11/6/2009
تصدر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الخميسالموافق 11/6/2009 تقريرها النوعي تحت عنوان “مصر …تداعيات سياسة الأجور على منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية” ، وذلك في إطار اهتمامات المنظمة بمنظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، وبمناسبة قرب التوقيع على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، والذي ستوقع عليه الدول بالأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر المقبل ، وبموجب أحكام البروتوكول يسمح للأفراد التقدم بشكاوى للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول الانتهاكات التي يتعرضون لها في هذا الإطار ، ويحق للجنة اتخاذ ما يلزم بشأنها . ويهدف التقرير إلى بيان واقع الأجور في مصر ، ومدى الفجوة بين الأسعار والأجور من ناحية أولى ، والأجور والخدمات من ناحية ثانية ، والاتفاقيات الدولية المعنية بالأجور، وما تضمنه الدستور المصري من مواد تكفل حق المواطن في الحصول على أجر مناسب لعمله، وما مدى اتساق ذلك مع الواقع المعاش، والاختلالات في منظومة الأجور بالمجتمع المصري، وتداعيات ذلك على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى تصويب هيكل الأجور وتصحيحه، حتى يتحقق بالفعل مبدأ تذويب الفوارق بين الطبقات ، فلا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً ، مع طرح نماذج دولية ناجحة في هذا الصدد . وكشف التقرير عن جملة من الحقائق الأساسية وهي : – تشير البيانات الصادرة عن البنك الدولي إلى أن الحدّ الأدنى للأجور في مصر يبلغ 425 دولار سنوياً في مقابل 875دولار للعامل الجزائري و 1675 للمغربي و 1775 دولار في تونس و1850 دولار فيالسنغال!!.مع ملاحظة أنه يزيد من انخفاض الحدّ الأدنى للأجور في مصر زيادة ساعات العمل التي تتراوح بين 54 و58 ساعة أسبوعياً وذلك وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. – كفل الدستور المصري وكذلك المواثيق الدولية المعنية بذلك الحق في الحصول على أجر عادل مقابل العمل، وضرورة وضع حد أدنى للأجور ، غير أن الواقع يخالف ذلك . – تشتمل المنظومة التشريعية المعنية بالأجور في مصر على العديد من النصوص التي تنال من أجر العامل، وتشكل تراجعاً عن الحماية التي كانت مقررة للأجر ، بدءا من الحق في الإضراب، ومرورا بالحق في الحصول على أجر عادل ومناسب مقابل العمل عدد ساعات مناسبة، وانتهاء بالفصل التعسفي من العمل دون إبداء أي سبب أو مبرر قانوني، مما يتعارض مع أحكام العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي صادقت عليه الحكومة المصرية وأصبح جزءا لا يتجزأ من ميثاقها الداخلي وفقا للمادة 151 من الدستور. – تعاني منظومة الأجور في مصر من اختلالات واضحة بين القطاع الحكومي ونظيره الخاص، بل وبين القطاعات الحكومية المختلفة ، بل ولا ينال العامل حقه في الأجر المناسب نظير ما يقدمه من عمل ، الأمر الذي يمثل انتهاكاً لأحد حقوقه الاقتصادية آلا وهو “الحق في العمل” المكفول بمقتضى الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بذلك ، ويضاف إلى ذلك أن أجر العامل المصري مازال دون المستوى المتعارف عليه وليس ذلك فحسب ، بل أقل من الحد الأدنى للأجر، ودون خط الفقر . كما كشف التقرير بالأرقام والإحصائيات الخاصة عن التفاوت بالأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة، و ذلك وفقاً لموازنة وزارة المالية خلال السنوات الماضية : – أما في موازنة عام 2007/2008 فقد استحوذت المحليات على النسبة الغالبة من الأجور المدفوعة للعاملين بالقطاع الحكومي،حيث وصل ما يحصل عليه هؤلاء إلى 26.5 مليار جنيه ، مقابل 25.8 مليار جنيه للجهاز الإداري و 7.9 مليار للهيئات الخدمية . – أما في موازنة عام 2006/ 2007، فبلغ نصيب المحليات نحو 24 مليار جنيه ، مقابل 20.1 مليار للجهاز الإداري ، و 7.1 مليار للهيئات الخدمية . – وفي موازنة عام 2005/2006 ، فبلغ نصيب المحليات نحو 21.7 مليار جنيه مقابل 18 