18/12/2007
تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم العالمي للمهاجر، الذي يصادف مرور 17 سنة على صدور الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18 دجنبر 1990 والتي دخلت حيز التنفيذ في يوليوز 2003.
إلا أنه منذ هذا التاريخ وأوضاع حقوق الإنسان للمهاجرين عبر العالم تزداد تدهورا، خصوصا بالنسبة للذين يوجدون في وضعية غير نظامية. فقد عرفت سنة 2007 تزايد نزعات التمييز وكره الأجانب والممارسات العنصرية، ناهيك عن أوضاع العمل المزرية. كما يتعرض العمال المهاجرون غير النظاميون للاحتجاز في أماكن تنعدم فيها الشروط الدنيا للكرامة الإنسانية وللمعاملات القاسية والحاطة من الكرامة وللطرد الجماعي والاقتياد إلى الحدود. وتزداد هذه الوضعية حين يتعلق الأمر بالنساء اللواتي تتعرضن لشتى أشكال الاستغلال والعنف الجنسي وغالبا ما يقعن ضحية شبكات التهريب والاتجار في الأشخاص وكذا الأطفال القاصرين خصوصا غير المرافقين.
وما يزيد من تكريس هذه الوضعية هو العدد الضئيل من البلدان المصادقة على الاتفاقية (37 دولة) واستمرار تجاهلها من طرف الدول الكبرى المستقبلة لأكبر عدد من المهاجرين.
وتسجل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان آن مآسي المهاجرين المغاربة مستمرة في التفاقم خصوصا بالبلدان الأوروبية نتيجة البطالة والفقر والتمييز العنصري ومختلف أنواع الاستغلال، ناهيك عن أوضاع الإقامة. وقد زاد من تضييق الخناق على المهاجرين المغاربة مقتضيات قانون ساركوزي التي ضاعفت من التمييز ضدهم خصوصا بالنسبة للذين يوجدون في وضعية غير نظامية منهم من يتابع دراساته بالمدارس الفرنسية، حيث يتعرضون للاحتجاز والطرد.
وفي بلدان الخليج العربية يتعرض المهاجرون المغاربة لشتى أنواع الاستغلال من طرف أرباب العمل في غياب لأدنى حماية خصوصا النساء منهم حيث تتضاعف أشكال استغلالهن من طرف شبكات التهريب والاستغلال الجنسي. وفي ليبيا لا زال المئات من المهاجرين الذين يوجدون في وضعية غير نظامية محتجزين في السجون.
كما أن المهاجرين المغاربة لازالوا محرومين من الحق في المشاركة السياسية الكاملة في بلادنا ضدا على مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم خصوصا المادة 41-1.
وفي إطار تشديد القوانين القمعية للاتحاد الأوروبي في مجال دخول وإقامة الأجانب والحد من حرية التنقل وعسكرة الحدود وإغلاقها والضغط على المغرب لدفعه للعب دور الدركي، لا زالت الشواطئ المغربية تعرف من المأسي من بينها وفاة العديد من المغاربة والأفارقة غير النظاميين في قوارب الموت ووقوع العديد منهم ضحية شبكات التهريب.
وبالرغم من الظروف المعيشية في دول جنوب الصحراء والمتمثلة في انتشار النزاعات والحروب التي تغذيها أحيانا بعض الدول الكبرى، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتردية لهذه البلدان، فإن السياسات الأمنية والقمعية للإتحاد الأوروبي في مجال الهجرة لم تؤد إلى وقف تدفق للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الذين يوجدون في وضعية غير نظامية بالمغرب طموحا في الهروب نحو أوروبا.
وتعرض هؤلاء المهاجرون خلال سنة 2007 للعديد من الانتهاكات على يد القوات العمومية من احتجاز واعتداءات جسدية وحملات التمشيط المتكررة وكذا إجراءات الاقتياد إلى الحدود والطرد الجماعي مست حتى النساء والأطفال وفي غياب تام للضمانات الإدارية والقضائية ودون مراعاة الأسباب الحقيقية للهجرة. وقد وصلت الاعتداءات حد إطلاق الرصاص على اثنين منهم أدى إلى وفاتهما . كما أنهم محرومون من حقوقهم الأساسية المكفولة بمقتضى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم . وتزداد الوضعية سوءا حينما يتعلق الأمر بالنساء حيث يقعن ضحية شبكات الاستغلال الجنسي ويتعرضن للعنف.
