17/6/2006

بين سندان وزارة الزراعة ومطرقة وزارة التضامن الاجتماعي ما زال الفلاح المصري يتلقى الضربات الموجعة دون انقطاع , فما إن ينتهي من تجرع كأس وزارة التضامن المرير حتى تسارع إليه وزارة الزراعة بكأس أشد مرارة , وما بين الوزارتين أصبح الفلاح المصري كرة ضالة تركلها الأقدام بلا رحمة …!

فبعد أن أصدر وزير التضامن قراره العجيب بوقف شراء الذرة من الفلاحين خلال الموسم الحالي 2006 – 2007 وكذلك وقف عمليات خلط القمح بدقيق الذرة لينهي بذلك النظام الذي اتبعته الحكومات السابقة منذ منتصف التسعينيات وهو أن يكون الخبز البلدي المدعم خليطا ما بين دقيق القمح بنسبة 80% ودقيق الذرة بنسبة 20% للحد من استيراد القمح , ويبدو أن السيد الوزير تناسي أن قرار الخلط كان يهدف إلي تشجيع الفلاحين علي زراعة الذرة فزادت المساحات المنزرعة بمحصول الذرة إلي 1.8 مليون فدان في العام الماضي أنتجت حوالي 43 مليون أردب بما يوازي 6 مليون طن , ووصل حجم الاستيراد من الذرة خلال العام الماضي إلي 5 مليون طن , وهو الأمر الذي كان يدعو إلي زيادة المستهدف شرائه من الفلاحين من عام إلي آخر فزاد حجم توريد الذرة من 200 ألف طن حتى وصل العام الماضي إلي 1.3 مليون في الطن , وفي المقابل ارتفع سعر توريد الذرة من 90 جنيه للأردب في عام 1997 حتى وصل أخيرا إلي 145 جنيه , وكان من الطبيعي بعد قرارات وزير التضامن الاجتماعي العشوائية أن يتم غلق 45 مطحنا تقوم بإنتاج الدقيق المخلوط بالإضافة إلي 19 مطحنا لتحويل الذرة إلي دقيق وكانت أخطر النتائج السلبية لهذه القرارات هي عزوف الفلاحين عن زراعة الذرة هذا العام فانخفضت المساحات المنزرعة بالذرة من 1.8 مليون الفدان العام الماضي إلي أقل من 1.3 مليون فدان هذا العام …

ويبدو أن هذه النتيجة التي حققتها قرارات وزير التضامن الاجتماعي لم تكن كافية لوزارة الزراعة التي تري ضمن ما تري ….

أن تهميش دور الفلاح المصري والقضاء التام علي زراعة الذرة والقمح في مصر لإفساح المجال لما هو مستورد هو هدف لا يمكن التنازل عنه , فسارعت بتوجيه الضربة القاضية للإجهاز عليه , وتمثلت تلك الضربة في توزيع التقاوي الفاسدة من صنف الذرة الهجين فردي 10 ” جميزة ” وفوجئ المزارعون الذين استخدموا تلك التقاوي بتأخر إنبات الذرة ووصول معدلات الإنبات في بعض المحافظات إلي 20% بدلا من 85 % حسب المواصفات العالمية مما أرغمهم علي إعادة حرث الأرض مرة أخري وزراعتها بأصناف تقاوي مختلفة .

في شهادته يقول عبد الغفار شديد من كفر الخضرة مركز الباجور بمحافظة المنوفية لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” قمت بشراء تقاوي ذرة من النوع الهجين الفردي 10 , وقمت بحرث الأرض التي تصل مساحتها 20 قيراطا , وبالفعل قمت بزراعتها بتلك التقاوي , وكلفني ذلك ما يزيد عن 300 جنيها , لكنني فوجئت بتأخر الإنبات , وبعد 15 يوما من الزراعة تأكدت من عدم الإنبات واضطررت إلي حرث الأرض من جديد فمن يعوضني عن تلك الخسائر وأيضا عن تأخير الأرض في الزراعة …؟!

