24/5/2007

بمبادرة من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان للمشاركة في وضع تعديلات وتشريعات لضمان استقلال السلطة القضائية و القضاة في مصر ،عقدت المنظمة أمس الأربعاء الموافق 23/5/2007 ورشة عمل بعنوان “ضمانات استقلال السلطة القضائية والقضاة في مصر ” و ذلك بنقابة الصحفيين بمحافظة الإسكندرية تدارس خلالها المشاركون من القضاة و أساتذة الجامعات و المحامون و ممثلوا الأحزاب و القوى الوطنية و نشطاء منظمات حقوق الإنسان و المجتمع المدني المشكلات التي تعوق إقامة العدل بين الناس و الحماية القضائية لحقوقهم و حرياتهم، باعتبار أن تحقيق العدل هو حلم الإنسان منذ بدأ الخليقة، ورسالة الحاكم وسبب وجود السلطة، والأساس الوحيد لمشروعية أي نظام و قد انتهوا إلى جملة من التوصيــات :

    • 1. أن أساس المشكلات التي تعاني منها مصر و كثير من بلدان العالم العربي هو تغول السلطة التنفيذية و طغيان صلاحياتها ، بحيث أصبحت هي وحدها صاحبة الإرادة النافذة ، كما أنها في ذات الوقت تسيطر على السلطة التشريعية ، وتلزمها بإصدار القوانين التي تريدها، و تنتقص من اختصاصات السلطة القضائية ، وتمزقها بين جهات قضائية متعددة ، وتضغط على رجال القضاء بقصد إخضاعهم لرغباتها وتوجهاتها بحيث يكونوا أداة في يدها تستخدمها في أغراضها.

 

    • 2. أنه في كل البلاد التي لم يرسخ فيها قدم الحكم الديمقراطي الصحيح و التي لم تقوي فيها الأحزاب و النقابات و الجمعيات و كافة مؤسسات المجتمع المدني، و لم تنشط فيها لممارسة حقها في الرقابة على مؤسسات السلطة بعد، فإنها تكون في أمس الحاجة إلى رقابة القضاء على مؤسسات السلطة و حماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، و هذا ما يقتضي تقوية السلطة القضائية ودعمها لأنها أدنى السلطات الثلاث للإصلاح، ولأن القضاة بطبيعة وظيفتهم يؤمنون بالمشروعية وأشربت نفوسهم احترام القانون وحب العدل، ولأن ضمانات التقاضي و قواعده و ضوابطه توجب أن تستعمل سلطة القضاء لمصلحة المتقاضين ، ولا تسمح للقضاة باستعمال صلاحياتهم لحساب أنفسهم .

 

    • 3. إن ضمانات استقلال حقيقي للسلطة القضائية يقتضي سلامة تكوين السلطة التشريعية لتصبح تعبيراً صادقاً عن الرأى العام ، و هو ما يستوجب إصلاح نظام الانتخابات لضمان نزاهتها باعتباره الحجر الأساسي لكل إصلاح ، و أن يصبح الفصل في صحة عضوية المجالس المنتخبة مهمة قضائية بحتة ، دعما للثقة العامة في صحة تكوين هذه المجالس ، وسلامة تكوين السلطة التشريعية تستلزم إطلاق حرية الرأي والتعبير ، وحرية تكوين الأحزاب النقابات والجمعيات وكافة المؤسسات المدنية المعبرة عن نشاط الأفراد و أرائهم ، و بذلك وحده يمكن أن تصبح القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية معبرة عن إرادة الأمة .

 

    • 4. إن الالتجاء إلى التشريعات الاستثنائية وقد استطال أمره قد أخذ طبائع المواطنين و هز ثقتهم في القانون و في نظام الحكم و زاد من سلبية المواطن ، و في نفس الوقت باتت السلطة تستمر في هذا السبيل و تلجأ إليه و بالتالي فأنه يجب المبادرة إلى مراجعة التشريعات القائمة لاسبتعاد كل نص يمثل عقبة بين المواطن وإسهامه في الحياة العامة، مما يعيد إليه الإحساس بحقوقه و اعتزازه بحريته وكرامته و انتمائه لوطنه، لتصبح مهمة التشريع أن يصون و يحمي حريات الأفراد الشخصية و السياسية و العامة، بما في ذلك ضمان التعددية الحزبية و الفكرية و الدينية ،وحق كل مواطن في التعبير عن آرائه و في الاختلاف مع السلطة أو الأغلبية بطريقة سلمية دون حاجة إلى إذن من أحد .

