11/3/2009

ندد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتدهور المتزايد في احترم القانون الدولي الإنساني في المنطقة العربية في ظل الانتقائية السياسية التي تسم سلوك المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون، سواء تحت وطأة الاحتلال العسكري أو في ظل الصراعات والنزاعات المسلحة داخل عدد من البلدان العربية.

وأكد المركز أن المجتمع الدولي قد أخفق إلى حد بعيد في ممارسة ضغوط كافية لوضع حد لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية أو من أجل إنهاء الاحتلال، واتهم الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بمواصلة السعي لتحصين إسرائيل من النقد وإجهاض أية قرارات ذات طابع إلزامي لوقف الجرائم المرتكبة من جانب إسرائيل.

جاء ذلك عبر المداخلة التي تقدم بها المركز إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في دور انعقاده العاشر في الفترة من 2- 27 مارس الحالي.

ولاحظ المركز أن ازدواجية المعايير تجاه انتهاكات القانون الدولي الإنساني تظهر بشكل بارز في سلوك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية تجاه الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقليم دارفور. فبينما مارست الإدارة الأمريكية والأوروبيين ضغوطا دبلوماسية وفرضوا أنماطا من العقوبات على نظام الخرطوم، إلا أنهم تقاعسوا عن تبني وسائل وآليات مماثلة للضغط على إسرائيل. وعلى حين تطالب جامعة الدول العربية بممارسة الضغط على إسرائيل، فإنها ترفض ممارسة الضغوط على الحكومة السودانية. وأكد المركز في هذا السياق على أن هذه الازدواجية تدفع نحو مزيد من الاستخفاف بالقانون الدولي الإنساني من قبل مختلف الأطراف الضالعة في انتهاك هذا القانون في العالم العربي، مما يفاقم من معاناة السكان المدنيين الذين يدفعون ثمنا باهظا لهذا الاستخفاف.

وأكد مركز القاهرة أن الهجمات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة تظهر تجاهلا مفرطا للمعايير الإنسانية، وهو ما أفضى إلى سقوط نحو 1300 قتيل بينهم 900 من المدنيين نصفهم تقريبا من الأطفال، وأضاف أن ميليشيات حماس لم تتخذ بدورها التدابير اللازمة للحيلولة دون تعرض المدنيين للخطر خلال هجماتها الصاروخية على بعض القرى الإسرائيلية، بل أن هذه الميليشيات ارتكبت خلال العدوان الأخير على غزة انتهاكات خطيرة بحق مواطنيها، وصلت إلى حد قتل نحو 32 فلسطينيا خارج نطاق القانون بينهم سجناء ومحتجزين سياسيين محسوبين على حركة فتح.

وأضاف مركز القاهرة أنه على الرغم من الانتباه المتزايد للفظائع المرتكبة بحق المدنيين في إقليم دارفور، فإن القوات الحكومية السودانية تواصل هجماتها العشوائية على عشرات القرى في دارفور، بما يفاقم من تردي الأوضاع الإنسانية، مما أدى إلى تشريد نحو 90 ألف مواطن خلال الأشهر الأخيرة. وأشار المركز إلى أن الحرب في إقليم صعدة باليمن لم تلق الاهتمام الكافي من قبل المجتمع الدولي، على الرغم مما أفضت إليه عبر نحو 4 سنوات من مصرع آلاف المدنيين ونزوح أكثر من 130 ألف شخص تضرروا بشكل فادح من جراء الحرب، ومن جراء القيود التي تفرضها الحكومة اليمنية على منظمات الإغاثة الإنساني، مما يعيق دخولها الإقليم.

وأعرب مركز القاهرة عن استهجانه للاتفاقية الأمنية الثنائية المبرمة بين الولايات المتحدة والعراق، باعتبارها تكرس الإفلات من العقاب، وتحول دون أن يمارس القضاء العراقي اختصاصه على الجرائم المرتكبة من قبل جنود أمريكيين. وأشار مركز القاهرة إلى أن استمرار المواجهات بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة، وفيما بين الميليشيات السنية والشيعية تشكل تحديا رئيسيا يواجه تعزيز حقوق الإنسان في العراق. ولاحظ المركز في هذا السياق أنه على الرغم من التراجع النسبي في معدلات العنف، فإن أكثر من ألفي عراقي قد لقوا مصرعهم خلال المواجهات الدائرة عبر الأشهر الستة الأخيرة.

وشدد المركز في مداخلته على ضرورة أن يولي المجتمع الدولي اهتماما كافيا لضمان توفير حماية كاملة وغير مشروطة للمدنيين في مختلف الصراعات الدائرة في المنطقة. وحث المركز أعضاء المجلس الأممي على تبني عدد من التوصيات في مقدمتها:

  1. اتخاذ التدابير التنفيذية اللازمة لتفعيل قرار مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، القاضي بإرسال بعثة لتقصي الحقائق للأراضي الفلسطينية المحتلة، لتقييم الانتهاكات الخطيرة التي اقترنت بالعدوان الهمجي على قطاع غزة، وبحث التدابير المناسبة لضمان المساءلة والمحاسبة على جرائم الحرب في قطاع غزة.
  2. دعوة مجلس الأمن الدولي لعدم التجاوب مع أية مساعي تستهدف استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بغية إيقاف أو تعطيل إجراءات المحاكمة على جرائم الحرب في دارفور، ودعوة جامعة الدول العربية لدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية.
  3. دعوة الولايات المتحدة والحكومة العراقية والأمم المتحدة، لضمان توفير الاحتياجات الإنسانية وإعادة توطين جميع النازحين من العراقيين الذين يزيد عددهم على 1.5 مليون شخص.
  4. دعوة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية لنبذ الانتقائية والمعايير المزدوجة والالتزام بضمان احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.