11/2005

بالرغم من أن السيد رئيس الوزراء قد صرح بأنه سيتم جدولة الديون علي الفلاحين …

فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تؤكد أن مهازل بنك التنمية والائتمان الزراعي وفروعه المنتشرة في أقاليم مصر لن تنتهي تلك المهازل التي كشفت عن حجم من الفساد لا يعصف فقط ببنك التنمية ولكن أيضا بالوزارة التي تسترت بعدم رقابتها ومحاسبتها للمسئولين عن هذا البنك وفروعه مما أتاح للفساد أن يضرب جذوره وأن يستفحل حتى أصبح من العسير القضاء عليه إلا بتصفية هذا البنك وإلغائه وإنشاء بنك جديد علي أسس من الشفافية والمصداقية بعد أن أصبح الهم الأول للقائمين علي هذا البنك هو النصب علي المزارعين البسطاء والزج بهم في السجون واختلاق حيل شيطانية للإثراء السريع فلم تكن قضية الفساد ببنك التنمية والائتمان الزراعي بقرية الضواحي بمحافظة بور سعيد هي الأولي ولن تكون الأخيرة , حين تورط مسئولون بهذا البنك في الاستيلاء علي 93 مليون جنيها علي شكل قروض بدون ضمانات , وقروض بأسماء وهمية , وكشفت التحقيقات أن مسئولي البنك اتفقوا مع 60 شابا علي صرف قروض بأسمائهم علي أن يحصل أحد المسئولين بالبنك علي هذه القروض لنفسه مقابل دفع 1000 جنيه لكل شاب , وتم توقيع عقد بين المسئول والشباب ينص علي تعهد المسئول بسداد القروض وقيمتها 20 ألف جنيه ” عن كل شاب ” وقد اكتشف الشباب أنهم كانوا ضحية لخدعة كبري حيث لم يتم سداد هذه القروض وبهذا أصبحوا مهددين بالسجن .

ويقينا فإن بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي تم إنشائه للتيسير علي الفلاح وذلك بمنحه القروض وبفائدة صغيرة وشروط ميسرة أصبح اليوم بفوائده المركبة سيفا مسلطا علي رقاب الفلاحين بعد أن تحول علي أيدي المفسدين إلي وكر للسمسرة والتربح حتى ولو علي حساب الفلاحين البسطاء الذين يتهددهم السجن في كل أنحاء مصر , فقد وصل عدد القضايا التي رفعها البنك علي الفلاحين بعد عجزهم عن السداد إلي 23 ألف قضية في حين بلغ حجم الإقراض إلي مليار جنيها وعلي سبيل المثال لا الحصر فقد أكثر من 10 آلاف فلاح في الوادي الجديد إلي الجبال وتركوا أراضيهم بعد أن أصبحوا مطاردين من الشرطة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم من قبل بنك التنمية , ولم يختلف الحال في قرية الخزندارية التابعة لمحافظة سوهاج فهناك أكثر من 1500 فلاحا ينتظرهم نفس المصير , وفي محافظة القليوبية فإن مزارعي المشمش والفراولة صدر ضدهم أحكام قضائية أيضا , وفي محافظة الإسماعيلية لم ينجو آلاف المزارعين وخاصة مزارعي المانجو من مقصلة بنك التنمية , وبالرغم من صدور قرارات لجدولة الديون بداية من القرار الوزاري عام 1994 والقاضي بجدولة المديونيات المتعثرة حتى 31/12/1993 بدون فوائد ولفترة تتراوح بين 3 – 10 سنوات مع إسقاط غرامات التأخير والتي بلغت حتى ذلك العام 140 مليون جنيه , كذلك فإن اللجنة العليا لتسوية مديونية المزارعين برئاسة الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق أعلنت في اجتماعها يوم 16/4/1994 بإسقاط 207 مليون جنيها عن الفلاحين ووقف الدعاوى المرفوعة من البنك ضد 22 ألف فلاح والتي بلغت مديونيتهم إلي 689 مليون جنيه , وقد توالت القرارات الوزارية منها القرار الذي صدر في يوم 31/12/2000 وأيضا القرار الذي صدر في يوم 16/5/2002 والتي تقضي بجدولة ديون الفلاحين بحد أقصي عشر سنوات ويتم إخطار البنوك الفرعية بذلك إلا أنه بالرغم من كل تلك القرارات لم تجد المشكلة طريقها إلي الحل حتى الآن …! .

