19/3/2007

تقدم رئيس الجمهورية في 26 ديسمبر الماضي بطلبين لمجلس الشعب والشورى بتعديل 34مادة من الدستور المصري تتعلق بموضوعات معينة مختارة 0 وكانت الدعوة إلى تعديل الدستور لدى البعض وتغييره بوضع دستور جديد لدى البعض الآخر قد تنامت وتواترت في السنوات القليلة الماضية 00 ويرى البعض أن طلب الرئيس هو بمثابة استجابة لمطالب المعارضة المصرية كما يرى البعض الآخر أنها محاولة للالتفاف على هذه المطالب وإجهاضها ويرى البعض الثالث وخاصة من أنصار الحكومة وحزبها الحاكم أنها وفاء من الرئيس لتعهداته في برنامجه الانتخابي0

وفي الحقيقة أن الدستور القائم وهو دستور 1971 لا يلبي احتياجات وتطلعات شعبنا إلى الديمقراطية والحرية ، ولا يعكس حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع ، ولا يعبر عن طبيعة الدولة القائمة ونظامها السياسي ، ولا يعكس ولا يلبي أيضا أهداف ومتطلبات المرحلة الحالية من تطور بلادنا والتي تتلخص في استكمال الحريات 0

فالدستور الذي تتطلبه المرحلة الديمقراطية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية خاصة ضمان الحقوق الحالية من تطور بلادنا يتطلب وضع أسس دستورية لتحقيق الأهداف السابقة ويقوم على بناء أسس وطيدة لحق المواطنة والوحدة الوطنية للشعب ، وتوفير أوسع الحريات الديمقراطية للشعب ، وبناء أسس وآليات وطيدة للتطور الاقتصادي المعتمد أساسا على الذات وما يتطلبه ذلك من دور قيادي ومباشر للدولة في التنمية الاقتصادية إلى جوار الدور النشط والأساسي للقطاع الخاص الوطني والتطور الاجتماعي في مجالاته المتعددة ، وتحقيق أكبر درجة ممكنة من العدالة الاجتماعية وأساسها الحقوق والضمانات الأساسية للطبقات الكادحة والشعبية 0

الدستور الحالي يقيد إلى حد كبير الحريات العامة ويخل بأي أسس جادة لنظام حكم ديمقراطي 0 ففي مجال الحريات مثلا يكفل الدستور حرية العقيدة والتعبير والاجتماع والنشر000 الخ ولكنه في ذات الوقت يقيدها بإحالة تنظيم هذه الحقوق إلى القانون دون أن يضع قاعدة دستورية تحمل المشرع على عدم المساس بهذه الحريات 0

كما يكفل الدستور قيام النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب (مادة 5 ) شريطة قيامها في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي يتنافى بعضها مع حق المواطنة ، كما يحيل تنظيم الأحزاب السياسية إلى القانون لإضفاء مزيد من القيود والتحكم في إنشاء الأحزاب وتفريغ النصوص من مضمونها ، وليس أدل على ذلك من سيطرة الحزب الحاكم على لجنة شئون الأحزاب بتشكيلها الحكومي وسلطاتها الواسعة وحقها في المنح والحجب وحل الحزب ووقف إصدار صحفه وتعطيل نشاطه وعدم الاعتداد بقراراته0000000000000000000 الخ 0

كما يتضمن الدستور المساواة بين المصريين وعدم التفرقة بينهم بسبب الدين أو الجنس أو الأصل في بعض المواد لتأتي المادة الثانية من الدستور لتقيد حرية العقيدة وحق المساواة والمواطنة بنصها على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام وان مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع 0

كما يكفل الدستور المساواة بين الرجل والمرأة ولكنه يقيدها بعبارة “دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية “دون أن يقيدها بقيد دستوري يمنع المشرع أن ينتقى من الشريعة ما يقيد به هذه المساواة ودون أن يراعي المواطنين المسيحيين 0

أما في مجال نظام الحكم فالدستور يركز السلطة التنفيذية تركيزا شديدا في يد رئيس الجمهورية ويعفيه تماما من أي مسئولية أمام البرلمان أو أي جهة أخرى ، كما أن البرلمان لا يملك حق سحب الثقة من الحكومة ، وكما سيتضح فان التعديلات المطروحة من الرئيس لن تغير من الأمر بصورة ملموسة 0

والدستور فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي لا يعبر عن واقعنا الاقتصادي ، فهو يتحدث عن الاشتراكية والمكاسب الاشتراكية في حين أن الاقتصاد المصري هو اقتصاد رأسمالي ، والتوجهات السياسية للدولة توجهات رأسمالية موغلة في إجراءات رفع أي قيود فرضها الصراع الطبقي والوطني سابقا على رأس المال الخاص 0

كما أن الاشتراكية في الدستور ليست إلا لفظا يشار به إلى فترة سيطرة القطاع العام والتدخل الكبير والمباشر للدولة في الشئون الاقتصادية ، وهذا لا يشكل وحده اقتصادا اشتراكيا والذي يتطلب فضلا عن الدور الرئيسي والقيادي للملكية العامة والقطاع العام في الحياة الاقتصادية تحرير العاملين من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، كما يتطلب سلطة سياسية تمثل العمال وفقراء الفلاحين تمثيلا حقيقيا ، ورقابة العاملين الفعالة في مواقع الإنتاج والخدمات 0

وقد خلا الدستور من الكثير من الأسس الدستورية التي كنا ولا زلنا في أمس الحاجة إليها للتحرر من التخلف والتبعية الاقتصادية وبناء أسس التطور الذاتي المستقل القائم على قاعدة صناعية زراعية تكنولوجية حديثة و إعطاء الأولوية في السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة لحقوق الطبقات الشعبية 0 ومن الواضح أن توازن القوى السياسية وبصفة خاصة مستوى تواجد وفعالية القوى السياسية الديمقراطية والشعبية في مصر لا يسمح بالتحقيق أو التطلع المباشر لوضع دستور على هذا المستوى وبهذه السمات بل لا يسمح أيضا بالتقدم خطوات أساسية أو كبيرة في هذا الاتجاه ، بل من الواضح أن أي تعديل في الدستور في الآونة الراهنة لا مجال لعمله إلا بمعرفة برلمان تسيطر عليه الحكومة وحزبها الحاكم 0

