25/5/2009

وجه عدد من أساتذة القانون وبعض أعضاء مجلس الشعب وممثلي الأحزاب السياسية ونشطاء حقوق الإنسان نقداً للقانون رقم 97 لسنة 1992 ، مطالبين بضرورة تنقيحه وتضمينه لضمانات حقوق الإنسان ولاسيما ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وحرمة الحياة الخاصة ، جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بدعم من الاتحاد الأوروبي تحت عنوان “نحو مراجعة جديدة للقانون رقم 97 لسنة 1992″أمس الأحد الموافق 24/5/2009 بمقر المنظمة .

ومن جانبه ، نقد أ.حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية القانون رقم 97 لسنة 1992 والذي تم بمقتضاه تعديل قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية والقانون الملغي محاكم أمن الدولة، وسرية حسابات البنوك، والأسلحة والذخائر ، مؤكداً أن هذا القانون يتضمن العديد من الانتقادات ، فعلى سبيل المثال عرفت المادة 86 من القانون الإرهاب تعريفاً فضفاضاًللغاية، بحيث يشمل طائفة من الأعمال المتفاوتة المحظورة ، وبلغ الأمر في بعض الأحيان أنه جعل حيازة المنشورات من الجرائم الإرهابية ، حتى و أن كانت هذه المنشورات لا تحض على الأعمال الإرهابية ، بل وشدد القانون في القواعد الإجرائية و أهدر الضمانات القانونية لعناصر المعارضة السياسية السلمية.

وطالب أبو سعده بمراجعة تعريف الإرهاب وإعادة صياغته بمزيد منالدقة، خاصة أنه يزيد عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام ، وذلك بالمخالفة لحكم المادة 6من العهد الدولي والتي لا تجيز توقيع هذه العقوبة إلا على أشد الجرائم خطورة، مشدداً على ضرورة تنقيح القانون رقم 97 مع تضمينه الضمانات الكافية لحماية حقوق الإنسان وبالأخص حقي المحاكمة العادلة والمنصفة وحرمة الحياة الخاصة، وذلك باعتبار هذين الحقين من أسمى الحقوق وأقدسها ، وذلك إعمالاً للدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي صادقت عليها الحكومة المصرية وأصبحت جزء لا يتجزأ من قانونها الداخلي وفقاً للمادة 151 من الدستور ، وكذلك إعمالاً للقاعدة القانونية “المتهم بريء حتى ثبت إدانته “.وأكد الأمين العام أنه ينبغي التوصل إلى قانون يكافح الإرهاب ويحمي حقوق الإنسان في الوقت ذاته .

واتفق معه في الرأي أ. حسين عبد الرازق الأمين العام السابق لحزب التجمع ، مشيراً إلى أن المادة 86 عقوبات – التي أضيفت بمقتضى القانون رقم 97 لسنة 1992- قد استخدمت عبارات مطاطة وفضفاضة عند تعريفها الإرهاب ، ويمكن تفسيرها على أي نحو مثل التهديد و الترويع و الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع و أمنه للخطر و حرية التجمع و التنظيم ، فمجرد الدعوة إلى التجمع السلمي يعد بمثابة” عمليات إرهابية” ، برغم أنها حق من حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية المعنية بل وكفالها الدستور المصري أيضاً .

وانتقد عبد الرازق القانون 97 الذي وسع بشكل كبير من نطاق الجريمة الإرهابية، حيث اعتبر أن إلقاء الرعب في نفوس الناس و التحريض على ارتكاب الجريمة ، وحتى لو لم تقع الجريمة الإرهابية وتعريض أمن المجتمع الدولي للخطر و دور العبادة و النظم البنكية من قبيل الجرائم الإرهابية، مشيراً إلى أن لجنة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان عام 2002 قد انتقدت التعريف المصري الخاص بالإرهاب، كما أبدى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان عام 2005 قلقه من التعريف الواسع للإرهاب في مصر، والذي يبدو أنه يسمح باستخدامه ضد المنتقدين وأعضاء حركات المعارضة، والذي أدى إلى زيادة عدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالإعدام .

