20/11/2006

حوادث أقل وخسائر أكبر .. تلك كانت السمة الغالبة لحوادث العنف بين الفلاحين فى شهر أكتوبر , وبالرغم من أن تلك الحوادث لم تزد عن ستة – وذلك طبيعي – فى ظل توافق موعد شهر رمضان مع شهر أكتوبر – وما يمثله من سماحة وخاصة للاهالى فى القرى الذين يجنحون فى هذا الشهر الكريم إلى المودة والرحمة وأعمال الخير , إلا أن الخسائر كانت فادحة بالمقارنة بعدد الحوادث , فقد قتل 11 شخصا من بيتهم ثلاثة أطفال وأصيب عشرون آخرون , غير أن الجدير بالاهتمام أن حادثة واحدة وقعت فى قرية دير البرشا التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا سقط من جرائها 6 قتلى و12مصابا , فى المقابل فإن الحوادث الخميس الأخرى سقط فيها 5 قتلى و8من المصابين , ويقينا فإن تلك الأرقام تعطى دلالة واضحة إلى ما وصل إليه العنف بين الفلاحين من شراسة , عنف استباح كل شيء وتجاوز كل الخطوط الحمراء بما فيها حرمة الدم بين الأشقاء وذوى الرحم , لقد أصبح كل شيء فى الريف المصرى مستباحا ولأتفه الأسباب , وأصبح لزاما علينا وعلى المتخصصين البحث فى أسباب تلك الظاهرة وكيف يمكن القضاء عليها …!

وقد يبدو من المهم فى هذا المجال أن نورد فى البداية أربعة حوادث تطرح سؤالا غاية فى الغرابة …هل الجريمة يمكن أن تتوارث …؟ وهل بالفعل مازال المجتمع الانسانى يحمل بصمات جريمة قابيل حين قتل شقيقه هابيل وأنه بالرغم من مرور ألاف السنين وبرغم التحضر الظاهري مازلنا نحمل فى أعماقنا كل سمات الهمجية …؟

ما حدث فى محافظة البحيرة يجيب عن هذا السؤال … جريمة قتل بشعة ارتكبها المدرس الازهرى بعد الإفطار بقرية الكفر الجديد حين قام بطعن شقيقه الفلاح طعنة نافذة بالصدر فتوفى فى الحال بسبب الخلاف على قيراط أرض , وتم ضبط المتهم وتولت النيابة التحقيق …!

أما فى محافظة القليوبية فقد شهدت قرية دملو مركز بنها , حادثا مأساويا أثناء انطلاق مدفع الإفطار فقد قام محمد الطيب عبد الجليل بتمزيق جسد شقيقه السيد بمطواة ولم يتركه إلا جثة هامدة وسط ذهول وذعر والدته وأشقائه , وقد تبين من التحريات أن والد المتهم والمجني عليه ترك لهما 4 قراريط ومنزلا ونشبت مشاجرة بينهما بسبب الميراث فقام المتهم بتمزيق جسد شقيقه , تم القبض على المتهم والسلاح المستخدم فى الحادث وتولت النيابة التحقيق …!

وفى أسيوط شهدت قرية بنى قرة التابعة لمدينة القوصية جريمة قتل بشعة فقد قام المزراع رشدي محمد خليفة بإطلاق الرصاص على نجليه أحمد ولمياء فلقيا مصرعهما فى الحال , كانت مشادة كلامية قد حدثت بين المتهم وابنه الأول محمد بسبب بيع قيراط أرض تطور الخلاف فأخرج الأب مسدسه وأطلق بعض الأعيرة النارية فقتل ابنه الثاني أحمد وابنته لمياء , تم القبض على المتهم والسلاح المستخدم , وباشرت النيابة التحقيق …!

وفي سوهاج قام أربعة أشقاء بمطاردة ابن عمهم محمد ثابت محمد هريدي بالأسلحة حتى دخل منزلة وأنهوا حياته أمام طفليه وزوجته برصاصة في رأسة وضربات الشوم , وقد أثبتت التحريات أن المجني عليه والمتهمين ورثوا قطعة أرض زراعية مساحتها فدانان وحدثت خلافات بينهم فقرروا الانتقام منه , تم القبض علي المتهمين والأسلحة المستخدمة وباشرت النيابة التحقيق .

· فى أربعة حوادث عنف بين الفلاحين… الشقيق يقتل شقيقه والأب يقتل أولاده .. لم يعد هناك كما قلنا خطوط حمراء … والسحب المتراكمة فى الريف المصرى تنذر بالمزيد …!

· أما أكثر الحوادث شراسة وعنفا فقد تجسدت فى حادثتين نوردهما كما هما … وما من تعليق …!

ففي محافظة المنيا تسببت ” عيدان الذرة ” فى مذبحة شهدتها قرية دير البرشا بعد أن اتهم مزارع جارة بسرقة بعيدان ذرة من حقله فوقعت بين عائتيهما مشاجرة بالأسلحة النارية والبيضاء والشوم وانتهت بمقتل 6 وإصابة 12 آخرين بإصابات خطيرة , وكشف التحقيقات أن مشادة كلامية حدثت بين زينها ورليز ويزكراس من عائلة ” كراس ” وجاره وجيه راغب عبد السيد من عائلة عبد السيد , أطلق الأول النار على الثاني وتركه جثة هامدة عندما اتهمه بسرقة ” عيدان ذرة ” فما كان من أشقاء القتيل شريف وأدهم ورشاد وطارق إلى أن توجهوا إلى منزل المتهم وأطلقوا النار على أسرته فأردوا خمسة فى الحال من بينهم طفلين وقد أسفرت تلك المعركة عن قتل كل من : عاطف ثابت حنا – نعيم مفيد سلامه – وجيه راغب عبد السيد – استر رضا ليزويز – والطفلين إيرين رضا ليزويز وميخائيل رضا ليزويز ” عام واحد ” كما أصيب كل من : راعون راجح شوقي – سماح جميل – لواحظ ليزويز – أبشواى نعيم مفيد – إيز ليزويز – أشرف ليزويز – بيتر فليب راغب – هاني فليب راغب – طارق وليم راغب – ميرفت ثابت حنا الله .

وفى محافظة الجيزة أصيب 8 أشخاص بجروح مختلفة فى أنحاء جسدهم إثر مشاجرة نشبت بين عائلتين بالحوامدية وتم نقلهم إلى المستشفى , وقد ثبت من التحريات نشوب مشاجرة بين أربعة أفراد من عائلة بدران وأربعة آخرين من عائلة الشيمى وذلك بسبب النزاع على الحدود بين قطعتي أرض يملكونها , أطلق خلال المشاجرة عدة أعيرة نارية فأصيب 8 أشخاص من أفراد العائلتين تم نقل المصابين إلى مستشفى الحوامدية وتولت النيابة التحقيق .

· ستة حوادث عنف بين الفلاحين فى شهر أكتوبر سقط فيها 11 قتيلا و20مصابا واستبيح فيها دم ذوى القربى … كل شيء ينذر بالخطر … كل الدلالات تؤكد أن الفلاح المصرى لم يعد لديه قدرة على الاحتمال بعد أن تضافرت جهود الحكومات المتعاقبة على إفقاره وإسقاطه إلى أدنى درجات السلم الاجتماعي