نوفمبر 2004

فى تطور خطير لقضية الدويقة، قامت صباح أمس قوة مكونة من اثنين من موظفى جهاز التعمير والإسكان التابع لوزارة الإسكان ومهندس مختص بالهدد وستة لواءات من الشرطة تصحبهم أربعة عربات جنود أمن مركزى، بهدم ومصادرة الخيام التى تأوى 18 أسرة فى منطقة الدويقة وكذلك الأثاث الخاص بالسكان، وتشريد المواطنين بها للمرة الثانية.

كانت هذه الأسر قد تم هدم منازلها من قبل فى 18 مايو 2004 دون منحهم أى بديل، ونظرا لعدم وجود أى مأوى لهذه الأسر وعدم تقديم أى جهة حكومية أى دعم لها، لجأت هذه الأسر إلى المركز المصرى لحقوق السكن الذى منحهم خيام للإيواء لحين التفاوض مع المسئولين الذين رفضوا الاعتراف بأى حق لهؤلاء المواطنين فى مسكن بديل، بالرغم من تقديم المركز والسكان كافة المستندات التى تدل على أحقيتهم فى مسكن بديل، كما تم تهديد المركز بإزالة ومصادرة الخيام بحجة أن المركز يساعد المواطنين على إشغال أرض الدولة. وبالفعل صدر قرار إزالة لهذه الخيام أيضا برقم 466 لسنة 2004بتاريخ 15/6/2004 إلا أنه لم يتم تبليغ السكان بهذا القرار، وما حدث أنه تم استدعاء السكان إلى قسم شرطة منشأة ناصر عقب صدور القرار وتم عمل محاضر إشغال طريق لهم، ولم يتم إبلاغهم بقرار الإزالة، إلا أن محامى المركز الذين رافقوا السكان إلى القسم علموا بشكل غير رسمى أن هناك قرار إزالة صادر للخيام، مما يعد هذا خداعا للمواطنين.

وكان المركز المصرى لحقوق السكن قد قام بعمل تحرك دولى عاجل تخوفا من حدوث الإزالة للمرة الثانية قبل الوصول إلى حل ودى أو قانونى لمشكلة هؤلاء المواطنين.

هذا ولم يتم إنذار المواطنين بعملية الإخلاء، كما صادرت قوة الهدم أيضا بالإضافة إلى الخيام التابعة للمركز المصرى، صادروا أثاث المواطنين، مما يعد انتهاكا صارخا لإجراءات الهدم التى تشترط إنذار المواطنين قبلها، وكذلك انتهاكا صارخا للقانون الدولى خاصة فى الاشتراطات التى وضعتها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى تعليقها العام رقم 7 الصادر فى 16 مايو 1997 والخاص بعمليات الإخلاء القسرى والذى نص على وجوب إشعار المواطنين بشكل واف وقبل الموعد المقرر للإخلاء، وأن الإخلاء لا يحب أن ينتج عنه تشريد الأشخاص أو تعريض حقوق الإنسان الأخرى اللصيقة بهم للانتهاك، وأنه يحب توفير سبل الانتصاف القانونية لهؤلاء المتضررين من قرارات الإخلاء، وإتاحة الفرصة للتشاور الحقيقى مع المتضررين، كذلك ينص التعليق أنه لزاما على الحكومات توفير سكن بديل لهؤلاء الذين يتعرضون لإخلاء منازلهم سواء كان هذا الإخلاء قانونيا أو غير قانونى، ويجب على الحكومات بحث البدائل المتاحة وذلك قبل الشروع فى الإخلاء.

ولكن وكما هى العادة فالحكومة المصرية تكتفى بالتوقيع والتصديق علي المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان وتكون هى من يقوم بانتهاك هذه الحقوق ولكن دائما ضد الفقراء، فتقوم بهدم منازلهم وفى هذه الحالة منازلهم ثم خيامهم وبهذا لا تترك لهم سبيلا للعيش والحفاظ على كرامتهم وآدميتهم.

إن ما حدث وما يحدث دائما لهو دليل على انحياز السياسات الحكومية السافرة لفئات بعينها وهم الأغنياء ورجال الأعمال وإهمال و قهر الفقراء الذين يشكلون الأغلبية الغالبة لهذا الوطن، ففقراء هذا الوطن محظوظون جدا بحكوماتهم!!، فتتغير الحكومات ولا تتغير السياسات، هذه السياسات التى تمنح الأراضى بأبخس الأثمان لرجال الأعمال لإقامة قصور وفيلات ومنتجعات سياحية فاخرة تحت مسمى التنمية، وتقوم فى الوقت ذاته بهدم منازل الفقراء وتعقبهم واضطهادهم وهدم حتى خيام بسيطة تأويهم هم وأسرهم وتحميهم نسبيا من حياة الشارع.

والمركز المصرى لحقوق السكن يطالب بوقف كل عمليات الإخلاء القسرى التى تقوم بها الأجهزة الحكومية المصرية، والالتزام بالاشتراطات التى وضعتها لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى تعليقها السابع الخاص بعمليات الإخلاء القسرى، كما يطالب بسرعة تسكين المواطنين الذين تم إزالة خيامهم ورد الخيام للمركز، كما يطالب المركز المصرى بالتزام الحكومة المصرية بتطبيق مباذئ ومواثيق حقوق الإنسان التى وقعت وصادقت عليها، وكذلك رفع الوعى بمبادئ ومواثيق حقوق الإنسان لدى الموظفين العموميين خاصة الذين فى يدهم سلطة صنع القرار والذين يعملون دائما على النقيض من هذه المبادئ.

كما يطالب المركز المصرى كل المؤسسات الدولية والمحلية التى تشارك فى مشروع تطوير منشأة ناصر بعدم تجاهل وغض الطرف عن انتهاكات الحق فى السكن الكثيرة التى تشهدها منشأة ناصر.

كذلك أن يقوم السيد الدكتور/ محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان بالاضطلاع بمسئولياته كنائب فى البرلمان عن هذه المنطقة، ولأنه من الغريب أن تصبح دائرة السيد الوزير من أكثر -إن لم تكن أكثر المناطق- التى تقع فيه هذه انتهاكات الحق فى السكن ضد المواطنين الفقراء.

ويناشد المركز المصرى لحقوق السكن كافة مؤسسات المجتمع المدنى إعلان تضامنهم ومساندتهم للسكان الذين تم إخلائهم وتشريدهم.