24/1/2007

تصدر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء الموافق 24/ 1 / 2007 تقريرها حول معوقات العمل الحزبي في مصر تحت عنوان ” الأحزاب السياسية المصرية بين التقييد والمصادرة” ، ويأتي صدور هذا التقرير بعد حكم المحكمة الإدارية العليا برفض الطعن المقدم من 12 حزب بالطعن على قرار لجنة شئون الأحزاب بمنع تأسيس الأحزاب .

وتؤكد المنظمة المصرية في تقريرها أن قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته الأخيرة بالقانون رقم 177 لسنة 2005 بحاجة إلى ثورة تشريعية إذا أرادت الدولة إجراء إصلاح حقيقي وليست مجرد عملية ترقيع ثوب بال وانفراد حزب بعينه بالقرار، وتجاهل التنوع الفكري والثقافي والسياسي في مصر ، الأمر الذي يشير إلى أن التجربة الحزبية في مصر لم تؤت ثمارها خاصة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهري أكتوبر ونوفمبر عام 2005 وأسفرت نتائجها عن فوز أربعة أحزاب معارضة بعشرة مقاعد فقط بنسبة 2.31% ، وغياب 16 حزبا من البرلمان ، فيما حصل الحزب الوطني الحاكم على 32.6 % مقابل 20.4% للأخوان المسلمين و 45 % للمستقلين الذين انضم معظهم بعد ذلك إلى الحزب الحاكم .

ويأتي تقرير المنظمة المصرية ” الأحزاب السياسية المصرية بين التقييد والمصادرة” ليفتح أحد الملفات الهامة آلا وهو واقع الحياة الحزبية في مصر ، والقيود التي يواجها الأفراد في حالة رغبتهم في تأسيس حزب جديد ، وكيفية تفعيل وتنشيط الأحزاب السياسية ، عبر تناوله للمحاور التالية:

المحور الأول : خلفية عن الأحزاب الأثنى عشر ونضالها من أجل التأسيس
ويتضمن هذا المحور توثيقا لـ12 حالة لأحزاب تحت التأسيس رفضت محكمة الأحزاب الاعتراف بهم ، وهذه الأحزاب هي (الوسط الجديد – الكرامة العربية – الأمل الديمقراطي – القومي المصري -القومي الحر – التحالف الوطني القومي -نهضة مصر الكنانة -السلام الدولي -نهضة مصر -الحرية الديمقراطي)، ويوضح هذا المحور كيف ناضلت هذه الأحزاب منذ عام 2004 من أجل الحصول على الموافقة بالتأسيس، حيث مرت بمراحل عدة من قبيل الاعتراض على التأسيس من قبل لجنة شئون الأحزاب ، ورفع طعون بالاعتراض على اللجنة من قبل هذه الأحزاب ، وتداول الطعون بالجلسات ، وحجز الطعون للحكم ثم إعادتها للمرافعة مرة أخرى، ليأتي الحكم في النهاية برفض التأسيس وذلك في 6/1/2007 .

المحور الثاني : قانون الأحزاب السياسية ومدى تقييده للحياة الحزبية
ويحتوي هذا المحور على جذور قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والقيود التعسفية والمعيقة التي يفرضها على الحق في تكوين الأحزاب برغم كفالة هذا الحق بمقتضى الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي أصبحت جزء لا يتجزأ من قانونها الداخلي وفقًا للمادة 151 من الدستور.

وتمثل لجنة شئون الأحزاب-التي تشكلت بموجب القانون- أحد أهم القيود على الحياة الحزبية في مصر، فهي التي توافق على قيام أو إنشاء حزب أو تعترض على تأسيسه، كما ينتمي غالبية أعضائها إلى الحزب الوطني الحاكم؛ وهو ما يجعل الحزب بمثابة الخصم والحكم في آن واحد. ويبلغ عدد الأحزاب التي رفضت اللجنة تأسيسها منذ بداية نشأتها وحتى عام 2006 حوالي 75 حزبًا، ، فما زالت الأخيرة تصر على رفضها الدائم لجميع الطلبات المقدمة من أجل تشكيل أحزاب سياسية جديدة.

