10/3/2005

الاعلام الالكتروني نافذة فتحت آفاق عديدة واتسعت من خلالها الرؤيا وأصبحت المعلومة عن طريقها ملكاً للجميع وخياراً نحدد من خلاله ما نريد معرفته بالوسيلة التي نرغب مكتوبة أم مرئية أم مسموعة …بغض النظر عما قد تفرضه القيود الاجتماعية أو الثقافية وما ولدته حالة الرقابة الحكومية ولاحقاً الذاتية على وسائل الاعلام ..ولا زال التساؤل حول ماحققته ثورة الاتصالات والانترنت تحديداً على العمل الصحفي من تغير وكخطوة أولى الخروج من دائرة الرقيب الرسمي أو حتى الذاتي وصولاً لما يسمى “الصحافة الالكترونية” بمهنية عالية وسقف أعلى .

الانترنت …..هل من رقيب !!

رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين يحي شقير أكد أن وجود ما يسمى بالصحافة الالكترونية هو إعمال لحق كل إنسان في تلقي والتماس وبث المعلومات استناداً للمادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ونفس رقم المادة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .. هذا بالتصور والشكل العام لكنه يوضح .. انه و على الرغم من ان هذا النوع من الصحافة لا يخضع للترخيص كباقي المؤسسات الصحفية إلا أنه يخضع للمحاسبة كونه يقوم بفعل “العلانية” المنصوص عليه في المادة 73 في قانون العقوبات الأردني .

ويضيف شقير..ان الكتابة على الانترنت لا تعني التحرر من القانون بل هي خاضعة له ويشير مثالاً على ذلك الرسالة التي نشرتها توجان فيصل النائب السابق في البرلمان حول حكومة رئيس الوزراء السابق علي أبو الراغب وعلى أثرها حوكمت وسجنت ومُنعت من ترشيح نفسها لمجلس النواب .

ويعتقد شقير أن المشكلة الأساسية ليست في المحاسبة والخضوع للقانون بل في الحكومات التي ا تريد أن تتصيّد وتترقب معارضيها السياسيين وآراءهم عند نشرها على الانترنت .

ولذلك يرى شقير أن الصحفي يلازمه الرقيب الذاتي أينما كان وليس من السهل التخلص من هذه الرقابة التي جاءت نتيجة تراكمات عديدة أساسها تغّول السلطة التنفيذية والأحكام العرفية وبالنتيجة فلا يمكن لمن تعلّم الزحف طويلاً أن يمشي بسهولة وعملية إعادة تأهيل الصحفي ورفع سقف حريته الذي يفرضه على نفسه ليست بالسهولة التي نتصور.

الاعلامية سوسن زايدة من عمان نت …تعتقد أنه ومنذ ظهور فكرة المواقع الاعلامية على الانترنت بدا التصور العام بعدم وجود قوانين منظمة ومقيدة لحرية الصحفي ولكن هذه النظرية -إن أمكن القول- لم تعد دقيقة تماماً فعلى الرغم من كون الرقابة لدينا لم تأخذ شكلاً قانونياً إذ اقتصرت على ممارسة الضغوطات أو الملاحظات من المسؤولين على بعض المواد الصحفية والتي يفهم الصحفي ضمنياً مايُقصد بها إلا أنه تاريخياً لم يتم إصدار أي حكم قضائي بحق صحفي وفي اسوء الحالات لا يتجاوز الأمر مجرد توقيف الصحفي مدة مؤقتة….إلا أن ذلك عمل

على خلق رقابة ذاتية نفسية لدى الصحفي كونه على الأغلب وليد الاعلام المكتوب الذي اعتاد على وجود الرقيب الرسمي في مهنته ومحيط عمله .

وتضيف زايدة أن الرقابة على الصحافة الالكترونية قد تأخذ أشكال أخرى …ففي حين أن أغلب المواقع التي تصدر على الانترنت تكون خارجية كالقدس العربي إلا أن الضغط عليها يكون على مراسلي تلك المواقع المنتشرين في مختلف الدول …. وقد تكون الرقابة الحكومية من خلال

(حجب الموقع) عن المواطنين كما حدث مع “البوابة” عندما قامت الحكومة السعودية بحجب موقعها عن المواطنين السعوديين لفترة معينة .

وأكدت زايدة أنها مع الرأي او النظرة الأخرى التي ينظرها البعض للانترنت من حيث أن سقف الحريه فيه أعلى نسبياً من الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية…..موضحة أن مواقع الانترنت حتى لو كانت محلية فعلى الأغلب أن مراسليها ليسوا على قائمة الصحفيين المعترف بهم في نقابة الصحفيين التي ربما تكون من أكبر المؤسسات الحكومية لدينا وعادة الحكومة تعتبر أن جمهور الانترنت محدود في حين أن المواقع الصحفية على الانترنت إما يكون أحد أهدافها الاساسية رفع سقف الحريات أو أن يكون رفع هذا السقف جزء من إنجاح عملها لجذب جمهور أكبر وهذا أو ذاك لابد يكون له تأثير على القارئ الذي ربما يهجر الصحف المكتوبة إلى مواقع الانترنت .

وتقول زايدة على الرغم من وجود الرقابة على اختلاف اشكالها إلا أنه لا يمكن أن ننكر أن صحافة الانترنت دفعت بالصحف المكتوبة لرفع سقفها لمجاراة ما تقدمه الصحافة الالكترونية التي تتميز بأنها تضم جميع وسائل الاعلام من مرئية مكتوبة أم مسموعة ،وتُعد ثورة في عالم الصحافة ووسيلة أغنت العمل الصحفي بشكل أساسي مهم .

