23/3/2008

قامت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتقدم بمشروعات قوانين إلى لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب ، تتعلق هذه المشروعات بتعديل بعض المواد الخاصة بالتعذيب في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ، ومشروع قانون بديل للجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة ، ومشروع قانون بديل للأحزاب السياسية .

وأكد أ.حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة قصور التعريف التشريعي لجريمة التعذيب وعدم مواءمته مع نص المادة 2 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها مصر ، الأمر الذي أدى إلى غياب المحاسبة القانونية لمرتكبي التعذيب إلى ترسيخ مناخ يشعر فيه الجناة بأنهم في منأى عن العقاب ، فالعقوبات لا تتناسب مع حجم الجرم المرتكب ليس فقط في حق الضحايا، ولكن في حق الإنسانية، وبالتالي لابد من اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية لمواجهة ظاهرة استفحال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة ، بما يكفل الإعمال الكامل لكافة بنود الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهنية واللاإنسانية، وتقدمت المنظمة المصرية عام 2003 إلى مجلس الشعب بمشروع قانون لتعديل بعض المواد الخاصة بالتعذيب في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ، وقد ركز مشروع القانون على المحاور التالية:

-جريمة التعذيب في القانون المصري وتعديلها طبقاً للمواثيق الدولية حتى تشمل تعريف جريمة التعذيب ، بما يتفق وما ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب والتي وقعت عليها مصر عام 1986 ذلك بهدف مواجهه ظاهرة الإفلات من العقاب .

-تغليظ العقوبة ضد مرتكبي جرائم التعذيب وعدم جواز استعمال الرأفة والظروف المخففة للعقوبة.

-إعمال حق الضحايا في تحريك الدعوى الجنائية المباشرة ضد مرتكبي جريمة التعذيب وتضمن المشروع على سبيل الحصر تعديل المواد 126 ، 129 ، 280 من قانون العقوبات والمواد 63 ، 232 من قانون الإجراءات الجنائية .

أما فيما يتعلق بالجمعيات الأهلية ، فبرغم الحديث عن مبدأ “الشراكة” بين المجتمع الأهلي والدولة، وكفالة الدستور المصري لحق تكوين الجمعيات والحق في المشاركة والاجتماع السلمي لأهداف مشروعة إتساقاً مع المواثيق الدولية، فإن الواقع العملي يشير إلى خلاف ذلك سواء على مستوى القوانين والتشريعات أو الممارسات، حيث اعتبر التشريع أن الأصل هو حظر تكوين الجمعيات، والاستثناء هو منح هذا الحق بالقيود والإجراءات الصارمة التي يضعها القانون وبالسلطات الواسعة الممنوحة للإدارة ، فضلاً عن تحديد الدولة لمجالات عمل المنظمات الأهلية ، وهذا معناه أن مبادرات الأفراد محدودة بتصورات الحكومة للأنشطة التي يجب أن تقوم بها الجمعيات .

وأوضح أبو سعده أن القانون رقم 84 لسنه 2002 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الخاصة، يعد عائقاً أمام العمل الأهلي، كما أنه يعوق تنمية وتطوير المجتمع المدني، فضلاً عن تشديد القيود الإدارية على الجمعيات الأهلية وإحكام السيطرة والرقابة عليها، لذلك لابد من سن مشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية يسهم في إطلاق حرية تشكيلها عبر إزالة العقبات القانونية والإدارية والمالية التي تواجه عملها ، ويسهم في تسهيل إجراءات تسهيلها بأن يكون التسجيل فقط بإخطار الجهة الإدارية دون الحاجة للحصول على ترخيص مسبق ، فالجمعيات تتأسس بمجرد اتفاق إرادة مؤسيسها ، ولايجوز أن تشكل إجراءات التأسيس عوائق أمام تأسيس الجمعيات ، كما يكفل هذا المشروع زيادة دور مؤسسات المجتمع المدني في صناعه القرار، وإنشاء علاقة شراكة بينها وبين الدولة وليست علاقة تبعية ، وصولاً إلى مجتمع مدني قوي قادر على المساهمة في تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان .

أما بالنسبة للأحزاب السياسية ، فهناك العديد من القيود التي تعوق تطور الحياة الحزبية في مصر ، وفي مقدمتها البيئة التشريعية المعيقة للعمل الحزبي مثل القانون رقم40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية. ولجنة شئون الأحزاب المشكلة بموجب القانون ، فهي التي توافق على قيام أو إنشاء حزب أو تعترض على تأسيسه، كما ينتمي غالبية أعضائها إلى الحزب الوطني الحاكم؛ وهو ما يجعل الحزب بمثابة الخصم والحكم في آن واحد، ويضاف إلى ذلك المشكلات الداخلية التي تعاني منها الأحزاب ، ومن أمثلتها التشابه في البرنامج الحزبي للأحزاب المصرية؛ وهو ما يجعلها لا تصلح كبدائل من وجهة نظر الناخبين، فجميعها تتفق على مجموعة واحدة من القواسم المشتركة، والاختلاف يكون في تفاصيل جزئية أو سياسيات فرعية لا تسمح أن يوجد مبرر للتعددية الحزبية، و غياب الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب، وتركيز عملية صنع القرارات في دائرة ضيقة تشمل رئيس الحزب وعدداً محدوداً من نخبته، وضعف التمويل ، الأمر الذي يكون له أثر على الانتشار الجماهيري .