مليار جنيه للجهاز الإداري ، و 6 مليار جنيه للهيئات الخدمية . – الحد الأدنى لأجر العامل في الحكومة أعلى من القطاع الخاص!!. إذ يصل متوسط الأجر الشهري للذكورالعاملين في القطاع العام إلى 684 جنيه مقابل 576 لدى القطاع الخاص، وبالمثل يصلهذا الرقم للإناث العاملات في القطاع العام إلى 684 جنيه مقابل 444 جنيه لدىالقطاع الخاص. – برغم كفالة الدستور والمواثيق الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية نجد أن الواقع المعاش خلاف ذلك ، بل ويضاف إلى هذا اختلالات الأجور في المجتمع المصري التي تلقي بظلالها بشكل أو بآخر على منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي أصبحت في تدهور شديد (الحق في العمل، و الحق في التمتع بالصحة و الرعاية الصحية ، الحق في التعليم ، والحق في السكن ، الحق في بيئة نظيفة ، الحق في الحصول على مياه نظيفة) ، إذ نجد أن من يحصل على أجر مناسب باستطاعته الحصول على حقوقه كاملة ، ولكن صاحب الأجر البسيط لا يكون بإمكانه نيل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية. – في ظل تدني معدلات الأجور وارتفاع تكلفة القطاعات الخدمية وانخفاض المخصصات المالية لهذه القطاعات من الموازنة العامة ، نجد أن هناك تفاوتات رهيبة ما بين الأفراد في حصولهم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، إذ يستطيع ذوي المرتبات العالية أن ينال (رعاية صحية مناسبة، سكن مناسب ، ملبس مناسب ، تعليم مناسب) ، ولكن من هم دون ذلك فإنهم يقعون خارج إطار المنظومة، وهذا بخلاف ما تؤكد عليه الأرقام والإحصائيات والتقارير الحكومية من تحسن وضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ويؤكد التقرير أنه في ضوء استفحال أزمة الأجوروالمرتبات نتيجة التجاهل الحكومي للسياسات الاجتماعية التي يجب أن توازنبين الأجور والأسعار، بالإضافة لغياب المجلس القومي للأجور وامتناعه عن تحديد حدأدنى للأجور حتى الآن ، فضلاً عن تداعيات ذلك على منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، فلابد من : وفي هذا الإطار ، نؤكد أنه : 3. يجب دعم السلع والخدمات الضرورية للحياة المعيشية التي تقدم للطبقة الفقيرة. 4. ضرورة أن يعلن المجلس القومي للأجور عن الحد الأدنى للأجور، خاصة انه لم يقم بذلك منذ إنشاءه في 2003.وان يراعى المجلس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تدهورت خلال السنوات الماضية وأسعار بعض السلع الغذائية وغير الغذائية التي ارتفع بعضها إلى أكثر من 200% وان ينجح في تامين الحد الأدنى للمعيشة الكريمة للفقراء وذلك من خلال ربط الأجر بالأسعار وزيادته الدورية بما يتماشى مع ارتفاع الأسعار في مصر . ثانياً : الاستفادة من التجارب الدولية المطروحة في هذا الصدد ، لقد تبين من تجارب العديد من الدول ورصد المستويات الفعلية للحد الأجور للأجور في مصر مدى أهمية وجود أكثر من حد أدنى للأجور سواء على المستوي القومي، أو وفقا لنوع النشاط الاقتصادي ، ومن ثم نحتاج إلى وجود آليات أخرى مكملة لدور المجلس القومي للأجور: 2- ضرورة تفعيل آليات التفاوض الجماعية وإعادة النظر فيها لتوضيح طبيعة الشركات المساهمة فيها وقواعد المشاركة وآليات التنفيذ المستخدمة وضمان مشاركة العمال فيها، وذلك لإرساء قواعد المشاركة العمالية ،ومن جانب أصحاب الأعمال في تحديد الحد الأدنى للأجور وتتضح أهمية ذلك في ضوء اعتبار قدرة الصناعة على دفع الحد الأدنى للأجور أحد المحددات لقيمة هذا الحد. ثالثاً: إدارة حوار مجتمعي موسع تشترك فيه كافة أجهزة الحكومة ومنظمات قطاع الأعمال والقطاعات العمالية والنقابية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بذلك حول منظومة الأجور في مصر وكيفية علاج الاختلالات المصاحبة لها . رابعا” : أهمية الإصلاح الإداري للدولة باعتباره حجر الزاوية لإنجاح الإصلاح الاقتصادي, ولاسيما وأن موازنة الأجور عالية للغاية نتيجة زيادة عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة عن احتياجات التشغيل