ومن المعلوم أن وضع دستور جديد أو إجراء تعديل جزئي ولكنه حقيقي وفعال في الدستور القائم يتطلب هيئة منتخبة خصيصا لهذا الفرض يمثل فيها الشعب بكل تعبيراته السياسية والاجتماعية و الفئوية ، وهو أمر ترفضه بعناد السلطة القائمة ، كما أن مستوى تطور القوى الديمقراطية والشعبية سياسيا ونقابيا لا يسمح حاليا بانتخاب هيئة تمثل الشعب تمثيلا حقيقيا ذلك لأن النشاط السياسي والنقابي الديمقراطي الحقيقي قد صودر ولا يزال من الناحية الأساسية مصادرا لعدة عقود إلى حد اختفت معه في واقعنا السياسي والنقابي المنظمات الديمقراطية السياسية والنقابية التي تتمتع بقواعد جماهيرية عريضة 0 إن أي تعديل جدي وملموس في الدستور جزئي أو شامل يقتضي وكشرط مسبق إطلاق حرية النشاط الفكري والسياسي والنقابي فترة طويلة نسبيا من الزمن تتوج باختيار الهيئة المنتخبة لإجراء التعديل 0 ومع ذلك وفي ضوء وضع القوى السياسية الديمقراطية المنوه عنه فإننا لا نرفض أي خطوة جزئية للإصلاح الدستوري ، وسوف يتضح من تناول التعديلات المقترحة ما إذا كانت تمثل خطوة للأمام حتى وان كانت محدودة في طريقنا إلى الحرية والديمقراطية 0

أولا : – نظام الدولة وتوجهها الاقتصادي والاجتماعي :-

يتعرض هذا التعديل للمواد التي تتحدث عن النظام الاشتراكي وتحالف قوى الشعب العاملة ( المواد 1، 2، 33، 37 ، ) والسلوك الاشتراكي ( المواد 12، 56) وسيطره الشعب على وسائل الإنتاج والملكية العامة كملكية للشعب ، وقيادة القطاع العام والملكية العامة باعتبارها 0000 أساس النظام الاشتراكي (المواد 24، 30، 37، ) والمكاسب الاشتراكية ( المادتان 79 ، 73 ) 0000 وحماية مكاسب النضال الشعبي الاشتراكية( المادة 0 18) 0

وتستهدف هذه التعديلات استبعاد كل ما يشير إلى لفظ الاشتراكية أو الاشتراكي وإنهاء أي سند دستوري لسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج وقيادة القطاع العام والملكية العامة كملكية للشعب وكسند لقوة الوطن ومصدر لرفاهية الشعب ،وتعديل المادة الخاصة بالحد الأقصى للملكية الزراعية ( م37 ) 0 ونرى في ذلك ما يلي :-

    • 1. التعديل يستهدف في هذه المواد استبعاد لفظ الاشتراكية – عبارات وسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج و الدور القيادي للقطاع العام والملكية العامة كسند لقوة الوطن ومصدر لرفاهية الشعب000 00000000الخ ، وهو إقرار بأمر واقع 0ولكنه باعتبار انه سيستبدلها بنصوص بديلة لا يقف عند هذا الحد بل يؤكد أيضا توجهات وسياسات النظام الحاكم المهيمن على التعديلات والتي لا تتفق مع مصالح الوطن والشعب ويطلقها من عقالها ، ومن الخطورة ألا تستبدل بنصوص تقيد من وضع سند دستوري لتشريعات تلحق أضرارا بالغة بهذه المصالح 0

 

    • 2. أن يتضمن الدستور نصوصا بديلة تؤكد على أن جمهورية مصر العربية دولة ديمقراطية ترعى مصالح الوطن والشعب وتقوم على مبدأ المواطنة وسيادة الشعب 0

 

    • 3. أن يقوم النظام الاقتصادي للدولة على تعدد أشكال الملكية عامة وخاصة وتعاونيه مع الاحتفاظ للملكية العامة والقطاع العام بدور أساسي وقيادي على اعتبار أن الاقتصاد الحر الطليق المحكوم بآليات السوق وحدها وانسحاب الدولة إلى دورها التقليدي كدولة حارسة فقط لا يلائم مستوى التطور الاقتصادي في بلادنا ، ويكثف من استغلال وإفقار الطبقات الشعبية ، وعلى أن يكفل التعديل تطور القطاع الخاص تطورا ملائما لبلادنا و احترامه لحقوق العاملين ومراعاة المصالح الوطنية للبلاد 0

 

    • 4. أن يحل محل عبارات المكاسب الاشتراكية ومكاسب النضال الشعبي الاشتراكي ، والتي يعني بها التعديل الفتات المتبقي من المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية المحدودة التي كانت متاحة للجماهير الشعبية ، نصوص تحد من استغلال هذه الجماهير والعدوان على حقوقها الضرورية والأساسية ؛ كأن تكفل الدولة وتدعم حد أدنى ملائما للمعيشة ومستوى من الدخول والأجور يكفل حياة كريمة لأفراد الشعب وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين وفي مقدمتها الصحة والتعليم وتخفيف العبء الضريبي الغير مباشر عن الطبقات الشعبية ومحدودي الدخل 0

 

    5. أن يحتفظ تعديل المادة 37 بجزئها الخاص بتعيين القانون الحد الأقصى للملكية الزراعية 0

ثانيا : – الأحزاب المحظورة : – ( م 5 )

تنص المادة الخامسة على ( يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية) ويستهدف التعديل إضافة فقرة ثالثة بحظر قيام الأحزاب على أساس من الدين والأصل والجنس ، ومبررات الإضافة كما يرد في طلب التعديل تأكيد بعض الثوابت التي تحكم الشخصية المصرية وذلك بعدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس في دولة يتيه تاريخها بوحدتها الوطنية وتماسك شعبها وصلابة بنيانها أن تتوزع مصالح ومناهج العمل السياسي والوطني فيها إلا على أساس المواطنة وحدها 0