وأشار الأمين العام السابق لحزب التجمع إلى أن قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته به مواد عديدة تتناول الجريمة الإرهابية وتفرض عقوبات قاسية عليها ، وذلك حتى قبل تعديله بالقانون 97 لسنة 1992 . ومن أمثلة هذه المواد : -المادة 77 يعاقب بالإعدام كل من ارتكب فعلا يؤدي باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها .

-المادة 87 يعاقب بالإشغال المؤبدة أو المؤقتة كل حاول بالقوة قلب أو تغيير دستور الدول أو نظامها الجمهورية أو شكل الحكومة ، فإذا وقعت الجريمة من عصابة مسلحة يعاقب بالإعدام من ألف عصابة وكذلك من تولى زعامتها أو تولى فيها قيادة ما .

-المادة 89 يعاقب الإعدام كل من ألف عصابة هاجمت طائفة من السكان أو قاومت بالسلاح رجال السلطة العامة في تنفيذ القوانين وكذلك من تولي زعامة عصابة من هذا القبيل أو تولي فيها قيادة ما .أما من انضم إلى تلك العصابة ولم يشترك في تأليفها، ولم يتقلد فيها قيادة ما فيعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة .

-المادة 93 يعاقب بالإعدام كل قلد نفسه رئاسة عصابة حاملة للسلاح أو تولي فيها قيادة ما وكان بقصد اغتصاب أو نهت الأراضي أو الأموال المملوكة للحكومة أو جماعة من الناس أو مقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبي هذه الجناية .

وأكد د. أحمد أبو بركة عضو مجلس الشعب أننا لسنا في حاجة إلى إصدار تشريع جديد لمكافحة الإرهاب ، فلدينا القانون رقم 97 لسنة 1992 ، و الحكومة في كل مرة مددت حالة الطوارئ تبرر بأنها تستخدمه في مواجهة الجريمة الإرهابية،وبالعكس فإن قانون الطوارئ لم يستخدم في مواجهة الإرهاب كما أدعي، ولكنه استخدم ضد الخصوم السياسيين و من أجل المحاكمات العسكرية .

و انتقد أبو بركه القانون 97 لكونه لم يحدد ماهية الجريمة الإرهابية بشكل دقيق ، حيث جاء التعريف الوارد في المادة 86 وقد خلا من تعريف الإرهاب ببيان ماهيته وأوصافه ، بل وخلا من الركنين الأساسيين الجمع و المنع في التعريف .

وأكد عضو مجلس الشعب أن التجارب و الشواهد قد كشفت أن هذه النصوص لم تستخدم في مواجهة جرائم الإرهاب ، ولكن لمواجهة الخصوم السياسيين،وبالتالي فهذا القانون قد أهدر مبدأ الشرعية بالأساس ، وكذلك مبدأ الضمانات الدستورية وحق التنظيم و الاجتماع وحرية الرأي و التعبير .

و من ناحيته وصف السفير محمد ناجي الغطريفي رئيس حزب الغد السابق القانون رقم 97 لسنة 1992 بأنه بمثابة قانون لتكبيل الحريات العامة وحقوق الإنسان في مرحلة يطلق عليها مرحلة الإصلاح السياسي .

و انتقد الغطريفي سن قانون جديد لمكافحة الإرهاب في هذه المرحلة الحرجة ، إذ يسود مناخ غير ديمقراطي على الإطلاق ، و هذا المناخ يدفع إلى الارتباك و التخوف ، مؤكداً أن قانون مكافحة الإرهاب من شانه أن يطلق يد رجال الشرطة و يعفيهم من وسائل المحاسبة ضد ما تتخذه من إجراءات ضد المواطن العادي .

و انتقد الغطريفي تعريف الإرهاب الوارد في القانون 97 لكونه فضفاض ومجحف جداً ، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك جريمة سياسية تتعلق بالدولة وتدخل تحت نطاق ما يسمى بالإرهاب ، فإنه يجب في ذات الوقت مراعاة الظروف والدوافع التي دفعت إلى ارتكاب مثل هذه الجريمة ، أي أنه لا يمكن عزل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تجبر الشعب على ارتكاب جريمة إرهابية.

