10/12/2005
يبدو أن يوم الأربعاء سيرتبط فى التاريخ المصرى دائما بممارسات الأمن القمعية والبلطجة ضد حركة الديمقراطية المصرية، مثلما قام بلطجية الحزب الوطنى بالاعتداء على مناهضو تعديل المادة 76 من الدستور المتعلقة بالانتخابات الرئاسية يوم الأربعاء25 مايو 2005، إلا أن الأربعاء 7 ديسمبر 2005 انتهى نهاية أكثر عنف ودموية، فقد بلغت حصيلة العنف خلال جولة الإعادة من المرحلة الثالثة 8 قتلى فى محافظات الشرقية ودمياط والدقهلية و 600 مصابا من بينهم 20 فى حالة خطرة والمئات من المعتقلين.
كنا نأمل أن تتحقق تصريحات القيادة السياسية وأن تحظى مصر بأول انتخابات ديمقراطية فى تاريخها، ففى الوقت الذى يذيع التليفزيون المصري إعلانات تشجع على التصويت فى الانتخابات والمشاركة السياسية إلا أن عصى قوات الشرطة والقنابل المسيلة للدموع كانت نصيب الناخبين الذين استخدموا السلالم لتخطى أسوار اللجان الانتخابية والدخول إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. لا تزال الدلائل الأولية تشير أن المجتمع المصري سيبقى متأرجحا بين مطرقة الحزب الوطني وسندان التيار الدينى الذى يستخدم الخطاب الدينى كوسيلة للوصول لكرسى السلطة. فقد تم رصد ظاهرة الحياد السلبي من جانب قوات الأمن فى المرحلة الأول والثانية من الانتخابات تجاه بلطجة مرشحى الحزب الوطني إلا أن هذا الحياد تحول فى المرحلة الثالثة إلى تدخل أمنى سافر لصالح مرشحى الحزب الوطنى. وعلى الجانب الأخر استخدام التيار الدينى المتثل فى مرشحى جماعة الأخوان المسلمين شعارات دينية فى دعايتهم الانتخابية استغلالا للعاطفة الدينية لحصد أصوات الناخبين الأمر الذى أدى إلى الاستقطاب الطائفي فى بعض الدوائر التى كان بها مرشحين أقباط أو بعض مرشحى اليسار.
وتحول صراع جمهور الناخبين فى دوائر الأخوان مع الشرطة إلى معارك جهادية، استغل التيار الدينى المشاعر الدينية دون الاكتراث لأرواح المواطنين الأبرياء ودفع بهم فى مصادمات مع قوات الأمن من أجل كرسى فى البرلمان. وقد تحالف مرشحى الوطنى مع مرشحى الأخوان فى انتخابات الإعادة من كل مرحلة لاستخدام جمهور الناخبين المؤججة مشاعرهم الدينية الذين تناسوا تعارض البرامج الأنتخابية بين مرشحى الوطنى والأخوان. هذا قد غابت البرامج السياسية عن المعركة الانتخابية وأصبح استخدام المال لشراء أصوات الناخبين وتوزيع المواد التموينية الأمر الذى يمثل استغلال سافرا لأزمة المواطنين الاقتصادية .
وسادت ظاهرة أخرى فى دوائر الوزراء وهى استخدام إمكانيات الدولة والموازنة العامة لرشوة ناخبى هذه الدوائر. وسادت ظاهرة استخدام البلطجية وهم عناصر من الرجال والنساء خارجة عن القانون ومسجلين لدى أجهزة الأمن وتم إطلاق سراحهم قبل المعركة الأنتخابية والدفع بهم لمؤازرة مرشحى الوطنى . وفى الريف وصعيد مصر كان للعصبيات القبلية الدور الرئيسى فى عملية التصويت، وظهرت البرامج الأنتخابية السياسية التى رفعها مرشحى الجبهة الوطنية للتغيير هزيلة أمام هذا الزخم الهائل من المال والبلطجة والشعارات الدينية والعصبيات القبلية. وتم تهميش دور اللجنة العامة للانتخابات والإطاحة بكل المعايير المنظمة للعملية الأنتخابية الموضوعة من قبل اللجنة ولم يكترث أى من المرشحين لتلك المعايير ولم تسعى اللجنة إلى تطبيقها.
وعلى الجانب الأخر نجد تصميم من جانب المواطن البسيط على حدوث تغيير حقيقى ، تبلور ذلك فى تصميم الناخب المصرى على الإدلاء بصوته حتى لو اضطره ذلك للقفز فوق أسوار مركز الاقتراع. كانت المفاجأة دور المرآة المصرية فى الانتخابات وتصميمها على المشاركة الايجابية فى العملية الأنتخابية فنجد فتيات طهطا بسوهاج يقفزون من فوق الأسوار للإدلاء بأصواتهم. وتحية لقضاة مصر لموقفهم المشرف خلال العملية الأنتخابية ، الذين لم يسلموا من بلطجة الحزب الوطني واعتداءات الأمن وصمموا على تمثيل مشرف لرجل القضاء المصرى فنجد 11 قاضيا بدائرة الرياض بكفر الشيخ رفضوا ضغوط الأمن لخطف الصناديق وتبديلها بصناديق أخرى وقاموا بالوقوف والنوم على صناديقهم بمساعدة الأهالي لإفساد مؤامرة الأمن. جمعية المرصد المدني لحقوق الإنسان