ونحن وان كنا نوافق تماما على حظر قيام الأحزاب على أساس ديني نرى أنه غير كافي في ضوء عدم تعديل مواد أخرى في الدستور تنتهك حق ومبادئ المواطنة مثل المادة الثانية التي تنص على أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، فتضع أساسا دستوريا لقيام أحزاب دينية إسلامية ، وبذلك يكون الدستور متضمنا قاعدتين دستوريتين متعارضتين 0

ففي حين تجعل هذه المادة قيام الحزب الديني الإسلامي أمرا دستوريا ومنتهكا لأولى مبادئ المواطنة يأتي التعديل ليجعله غير دستوري ، ومثل المادة 11 التي تنص على حق المساواة بين الرجل والمرأة في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية ، ويسمح هذا النص للقوى الرجعية والدينية غير المستنيرة بتقييد هذا الحق والتفرقة بين الرجل والمرأة في ميادين تولي الوظائف القيادية والسياسية وفي حقوقها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية وحصر هذه الحقوق فيما كان يراه السلف ( الصالح ) وبما لا يتيح تطوير قوانين الأحوال الشخصية لتتوائم بصورة مناسبة مع واقع المجتمع المعاصر 0 وهذه المادة ( 11 ) تنتهك انتهاكا صارخا مبدأ المواطنة ( فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل ) ، ولا ينال من ذلك الاحتجاج بأهمية قيام الأسرة على أساس الدين والأخلاق والوطنية فالمادة التاسعة من الدستور قد كفلت ذلك 0 هذا فضلا عن أن المادة 11 جرى نصها على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية وكأن الدولة لا يوجد بها سوى المسلمين 0

‌ثالثا : – النظام الانتخابي :- ( المواد 62 ، 94 )

  • تنص المادة 62 على أن للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقا لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني ، كما تعالج المادة 94 خلو مكان أحد أعضاء المجلسين قبل انتهاء مدته 0
  • وسبب طلب التعديل حسبما جاء فيه ، كفالة تمثيل أوفى للأحزاب السياسية في البرلمان والسماح للمرأة بمشاركة فعالة في الحياة السياسية وتمكينها من عضوية البرلمان وتحقيق هذا الهدف أو ذاك مرده إلى قانون الانتخابات 0وهذا التعديل له علاقة أيضا بالبند ثامنا في التعديلات المطلوبة الخاصة بالمادة 88 في فقرتها الأولى( يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء) 0

والغاية من التعديل وحسبما يبدو اتجاه النية في أروقة الحزب الحاكم إلى اعتماد القانون لنظام الانتخابات بالقائمة بديلا للنظام الفردي وإيجاد سند دستوري لهذا النظام كي يكون القانون بمنأى عن الطعن عليه بعدم

الدستورية كما حدث لبرلماني 1984 ، 1987 الذي جرى أولـه وفق نظام الانتخاب بالقائمة النسبية والذي اشترط لدخول الأحزاب البرلمان الحصول على ما لا يقل عن 8% من مجمل الأصوات على مستوى الجمهورية مع حظر الترشيحات الفردية أو القوائم غير الحزبية 0 كما جرت انتخابات 1987 باعتماد تعديلا على القانون بتخصيص مقعد في كل دائرة للمستقلين مع اشتراط حصول المرشح المستقل على 20% على الأقل من أصوات الدائرة ، وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون الذي جرت على أساسه هذه الانتخابات 0

وفي هذا الخصوص نرى أن نظام الانتخاب بالقائمة النسبية في حد ذاته قد يكون نظاما ملائما للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في بلادنا الآن 0 كما انه قد يكفل تمثيل مناسب للمرأة في البرلمان كما يسمح أيضا للأحزاب كل بحسب توجهه ضمان دخول بعض المواطنين الأقباط من قيادات هذه الأحزاب وكفاءاتها إلى البرلمان دون أن يكون للدين تأثيرا مباشرا على هؤلاء المرشحين ، حيث تصبح توجهات المرشح وبرنامجه الحزبي على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوطنية هي المعيار الحاكم في الاختيار ، كما قد يتيح للأحزاب فرصة أوسع في طرح برامجها كاملة على جماهيرها ، إلا أن نجاح هذا النظام مشروط بالتالي : –

    • 1. إطلاق حرية تكوين الأحزاب دون قيد أو شرط طالما أنها لا تقوم على أساس من الدين أو الجنس أو الأصل ، والقول بغير ذلك يؤدي إلي حرمان الأغلبية الكاسحة من أفراد الشعب الذين لا يرون في الأحزاب القائمة القدرة على تلبية وتحقيق طموحاتهم وأهدافهم ومصالحهم من الترشيح لمجلس الشعب أو المشاركة في العملية الانتخابية 0

 

    • 2. لما كانت السلطة في مصر بتركيبتها الحالية وممارستها القمعية وإصرارها على مصادرة حق الشعب في تكوين أحزابه وتكوين جمعياته وإصدار صحفه من خلال التشريعات المنظمة لهذه الحقوق ابعد ما تكون عن الاستجابة لمطلب إطلاق حرية تكوين الأحزاب دون قيد أو شرط في ظل ضعف الحركة الوطنية وغياب وعي الجماهير والمؤسسات الضاغطة ، فان التخفيف من وطأة نظام الانتخاب بالقائمة في ظل الظروف الحالية يقتضي إلغاء شرط النسبة لتمثيل الأحزاب في البرلمان وإتاحة الفرصة أمام جميع الأفراد والقوى السياسية للترشيح لدخول الانتخابات طالما التزمت في برامجها بمبدأ عدم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو الأصل 0

 

    • 3. عدم حظر القانون ترشح المستقلين لمجلس الشعب باعتبار أنه حق فردي أصيل للمواطن وجزء من مساهمته في الحياة العامة التي هي واجب وطني بحسب الأصل والدستور وذلك دون تحديد حصة 0

 

