1/3/2006

إلى السيدة ريبيكا المحترمة
التي نكن لها كل احترام و نعدها بمثابة أم لكل السودانيين بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي أو القبلي ، من أي منطقة جاؤا من السودان: شمالاً و جنوبا، شرقا و غربا.

نحن مجموعة من الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في حادثة المهندسين فجر يوم 30 ديسمبر2005 ، لقد رأينا بأعيننا أبناءنا و هم يقتلون باستخدام الآلات الحادة و السكاكين، دون أي ذنب جنوه، كل ما نريده هو إعلان الحكومة المصرية اعتذارها لذوي الشهداء و إعلان القائمة الكاملة لهم و التقرير الطبي الذي يوضح سبب الوفاة.

لا تعنينا التعويضات بقدر ما يعنينا و في المقام الأول أن يعلن عن حقيقة ما حدث من قبل الحكومة المصرية، فمن ماتوا هم بشر و ليسوا حيوانات، و أن تقدم المسئولين عن هذه المجزرة إلى المحاكمة لأنه كان هناك بالضرورة طرق عديدة يمكن استخدامها لفض الاعتصام، بل إننا وقتها كنا نقوم بإعداد حقائبنا تمهيدا للانتقال إلى المعسكر الذي أعلنت الشرطة عنه، و للأسف لم يكن ذلك حقيقياً فقد رفضوا أن يذهب أحد منا للاطمئنان لصحة وجود معسكر، و رفضت مفوضية الأمم المتحدة أن تبعث بمسئول ليشهد الانتقال رغم أننا نقع تحت حمايتها وفقا للقانون الدولي، ساعتها ملأنا الرعب من أن ينقلونا للمجهول و ربما تخلصوا منا ثم فجأة بدأ القتل الجماعي دون تفريق أو هوادة .

السيدة ريبيكا إننا ناشد فيك الأخت و النصيرة، فقد تخلى عنا الكثيرون، و للأسف لم يكن موقف الحركة ممثلة في مكتبها بالقاهرة على مستوى معاناتنا حيث لم تضغط لإجراء تحقيق فيما حدث، و مع الوقت ينسى الجميع الحادثة، و للأسف فإن الوفد إلي جاء للقاهرة قبل أسبوعين من حكومة الجنوب لم يكلف نفسه بالاستماع لشكوانا بل إنه كرر نفس كلام الأمن المصري و قال أن الضحايا هم 27 فقط رغم أن عدد ضحايانا ممن سمحوا لنا بالتعرف عليهم يفوق الستين، و للأسف فإن بعض الأطراف السودانية الأخرى لا يهمها سوى غلق ملف هذه الحادثة، لسبب علاقاتهم مع أطراف كثيرة، و يمارسون في هذا سياسة منع المساعدات عنا و ربطها بقبولنا لدفن جثث أبنائنا دون إعلان عن أسمائهم و عددهم و دون تسليمنا التقرير الطبي الخاص بالتشريح و سبب الوفاة .

إننا نطالبكم بالعمل على حل عادل لمشكلتنا كلاجئين، فمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين UNHCR تماطل في الإجراءات و تمارس معنا سياسة التجويع و التشريد، و حتى من يرغب في العودة فإنها ترفض أن يتم ذلك على نفقتها رغم أنها أعلنت أكثر من مرة عن تحملها نفقات طيران مباشر إلى جوبا. إننا الأكرم لنا خاصة من يريد العودة للسودان طوعيا أن يكون ذلك باختياره الحر و ليس تحت ضغط عدم حل مشكلتنا و الادعاء أننا لا نستحق الحماية و قتل أطفالنا.

إننا نطلب منك أن تكثفوا الجهود لأجل تنفيذ آخر ما توصلنا له من اتفاق مع المفوضية UNHCR بتاريخ 17 ديسمبر2005 ، فمكتب المفوضية في جينيف أقر الاتفاق من جديد يوم 4 يناير لكن يبدو أن مكتب القاهرة بطاقمه المحلي و الدولي لديه ما يخفيه و يخشى أن ينفذ الاتفاق لأن بعض الملفات قد دمرت و بعضها قد بيع لحد أن بعضنا استخرج بطاقات لاحظ فيها تلاعبا في تواريخ التسجيل، و ندعو من خلالك المنظمات الشريكة في عملية الدعم الصحي و التعليمي و الاجتماعي أن تواصل مساعداتها لنا بشفافية و رحمة، فمنا من لا يملك قوت يومه، و منا من تضيع سنوات العمر منتظرا إتمام إجراءاته رغم حصوله منذ عام 1997 مثلا على وضع اللاجيء- البطاقة الزرقاء، و بعضنا تم توطينه بالفعل لكنه يذهب للمطار فيجد أن ملفه قد بيع لشخص آخر سافر باسمه مقابل بضعة دولارات، و منا الأم التي تبكي ندما لأنها لا تستطيع أن تتكفل بتعليم أبنائها في المدارس بمصر بسبب تعنت و فساد بعض القائمين على رعايتنا من المنظمات الإنسانية و المفترض أنهم الأحن قلبا علينا.

ندعوكِ أيتها الأم أن تضعي نفسكِ مكاننا و قد امتحنك الله من قبل بفقدان الزوج القائد قرنق، و لازال موقفك الصلب يعطينا الأمل في غد جديد، إننا شاهدنا بأعيننا مقتل أطفالنا، و كل ما نطلبه هو إعلان حقيقة ما جرى و تقديم المسئولين من جهاز الشرطة للمحاكمة كذلك مساءلة المنظمة الدولية UNHCR – بالقاهرة، نحن لا نطلب سوى حقوقنا المشروعة و بطريقة قانونية و سلمية.

أمهات الضحايا