وبهذه المناسبة، تعلن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تضامنها مع كل العمال والعاملات المهاجرين وتدين جميع الانتهاكات التي تطال حقوقهم)ن(، وتطالب بضرورة:
- تحمل الدولة المغربية لمسؤوليتها في حماية حقوق جميع العاملات والعمال المهاجرين، مهما كان وضعهم الإداري طبقا للاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم على الأخص:
- الحق في الحرية والأمان والحماية الفعلية للدولة من العنف والأضرار الجسيمة والتهديدات والإهانات … ) المادة 16 (
- الحق في الحياة للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم
- الحق في الحماية من كل أشكال التعذيب والمعاملات السيئة والمهينة والحاطة بالكرامة. )المادة 10(
- الحق في عدم التعرض للطرد الجماعي.
- الحق في الولوج إلى العلاجات الطبية في الحالات المستعجلة )المادة 28(
- الحق في ولوج أطفال المهاجرين مؤسسات التعليم المدرسي العمومي بجميع أسلاكه )المادة 30(
- الحق في التمتع في حالة الاعتقال بمحاكمة عادلة)المادة 18(
- الحق في التمتع بمعاملة متساوية مع عمال البلد المشغل سواء في مجال الأجر أو ظروف العمل أو السن القانوني..) المادة 25 (
- احترام مقتضيات المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تؤكد عدم جواز إبعاد أي شخص لبلد يكون هناك خطر لتعرضه لسوء المعاملة.
- التحقيق في كل الانتهاكات التي تطالهم، وتقديم كل المتورطين في هذه الانتهاكات إلى العدالة.
- مراجعة القانون03 » – 02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب والهجرة غير المشروعة« مع الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم،
- وضح حد لتجريم الإقامة في وضعية غير نظامية.
- فتح المجال أمام الجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان للعب دورها في الحماية والنهوض بحقوق المهاجرين ووقف المضايقات التي يتعرض لها نشطاء حقوق الإنسان للمهاجرين.
- وضع حد لحرمان المهاجرين المغاربة من حقهم في المشاركة في شؤون بلدهم
- تبني سياسة للهجرة تتجاوز المقاربة الأمنية والقمعية المنتهجة حاليا وتقوم على احترام حقوق الإنسان. والتخلي عن كل الاتفاقيات الثنائية و المتعددة الأطراف سواء مع الإتحاد الأوروبي أو مع أية دولة أخرى متعلقة بالهجرة والتي تنعدم فيها ضمانات حقوق الإنسان وعلى الخصوص اتفاقيات الإرجاع “Accords de Réadmission” التي يتم بموجبها إعادة ترحيل كل المواطنين
- المغاربة والأفارقة بجنوب الصحراء الذين تسللوا إلى التراب الأوروبي عبر التراب المغربي.
- الامتناع عن ترحيل الأطفال القاصرين وفتح المجال أمام الجمعيات الحقوقية للزيارات المنتظمة للمركز التي أنشئت لهذا الغرض.
- نهج سياسة اقتصادية واجتماعية تضع حدا لأوضاع البطالة والفقر واليأس والتي غالبا ما تكون وراء الهجرة.
- إدماج حقوق المهاجرين ضمن مناهج ومقررات التربية على حقوق الإنسان.
- إغلاق كل مراكز الإيواء / الاحتجاز حيث تنعدم أدنى شروط الكرامة الإنسانية.
كما تدعو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الاتحاد الأوربي والدول الأعضاء إلى :
- وضع حد لكل أشكال التمييز والاعتداءات التي تطال المهاجرين بأوروبا سواء الموجودين في وضعية نظامية أو الذين يوجدون في وضعية غير نظامية ووضع حد لإجراءات الطرد التي تطالهم.
- إلغاء كل التأشيرات حول فترات الإقامة القصيرة.
- المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين وعائلاتهم وإدماجها في التشريعات الوطنية.
- التخلي عن المقاربات الأمنية الحالية التي تحكم سياساتها في مجال الهجرة والكف عن الضغط على المغرب لتوقيع اتفاقية الإرجاع.
وتوجه الجمعية نداء لكل المنظمات غير الحكومية المغربية ، المغاربية، الإفريقية والأوربية العاملة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين إلى تنسيق جهودها لحمل دولها على المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم وإدماج مقتضياتها في تشريعاتها الوطنية وفرض احترامها.