المحور الثالث : قراءة للأحكام الخاصة بالأثنى عشر حزبًا
وفي هذا الإطار ، تؤكد المنظمة المصرية أن الحكم قد خالف قاعدة قانونية ثابتة بنص الدستور المصري المادة 187 وهي خاصة بالأثر المباشر للقانون أو بمعنى أخر عدم رجعية القاعدة القانونية حيث تنص المادة 187 على “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ” ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب. وبمراجعة نص تعديلات قانون الأحزاب السياسية لم تجد نص برجعية القانون وبالتالي فإن هذا التعديل يخضع لقاعدة الأثر المباشر للقانون.

المحور الرابع : الخاتمة والتوصيات
وفي نهاية تقريرها ، تؤكد المنظمة المصرية أن الحق في المشاركة السياسية وتكوين الأحزاب هو حق كفله الدستور في المادة الخامسة منه أصبح لا وجود له في الواقع السياسي بسبب استمرار العمل بالقانون 40 لسنة 1977 والذي يعطي لجنة شئون الأحزاب الحق في إجهاض أي محاولات لميلاد أحزاب جديدة أو تجميد أحزاب قائمة بالفعل بذات الحجة وهي الصراع على رئاسة الحزب بين أعضاء الحزب، وهو ما ينعكس سلبا على الحق في تعدد الأحزاب و ممارسة دورها وتحقيق هدفها المنشود وهو التداول السلمي للسلطة، وعليه فإنها تطالب بإلغاء قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته الأخيرة، الذي يجعل الحق في المشاركة السياسية وتكوين الأحزاب لا أساس له من الناحية العملية،وسن قانون جديد للأحزاب يتضمن القواعد التالية :

    • 1. تكوين الأحزاب السياسية بالأخطار،على أن يكتفي القانون بالنص على شروط عامة تكفل التعبير السياسي السلمي و الديمقراطي عن كل توجهات الشعب المصري.
    • 2. حظر تكوين الأحزاب ذات التشكيلات والتنظيمات العسكرية أوشبه العسكرية ، أو التي تقوم على أسس دينية ، أو عقائدية ، أو طائفية ، أو عرقيه.
    • 3. إلغاء لجنة شئون الأحزاب المشكلة بمقتضى القانون رقم 40 لسنة 1977، وإنشاء لجنة جديدة يتولى رئاستها رئيس مجلس الشورى ، وتضم في عضويتها الأحزاب الممثلة في مجلسي الشعب والشورى ، وتختص بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية ومدى مطابقتها لأحكام القانون، وطلب أية مستندات أو أوراق أو إيضاحات ترى لزومها من ذوي الشأن أو من أية جهة رسمية أو تكليف أية جهة رسمية بإجراء تحقيق أو بحث أو دراسة للتوصل إلى الحقيقة فيما هو معروض عليها ، كما تقوم اللجنة بإخطار رئيسي مجلسي الشعب والشورى بأسماء المؤسسين ليتولى المجلسين إعلان تلك الأسماء في جريدتين يوميتين .
    • 4. حرية الأحزاب في إنشاء أي عدد من الصحف الحزبية ، ووسائل الأعلام المسموعة والمرئية بمجرد الإخطار للجهة المختصة .
    • 5. حرية عقد الاجتماعات والندوات والمؤتمرات دون الحصول على إذن مسبق من الأجهزة المعنية.
    • 6. أن تعتمد الأحزاب في تمويلها على اشتراكات أعضائها وتبرعاتهم، والهبات غير المشروطة ، والدعم المقدم من الموازنة العامة للدولة ، مع الالتزام بمعايير الشفافية والمحاسبة.
    • 7. أن يعفىالحزب من جميع الضرائب والرسوم المتعلقة بمقاره وصحفه وسائر أوجه نشاطه ، مع إعفاء التبرعات من المصريين التي تقدم للحزب من أوعية الضرائب النوعية .
    8. إلغاء التشكيل المختلط لمحكمة شئون الأحزاب بمجلس الدولة،وإعادة الاختصاص إلى محكمة القضاء الإداري ، وحق الطعن في أحكامها أمام المحكمة الإدارية العليا .

كما تطالب المنظمة المصرية بأن يكون الشعب وحده الحكم على فاعلية أي حزب وجدارته بالاستمرار -إما بالالتفاف حوله أو الانفضاض عنه- وهو ما يقتضي قطيعة نهائية مع كافة الشروط التحكمية المبتدعة, مثل اشتراط “تميز” برنامج الحزب!، وفي المقابل ينبغي على الأحزاب السياسية تعديل نظامها الداخلي ، وتحديد مدة رئاستها ، و تفعيل آليات الديمقراطية الداخلية لتلك الاحزاب.