23/4/2007
بالرغم من أن السيد رئيس الوزراء قد صرح بأنه سيتم جدولة الديون علي الفلاحين … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تؤكد أن أزمات بنك التنمية والائتمان الزراعي وفروعه المنتشرة في أقاليم مصر لن تنتهي , تلك الأزمات التي كشفت عن حجم من الفساد لا يعصف فقط ببنك التنمية ولكن أيضا بالوزارة , فلم تكن قضية الفساد ببنك التنمية والائتمان الزراعي بقرية الضواحي بمحافظة بور سعيد هي الأولي ولن تكون الأخيرة , حين تورط مسئولون بهذا البنك في الاستيلاء علي 93 مليون جنيها علي شكل قروض بدون ضمانات , وقروض بأسماء وهمية , وكشفت التحقيقات أن مسئولي البنك اتفقوا مع 60 شابا علي صرف قروض بأسمائهم علي أن يحصل أحد المسئولين بالبنك علي هذه القروض لنفسه مقابل دفع 1000 جنيه لكل شاب , وتم توقيع عقد بين المسئول والشباب ينص علي تعهد المسئول بسداد القروض وقيمتها 20 ألف جنيه ” عن كل شاب ” وقد اكتشف الشباب أنهم كانوا ضحية لخدعة كبري حيث لم يتم سداد هذه القروض وبهذا أصبحوا مهددين بالسجن .
ويقينا فإن بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي تم إنشائه بموجب القانون رقم 117 لسنة 1976 والذي تم بموجبه إحلال بنك التنمية بديلا عن الحركة التعاونية الزراعية للتيسير علي الفلاح وذلك بمنحه القروض وبفائدة صغيرة وشروط ميسرة أصبح اليوم بفوائده المركبة سيفا مسلطا علي رقاب الفلاحين الذين يتهددهم السجن في كل أنحاء مصر , فقد وصل عدد القضايا التي رفعها البنك علي الفلاحين بعد عجزهم عن السداد إلي 23 ألف قضية ” علي حسب تقرير وزارة الزراعة وهو رقم ضئيل جدا بالنسبة لعدد القضايا التي تم رفعها بالفعل ضد المزارعين والت لا تقل بأي حال من الأحوال عن 130 ألف قضية ” في حين بلغ حجم الإقراض إلي مليار جنيها وعلي سبيل المثال لا الحصر فقد فر أكثر من 10 آلاف فلاح في الوادي الجديد إلي الجبال وتركوا أراضيهم بعد أن أصبحوا مطاردين من الشرطة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم من قبل بنك التنمية , ولم يختلف الحال في قرية الخزندارية التابعة لمحافظة سوهاج فهناك أكثر من 1500 فلاحا ينتظرهم نفس المصير وفي محافظة قنا فإن هناك أكثر من 5 آلاف مزارع صدرت ضدهم أحكام قضائية, وفي محافظة القليوبية فإن مزارعي المشمش والفراولة صدر ضدهم أحكام قضائية أيضا , وفي محافظة الإسماعيلية لم ينجو آلاف المزارعين وخاصة مزارعي المانجو من مقصلة بنك التنمية , وبالرغم من صدور قرارات لجدولة الديون بداية من القرار الوزاري عام 1994 والقاضي بجدولة المديونيات المتعثرة حتى 31/12/1993 بدون فوائد ولفترة تتراوح بين 3 – 10 سنوات مع إسقاط غرامات التأخير والتي بلغت حتى ذلك العام 140 مليون جنيه , كذلك فإن اللجنة العليا لتسوية مديونية المزارعين برئاسة الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق أعلنت في اجتماعها يوم 16/4/1994 بإسقاط 207 مليون جنيها عن الفلاحين ووقف الدعاوى المرفوعة من البنك ضد 23 ألف فلاح والتي بلغت مديونيتهم إلي 689 مليون جنيه , وقد توالت القرارات الوزارية منها القرار الذي صدر في يوم 31/12/2000 وأيضا القرار الذي صدر في يوم 16/5/2002 والتي تقضي بجدولة ديون الفلاحين بحد أقصي عشر سنوات ويتم إخطار البنوك الفرعية بذلك إلا أنه بالرغم من كل تلك القرارات لم تجد المشكلة طريقها إلي الحل حتى الآن …! .