الحقيقية. وأن زيادة الناتج المحلي الإجمالي ضرورة حتى لا يحدث تضخم نتيجة تحمل الموازنة العامة للدولة لموازنة الأجور التي بلغت 60 مليار جنيه عام2007/2008, والعام الحالي بلغت نحو79 مليار جنيه خامسا”:-التأكيد على أن رفع الحد الأدنى للأجور وحده لا يكفي ما لم يرتبط بتعديل آليات إدارة السوق والاقتصاد . فالزيادة يمكن أن تفجر موجة من التضخم بينما المطلوب المزيد من الرقابة على الأسعار وتخفيض الواردات وتعديل السياسية الزراعية وزيادة الإنتاجية. سادساً:-ضرورة أن يكون دور الحكومة منحازا لدعم القطاعات السلعية والخدمية المحلية ، لتحسين نوعية المعيشة والعمل على زيادة معدلات النمو والتشغيل ومحاربة الفساد وتجفيف منابعه والتوجه نحو اللامركزية في تقديم الخدمات العامة. سابعاً: ضرورة للعمل بين كافة منظمات المجتمع المدني لتنظيم الحملات والورش والمؤتمرات وتشكيل مجموعات للضغط على الحكومة لوضع حد أدنى عادل للأجور يتناسب مع التغيرات والتطورات الدولية والمحلية واتفاقيات وإعلانات المؤسسات الدولية وذلك من أجل كفالة أجر معيشي لائق يضمن لكل العمال الحياة الكريمة والأمان . ثامناً: إصلاح منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية – إطلاق حرية تشكيل المنظمات العمالية النقابية والروابط والمنظمات الأهلية التي تنظم وتدافع وترعى مصالح الفئة العاملة. – تقوية وتحديث الأجهزة الحكومية المعنية بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين كمًّا وكيفًا، وإلزام المسئولين بتطبيق القرارات الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة وفي حالات العلاج للسفر للخارج، وتفعيل نظام التأمين الصحي ليشمل جميع المواطنين ومحاربة الفساد داخله بما يضمن استفادة محدودي الدخل وجميع المواطنين المؤمن عليهم وتوفير ما يتطلبه علاجهم من رعاية طبية وعلاجية ، ووضع نظام جديد لعلاج المواطنين غير القادرين ومحدودي الدخل من الفئات المهمشة بالمجتمع، يتحمل عبئه جميع الهيئات القادرة على تقديم خدمة طبية، وليس وزارة الصحة فقط، ووضع نظام قومي لتعليم وتدريب الأطباء وتحسين مستواهم العلمي بما يتماشى مع التطورات الهائلة في التقنيات الطبية وضرورة العلم بها، ومعرفة كيفية التعامل معها، ووضع معايير ضمان الجودة في الرعاية الصحية في مصر ومؤشرات قياسها. – إصلاح كافة عناصر المنظومة التعليمية من تلاميذ، ومدرسين، ومادة علمية، ومناهج وطرق تدريس، وإدارة، وبيئة محيطة، فمن الضروري الخوض في التفاصيل الجزئية باعتبارها جزءا من كل يكمل بعضه البعض وليس مجرد العمل في أجزاء منفصلة وبدون تراكم. – حل مشكلة الإسكان باعتبارها واحدة من الاحتياجات الأساسية التي نصت المواثيق والدساتير على ضرورة توفيرها للإنسان يمكن التخفيف من احتقانها عبر قيام الحكومة بمراجعة سياساتها الإسكانية عبر تمكين محدودي الدخل والفقراء من التمتع بالحق في سكن ملائم تتوافر فيه الخصوصية والأمان ومعايير المسكن الصحي، وتقديم تعويضات مادية وعينية لضحايا الإخلاء القسري وهدم المنازل وإيجاد بدائل مناسبة للأهالي القاطنين بتلك المنازل، ووضع خطة شاملة لإزالة المناطق العشوائية التي لا يمكن تطويرها، وإمداد المدن الجديدة بالمرافق والخدمات الأساسية. – استنهاض الكفاءات والمؤسسات التشريعية والقضائية والإدارية والمالية الوطنية في جهد مشترك للمساهمة في القضاء على الفساد ،عبر تشخيص ودراسة مظاهره وأنواعه وأسبابه ونتائجه، لاسيما وأن الفساد يؤثر سلباً على النظام السياسي ويضعف بنيته الديمقراطية، ويؤدي إلى ضياع حقوق المواطنين خاصة حقهم في الحصول على الخدمات العامة والحريات، ومن بينها حرية الوصول إلى المعلومات وحرية الإعلام، وكذلك الحقوق مثل : حق المساواة وتكافؤ الفرص وحق المشاركة السياسية ، إذ يقلل الفساد من إقبال المواطنين على المشاركة السياسية نتيجة عدم اقتناعهم بنزاهة المسئولين. للاطلاع علي التقرير من الرابط التالي المنظمة المصرية لحقوق الإنسان × 8/10 شارع متحف المنيل – منيل الروضة- الدور العاشر website : |