و اتفق معه في الرأي د. كمال فريد الأستاذ بالمعهد العالي للدراسات القبطية ، مؤكداً أنه ليس هناك حاجة لسن قانون جديد لمكافحة الإرهاب بقدر الحاجة لتجفيف منابع الإرهاب، فنحن بحاجة إلى نشر ثقافة التسامح و قبول الرأي الأخر في المجتمع المصري، مشيراً إلى أن القانون القادم ليس لمكافحة الجريمة الإرهابية و لكنه لإرهاب الشعب ذاته وذلك على حد قوله.

وفي ختام الحلقة النقاشية ، أجمع المشاركون أن القانون رقم 97 لسنة 1992 قد أهدر الحق الدستوري في المساواة بين المواطنين أمام القانون ، كما أهدر الضمانات التي يكفلها قانون الإجراءات الجنائية لحماية المواطنين الأبرياء الذين اشتبه في ارتكابهم أعمال إجرامية ، ويتمثل ذلك في :

• أن القانون قام بإطالة مدة الحبس الاحتياطي بدون عرض المتهم على قاضية الطبيعي حتى ستة شهور ، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً للمادة 71 من الدستور.

• منح الشرطة حق احتجاز المواطنين لمدة تصل إلى 11 يوماً دون توجيه اتهامات محددة ، وبدعوى البحث و التحري قبل عرضهم على النيابة أو السماح بالاستعانة بمحام ، ودون توفير سبل الرقابة القضائية على الإجراءات التي تتخذها الشرطة خلال فترة انفرادها بهم خاصة في حمايتهم من التعرض إساءة المعاملة أو التعذيب .

• أخضع الأشخاص ذوي الفئة العمرية (15 : 18 ) لذات معاملة غيرهم من المتهمين، من حيث التحقيق و المحاكمة ، وإهدار الأساليب العلاجية المتعارف عليها لرعاية الأحداث.

ويضاف إلى ما سبق ، التعريف الفضفاض للإرهاب ، وتشديد القواعد الإجرائية وإهدار الضمانات القانونية لعناصر المعارضة ، وعدم توافر الضمانات الكافية لحقوق الإنسان .

كما اتفق المشاركون على أن مصر ليست بحاجة إلى قانون جديد ، فالترسانة التشريعية المصرية تعج بالكثير من القوانين التي تكفل محاسبة من يقترف أعمال إرهابية سواء من القوانين العادية أو الاستثنائية، مطالبين الحكومة وأعضاء البرلمان بضرورة تنقيح القانون رقم 97 لسنة 1992، وذلك بالاستناد إلى ضمانات وحقوق المتهم في الدستور والقانون المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وقرارات الأمم المتحدة وقرارات اللجنة الدولية للحقوقيين عن تأييد حقوق الإنسان في مواجهة الإرهاب -إعلان برلين لعام 2004 ، وأجندة مدريد الصادرة عن نادي مدريد في مارس 2005، والاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب لعام 2006.

يذكر أن الحلقة النقاشية تعقد في إطار “مرصد مكافحة الإرهاب عبر تعزيز الديمقراطية” والذي قد بدأ نشاطه في شهر فبراير 2008 وستنتهي في نهاية شهر مايو الحالي، وبدعم من الاتحاد الأوروبي. ويتمثل الهدف الأساسي للمرصد في دعم التطور الديمقراطي في مصر، من خلال رصد ومراقبة تأثير تضمين مواد مكافحة الإرهاب في التعديلات الدستورية على هذا التطور من ناحية ، وتأثير قانون الإرهاب الجديد على هذا التطور من ناحية أخرى.

المنظمة المصرية لحقوق الإنسان

× 8/10 شارع متحف المنيل – منيل الروضة- الدور العاشر
تليفون : 23636811(02) – 23620467 (02)
فاكس : 23621613 (02)
E-mail:
eohr@link.com.eg

website :
www.eohr.org