17/3/2007

شهد شهر فبراير سابقة هي الأولي من نوعها تؤكد ما حدث للريف المصري من متغيرات وما وصل إليه من تردي , فالقرية المصرية التي كانت في الماضي سلة للخبز للمدن والتي كانت دخان أفرانها لا ينقطع في البيوت وما كان يصاحب يوم ” الخبيز ” من بهجة أصبحت اليوم لا تجد الرغيف أو ما يسد الرمق …!

ففي شهر فبراير وأمام وزارة التضامن الاجتماعي قام أهالي قرية برك الخيم مركز الجيزة بالتظاهر احتجاجا علي قيام إحدى الحملات التموينية بإغلاق مخبز بالقرية , وأكد المتظاهرون أن القرية لا يوجد بها سوي مخبزين ويقف الناس في طوابير طويلة للحصول علي رغيف الخبز المدعم وأنه بعد إغلاق أحد المخبزين أصبح العثور علي رغيف الخبز أمرا بالغ الصعوبة …!

ويبدو أن التظاهر كوسيلة للاحتجاج وجد طريقه أخيرا إلي مجتمع الفلاحين بعد أن استنفذوا كل طاقات التحمل , فقد قام ما يقرب من 100 مزارعا بالتظاهر أمام ديوان عام محافظة قنا احتجاجا علي قرار وزارة الزراعة بتخصيص أراضيهم المستصلحة بمنطقة المراشدة لصالح إحدى الشركات اليابانية وأكد المزارعون أنهم استصلحوا نحو 3500 فدانا من الأراضي الصحراوية منذ عشرات السنين وقاموا بحفر أبار المياه واستطاعوا الاستزراع وتصدير بعض المحاصيل إلي الخارج إلي أن فوجئوا بقرار وزير الزراعة الذي انتزع منهم في لحظة كل ما بذلوه من مال وجهد وعرق …!

وبعيدا عن تلك المتغيرات التي تشهدها المجتمعات الريفية مع عام 2007 فقد شهد شهر فبراير سقوط 17 قتيلا و 27 مصابا في 12 حادثة من حوادث عنف بين الفلاحين والتي لم يخلو بعضها من تجاوز كل الأعراف والتقاليد حتى وصل الأمر إلي استباحة دم الأشقاء بما يعني أن الريف المصري ينحدر بالفعل من سئ إلي أسوأ وأن ما يحدث هو نتيجة منطقية لسياسة الإفقار التي تتبعها الحكومات المتعاقبة وما تسنه من قوانين وما تبرمه من اتفاقيات دولية دفعت بالفلاح المصري إلي سفح السلم الاجتماعي …!

ففي عزبة شاهين التابعة لإطما مركز سمالوط بمحافظة المنيا قام عبد النور فخري قلدس بذبح شقيقه عادل فخري وذلك بأن قام بوضع أقراصا مخدرة في كوب شاي وعقب استغراق شقيقه في النوم قام بذبحه وفصل رأسه عن جسده وبقر بطنه مستخدما فأسا ومطواة قرن غزال وذلك بعد أن احتدم الخلاف بينهما علي الميراث …! وفي مدينة قوص بقنا قام أحمد ضمراني بقتل شقيقه عجمي ضمراني بسبب خلافهما علي قطعة أرض زراعية آلت إليهما بالميراث , حيث غافل المتهم شقيقه وانهال عليه ضربا بالشومة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة تم القبض علي المتهم وأمرت النيابة بحبسه علي ذمة التحقيق …!

وفي قطور بمحافظة الغربية قام وليد أ . ع بقتل خاله بعد أن رفض تسليمه ميراثه الشرعي لوالدته ” 3 قراريط ” تطور النقاش بين المتهم وخاله فانهال عليه ضربا بالشومة ولم يتركه إلا جثة هامدة وتولت النيابة التحقيق …! وفي منطقة الشرق بأسيوط لقي المزارع عادل شعبان داود مصرعه بعد أن قام سيد فرغلي بإطلاق النار عليه بعد خلافهما علي حدود الأرض الزراعية …!

وفي سوهاج لقيت الفلاحة عطيات أحمد عبد النبي مصرعها بقرية فزازة مركز المراغة , حيث تبين قيام جارها كمال محمد الورداني بالتسلل ليلا إلي سطحها ونشبت معركة بينهما أثناء محاولة الجاني إجبار المجني عليها للتوقيع ببصمة اليد علي عقد بيع قيراطين زراعيين كانا محل نزاع بينهما إلا أنها رفضت فما كان من المتهم إلا أن قام بضربها بالساطور ففصل رأسها عن جسدها …!