    4. أن يكفل النظام الانتخابي تمثيلا للمرأة بواقع 20% كحد أدنى 0

رابعا : – سلطة رئيس الجمهورية في مواجهة الخطر الذي يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن ( المادة 74 ) تمنح المادة 74 لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر ويوجه بيانا إلى الشعب ويجري الاستفتاء على ما أتخذه من إجراءات خلال 60 يوما من اتخاذها 0

وسبب التعديل حسبما جاء في طلب الرئيس هو إضافة مزيد من الضمانات التي تحكم استخدام السلطات المقررة في هذه المادة وهو أن يكون الخطر جسيما وحالا ، وان تتخذ الإجراءات بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب والشورى ، وان لا يحل مجلس الشعب في أثناء ممارسة رئيس الجمهورية للسلطات التي تخولها له هذه المادة تقديرا لخطورة الموقف 0

وهذه التعديلات لم تقدم أي ضمانة جديدة في مواجهة السلطات الاستثنائية التي تعطيها المادة لرئيس الجمهورية لتقييد الحريات العامة ، إذ سيظل هو وحده صاحب الحق في تحديد الوضع المعتبر جسيما أو حالا ، فضلا عن عدم جدوى التشاور ليس فقط لأنه لا يلزم لرئيس الجمهورية بتغيير قراره ، و إنما أيضا لضعف احتمال اختلاف من يجري معهم التشاور وهو رئيس مجلس الوزراء المعين من قبله ورئيس مجلسي الشعب والشورى المعينين من قبل حزب الرئيس 0 وهذا الإجراء لا يعطي إلا شكلا أجوفا يحتفظ بداخله بكل السلطات الاستثنائية والقمعية لمن يتولى رئاسة الجمهورية 0

ومن جانبنا نرى إلغاء هذه المادة ( 74 ) اكتفاء بالمادة 148 الخاصة بحالة الطوارئ والمفترض آن إعلانها يتم لمواجهة نفس ومثل الأخطاء التي تنص عليها المادة الأولى 0

خامسا : – انتخاب رئيس الجمهورية : – ( المادة 76 ) الفقرتان الثالثة والرابعة )

يستهدف تعديل الفقرة الثالثة كما ورد في خطاب الرئيس التيسير على الأحزاب السياسية في الشروط الدائمة للترشيح لرئاسة الجمهورية على نحو يضمن جديته ولا يحول في ذات الوقت دون إعطاء الفرصة المناسبة للأحزاب للترشيح 0 كما يستهدف تعديل الفقرة الرابعة من المادة 67 والتي كانت تسمح للأحزاب بالترشيح لمنصب الرئيس استثناء من الشروط الدائمة للترشيح المحددة للأحزاب في انتخابات 2005 بحيث تعطي فرصة جديدة للأحزاب حتى تستوفي الشروط الدائمة ( بعد تعديلها ) للترشيح بشروط أيسر في هذه الفترة الزمنية وحدها 0

وبالنظر لهذا التعديلات نجدها تقتصر على التيسير على الأحزاب السياسية أولا في تخفيف الشروط الدائمة لترشيحاتها في انتخابات الرئاسة وهي الشروط التي كانت الفقرة الثالثة ( قبل التعديل المقترح ) تحددها في ( وللأحزاب السياسية التي مضي علي تأسيسها خمسة أعوام متصلة على الأقل قبل إعلان فتح باب الترشيح وأستمرت طوال هذه المدة في ممارسة نشاطاتها مع حصول أعضائها في آخر انتخابات على نسبة 5% على الأقل من مقاعد المنتخبين في كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى أن ترشح لرئاسة الجمهورية أحد أعضاء هيئتها العليا وفقا لنظامها الأساسي متى مضي على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل ) ،

وثانيا في استثناء الأحزاب في انتخابات رئيس الجمهورية القادمة ( وحدها على الأرجح ) من الشروط الدائمة ( المعدلة ) للترشيح بالسماح لها بالترشيح بشروط أيسر منها 0 وحدود التيسير المنتواه سواء في الشروط الدائمة أو في الانتخابات القادمة ليست واضحة تماما ، ولكن تظل الشروط التعجيزية التي حددتها الفقرة الأولى في المادة 76 المتمثلة في النسبة المقررة من تأييد عدد من أعضاء مجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس الشعبية المنتخبة في المحافظات للمرشح قائمة وحائلة دون ترشيح أحد من المستقلين 0 فإذا أضفنا لذلك عدم تعديل النص الخاص في المادة 76 بلجنة الانتخابات الرئاسية التي لا تخضع لأي رقابة وتكون قراراتها نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق لتأكد لنا مجددا إصرار النظام على الحيلولة دون توفير شروط انتخابات حرة ونزيهة لمنصب رئيس الجمهورية 0

ومن جانبنا نرى آن تعديل المادة 76 يجب أن يتجه آلي إنهاء الشروط التعجيزية التي نصت عليها المادة ووضع شروط دائمة تقر بحق أي مصري من أبوين مصريين متمتع بحقوقه المدنية والسياسية ولا يقل عمره عن 40 سنة بالترشيح لرئاسة الجمهورية ، وضمانا للجدية يتعين حصوله كشرط للترشيح على توقيع موثق لخمسة آلاف مواطن لا غير 0

سابعا : – المواد الخاصة بمن يحل محل رئيس الجمهورية لوجود مانع مؤقت أو دائم ( المواد 82 ، 84 ، فقرة أولى 85 فقرة ثانية )

  • المادة 82 : – إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية 0
  • المادة 84 :- في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا وذلك بشرط إلا يرشح آيهما للرئاسة 0
  • المادة 85 : – يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو ارتكاب جريمة جنائية بناء على اقتراح مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام آلا بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشعب 0
    ويقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهام ويتولى نائب رئيس الجمهورية الرئاسة مؤقتا لحين الفصل في الاتهام