ونحن نؤكد أنه بالرغم من صدور قرار وزير الزراعة الصادر في شهر أغسطس الماضي والذي يقضي بجدولة ديون المزارعين لبنك التنمية فإن ذلك القرار لن ينفذ … بعد أن أصبح بنك التنمية ” عزبة خاصة ” للموظفين الذين يعيثون فسادا … وبعد أن أصبحت مديونيات الفلاحين هي الغطاء الشرعي لهذا الفساد والتي من خلالها تربح الكثيرون منهم , وبالتالي فإن حل تلك المشكلة لا يعني سوي سحب الغطاء الشرعي عما يرتكبونه من جرائم … وهذا ما لا يريدونه أو يتمنونه , لقد بلغت مافيا بنك التنمية درجة من التوحش لا يجدي معها القرارات الوزارية … خاصة وأن تلك المافيا بلغت من التمرس والاحتراف ومن اختلاق للحبل الشيطانية التي تستغل جهل الفلاحين وخوفهم الفطري من كل ما هو حكومي وتهديدهم الدائم بالسجن ما يضمن لتلك المافيا عدم المساءلة القانونية , ولكي يصبح الأمر أكثر وضوحا وتفصيلا نستعرض بعض الوقائع البشعة التي يتعرض لها الفلاحون في بنك التنمية … يقول عبادي عبد الله من محافظة الإسماعيلية لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” أصبحت مطاردا بعد أن تعددت الأحكام الصادرة ضدي من بنك التنمية , هذا البنك أغرى الفلاحين في البداية بشراء تليفزيونات بالتقسيط وبعد تسديدها نصحوني باستخدام البلاستيك في زرع الخيار ,

وبدأت القرض بثلاثة آلاف جنيها عام 1985 وهي قيمة ثمن البلاستيك , وخسرت الزراعة وبدأوا كل عام يحسبون الفوائد لتضاف علي السنة التي تليها حتى بلغت 100 ألف جنيه , وقد دخلت السجن خمس مرات , في المرة الأولي قضيت عامين وفي المرة الثانية قضيت عاما وفي المرة الثالثة ستة شهور , وفي أخر مرة كنت فيها في السجن حضر إلي منزلي مندوب من البنك وقال لزوجتي وأولادي أنه وجد الوسيلة التي تخرجني من السجن وذلك بإقراض كل فرد في عائلتي قرضا علي الورق ليسددوا ديني , وكان ديني قد انخفض إلي 70 ألف جنية بعد أن بعت سيارتين سوزوكي وقمت بسداد جزء من الدين , ولأننا أناس بسطاء فقد أسرع أخي وابني بالتوقيع علي قرض بقيمة 50 ألف جنيه , كل منهما 25 ألف جنيه تحت مسمي قروض للشباب وكذلك وقعت زوجتي وأختها وأبنائي كل منهم علي قرض بخمسة آلاف جنيها , حتى والدتي التي بلغت من العمر 90 عاما أخذوا بصمتها علي الورق كضامنة , وبالفعل خرجت من السجن , وبعد أيام حضر مندوب البنك وقال بأنهم يريدون جدولة الديون علي عشر سنوات وأخذوا توقيعي علي شيكات علي بياض كضامن لعائلتي كلها وهكذا أصبحنا جميعا مطاردين فقد صدرت ضدي وضد زوجتي وأبني وأخي أحكاما قضائية لقيام البنك بشكوتنا لأننا لم نسدد القرض وقد توفي أخي الكبير في السجن من الحسرة نتيجة دين البنك” أما محمد خير فيقول ” لم نستلم أموالا من بنك التنمية بل كان القرض مستلزمات زراعية قيمتها 4400 جنيها وقد وصلت منذ عامين إلي 72 ألف جنيها , فقد كان مندوب البنك يحضر ليطلب القسط , وعندما نذهب البنك كانوا يعرضون علينا حلا وهو إقراضنا مرة أخري ,

