12/3/2006

مصر بلد الأعاجيب … التي يتغير فيها الوزراء وتندمج فيها الوزارات وتتشابك المهام وتتعقد الخيوط دون سبب واضح لهذا الدمج والتغيير , ونظرة واحدة علي الخريطة السياسية في مصر ستدرك علي الفور أن كل وزارة تعمل منفصلة تماما عن الوزارات الأخري دون تنسيق .

ففي العام الماضي استطاع وزير الزراعة السابق أن يقطع خطوة هامة علي طريق الاكتفاء الذاتي للقمح ونجح بالفعل مع أول عام من تطبيق تلك الخطة بأن يصل بالمساحات المنزرعة بالقمح إلي أكثر من 3 ملايين فدانا ليرتفع توريد القمح من 1.7 مليون طن إلي 2.8 مليون طن مما يعد إنجازا حقيقيا , ولكننا فوجئنا بوزير التموين السابق يصدر قرارا عجيبا بوقف استلام القمح من المزارعين قبل الموعد المحدد بأكثر من 60 يوما , فقد كان من المقرر أن تواصل شركات المطاحن استلام القمح المحلي حتى منتصف شهر سبتمبر الماضي إلا أنها امتنعت عن الاستلام بناء علي قرار وزير التموين السابق منذ منتصف شهر يوليو الماضي بحجة أن السوق المحلية قد تم إغراقها بالقمح المستورد وأن هناك كميات كبيرة تم خلطها بالإنتاج المحلي بعد أن انخفض سعر استيراد طن القمح إلي 125 دولار بما يعادل 800 جنيها مصريا في حين أن سعر توريد أردب القمح المحلي 165 جنيها بما يعادل 1100 جنيها للطن بفارق 300 جنيها , وقد تسبب هذا القرار في خفض سعر القمح المحلي من 165 جنيها إلي 110 جنيها للأردب وهو الأمر الذي أصاب المزارعين بخسائر فادحة ودفعهم إلي استخدام القمح المحلي كعلف للماشية في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف الأخري , وقد أدي ذلك إلي تراجع المزارعين عن زراعة القمح الموسم الحالي خاصة بعد أن تم خفض سعر توريد القمح من 165 جنيها إلي 120 جنيها للأردب بما يعني أن الهدف القومي الذي تبنته وزارة الزراعة في العام الماضي وما حققته من نجاح علي طريق الاكتفاء الذاتي من القمح قد ضاع هباء ….

ويبدو أن وزير التضامن الاجتماعي الذي ورث مهام وزارة التموين ضمن ما روث من مهام لم يستوعب الدرس فأصدر قرارا عجيبا بوقف شراء الذرة من الفلاحين خلال الموسم الحالي 2006 – 2007 , ثم قام بخطوة أخري لا يمكن أن نطلق عليها سوي ” القفز في الفراغ ” وقرر وقف عمليات خلط القمح بدقيق الذرة والذي يستخدم في إنتاج الخبز البلدي المدعوم لينهي بذلك النظام الذي اتبعته الحكومة منذ منتصف التسعينيات وهو أن يكون الخبز البلدي المدعم خليطا ما بين دقيق القمح بنسبة 80% ودقيق الذرة بنسبة 20% للحد من استيراد القمح من الخارج بما يوازي دقيق الذرة المستخدم في الخلط , ويبدو أن السيد الوزير نسي أن قرار الخلط كان يهدف إلي تشجيع الفلاحين علي زراعة الذرة والقمح وقد حاولت الحكومات السابقة العمل من خلال هذا الإطار فقامت بزيادة أسعار توريد الذرة من عام لآخر حيث زادت أسعار التوريد من 90 جنيها للأردب في عام 1997 حتى وصلت أخيرا إلي 145 جنيها .

وتشير أخر الإحصائيات أن إجمالي المساحة المنزرعة بمحصول الذرة تصل إلي 1.8 مليون فدان تنتج حوالي 43 مليون أردب بما يوازي 6 مليون طن , وأن حجم الاستيراد من الذرة وصل خلال العام الماضي إلي 5 ملايين طن , لذا لم يكن غريبا أن يتزايد حجم المستهدف شراؤه من الفلاحين من عام لأخر فزاد حجم توريد الذرة من 200 ألف طن حتى وصل العام الماضي إلي 1.3 مليون طن …. وفي ظل هذا الاحتياج الشديد لتوريد الذرة إذ بنا نفاجئ بوزير التضامن الاجتماعي يقرر وقف شراء الذرة من الفلاحين وعدم خلط القمح بدقيق الذرة في إنتاج الخبز البلدي المدعوم …

ويبدو أن هذا السيد الوزير لا يعلم أيضا أن قراره سيؤدي إلي غلق 45 مطحنا تقوم بإنتاج الدقيق المخلوط بالإضافة إلي 19 مطحنا لتحويل الذرة إلي دقيق أما الأخطر …. فإن هذا القرار سيؤدي بالتأكيد إلي إحجام الفلاحين عن زراعة الذرة مما يعني زيادة الكميات المستوردة سنويا وكذلك زيادة استيراد القمح من الخارج بنسبة 20% .

” من جانبنا فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب رئيس الحكومة بإلغاء قرار وزير التضامن الاجتماعي والعودة إلي استلام محصول الذرة من الفلاحين .