وسبب التعديل آن المواد 82 ، 84 الفقرة الأولى و85 الفقرة الثانية تحدد من يحل محل رئيس الجمهورية عند قيام مانع مؤقت أو دائم أو عند اتهامه وقد لا يتيسر هذه الحلول من الناحية العملية في بعض الاحيان لسبب أو لآخر 0 لذلك طالب الاقتراح بتعديل هذه المواد بما يسمح بحلول رئيس مجلس الوزراء عند تعذر حلول نائب رئيس الجمهورية في تلك الحالات دون أن يباشر من يحل محل الرئيس السلطات بالغة الأثر في الحياة السياسية كإقالة الحكومة وحل مجلس الشعب 0

والتعديل المطلوب يتعلق بثلاث حالات هي العجز المؤقت ، والعجز الدائم ، اتهام الرئيس بالخيانة أو ارتكاب جريمة جنائية 0

    • 1. في حالة العجز المؤقت يحل النائب محل رئيس الجمهورية ويأتي التعديل ليسمح لرئيس الوزراء بالحلول محل النائب حالة وجود مانع لدى النائب 0

 

    • 2. في حالة الخلو الدائم والاتجاه هو إلغاء حق رئيس المحكمة الدستورية في أن يكون رئيسا مؤقتا بدلا من رئيس مجلس الشعب ( حالة ما إذا كان مجلس الشعب منحلا ) والسماح بأن يحل النائب كرئيس مؤقت وإذا تعذر حلول النائب يحل رئيس مجلس الوزراء محله 0

 

    3. في حالة المحاكمة يحل نائب رئيس الجمهورية وإذا تعذر يسمح التعديل بأن يحل محله رئيس مجلس الوزراء 0

وهذا التعديل يتطلب بدوره حتى لا يكون هناك مخالفة دستورية آن يكون نائب الرئيس منتخبا انتخابا مباشرا من الشعب ، طالما ظل النظام رئاسيا ، وان يكون رئيس مجلس الوزراء عضوا بالبرلمان حتى لا يحل شخص معين محل شخص منتخب ومفوض من الشعب 0

ثامنا : – الإشراف القضائي : – ( المادة 88 )

تنص المادة 88 بوضعها الحالي على التالي : –
(( يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية 0))

وسبب التعديل كما ورد في خطاب الرئيس مواجهة التزايد المطرد لأعداد الناخبين وما يفرضه من زيادة مماثلة في إعداد لجان الاقتراع والفرز مع توفير أسلوب الإشراف الذي يحقق كفاءة ونزاهة العملية الانتخابية والنطاق الذي يتيح لأعضاء الهيئات القضائية الإشراف على هذه العملية ويضمن إجراء الانتخاب في يوم واحد 0

ومن الواضح تعارض مبررات التعديل وهي زيادة أعداد الناخبين ولجان الاقتراع والفرز مع العودة لنظام الانتخابات في يوم واحد 0 ومن الواضح أيضا أن الهدف من التعديل هو إضعاف الأشراف القضائي على الانتخابات ، والذي هو في الفترة الحالية من تطور حياتنا السياسية الضمانة الأفضل للإشراف على العملية الانتخابية بقدر مناسب من الحيدة والنزاهة حيث لا يزال الوضع يتطلب إشرافا قضائيا وفقا لمبدأ قاضي لكل صندوق ، وفي حالة تعذر ذلك يكون قاضي لعدد محدود من الصناديق يتم تجميعهم في غرفة واحدة أمام عينه 0

ولسنا في حاجة لتقديم المزيد على سوء القصد والنية من طلب هذا التعديل يما يتيح لجهة الإدارة التحكم في سير العملية الانتخابية وتزوير إرادة الناخبين 0

تاسعا : – الموازنة العامة للدولة والحساب الختامي : – المواد ( 115، 118 )

  • تنص المادة 115 ( يجب عرض مشروع الميزانية العامة على مجلس الشعب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية ، ولا تعتبر نافذة إلا بموافقته عليها ويتم التصويت على مشروع الموازنة بابا بابا 0000 ولا يجوز لمجلس الشعب أن يعدل الموازنة إلا بموافقة الحكومة ) 0
  • كما تنص المادة 118 ( يجب عرض الحساب الختامي لميزانية الدولة على مجلس الشعب في مدة لا تزيد على سنة واحدة من تاريخ انتهاء السنة المالية ) 0

سبب طلب التعديل زيادة مدة مناقشة الميزانية بأكثر من شهرين والسماح للمجلس بأن يعدل في مشروع الميزانية على أن يضمن التعديل الضمانات والتدابير التي تكفل الموازنة بين الإيرادات والمصروفات كما يهدف إلى تقليل مدة عرض الحساب الختامي على مجلس الشعب بأقل من سنة 0

ونرى أن هذه التعديلات مناسبة وكانت أحد مطالب القوى الديمقراطية ، وتتطلب أن تكون مدة مناقشة الميزانية لا تقل عن خمسة أشهر قبل انتهاء السنة المالية خاصة في ضوء اشتراط آن يكفل التعديل الضمانات والتدابير التي تضمن التوازن العام ، علما بأن هذا التعديل يتطلب أحزابا ونوابا لديهم الخبرة والخبراء القادرين على مناقشة كل بنود الميزانية وتقديم المقترحات المناسبة للحفاظ على التوازن العام بين الإيرادات والمصروفات حالة طلبهم تعديل أي بند من بنود الميزانية 0

عاشرا : – مسؤولية رئيس مجلس الوزراء وحق رئيس الجمهورية في حل مجلس الشعب واختصاصات مجلس الشورى ( المواد 127، 133 ، 136 ، المادتان 194 ، 195 )

  • المادة 127 تتعلق بمسئولية رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب وحق المجلس بعد استجواب الحكومة في تقرير مسئوليته ( سحب الثقة بعد قيام رئيس الجمهورية بعرض الأمر للاستفتاء فإذا جاء مؤيدا للحكومة اعتبر المجلس منحلا و إلا قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة ) 0
  • كما نصت المادة 133 على أن يقدم رئيس مجلس الوزراء برنامج الوزارة ليناقشه فقط دون اشتراط الموافقة عليه 0
  • كما نصت المادة 136 على عدم جواز قيام رئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب 0
  • والمادة 194 تتعلق باختصاص مجلس الشورى بدراسة واقتراح ما يحافظ على مبادئ ( 23 يوليو ، 15 مايو ) والمكاسب الاشتراكية 000 الـــــــــــــخ 0
  • المادة 195 خاصة بالقضايا التي يؤخذ فيها رأي مجلس الشورى 0

