونلقى أليه بهمومنا

كانت كلمات محم! د عبد الباسط لنا دليل أدانه من شبابنا الضائع لكل السياسات التي أغلقت في وجهه أبواب الأمل فلم نكن قرى طلحه ،بردين،ونشوة،وكفر أبو كامل ، وبيشه عامر وشيبة قش بمحافظة الشرقية هي أول القرى المنكونه ولن تكون أخرها 00 فقد فقدت تلك القرى 24 شابا عثر على خمسة جثث منهم أما الجثث الباقية فقد تكفل قاع البحر المتوسط بهم

تقول سماح عبد العزيز زوجه أحد الضحايا من قرية شيبة قش مركز منيا القمح تزوجت من حسين رمضان يونس منذ 7 سنوات وأنجبت منه دعاء 5 سنوات وعبير 3 سنوات ونجاه عام ونصف وقرر السفر إلى إيطاليا عن طريق ليبيا لتامين مستقبله وتلقيت منه إتصالا تليفونيا وحيدا طمأنني فيه على نفسه ثم انقطعت أخباره وفوجئت بالخبر المشئوم وعودته جثة هامدة

أما محمد محمود فيقول بعت مواشي بالاف الجنيهات لتدبير المال اللازم لسفر أبني محمد رغم عدم رضائي عن سفرة بهذه الطريقة غير المضمونه لقد أضاع أبني نفسة وأضاعته الحكومة حين لم توفرله هنا فرصة عمل سأظل أعيش على ذكراه الطيبة لأننا لم نعثر على جثته واصبح في عداد المفقودين

ويقول عبد الفتاح محمد عطية من قرية طلحه بردين بعد ! أن استغنى مصنع بالعاشر من رمضان عن أبني فكر في السفر مثل أصدقائة من أبناء القرية الذين سافروا من قبل وأصبحت حالتهم المادية على ما يرام فقمت ببيع 9 قراريط وهى كل ما أملك لتحقيق حلمه الذي ظل يراوده لمده 4 سنوات بعد وصول أبني إلى ليبيا اتصل بي تليفونيا وطلب منى أن أدعو له بالتوفيق وانقطعت أخبارة عنا حتى فوجئت بخبر موته وعودته جثة هامدة

ويقول عيسى محمد سليمان وزوجته سمية فتحي محمد سافر ابننا ايمن منذ شهرين واتصل بنا ثلاث مرات وابلغنا انه في انتظار مصطفى الفيومي المكلف بسفرة إلى إيطاليا وطمأننا على نفسه وطالبنا بعدم الخوف عليه وبعد فترة اتصل بنا أحد العاملين فى ليبيا وابلغنا أن ابننا في مستشفى مصراته وسافر أحد أقاربنا ولم يجد جثته وتبين انه من المفقودين

وتحدث عبد الغفار السيد إلى باحثي أولاد الأرض قائلا رغم احتياجي الشديد للمال الا أنني دفعت 15 آلف جنيها إلى مصطفى الفيومي وشخص أخر اسمه احمد يعمل موظفا بجامعه الزقازيق مقابل سفر أبني الأكبر السيد الذي كان يعمل تباعا على إحدى السيارات لكنني فقدت أبني والمال معا

أما تفاصيل المأساة كما حدثت في البحر المت! وسط فيحكيها لنا محمد عبد الباسط شاهد العيان الذى كتبت له النجاه فيقول وهو فى حاله نفسية سيئة من هذه الرحله المرعبة كنا حوالى ثلاثين شابا منا ثلاثه من الهنود وأثنان من المغاربة والباقى من المصريين وفى فجر يوم 17 فبراير على أحد شواطئي ليبيا قام المتعهد بحشرنا في المركب الصغير ونحن لا نملك سوى طعام وماء يكفى لمده ثلاثة أيام وجهاز (تورية) أو بوصله لتحديد الاتجاه وبنزين يكفى لمده الرحلة