ويضيف عصام علي حسن من نفس القرية ” كنا نثق في الذرة الهجين فردي 10 ثقة عمياء , ورغم وصول سعر الشيكارة زنة 12 كيلو من التقاوي إلي 150 جنيها كنا نقوم بشرائها لأن هذا النوع عال الإنتاجية حتى أنه وصل إلي 25 أردب للفدان الواحد , وقد قمت بنفس طريقة الزراعة التي استخدمهتا في العام الماضي , إلا أنني فوجئت هذا العام بأن الذرة لم ينبت وقد تأكدت من فساد تلك التقاوي لأن الشكوى عامة وليست فردية , وحين شكونا إلي وزارة الزراعة أحالتنا إلي مركز بحوث المحاصيل الذي ألقي المسئولية علينا , وأدعي أن الطريقة التي نستخدمها في زراعة هذا الصنف هي السبب في عدم الإنبات , وأعلن المسئولون في هذا المركز أن الفلاحين يقومون بزراعة الأرض ” حراتي ” أي بعد الحرث والتزحيف مما يتسبب في ردم التقاوي لمسافة كبيرة وبالتالي كانت هناك صعوبة في عملية الإنبات , وأنه كان يجب أن نستخدم طريقة ” الترشيق ” بحيث لا يزيد عمق التقاوي من سطح التربة عن 2 سم فقط , ولكن ما يكشف زيف إدعاء هؤلاء المسئولين وأنهم يحاولون إلقاء التبعة علينا هو أننا قمنا باستخدام نفس طريقة الزراعة في الأعوام الماضية والتي أنتجت لنا إنتاجا وفيرا مما يؤكد أن العيب ليس في طريقة الزراعة ولكنه في التقاوي الفاسدة ”

وفي شهادته يقول صابر عبد الغني من قرية قلتي مركز الباجور لباحث أولا الأرض لحقوق الإنسان ” كان الفلاحون يضربون المثل بهذا النوع من التقاوي إلا أنه للأسف أصيب بنكسة هذا العام , وأصبح الفلاح المصري في حيرة ماذا نزرع ..؟ بعد أن أصيبت تقاوي الذرة بالفساد أيضا وقبلها البطاطس والفاصوليا , وبالرغم من أن المزارع يعمل ما في استطاعته لتوفير إيجار الأرض ومستلزمات الإنتاج إلا أن الفساد كسر شوكة الفلاح وجعلة يعيش سنوات عجافا , ويؤكد السيد حمزة – موظف بالجمعية الزراعية لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” لقد تلقينا ألاف الشكاوى من المزارعين تتعلق بتضررهم من عدم إنبات تقاوي الهجين فردي 10 وقمنا بدورنا بإبلاغ مديرية الزراعة التي وعدت بتشكيل لجان لبحث هذه الشكاوى , والحقيقة التي يجب أن اذكرها أن السنوات الماضية لم تشهد شكاوي من هذا النوع من التقاوي ولذلك يجب بحث هذه الظاهرة بجدية من جانب وزارة الزراعة حتى تخرج بنتائج نستفيد منها في الأعوام المقبلة من خلال معالجة السلبيات التي قد تكون موجودة في إنتاج التقاوي .

 من جانبنا … فإن أولاد الأرض تسأل وزير الزراعة , إذا كان ما أدعاه المسئولون في مركز بحوث المحاصيل صحيحا بأن الفلاح باستخدامه طريقة خاطئه في الزراعة كان سببا في عدم إنبات تقاوي الذرة … فأين دور الإرشاد الزراعي وماذا يفعل المرشدون الزراعيون …؟!

 ومع ذلك فنحن نؤكد أن تقاوي الذرة كانت فاسدة حقيقة أكدتها من قبل تقاوي البطاطس المصابة بالعفن البني وغيرها من تقاوي المحاصيل وهو الأمر الذي يدعونا أن نطالب رئيس الحكومة بإجراء تحقيق فوري مع كل المسئولين عن الخسائر الفادحة والمتلاحقة للفلاح المصري …!