وأكد الأمين العام للمنظمة المصرية أن الحق في المشاركة السياسية وتكوين الأحزاب هو حق كفله الدستور في المادة الخامسة منه، إلا أنه أصبح لا وجود له في الواقع السياسي بسبب استمرار العمل بالقانون رقم 40 لسنة 1977 والذي يعطي لجنة شئون الأحزاب الحق في إجهاض أي محاولات لميلاد أحزاب جديدة، أو تجميد أحزاب قائمة بالفعل بذات الحجة وهي الصراع على رئاسة الحزب بين أعضاء الحزب، وهو ما ينعكس سلباً على الحق في تعدد الأحزاب و ممارسة دورها وتحقيق هدفها المنشود وهو التداول السلمي للسلطة، وعليه لابد من إلغاء قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته الأخيرة،وسن قانون جديد للأحزاب يكفل تكوين الأحزاب السياسية بالأخطار،على أن يكتفي القانون بالنص على شروط عامة تكفل التعبير السياسي السلمي و الديمقراطي عن كل توجهات الشعب المصري، و يحظر تكوين الأحزاب ذات التشكيلات والتنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية، أو التي تقوم على أسس دينية ، أو عقائدية ، أو طائفية ، أو عرقية .

وأكد أبو سعده أن حرية الرأي والتعبير أحد الملفات الواجب الاهتمام بها وينبغي استكمال خطوات الرئيس مبارك بإلغاء العقوبات السالبة للحرية بخطوات أخرى مكملة،ومن بينها تنقيح القوانين التشريعية المنظمة للعمل الصحفي، من بينها القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ولائحته التنفيذية بما يفرضه من قيود على حرية إصدار الصحف وملكيتها، والقانون رقم 159 لسنة 1981 بشأن الشركات المساهمة المعدل بالقانون 3 لسنة 1998 الذي اشترط موافقة مجلس الوزراء إذا كان من أغراض الشركة إصدار الصحف، وفي ذلك تقييد لحق التعبير، يضاف إلى ذلك القوانين التي تقيد الحق في الحصول على المعلومات ونشرها وتقنن احتكار الدولة للمعلومات، ومنها القانون رقم 121 لسنة 1975 الخاص بحظر استعمال أو نشر الوثائق الرسمية، وقانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والتعديلات المختلفة التي أدخلت عليه خاصة بالقانون رقم 29 لسنة 1982، والقانون رقم 199 لسنة 1983، والقانون رقم 97 لسنة 1992، والقانون رقم 93 لسنة 1995، فقد حفل قانون العقوبات بالعديد من الجرائم التي تحاصر حرية الرأي والتعبير، وذلك في مواد عديدة، منها على سبيل المثال فقط (86 مكرر، 98 ب 102، 187، 188، 191 ، 192 193، 194، 302 ، 306). كما يشكل قانون الطوارئ 162 لسنة 1958 تقييدا على الحق في حرية الرأي والتعبير، وكذلك العمل على إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر حماية لحرية الصحافة والصحفيين وإعمالاً للدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي كفلت الحق في حرية الرأي والتعبير،مع الاكتفاء بعقوبات الغرامة مع وضع حد أقصى لتلك الغرامات، لاسيما أن للمتضرر من النشر حق الرد بذات الجريدة والادعاء مدنيا لطلب التعويض المناسب أمام المحكمة المدنية، إذا ثبت مخالفة الصحفي للقانون.

وعن مشروع قانون الإرهاب الجديد ، أكد أبو سعده مدى حاجة البلاد لقانون يكافح الإرهاب لاسيما وأن مصر قد عانت لسنوات طويلة من الأعمال الإرهابية ولكن هذا القانون ينبغي في ذات الوقت أن يحمي حقوق الإنسان ، وضرورة الرقابة القضائية السابقة على أي إجراء .

وأشار أبو سعده إلى مدى أهمية ملف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ،وضرورة قيام الحكومة بإيلاء هذا الملف اهتماماً أكبر عبر توفير الرعاية الصحية المناسبة وبالذات لمحدودي الدخل وتوفير سكن مناسب وملائم ، وضرورة إعادة النظر في أجور الموظفين لتتناسب مع ارتفاع الأسعار ، وعليه لابد من وضع السياسات والتشريعات المناسبة لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .كما طالب الأمين العام برفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني واصفاً ما يحدث بأنه جريمة إنسانية .

وشارك في اللقاء من المنظمة المصرية أ.أحمد عبد الحفيظ نائب رئيس المنظمة المصرية و أ.نشوة نشأت مدير البحوث والنشر ، ومن لجنة حقوق الإنسان أعضاء اللجنة ورئيسها د0ادوارد الذهبي والذي أعرب من جانبه عن ترحيبه بمشروعات القوانين المقدمة من المنظمة، وستقوم اللجنة بدراستها ، وبحث أوجه التعاون بين الطرفين في هذا الصدد .