7/12/2005
يتابع أعضاء هيئة التدريس بمزيد من القلق العميق الأحداث المؤسفة التي صاحبت انتخابات مجلس الشعب المصري هذا العام، والتي تتزايد وتتنامى مع تقدم هذه العملية، خاصة في مرحلتيها الثانية والثالثة، بدءاً من العيوب التي شابت جداول الناخبين، وعمليات التسجيل الجماعي، مروراً بعمليات شراء الأصوات واستخدام المال، ثم الاستخدام المنهجي للعنف والبلطجة في ترويع الناخبين وإبعادهم عن اللجان الانتخابية، وتزوير إرادة الناخبين بإعلان نتائج معكوسة، حتى وصل الأمر إلى ذروته بالتدخلات الأمنية السافرة في إغلاق كامل للكثير من اللجان ومنع الناخبين من الوصول إليها لأداء واجبهم الانتخابي، حتى اضطر بعضهم إلى استخدام السلالم الخشبية وتسلقها للوصول إلى داخل اللجان عن طريق دورات المياه!
وقد شاهد العالم أجمع، على الهواء مباشرة، هذه الممارسات السلبية وتصاعدت الانتقادات من كل حدب وصوب، حتى وصل الأمر بالسيد كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة، في سابقة نادرة في تاريخ المنظمة الدولية، إلى الإعراب عن “أمله في أن تحافظ الحكومة المصرية على شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها”، معرباً عن قلقه للتقارير التي تشير لمصادرة حقوق الناخبين في إبداء رأيهم، مما حدا بعدد من الدبلوماسيين لإبداء خشيتهم من أن تكون تلك التصريحات بداية لتدويل قضية التجاوزات التي شهدتها الانتخابات، وهو ما قد يكون مقدمة لعدم اعتراف دولي بنتائج هذه الانتخابات، مما يثير القلق لدى كثير من المصريين من أن يفتح ذلك المجال واسعاً للتدخلات الدولية في أخص شئوننا الداخلية، والتأثير على قراراتنا وسياساتنا بما يتعارض مع المصلحة الوطنية.
وقد كان لقضاة مصر مواقف مشرفة أثناء عملية الإشراف على الانتخابات من الحرص على نزاهتها، وعلى إدلاء الناخبين بأصواتهم بحرية وشفافية وعلى رفض التزوير والبلطجة والتدخلات الأمنية، حتى وصل الأمر إلى تعرض بعض رؤساء اللجان إلى اعتداءات لفظية وجسدية لترويعهم ودفعهم للتخاذل عن أداء دورهم. ولا يقلل من هذا الدور بطبيعة الحال، الممارسات غير الشريفة لعدد محدود من رؤساء اللجان العامة، بقبولهم بتزوير إرادة الناخبين وإعلان النتائج على خلاف الواقع بشكل فج ومثير.
واستمراراً لهذا الدور العظيم من قضاة مصر الشرفاء، والذي ساهم في إفراز نتائج شبه حقيقية تعبر عن إرادة الناخبين لأول مرة منذ سنوات طويلة، فقد تعهد نادي القضاة في اجتماعه يوم الأحد 4 ديسمبر 2005 بالاستمرار في الإشراف على جولة الإعادة للمرحلة الثالثة من الانتخابات، وعلى منع التزوير ووقفه بكافة السبل والوسائل المتاحة لهم، وذلك بعد أن استمع الحاضرون لشهادة عدد من رؤساء اللجان الذين أجبروا على التزوير، ومنهم المستشار رئيس اللجنة رقم 20 بدائرة المحمودية بالبحيرة، الذي أفاد بأنه تم إكراهه على التزوير مع سبق الإصرار والترصد، مشيراً إلى أن الشكاوى والاستغاثات التي بعث بها إلى الجهات المعنية، ومنها رئيس اللجنة العليا للانتخابات لم تنصفه، مؤكداً أن عقوبة مثل ذلك التزوير بالطريقة التي تمت تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
ويعلن نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة دعمه غير المحدود للسادة القضاة في مواقفهم الوطنية الشريفة، ويقدم التحية لكل من وقف منهم في وجه محاولات تزوير إرادة الناخبين، وفي مقدمتهم المستشارة/ نهى الزيني، التي كان لرسالتها التي أعلنتها في هذا الصدد وقع السحر على الكثير من أبناء الشعب المصري، لما رأونه من أن هذا الوطن لا يزال زاخراً بالكثير من الشرفاء الذين لا يرضون بالزيف والتزوير مهما تعرضوا للبطش والترهيب.
وأساتذة الجامعة في موقفهم هذا، يحاولون المساهمة في ضبط كفة الميزان، وضرب المثل لأبنائهم الطلاب، الذين يثيرون الكثير من الأسئلة أمامنا هذه الأيام، وعن حق، عن مدى جدية الدعوة للمشاركة في الشأن العام وأداء أمانة التصويت، مما قد يمهد الطريق لاتجاه هؤلاء الشباب إلى سبل أخرى للتعبير والرفض غير السبل السلمية الحضارية، والتي يرون أنها قد تكون غير مجدية في إحداث الإصلاح والتغيير المنشود، وهذا باب خطر عظيم يجب أن نعمل جميعاً على غلقه وسده.
وفقنا الله للعمل بما فيه صالح هذا الوطن والنهوض بشأنه.
مع تحيات
مجلس الإدارة