فمثلا في المرة الأولي ذهبنا وكانت قيمة القرض 4400 جنيه فقالوا لنا لقد وصل القرض بالفوائد إلي 6000 جنيه وسنقوم بإقراضكم مرة أخري مبلغ 9000 جنيه وبذلك تسددون الدين الأول ونبيض الحيازة ” ومعناها إلغاء أي قرض علي الحيازة لتصبح نظيفة مرة أخري ” وبعد شهر يقوم بإضافة الدين الجديد أما الفرق بين المبلغين فلا نقبضه بل بقبضه المندوب وهو موظف في البنك وهكذا حتى وصل المبلغ إلي 72 ألف جنيه , ومنذ ثلاث سنوات حضر مدير البنك وعمل لأبي جدولة جديدة لم يكن هناك مفر من قبولها خاصة وقد صدر ضده 26 حكما قضائيا نهائيا ,ولذلك قمت بضمان أبي حتى تسقط تلك الأحكام , وقد ظللت من العصر إلي ما بعد المغرب أوقع علي شيكات علي بياض للبنك , والغريب أن مدير البنك جعلني أضمن والدي وأنا لا أملك أي أرض أو عقار , وفي أول موعد لسداد قسط الجدولة كان البنك قد تقدم بشكوى ضدي أنا وأبي وأذكر أنه في إحدى المرات التي تم فيها القبض علي والدي لتنفيذ حكم بالحبس في شيك للبنك قيمته 7 آلاف جنيه قمت ببيع جزء من المنزل الذي نعيش فيه لسداد هذا الشيك وبالفعل تم السداد وحصلت علي مخالصة ” فالبنك لا يمنح الفلاح الشيك الذي يتم سداده بل يحتفظ به لديه ” خرج والدي من السجن وفوجئت بعد فترة عندما أطلعت علي كشف حساب مديونياتنا للبنك بعدم وجود هذا المبلغ فلم يتم احتسابه أو خصمه من المديونية فأين ذهب هذا المبلغ …؟! .

تلك كانت بعض الوقائع التي حدثت ومازالت تحدث لآلاف المزارعين في أنحاء مصر , وهي تكشف بصورة واضحة لا ليس فيها ولا غموض مدي ما وصل عليه بنك التنمية من فساد لا يمكن السكوت عنه ..! ,

  • من جانبنا … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب رئيس الحكومة بتشكيل لجان لنقصي الحقائق فيما يحدث في بنك التنمية والائتمان الزراعي وفروعه , علي أن تعتمد المساءلة علي أصل الدين لكل مزارع وما وصل إليه علي أيدي الفاسدين والعابثين وتقديم كل من يثبت عليه التلاعب والتربح من موظفي بنك التنمية إلي المحاكمة للقصاص العادل . كما تطالب أولاد الأرض لحقوق الإنسان ليس بجدولة ديون الفلاحين في مصر كلها فقط بل والإعفاء من الفوائد وغرامات التأخير مع سحب كل القضايا التي أقيمت وتقام ضدهم وذلك أقل ما يمكن أن يقدم لهم تكفيرا عما اقترفه المفسدون في حقهم من جرائم ….
  • كما تؤكد أولاد الأرض لحقوق الإنسان انه إذا لم يقم وزير الزراعة باتخاذ الإجراء المناسب تجاه ما يحدث في بنك التنمية ستضطر إلي مساءلته قانونيا بصفته المسئول الأول عما يحدث من تجاوزات في بنك التنمية والائتمان الزراعي .