مكثنا يومين في عرض البحر بين ظلام دامس وبرد قارس وأمواج عاليه وقبل وصولنا إلى إيطاليا بـــــ 5 ساعات تعطل جهاز التورية الذي كان يوجهنا وتوتر ربان المركب وضل الطريق في عرض البحر وعند سؤال المغربين أكدا انهما لا يعرفان كيفية الوصول إلى إيطاليا لكن يمكنهما إن يصلا بنا إلى تونس أو مالطا لكننا رفضنا وطلبنا منهما أن يعودا بالمركب إلى ليبيا فرفضا خوفا من المساءلة القانونية وفى ظل النزاع بين العودة إلى ليبيا ورفض المغاربة وفى التاسعة مساء بعد أن ظلنا يومين في البحر لا نعرف أين نتجه نفذ البنزين بعد اليوم الثالث من الرحلة واوشك الطعام على النفاد

ورفضت العبارات الأخرى الاستجابة لاشارتنا وظلنا أربعه أي! ام نتخبط وسط الأمواج بدون طعام وفى اليوم السادس من الرحلة مات أحد الهنود وبعدها مات زميلنا المصري جلال من قرية النشوة وصباح اليوم السابع مات ربان المركب المغربي ومساعده ووجدنا أنفسنا بين أربع جثث على المركب التي امتلأت أرضيتها بمياه الأمواج ونحن بدون أي طعام أو ماء فكنا نشرب مياه البحر وكأننا نشرب مياه النيل وشعرنا بالجفاف والهزال حتى أصيب زميلي هانى وزوج شقيقته شعبان بحاله صراخ هستيري وهياج استمرت حتى اليوم الحادي عشر ومات الاثنان معا

آما البعض الآخر منا فكان يموت وهو صامت وساكن في مكانه منهم ايمن عيس علام ثم محمد عبد الغنى سعد وبعدها مات محمد محمود النمر واحمد عبد الفتاح عطية وزاد عدد الجثث في اليوم السابع عشر على المركب وتعالت الأمواج مع زيادة حركه المد والجزر وكان زميلانا المصريان حسين على وعبد الحميد الغرباوى يقومان بالتشهد على الموتى وكنا نضطر لالقاء جثثهم في مياه البحر بعدما امتلا المركب بمياه البحر واضطررنا لخلع الخشب من المركب للتجديف به وكنا نتطلع لظهور ضوء نسير باتجاهه لقد كنت أعيش يومي وأنا أرى جثث زملائي تلقى في البحر

وكنت أتمني الموت كل لحظه حتى أجد من يقرا! على القران وقد زاد رعبي بعد موت حسين والغرباوى واستسلمت لقدري ولم اعد أمتلك القدرة على مقاومة مياه البحر التي أصابتني بأعباء شديد واستلقيت على مقدمه المركب وأنا انتظر الموت بين لحظة وأخرى حتى فقدت القدرة على الحركة وكنا في اليوم العشرين في قلب البحر الذي صار قبرا لزملائي

ولكن في اليوم الثاني والعشرين أراد القدر أن يرسم طريقا أخر لنا وكتب الله لنا النجاه من خلال مركب صيد متوسط الحجم اقترب منا وألقى لنا بالمياه العذبة ركبنا المركب حتى وصلنا إلى شواطئي ليبيا أدخلونا مستشفى مصراته ثم الحقونا بالمركز الطبي الليبي بطرابلس وقامت ممرضة مصرية هناك تدعى يسرا بمساعدتنا وأبلاغ أسرنا بعد أن تمت أفاقتناحتى جاء شقيقي أيهاب وعادبى إلى مصر

تلك وقائع وتفاصيل المأساة كما حكاها لنا محمد عبد الباسط عطية أحد الناجين من بين 24 شابا مصريا كانوا يحلمون بفرصة عمل في إيطاليا فتلقفتهم أمواج البحر المتوسط بلا رحمه

من جانبنا 00 تطالب أولاد الأرض وزراه التأمينات الاجتماعية بالقيام بدورها وصرف معاش استثنائي لاسر الضحايا خاصة وان معظمهم كانوا يعولون أسرا بأكملها

! كما تطالب أولاد الأرض الحكومة المصرية بتوفير فرص عمل حقيقية للشباب العاطل حتى لا يتفاقم عدد الضحايا كما تطالب بمحاكمه كل السماسرة وتجار الموت الذين يستغلون حاجه شباب مصر إلى العمل حتى لو كان الثمن الذي يدفعوه هو طريق لاعوده منه