 

    • 5. إن استقلال القضاء عن السلطتين الأخرتيين يقتضي إعادة النظر في قانون السلطة القضائية وغيره من القوانين المنظمة للجهات القضائية المتعددة سعياً لتوحيد جهات القضاء ، حتى لا يخف وزنها ، وأن تصبح شئون القضاء و العدالة جميعا في أيدي القضاة وحدهم ، فلا يجوز لغيرهم التدخل في القضايا و لا في شئون العدالة عملاً بنص المادة 166 من الدستور ، وأن يحظر ندب القضاة لتولي أي وظائف أو مهام في السلطتين الأخرتيين، كما يحظر ترشيحهم لتولي أي وظائف سياسية أو تنفيذية إلا بعد ترك العمل بمدة كافية ، و أن يتم تعزيز دور الجمعيات العامة للمحاكم بحيث يجرى انعقادها مرة كل ثلاث أشهر على الأقل ، و أن يوكل إليها ترتيب العمل في المحاكم بحيث لا يجوز ندب قاضي بعينه لنظر قضية بعينها ووضع قواعد محددة لا تسمح بتخطي قضية ما لدورها، و أن يؤخذ رأي الجمعيات العامة للمحاكم فيمن ترشحه من أعضائها لتولي أي منصب له تأثير على العمل القضائي بما في ذلك رئاسة المحاكم و عضوية المجلس الأعلى للقضاء، و أن ينص على استقلال نادي القضاة باعتباره الوعاء الجامع لأعضاء السلطة القضائية ،و شرط من شروط استقلالهم ،و أن لا يخضع إلا لجمعيته العامة و استقلال موزانته و تدبير مواردها، و وضع قواعد عامة مجردة تحكم تعيين القضاة و كذلك ندبهم للعمل القضائي وحده و إعارتهم و تدربيهم، و أن تتم العودة إلى الفصل بين سلطة التحقيق و سلطة الاتهام على النحو الذي يتضمنه قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 قبل تعديله اعتباراً من سنة 1952 بحيث تصبح سلطات التحقيق و التعيين و الحبس من اختصاص قضاة تختارهم الجمعيات العامة للمحاكم و ليست النيابة العامة التي يقوم تنظيمها على فكرة التبعية الرئاسية للنائب العام و هذا ما يتنافى مع الاستقلال ، وضمان حقوق الأفراد في الادعاء المباشر أمام المحاكم الجنائية جميعا خاصة في جرائم الاعتداء على الحريات الفردية أو العامة، أو تعطيل أو إفساد الحياة السياسية ، و النص على عدم سقوط هذه الجرائم بالتقادم ، وكذلك مراجعة إجراءات التقاضي الجنائية والمدنية والإدارية لتيسير اللجوء إلى المحاكم و تنفيذ الأحكام .

 

    6. تشكيل لجنة من شعبتين أولاهما تتسع لعضوية كافة القوى الوطنية بمختلف تخصصاتها السياسية و القانونية و العامة وتكون مهمتها التوصيات الأربع الأولى الخاصة بتحقيق التوازن بين السلطات و مراجعة التشريعات ، وذلك بالتنسيق مع اللجان الأخرى التي شكلتها الندوات السابقة وهي التعديلات الدستورية و كيفية مباشرة الحقوق السياسية، أما الشعبة الثانية فتضم رجال القانون المتخصصين و المعنيين مباشرة بشئون العدالة لوضع صياغات محددة للأمور الواردة في التوصية الأخيرة.

الجدير بالذكر أن المنظمة قد عقدت هذه الورشة بالقاهرة في يوم الاثنين الموافق 30/4/2007 و قد اتفق المشاركون من القضاة و أساتذة الجامعات و المحامون و ممثلوا الأحزاب و القوى الوطنية و نشطاء منظمات حقوق الإنسان و المجتمع المدني على تبنى هذه التوصيات أيضاً