وسبب تعديل المادة 127 هو إعطاء دور اكبر للمجلس في سحب الثقة بدون اللجوء إلى الاستفتاء وقبول استقالة الوزارة و إعادة طرح الثقة بها في نفس دور الانعقاد وفقا لضمانات تحقق التوازن بين السلطتين 0ولا

نرى مانعا من إجراء أي تعديل يمنح مجلس الشعب بوصفه هيئة منتخبة سلطات أوسع أيا كانت محدوديتها دون تهديد بالاستفتاء أو الحل في مواجهة السلطة التنفيذية التي اغتالت كافة السلطات بالقانون ويغيره 0

و سبب تعديل المادة 133 وهو أن يقدم رئيس مجلس الوزراء خلال فترة قصيرة من تأليف الوزارة برنامج الوزارة لمجلس الشعب لقبولـه أو رفضه مع تحديد الأحكام المترتبة على الرفض ، وهو على الرغم من كونه يمثل اتجاها سليما إلا انه يظل مهددا بما يستهدفه تعديل المادة 136 من حق رئيس الجمهورية في حل المجلس 0

وسبب تعديل المادة 136 كما ورد في الطلب أن يكون حل مجلس الشعب بقرار من رئيس الجمهورية دون حاجة لاستفتاء الشعب ، أي يتجه التعديل إلى الحفاظ على حق رئيس الجمهورية في حل مجلس الشعب مع إلغاء استفتاء الشعب على ذلك ، وهو اتجاه خطر يهدد بإجهاض الحق الذي سيحصل عليه المجلس وفقا لسبب الاقتراح الوارد بتعديل المادة 127 بسحب الثقة من الحكومة بدون لجوء رئيس الجمهورية إلى الاستفتاء ، كما يجعل التعديل قرار رئيس الجمهورية نافذا فور صدوره دون الرجوع للشعب صاحب السيادة ويمنحه حق الانفراد بالقرار دون مشاورة أو رقابة عليه ، وهو الأمر الذي يهدد إمكانية حدوث أي تطور ديمقراطي مستقبلا كما يزيد من هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية 0

التعديل بالمادة 194 يستهدف استبعاد العبارات التي تتعلق بالنظام السياسي والاقتصادي ، وهو إقرار بالأمر الواقع الذي كانت تنفذه الدولة بالمخالفة لأحكام الدستور كالخصخصة وتصفية القطاع العام والاتجاه للاقتصاد الحر وتراجع الدولة عن دورها التنموي والخدمي وتحولها إلى دولة حارسة فقط 000 الــــــــــــــخ ، أي آن التعديل يستهدف التوفيق بين أحكام الدستور والواقع الغير دستوري الراهن 0

تعديل المادة 195 يتعلق بمنح بعض الاختصاصات التشريعية لمجلس الشورى والإبقاء على اختصاصه الاستشاري في باقي اختصاصاته مع تحديد القوانين المكملة للدستور على وجه الحصر 0

ومن جانبنا نرى آن يظل دور مجلس الشورى استشاريا فقط تأكيدا لمبدأ سيادة الشعب وقصر التشريع على مجلس الشعب الذي يتم انتخابه على خلاف مجلس الشورى الذي يعين رئيس الجمهورية ثلث أعضائه حيث لا تحتاج مصر آلي نظام المجلسين الذي يتبع عادة في الدول الاتحادية 0

حادي عشر : – اختصاصات رئيس الجمهورية : – ( المادة 138 ، 141 )

تنص المادة 138 على ( يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية ويمارسها على الوجه المبين في الدستور ) ،كما تنص المادة 141 على ( يعين رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم ) 0

وسبب التعديل إضافة فقرة ثانية إلى المادة 138 بهدف التوسع في الاختصاصات المقررة للحكومة إلى جوار ما هو مقرر في الفقرة الأولى على أن يمارس رئيس الجمهورية اختصاصاته المنصوص عليها في المواد 108 ، 144 ، 145 ، 146 ، 147 ، 148 ، 151 الفقرة الثانية بعد موافقة مجلس الوزراء في بعضها وأخذ رأي المجلس في البعض الآخر 0

وهذا التعديل لا يغير كثيرا من تركيز السلطة في يد رئيس الجمهورية ، فهو يجعل موافقة مجلس الوزراء استشارية في بعضها علما بأن اختصاصات رئيس الجمهورية المبينة في هذه المواد متعلقة بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ولوائح الضبط والقرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة ( المواد 144 ، 145 ، 146 ) كما تتعلق بإصدار رئيس الجمهورية قرارات بقانون بتفويض مسبق من مجلس الشعب وإصدار قرارات بقانون في غيبة مجلس الشعب وبدون تفويض و إعلان حالة الطوارئ بدون تفويض وإبرام المعاهدات ( المواد 108 ، 147 ، 148 ، 151 ) 0

ومن الواضح آن كل هذه الاختصاصات يجب أن يكون رأي مجلس الوزراء فيها ملزما لرئيس الجمهورية خاصة وان رئيس الجمهورية غير مسئول أمام البرلمان 0

وسبب التعديل في المادة 141 إشراك رئيس مجلس الوزراء بالرأي في تعيين نواب رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم ، وهو تعديل غير منتج ولا يمثل أي أهمية لأن رئيس الوزراء معين بالإرادة المنفردة من قبل رئيس الجمهورية شأنه شأن باقي نواب رئيس الوزراء ونوابهم 0

ثاني عشر : – الإدارة المحلية ( المادة 161 إضافة فقرة ثالثة )

تنص المادة سالفة الذكر على آن ( تقسم جمهورية مصر العربية آلي وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية منها المحافظات والمدن والقرى ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك 0)

