6/2/2008
طالب عدد من أساتذة القانون وأعضاء مجلس الشعب ونشطاء حقوق الإنسان الحكومة بضرورة إشراك كافة القوى السياسية والحزبية والمجتمعية في المناقشات التي تجرى حول قانون الإرهاب الجديد، وأن تراعى الحكومة خلال سنه الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للمواطن المصري والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والأخذ بعين الاعتبار كل المساهمات التي ستطلقها كل قوى المجتمع في هذا الإطار، منتقدين التكتم الحكومي الشديد على مشروع الإرهاب وعدم إعلان تفاصيله للرأي العام وقصر صياغته على أعضاء اللجنة والحزب الوطني فحسب، جاء ذلك في ختام ورشة العمل التي عقدتها المنظمة المصرية أمس 4/2/2008 بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تحت عنوان”إشكالية تعريف الإرهاب والتشريع المصري لمواجهة الإرهاب ” .
وأكد أ.حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن التشريع المصري ليس في حاجة لقانون جديد لمكافحة الإرهاب،فهناك قانون قائم بالفعل،وهو القانون رقم 97 لسنة 1992 ، و لهذا فإنهم إذا أردوا وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب فيجب أن يعتمد في المقام الأول على إحداث التوازن بين حماية حقوق الإنسان و مكافحة الإرهاب . ومن جانبه أشار د. محمد نور فرحات أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق – جامعة الزقازيق أن تعديل المادة 179 من الدستور يبين لنا نية الحكومة بخصوص القانون الجديد لمشروع مكافحة الإرهاب . فهذه المادة تنتهك دون أدنىشك ضمانات حرية الفرد والمنصوص عليها في المادة 40 ، 41 ، 42 من الدستور ، لهذا فقد تعمدت الحكومة في صياغة هذا المشروع على مبدأ السرية و إخفاء كافة التفاصيل المتعلقة بتشكيل اللجنة المكلفة بصياغة مشروع القانون،برغم ما وعدت به بأن يكون مشروع القانون موضوعاً للحوار القومي .
و أكد فرحات عدم وجود تعريف محدد للإرهاب،فضلاً عن عزوف الدول الكبرى على صياغة تعريف محدد له،وذلك للخلط بين هذه الجريمة وبين حق الشعوب في الكفاح المسلح للحصول على استقلالها،ولهذا فإنه عند صياغة قانون جديد لمكافحة الإرهاب يجب في المقام الأول أن ننظر إلى أمرين:الأول:هو وضع تعريف محدد للإرهاب،والثاني:طبيعة الإجراءات الاستثنائية لمكافحة الإرهاب، و خاصة أن القانون رقم 97 لسنة 1992 عرف الجريمة الإرهابية واستحدث إجراءات استثنائية .
و في نهاية حديثه أشار فرحات إلى أن حماية أمن الوطن لا يجب أن يأتي بأي شكل من الأشكال على حساب حريات المواطنين و حقوقهم .
و قد اتفق أ.سعد هجرس نائب مركز الجمهورية لمكافحة الإرهاب مع فرحات في الرأي حول ضرورة سن هذا القانون بمشاركة كافة طوائف الشعب ومنظمات المجتمع المدني و المثقفين ، منتقداً بشكل أساسي ما تقوم به الحكومة ولجنة د.مفيد شهاب في الخفاء لكون ذلك يثير العديد من الشبهات ويطرح علامات استفهام لا حصر لها ، وعليه لابد أن يكون هناك تنوير للرأي العام حول مشروع القانون . و رفض هجرس وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب،مشيراً إلى أننا لدينا ترسانة تشريعية تكفي لمواجهة هذه الجريمة بشتى الطرق .
ومن جانبه ، أشار اللواء فؤاد علام الخبير الأمني إلى تعدد تعريفات الإرهاب ، فلكل طرف رؤيته الخاصة لهذه الظاهرة، منها ما يختلط بالعنف و التطرف،ومنها ما يرتبط بجنس أودين معين،وبالتالي أصبحنا أمام اتجاهات متعددة في تعريف الجريمة الإرهابية ، مضيفاً أن الإرهاب ليست ظاهرة مرتبطة بالشرق الأوسط بل هي موجودة في كل بلاد العالم قاطبة .
و اختلف علام مع هجرس بقوله لا مانع من وجود قانون للإرهاب،و لكن يجب أن يكون قانون ذا مصداقية و شفافية كاملة، وأن يعمد إلى حماية و احترام حقوق الإنسان،وأن تشارك فيه كافة قوى المجتمع ، ولا تقتصر صياغته على طرف واحد فحسب .
أما د. عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية فأشارت إلى أن مكافحة الإرهاب ليست مجرد تشريع، وبالتالي ما الداعي وما المبرر الفعلي لسن قانون في هذا التوقيت،مؤكدة أن الحكومة لديها مبرراتها من وراء سن قانون جديد للإرهاب ، ولكنها ليست لأمن المجتمع، و إنما لتحقيق أهداف ومآرب سياسية أخرى ليست بالضرورة لخدمة المواطن ، إذ يجرى في الوقت الراهن توظيف التشريعات الاجتماعية هي الأخرى لتحقيق أهداف سياسية .
وأكد أ.عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن البلاد ليست بحاجة إلى قانون جديد لمكافحة الإرهاب ، فهناك العديد من الدول الديمقراطية ليس لديها قوانين لمكافحة الإرهاب . كما انتقد شيحه بشدة التعديلات الدستورية والتي تنقلنا من سيئ إلى أسوأ على حد تعبيره .
واتفق معه في الرأي المهندس محمود عامر عضو مجلس الشعب مؤكداً أن وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب سيدخلنا في حلقة مفرغة ، فمن يردد شعارات حول الحاجة إلى سن مثل هذا القانون بغية حماية الأمن القومي بعد من قبيل الهراء، لأن مشروع قانون الإرهاب سيؤدي إلى تحقيق الأمن السياسي على حساب الأمن القومي، مضيفاً أن التعديلات الدستورية شئ مهين .
وانتقد د. عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة محاولات الحكومة لسن قانون جديد لمكافحة الإرهاب، مؤكداً أن النظام يسير في خط واحد دون الرجوع إلى القوى المجتمعية و السياسية، فالنظام يفعل ما يحلو له وما يريده هو فقط ، وبالتالي إذا كنا بصدد الحديث عن قانون للإرهاب ، فلابد في البداية من التفرقة بين إرهاب الفرد وإرهاب النظام