10/10/2005

في الوقت الذي يحاول فيه جاهدا المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة تنفيذ وعده الذي قطعه علي وزارته بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح علي أساس أن القمح محصول استراتيجي يمكن استخدامه كورقة ضغط للتأثير علي القرار السياسي مما يهدد الأمن القومي , ونحج بالفعل مع أول عام بالوصول إلي المساحات المنزرعة بالقمح إلي أكثر من ثلاثة ملايين فدانا لترتفع نسبة التوريد من 1.7 مليون طن إلي 2.8 مليون طن مما يعد إنجازا حقيقيا علي طريق الاكتفاء الذاتي من القمح .

… وفي الوقت الذي تستعد فيه وزارة الزراعة لقفزه أكثر تطورا نحو هذا الهدف … إذ بوزير التموين والتجارة الداخلية يصدر قرارا عجيبا بوقف استلام القمح المحلي من المزارعين قبل الموعد المحدد بأكثر من 60 يوما

فقد كان من المقرر أن تواصل شركات المطاحن استلام القمح المحلي حتى منتصف شهر سبتمبر الماضي إلا أنها امتنعت عن الاستلام بناء علي قرار وزير التموين منذ منتصف شهر يوليو الماضي بحجة أن السوق المحلية تم إغراقها بالقمح المستورد وأن هناك كميات كبيرة تم خلطها بالإنتاج المحلي.

ورغم أن هذا القرار يبدو من ظاهره الرحمة علي أساس أن سعر استيراد طن القمح 125 دولارا بما يعادل 800 جنيها مصريا في حين يصل سعر توريد أردب القمح المحلي إلي 165 جنيها بما يعادل 1100 جنيها للطن بفارق 300 جنيها

إلا أن هذا القرار تسبب في خفض أسعار القمح المحلي من 165 جنيها إلي 110 جنيها للأردب وهو الأمر الذي دفع المزارعين إلي استخدام القمح المحلي كعلف للماشية في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف الأخرى

وهو ما يعني تراجع المزارعين عن زراعة القمح في خاصة بعد أن تم خفض سعر توريد القمح في الموسم القادم إلي 120 جنيها للأردب بما يعني أن الهدف القومي الذي تبنته وزارة الزراعة وما حققته من نجاح علي طريق الاكتفاء الذاتي من القمح سيعود إلي الصفر .

الغريب في الأمر أن قرار وزير التموين يصب في مصلحة مؤسسة القمح الأمريكية التي أرقها النجاح غير المتوقع لوزارة الزراعة في هذا المجال

فقد قامت تلك المؤسسة باستغلال انخفاض أسعار القمح العالمية ونجحت بمساعدة من وزارة الزراعة الأمريكية في تخصيص ما يقرب من 200 مليون دولار كتأمين لرجال الأعمال والوسطاء المصريين لمساعدتهم في استيراد كميات كبيرة من القمح الأمريكي لإغراق السوق المصرية وإفشال السياسة الزراعية التي تهدف إلي تحرير القرار السياسي من خلال الاكتفاء الذاتي للقمح

ومما يؤكد أن هناك مؤامرة أمريكية تجاه هذا المشروع القومي أن المجلس القمح الأمريكي كان قد رفض خلال السنوات الماضية تقديم أي تسهيلات خاصة بفتح الاعتمادات لتوريد القمح إلي مصر واستغل ارتفاع الأسعار العالمية التي وصلت إلي 200 دولار للطن وفرض شروطا أهمها أن يحتسب سعر الاستيراد طبقا لأوقات تسليم القمح إلي مصر وليس أوقات التعاقد علي الاستيراد في بداية الموسم مما تسبب في اختناقات عديدة للسوق المصرية خاصة العام الماضي الذي شهد انخفاضا لمخزون الدقيق المستورد في بعض الأوقات بما لا يكفي عشرة أيام

وقد تغير موقف مجلس القمح الأمريكي هذا العام تماما بعد أن نجحت مصر في قطع خطوة كبيرة نحو الاكتفاء الذاتي وهو ما هدد الهيمنة الأمريكية علي القرار السياسي المصري فكان لا بد من إجهاض تلك التجربة الرائدة – وللآسف فقد تمثل هذا الإجهاض في قرار وزير التموين بوقف استلام القمح من المزارعين وزعزعة ثقتهم بالحكومة …

” من جانبنا … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تري أن قرار وزير التموين بوقف استلام القمح من المزارعين هو قرار يهدد الأمن القومي المصري نظرا لما يخلفه من آثار أهمها عزوف المزارعين عن زراعة القمح في الموسم القادم بعد أن انخفضت أسعار التوريد إلي 120 جنيها للأردب وهو الأمر الذي يضرب مشروع الاكتفاء الذاتي من القمح في مقتل مما يعرض القرار السياسي المصري لضغوط خارجية ” فمن لا يملك قوته لا يملك حريته ” .

” وتطالب أولا الأرض لحقوق الإنسان رئيس الحكومة بوقف قرار وزير التموين فورا مع ترشيد استيراد القمح بما يضمن عدم إغراق السوق المصري مع عدم المساس بسعر توريد القمح المحلي تشجيعا للمزارعين علي زراعته حتى ولو تحملت الحكومة الفارق في السعر بين المستورد والمحلي .

” وتؤكد أولاد الأرض لحقوق الإنسان تضامنها مع وزير الزراعة في حملته القومية للاكتفاء الذاتي من القمح ووقوفها معه ضد الحملة الأمريكية التي تهدف إلي إفشال ذلك المشروع القومي الذي يعد تأكيدا للسيادة المصرية وتحريرا للقرار السياسي المصري .