وتستهدف هذه الإضافة – كما جاء في طلب التعديل – تطوير نظام الإدارة المحلية وتعزيز صلاحياتها التنفيذية بما يؤدي آلي التطبيق السليم للنظام اللامركزي واعطاء المحليات الدور الحقيقي في إدارة شئونها ، ونرى في ذلك ما يلي : –

  • تقرير مبدأ انتخاب رؤساء الإدارات المحلية بدء من العمدة ووصولا آلي انتخاب المحافظ 0
  • تدعيم سلطة المجالس الشعبية المنتخبة في الرقابة والمحاسبة والموافقة والاعتراض على برامج السلطات التنفيذية الموازية 0
  • ألا يستهدف التعديل فتح الباب على مصراعيه أمام الإدارات لفرض رسوم مالية إضافية تزيد من العبث الواقع على كاهل المواطن المصري الكادح 0

الثالث عشر 00 الهيئات القضائية ( المادة 173 ) والفصل السادس ( المادة 179 )

مادة 173 يقوم على شئون الهيئات القضائية مجلس أعلى برئاسة رئيس الجمهورية ويبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه يؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم شئون الهيئات القضائية 0 مادة 179 يكون المدعي الاشتراكي مسئولا عن اتخاذ الإجراءات التي تكفل تأمين حقوق الشعب 0000الـــــــــــخ

وسبب التعديل في المادة 173 كما ينص خطاب الرئيس الحرص على تعزيز استقلال السلطة القضائية وبما يؤكد دستوريا استقلال كل هيئة من الهيئات القضائية بمباشرة شئونها على أن يشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية ويرأسه رئيس الجمهورية ليرعى الشئون المشتركة للهيئات القضائية بديلا عن المجلس الأعلى المنصوص عليه في المادة 173 كما يتجه التعديل لإلغاء الفصل السادس والمادة 179 التي تضمنها هذا الفصل ليلغي نظام المدعي العام الاشتراكي ومحكمة القيم 0

ونرى أن التعديل المقترح بالنص على استقلال كل هيئة قضائية يكرس مبدأ استقلال القضاء وأن إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء من رؤساء الهيئات القضائية لرعاية الشئون المشتركة للهيئات القضائية للتنسيق فيما بينهما هو أمر مترتب على استقلال كل هيئة 0 لكن يظل التساؤل حول مدى ضرورة رئاسة رئيس الجمهورية للمجلس 0

أما فيما يتعلق بالتعديل المقترح بإلغاء نظام المدعي العام الاشتراكي فنرى ضرورة إلغاء هذا النظام حتى تتحقق وحدة القضاء واستقلاليته وباعتباره نظاما استثنائيا وغريب على القضاء 0 إلا أن الرئيس لا يطلب إلغائه إلا لاستبداله بنظام أو أساس دستوري أكثر انتهاكا وعدوانا على الحريات العامة – بل والشخصية – تحت مسمى حماية الدولة من الإرهاب 0

الرابع عشر 00 حماية الدولة من الإرهاب 0

تضمنت مقترحات الرئيس أضافه نص يسمح للمشرع بفرض الأحكام الكفيلة بحماية المجتمع من الإرهاب ، وبحيث لا تحول الأحكام الواردة في المواد 41 ، 45 الفقرة الثانية دون قدرة إجراءات مكافحة الإرهاب على التصدي لأخطاره ويدفع أي عدوان أو مساس غير مبرر بحقوق الإنسان مع إتاحة سبيل لسرعة الفصل في قضايا الإرهاب ، ومن جانبنا نرفض هذا التعديل رفضا قاطعا وذلك للأسباب التالية : –

    • 1. التعديل يضع قاعدة دستورية تسمح بعدوان وانتهاك دائم للحريات الشخصية والعامة والخروج على مواد أخرى في الدستور شرعت لحماية هذه الحقوق والحريات والالتفاف عليها بحيث تصبح ديكورا تزين بها السلطة مواد الدستور دون فائدة تذكر من النص عليها ، ويأتي هذا الطلب وكأن العنف والإرهاب المسلح هو حالة دائمة وثابت من ثوابت حياتنا 0 فالإرهاب إن وجد فهو حالة استثنائية أو طارئة تكفلت القوانين السارية بالتعامل معها دون حاجة إلى نص في الدستور 0

 

    • 2. أن التعديل وهو يأتي بحجة الرغبة في وقف العمل بقانون الطوارئ ، يجعل حالة الطوارئ دوما قائمة دستوريا دونما حاجة إلى إعلانها والحصول على موافقة مجلس الشعب عليها وعلى تجديدها ، وهو في ذلك وفي جانب منه التفاف حول المطلب الشعبي بإلغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ اكثر من ربع قرن 0

 

    • 3. التعديل يضيف قيودا جديدة على الحريات العامة في الوقت الذي أبقي على المادتان 74 التي تسمح لرئيس الجمهورية في حالة قيام خطر يهدد الوحدة الوطنية 0000000000 الـــــــــــــــخ باتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر والمادة 148 التي تمنح الرئيس حق إعلان حالة الطوارئ 0

 

    4. التعديل يستهدف الإبقاء على محاكم أمن الدولة والمحاكم الاستثنائية التي تشكلها الدولة خصيصا للنظر في مثل هذه الاتهامات والتي لا تكفل حق المتهمين في إجراء محاكمة عادلة ، وهي سبيل السلطة لتحقيق أمانيها في سرعة ردع وقمع المواطنين لاثنائهم عن الدفاع عن حقوقهم السياسية والاقتصادية ومناقشة مشكلاتهم واقتراح الحلول المناسبة لها وعن اتخاذ المواقف المطلوبة فيما يتعلق بقضايا التحرر والاستقلال 0
فلسفة التعديلات ودوافعها

تبين من استعراضنا السابق للتعديلات المقترحة آن فلسفتها ودوافعها تقوم على الاعتبارات والمفاهيم التالية : –