وفي الفيوم قامت مشاجرة بين عائلتي الشيمي وحسنين بقرية الأخصاص بسبب خلافات علي الأراضي الزراعية , تبادل الطرفان إطلاق الأعيرة النارية والضرب بالعصا والشوم وانتهت المعركة بمقتل محمد حسين وأصيب خمسة آخرون , تم القبض علي المتهمين وواصلت النيابة التحقيق …!

وفي الغنايم بأسيوط نشبت مشادة كلامية تطورت إلي مشاجرة بالشوم والأسلحة البيضاء بين كل من محمد غزالي وولديه سيد وأحمد وبين فرحان محمد علي وشقيقه نجيب وانتهت المعركة بمقتل فرحان محمد علي وإصابة 4 آخرين وذلك بسبب الخلاف علي قطعة أرض , تم القبض علي المتهمين وقررت النيابة حبسهم علي ذمة التحقيق …! وفي قرية مطر طارس بالفيوم لقي عبد الحفيظ عبد العليم علي مصرعه وأصيب شقيقه محمود في مشاجرة علي مسقي المياه نشبت بينهما وبين جيرانهما في الأرض الزراعية , تم نقل المصاب إلي المستشفي في حالة سيئة وألقي القبض علي المتهمين …!

وفي المنوفية أحالت محكمة جنايات شبين الكوم أوراق المزارع سيد صقر وولديه سيد و عبد الله إلي فضيلة المفتي بعد قيامهم بقتل 7 أشخاص من عائلة واحدة وذلك بعد أن قامت معركة بين عائلتي الصقر وعلوان استخدمت فيها الأسلحة النارية بسبب الخلاف علي الحدود بين الأرض الزراعية وسقط فيها الضحايا السبعة من عائلة علوان …!

وفي قرية السبايكة مركز طما بسوهاج حدثت مشاجرة علي مسقي المياه بين مجموعة من المزارعين سقط خلالها خالد أنور رحمة قتيلا وأصيب شقيقه الأنصاري أنور أثر إصابتهما بطلقات نارية متفرقة وقد أكدت التحريات أن الجناة هم مهران علي محمود وابنه أحمد وحسان عبد الرحيم , تم القبض علي المتهمين وتولت النيابة التحقيق …!

وفي أسيوط أصيب ثمانية أفراد في مشاجرة نشبت بين عائلتي راضي و ضرغام بسبب الحدود بين الأرض الزراعية استخدمت فيها الأسلحة النارية , تم ضبط المتهمين والأسلحة المستخدمة وأمرت النيابة بحبسهم علي ذمة القضية …!

أما الحادثة الأخيرة فقد وقعت في أسيوط , وهي حادثة تؤكد مدي ما وصل إليه الريف المصري من انحدار , فلم تكن أسباب تلك الحادثة الخلاف علي نوبات الري أو الحدود بين الأراضي الزراعية ولكنها وقعت لأسباب جديدة تظهر لأول مرة في القرية المصرية كما ذكرنا في البداية , فقد لقي فلاح مصرعه وأصيب آخرون بجروح مختلفة في معركة حامية نشبت بالأسلحة النارية بين أسرتين أولاد عمومة تنتميان إلي عائلة واحدة بقرية الجنادلة مركز الغنايم بسبب خلاف نشب بين الأسرتين أثناء تنافسهما علي أولوية شراء الخبز من أحد المخابز البلدية بالقرية …!

في الماضي كان من يخبز في القرية يوزع الخبز علي جيرانه … واليوم أصبح الأقارب يقتلون من أجل حفنة من الأرغفة …!

وقد أسفرت المعركة عن مقتل قنديل محمد حسن وإصابة 8 آخرين هذا ما آل إليه حال الريف المصري في عهد حكومتنا الرشيدة …!

يجدر بنا أن نذكر أن عدد حوادث العنف بين الفلاحين في شهر فبراير وصل إلي 12 حادثة , كان نصيب الوجه البحري منها حادثتان سقط من جرائها 8 قتلي , أما الوجه القبلي فقد استأثر بعشرة حوادث سقط من جرائها 9 قتلي و 27 مصابا مما يؤكد أن حوادث العنف بين الفلاحين في الوجه القبلي أكثر عنفا وحدة وهو ما يجب أن نلتفت إليه …!