معادلة الانترنت والعمل الصحفي ….ماذا قدمت ؟

الاعلامي محمد عمر من “البوابة” …يعتقد أن الصحافة الالكترونية لم تعمل أي تغيير جذري يذكر في وضع الصحافة وتحديداً في مسألة الحريات لعدة أسباب أولها : عدم وجود موقع أردني متخصص انتهج مسلك الصحافة الالكترونية كالدول الأخرى مشيراً إلى أن “البوابة” عبارة عن “بورتال” أحد أقسامها تقديم الاخبار على الرغم من أن الموقع نشر العديد من القضايا لم تنشرها الصحف المكتوبة بجرؤة كبيرة كقضية الشمايلة .

واستطرد عمر ان الاعلام على الانترنت لم يحقق إضافة نوعية على إعلامنا سواء تقنياً أو مهنياً برفع سقف الحريه …وأوضح الزميل عمر أن ما كان مرجواً من الانترنت في مسألة الحريات أمر بحاجة لتدقيق أكبر إذ أنه يخضع للقوانين كغيره من المطبوعات بل يبدو الاعلام على الانترنت أشبه بمنشور سري داخل البلد وعملية إنشاء موقع محلي خاص ستتعرض لضغوطات كبيرة إضافة إلى أن قراء الانترنت يشكلون نسبة ليست بالكبيرة بل نجد أن الصحفيين الذين يفترض أنهم الاكثر إفادة من مواقع الانترنت على الأقل من ناحية سهولة الوصول للمعلومة إلا أنهم لا يستغلون هذه الوسيلة بالشكل المطلوب …وعلى العكس نجد أن بعضهم لديه أخطاء في تقاريره وأخباره كان يكفيه أن يطلّع على الانترنت لتفادي ذلك الخطأ …ومن ناحية أخرى فإن أغلب مواقع الصحف المحلية على الانترنت نفس النسخة المكتوبة وبذلك لا تضيف ما هو جديد .

لذلك يرى عمر أن مصطلح ” الصحافة الالكترونية” لايزال بعيداً عن صحافتنا …ويستنكر عمر على صحافتنا عدم استغلالها للحريات التي اعطيت لهم ففعلياً هناك نوع من الحريه خاصة بعد التعديلات الأخيرة على قانون المطبوعات والنشر ولكن للأسف أن مشكلة الصحفي أنه لم يستطيع التخلص من الرقابة الذاتية أو رقابة المحرر وتوجهات الصحيفة التي يعمل بها بشكل عام ،وذلك بسبب التراكمات العديدة السابقة وما يبدو من الحكومة من أساليب الضغط على الإعلام ضمن إطار فهمها للعملية الديمقراطية التي تتم بها شراء الصحف .

ولكنه يرى أن هناك سقف معقول من الحرية ولابد من استغلاله بجرأة ضمن القانون والخروج من دائرة الرقيب الذاتي بالمحاولة دائماً بتقديم ما هو موضوعي وجريء وقال بأن “البوابة” كانت على قدر من الجرأة في طرح العديد من المواضيع ولم تتعرض لمشاكل حقيقية بسبب ذلك.

الزميل الصحفي حاتم العبادي من “الرأي” …. أكد أنه لا بد من تعامل مباشر فيما بين الصحفي والانترنت لما يقدمه لنا كصحفيين من فوائد كثيرة أبرزها سهولة الحصول على المعلومة من مصادرها خاصة ان بعض المسؤولين قد يكون لديهم تحفظات حول عدد من القضايا فيكون من الأفضل الحصول عليها من الانترنت …..ويرى العبادي أن مواقع الانترنت فرصة جيدة للاطلاع على الصحف العالمية وخبرات الصحفيين والاستفادة منها …..إضافة إلى أن هناك بعض الأخبار تكون خارج إطار المؤسسات المحلية مثل موضوع “تسونامي”…..

وحول الرقابة ومستوى الحريات على الانترنت يرى العبادي انه بغض النظر عن أن مستوى الحريه قد يكون أعلى في الانترنت منه في الصحف المحلية إلا أن الانترنت لم يعمل على رفع مستوى الحريات فأغلب الصحفيين يحددون سقف حريتهم بأنفسهم أي من خلال الرقابة الذاتية بحكم الأحكام العرفية السابقة والرقابة الرسمية التي لازمت تلك الفترة ….ومع ذلك لم يحدث أن تم حبس صحفي أو فصله من عمله بسبب مادة كتبها وحتى نقابة الصحفيين لا يتوقع العبادي انها تخلت يوماً عن أي صحفي بل كان لها دور كبير بتصحيح الأمور وتوجيه الصحفيين إضافة لأن التعديلات الأخيرة على قوانين المطبوعات والنشر قد لاقت استحساناً من الوسط الصحفي إلى حد ما ،لذلك لابد من السعي للتخلص من الرقابة الذاتية أولاً
والسعي لتطوير القانون ليكون أكثر تحديداً منه مرونة ومحاولة رفع سقف الحريه ونرى سلبيات وإيجابيات ذلك فنحن حتى الآن لم نحاول التخلص من العيش بالواقع السوداوي والافتراض الدائم بأن المادة الصحفية الجريئة ستتسبب لنا بمشاكل نحن في غنى عنها ولا يجب إنكار أن هناك رقابة سواء على الانترنت أم على الإعلام المكتوب وفي نفس الوقت لن نرفض المساءلة ومحاسبة الصحفي غير المهني والموضوعي في مواده وأخباره بل نرفض الوهم والرقابة الدائمة نتيجة الخوف من هذه المحاسبة على الرغم من تقديمنا مادة جيدة وشفافة وموضوعية .