أولا : – تأكيد التوجهات الاقتصادية والاجتماعية للطبقة السائدة في المجتمع ونظامها السياسي القائم بما يدعم أسس الاقتصاد الحر وما يتضمنه من إطلاق العنان لآليات السوق ،وبما يسمح برفع ما تبقى من عقبات الاندماج في السوق العالمي طبقا لشروط الاحتكارات العالمية والمنظمات التجارية والمالية الدولية التي تهيمن عليها القوى الاستعمارية وبالتالي تكريس التبعية لهذه القوى ، وبما يسمح بالمزيد من انتهاك حقوق الطبقات الشعبية 0

ثانيا : – لا زال التعديل يحافظ على جوهر الدستور من حيث تركيزه للسلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية0 فهو الذي يتولى السلطة التنفيذية ويعين بإرادته المنفردة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء والموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين ويعزلهم ، وهو الذي يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ولوائح الضبط والقرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة ، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة و00000 الــــــــــــــــخ ، ولم يغير

التعديل من تركيز هذه السلطات ومن وضع رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم – ومن الناحية الأساسية -كموظفين تنفيذيين لدى رئيس الجمهورية خاصة مع استمرار نص الفقرة الأولى من المادة 138 الذي يجعل الأصل في السلطة التنفيذية هو رئيس الجمهورية ( يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية ويمارسها على الوجه المبين في الدستور 0 )

ثالثا : – تنطلق التعديلات من مفهوم مختزل ومشوه للديمقراطية يحصرها في إعادة توزيع محدودة للغاية للسلطة بين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وبعضها البعض وبين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ، وفي تعددية مظهرية تقوم على قاعدة تضيق الحريات العامة 0

فهي إذ تقوى بصورة محدودة من مسئولية رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب وتعطي للمجلس حق تعديل ميزانية الدولة ، تعطى لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب دون استفتاء ، كما تحتفظ بمقتضى المادة 74 من الدستور بحق رئيس الجمهورية في فرض إجراءات سريعة واستثنائية ، بالإضافة إلى استبدال فصل المدعي العام الاشتراكي بفصل مكرس لمكافحة الإرهاب وبما يقضي على الحريات الشخصية ويهدد الحريات العامة ويجعل من حالة الطوارئ حالة دائمة ، بالإضافة إلى أضعاف الإشراف القضائي على الانتخابات 0كما احتفظت التعديلات – في الباب الثالث – بالنص الذي يجهض كافة الحريات والحقوق التي نص عليها الدستور بعبارة وفقا للقانون ودون أن يحصن هذه الحريات بنصوص في الدستور تحمي الحريات من تغول المشرع عليها 0 كما أفرغت التعديلات المواد 41 ، 43 ، 45 من الدستور من مضمونها وهي المواد التي كفلت حرية المواطن وصيانتها في الأحوال العادية أو في حالة القبض عليه وحياة المواطنين الخاصة وحرمة مساكنهم ، وبذلك أكدت هذه التعديلات ما طالبنا به منذ سنين طويلة وما زلنا نطالب به من أن الحريات شرط مسبق للديمقراطية 0

رابعا : – ابتعدت التعديلات عن المساس بمواد يعتبر بقائها في الدستور بمثابة نسف لأي توجه حقيقي بدرجة تذكر نحو الحرية والديمقراطية ، ومن ذلك المادة الثانية التي تنص على آن دين الدولة الرسمي هو الإسلام وان مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، وهو ما ينتهك مبدأ المواطنة والمساواة التامة بين المصريين بعيدا عن اختلاف الدين ومصادرة حق الجيل الحالي والأجيال القادمة في فهم شئون السياسة والدولة والمجتمع طبقا لمناهج وإنجازات العلوم الاجتماعية والفلسفية والطبيعية المعاصرة 0 كما ابتعدت التعديلات عن الفقرة الثانية من المادة 87 التي اشترطت آن لا يقل عدد أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين عن النصف ، والهدف الوحيد من الاحتفاظ بهذا النص في الدستور بالطبع ليس هو الحرص على حقوق العمال والفلاحين والحفاظ على تمثيلهم بالبرلمان ، بل الحفاظ على فرصة فوز الكوادر التي يعتمد عليها نظام الحكم الراهن من العاملين في أجهزة ومؤسسات الدولة ممن انتحلوا صفة العمال والفلاحين في حين انهم يمثلون أرباب الأعمال وملاك الأراضي وجهاز الدولة الذي يخدمهم ، وهو مما يؤكد آن النظام السياسي في جوهره لا يزال نظام الحزب الواحد الذي خلق لنا هؤلاء العمال والفلاحين المزعومين 0 ومن هذه المواد أيضا المادة 193 التي تتيح الاحتفاظ بقاعدة ” المجلس سيد قراره ” فيما يتعلق بالفصل في صحة عضوية أعضائه مما يعطي لحزب الأغلبية فرصه محاباة أنصاره واضطهاد خصومه عند وجود خلاف أو نزاع حول صحة عضوية أحد أعضاء المجلس ، وكذلك المادة 77 التي لا تحدد حدا أقصى لعدد دورات انتخاب رئيس الجمهورية وهو ما يمثل قيدا كبيرا على وجود حكم ديمقراطي خاصة مع تركيز السلطة في يد رئيس الجمهورية 0

خامسا : – وأخيرا نستخلص من جماع ما تعرضنا له أن هذه التعديلات هي في جوهرها محاولة للالتفاف حول المطالب الديمقراطية التي ارتفع صوتها في الآونة الأخيرة ، وبرغم أن بعض هذه التعديلات في بعض المواد تعتبر أفضل مثل المادة 115 الخاصة بميزانية الدولة والحساب الختامي والمادة 127 بمسئولية رئيس الوزراء أمام البرلمان فان التعديلات في مجملها وعلى نحو ما سبق أن أوضحنا لا تعتبر خطوة للأمام في التطور الديمقراطي وتعتبر في بعض جوانبها عدوان صارخ على الحريات العامة يضيف أغلالا جديدة آلي الأغلال الدستورية والقانونية والواقعية على حركة جماهير شعبنا ، ولذلك يجب رفضها خاصة وأن الاستفتاء سيجرى عليها كحزمة واحدة وليس على كل مادة على حده