14/1/2008

رفعت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم 14/1/2008 مذكرة إلى رئيس الجمهورية حول محكمة القيم ، مطالبة سيادته بإصدار قانون أو تشريع يقضي بإلغاء هذه المحكمة التي تأتي في مقدمة المحاكم الاستثنائية المخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والدستور المصري ، بل وتشكل مساساً بهيبة القضاء واستقلاله ، حيث أن المحكمة بتشكيلها وفق قانون صدورها تجعل لغير القضاة في الجلوس على منصة الحكم.

وجاء في المذكرة ( صدر قرار السيد وزير العدل رقم 10955 لسنه 2007 بتشكيل محكمتي القيم والقيم العليا ، وذلك للعام القضائي 2007 /2008 ، وحسب نص القرار “تتشكل الدائرة الأولى الخاصة بطعون القيم برئاسة المستشار عادل عبد الحميد نائب رئيس محكمة النقض ، وعضوية كلاً من نواب محكمة النقض وعدد من الشخصيات العامة”) . وبرر هذا القرار بأن إلغاء المحكمة يتم بموجب قانون أو تشريع وهذا لم يحدث حتى الآن، فهي لا تزال قائمة ، وبالتالي قرار وزير العدل بتشكيل المحكمة سليم”.

وأوضح أ.حافظ أبو سعده الأمين العام أنه بمراجعة القرار الصادر من السيد وزير العدل،نجد أنه يشكل اعتداءاً مباشراً على الدستور وبشكل خاص :

  • المادة 64 والتي تنص على أن ” سيادة القانون أساس الحكم في الدولة”.
  • المادة 65 والتي تنص على أن ” تخضع الدولة للقانون ، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات” .
  • المادة 68 والتي تنص على أن ” التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل موطن حق الالتجاء إلى قاضية الطبيعي ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا .ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء في محاكمة عادلة ومنصفة أمام القاضي الطبيعي “.

كما يشكل في ذات الوقت انتهاكًا للمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي صادقت عليها الحكومة المصرية وأضحت جزءاً لا يتجزأ من قانونها الداخلي وفقاً للمادة 151 والتي تنص على :

1- الناس جميعاً سواء أمام القضاء ، ومن حق كل فرد ، لدى الفصل في أية تهمه جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية ، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون.

وأضاف أبو سعده أن قرار السيد وزير العدل جاء مخالفًا للدستور المصري، وذلك للأسباب التالية :
أولا:- أن خطاب السيد رئيس الجمهورية بطلب تعديل مواد الدستور من ضمنها الباب السادس الخاص بالمدعي العام الاشتراكي تم إرساله إلى مجلسي الشعب والشورى بتاريخ 26 ديسمبر 2006 استناداً لنص المادة 189 من الدستور، ووافق مجلس الشعب على طلب السيد الرئيس بجلسة 15-1-2007 ، وقد جاء في مقدمة خطاب السيد الرئيس أن الهدف من التعديلات هو ” تعزيز استقلال السلطة القضائية من خلال إلغاء المجلس الأعلى لهيئات القضائية إلغاء نظام المدعي العام الاشتراكي وما يستتبعه من إلغاء محكمة القيم “.
كما ورد في البند 13 من طلب رئيس الجمهورية بتعديل المادة 173 وإلغاء الفصل السادس والمادة 179 بشأن المدعي العام الاشتراكي.ونرى أن الربط بين المادة 173 جاء تبريره بأنه حرصاً على تعزيز استقلال السلطة القضائية . وفي طلب إلغاء المادة 179 يقول الخطاب وتحقيقا لذات الاتجاه ( تعزيز استقلال القضاء) بطلب إلغاء الفصل السادس والمادة 179 التي تضمنها هذا الفصل ليلغي بذلك نظام المدعي العام الاشتراكي وما يستتبعه من إلغاء محكمة القيم على أن تنتقل الاختصاصات التي كانت موكله إليها إلىجهات القضاء ، وذلك بعد أن أدىهذا القضاء دوره في حماية الاقتصاد الداخلي.

ثانيا : أن مجلس الشعب بعد الإطلاع على خطاب السيد رئيس الجمهورية قد وافق على التعديلات المقترحة من سيادته، ويأتي ذلك الباب السادس، واقترح المجلس أن يتم إحالة اختصاصات المدعي العام الاشتراكي إلى النائب العام ، ووافق على إلغاء الباب السادس والمادة 179 الخاصة بالمدعي الاشتراكي.

ثالثا : أن مجلس الشعب قد أقر التعديلات كما وردت من السيد الرئيس وبالتفسير الذي قدمه سيادته وبالهدف من التعديل الوارد في الخطاب الموجه لمجلسي الشعب والشورى.

رابعا : أن القانون رقم 95 لسنه 1980 هو من القوانين المكملة للدستور، وذلك لنص المادة 179 على نظام المدعي العام الاشتراكي وأحال للقانون تحديد اختصاصاته وبناء على ذلك صدر القانون 95 لسنة 1980 لينص على اختصاصات المدعي العام الاشتراكي في الباب الثاني الفصل الأولى بعنوان “المدعي العام الاشتراكي المادة (5) من القانون”. وإذا الغي مجلس الشعب النص الدستوري- استناداً لتعديل رئيس الجمهورية-فهل يستمر العمل بالقانون الأول الذي جاء مفصلاً لما هو مجلي في الفصل السادس والمادة 179؟.

خامساً : بطلان تشكيل محكمة القيم وفقاً للقانون 95 لسنه1980 والقيم العليا يستلزم في تشكيل المحكمة وفقا لنص المادة 37 الفقرة الرابعة بنص القانون على يمثل الادعاء أمام المحكمة المدعي العام الاشتراكي أو نائبه أو أحد مساعديه .

فإذا الغي الدستور منصب المدعي العام الاشتراكي يترتب على ذلك إلغاء تشكيل محكمة القيم والقيم العليا، وهو الأمر الذي يتفق مع ربط إلغاء هذا المنصب من تعزيز لاستقلال القضاء.

وفي هذا الإطار ، نؤكد أن محكمة القيم
ولا شك في أن ابتداع المشرع لهذا القضاء بدرجتيه يعد سلباً لاختصاص السلطة القضائية وعدواناً عليها كما انه يعد إخلالا بالحق الذي كفله الدستور لكافة المواطنين في المساواة في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي،لأن المحكمة المشكلة تشكيلا استثنائيا من عناصر قضائية وغير قضائية والتي لا تعتبر جزءا من السلطة القضائية وتطبق تلك الإجراءات وتوقع التدابير الشاذة عن القانون العام لا يمكن أن توصف إلا بأنها قضاء استثنائي يصادر حق المواطنين في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي .

وفي نهاية المذكرة ، طالبت المنظمة المصرية السيد رئيس الجمهورية بإصدار قانون أو تشريع بإلغاء محكمة القيم ، ولاسيما أنه تم بالفعل إلغاء الفصل السادس الخاص بالمدعي العام الاشتراكي في التعديل الأخير للدستور ، وبالتالي فإنه لا يوجد مبرر منطقي لإصدار وزير العدل قرارات متتالية تؤكد استمرارية العمل بمحكمة القيم التي طالبتم سيادتكم بإلغائها في نصرة لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية بالبلاد.