ونحن نؤكد أنه بالرغم من صدور قرار وزير الزراعة الصادر في شهر أغسطس عام 2005 والذي يقضي بجدولة ديون المزارعين لبنك التنمية فإن ذلك القرار لم ينفذ … ولكي يصبح الأمر أكثر وضوحا وتفصيلا نستعرض بعض الوقائع البشعة التي يتعرض لها الفلاحون في بنك التنمية …
يقول عبادي عبد الله من محافظة الإسماعيلية لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” أصبحت مطاردا بعد أن تعددت الأحكام الصادرة ضدي من بنك التنمية , هذا البنك أغرى الفلاحين في البداية بشراء تليفزيونات بالتقسيط وبعد تسديدها نصحوني باستخدام الصوب البلاستيك في زرع الخيار , وبدأت القرض بثلاثة آلاف جنيها عام 1985 وهي قيمة ثمن البلاستيك , وخسرت الزراعة وبدأوا كل عام يحسبون الفوائد لتضاف علي السنة التي تليها حتى بلغت 100 ألف جنيه , وقد دخلت السجن خمس مرات , في المرة الأولي قضيت عامين وفي المرة الثانية قضيت عاما وفي المرة الثالثة ستة شهور , وفي أخر مرة كنت فيها في السجن حضر إلي منزلي مندوب من البنك وقال لزوجتي وأولادي أنه وجد الوسيلة التي تخرجني من السجن وذلك بإقراض كل فرد من عائلتي قرضا علي الورق ليسددوا ديني , وكان ديني قد انخفض إلي 70 ألف جنية بعد أن بعت سيارتين سوزوكي وقمت بسداد جزء من الدين , ولأننا أناس بسطاء فقد أسرع أخي وابني بالتوقيع علي قرض بقيمة 50 ألف جنيه , كل منهما 25 ألف جنيه تحت مسمي قروض للشباب وكذلك وقعت زوجتي وأختها وأبنائي كل منهم علي قرض بخمسة آلاف جنيها , حتى والدتي التي بلغت من العمر 90 عاما أخذوا بصمتها علي الورق كضامنة , وبالفعل خرجت من السجن , وبعد أيام حضر مندوب البنك وقال بأنهم يريدون جدولة الديون علي عشر سنوات وأخذوا توقيعي علي شيكات علي بياض كضامن لعائلتي كلها وهكذا أصبحنا جميعا مطاردين فقد صدرت ضدي وضد زوجتي وأبني وأخي أحكاما قضائية لقيام البنك بشكوتنا لأننا لم نسدد القرض وقد توفي أخي الكبير في السجن من الحسرة نتيجة دين البنك
يقول الضوي عبد الكريم أحمد من محافظة قنا لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” يصل عدد من صدر ضدهم أحكاما بالحبس في أرمنت وحدها 300 فلاحا أما في محافظة قنا فإن العدد يتجاوز 5 آلاف فلاحا , بلغت من العمر 67 عاما وعندي أسرة يزيد عددها عن 20 فردا , منذ عام 1997 ظهرت الحشرة القشرية في محصول القصب ,وتم اقتطاع مساحات كبيرة من هذا المحصول لدواعي أمنية , ومحافظة قنا تعتمد اعتمادا كبيرا علي محصول القصب , لذلك فإن كل المزارعين أصيبوا بخسائر كبيرة منذ تسعة أعوام وحتى اليوم , عجزت عن سداد أقساط قرض بنك التنمية فقاموا بجدولته عام 2000 علي أن يتم السداد علي مدار خمس سنوات , عجزت أيضا عن السداد فقاموا بجدولة ثانية في عام 2003 علي أن يتم السداد خلال عشر سنوات , فقد كانوا يقومون بجدولة القرض بفائدته + فائدة جديدة مما يعني تضخم الدين للدرجة التي عجز فيها الجميع عن السداد , وقاموا أيضا بتدوير القرض ” وهميا ” أي سداد القرض بعمل قرض جديد قيمته أكبر من القرض القديم , وقعت عددا كبيرا من الشيكات ” علي بياض ” لأنني كنت كالغريق الذي يبحث عن ” قشة ” وبعد أن عجزت عن السداد قاموا برفع دعوي بأحد الشيكات وصدر الحكم ضدي , سنة حبس في شيك واحد أي أنني معرض لأكثر من عقوبة لأنهم يرفعون القضايا شيكا بعد شيك أي أن تلك العقوبة هي العقوبة الأولي والبقية تأتي ”
ويقول أحمد الأمير ” حصلت علي قرض من بنك التنمية بقيمة 34 ألف جنيها أصبح الآن بعد الفوائد 84 ألف جنيها , قمت ببيع 18 قيراطا وسددت 14 ألف جنيها , غير أنني مع توالي الخسائر في محصول القصب عجزت عن السداد , صدر ضدي الحكم بسنة حبس ومن يومها وأنا مشرد في بلاد الله لخلق الله حتى لا يتمكنون من القبض علي وتنفيذ العقوبة , تلك كانت بعض الوقائع التي حدثت ومازالت تحدث لآلاف المزارعين في أنحاء مصر , وهي تكشف بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض مدي ما وصل إليه الفلاحين مع بنك التنمية ..!
- من جانبنا … فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب بتشكيل لجان لنقصي الحقائق فيما يحدث في بنك التنمية والائتمان الزراعي وفروعه , علي أن تعتمد المساءلة علي أصل الدين لكل مزارع
- كما تطالب أولاد الأرض لحقوق الإنسان ليس بجدولة ديون الفلاحين في مصر كلها فقط بل والإعفاء من الفوائد وغرامات التأخير مع سحب كل القضايا التي أقيمت ضدهم ..
- كما تؤكد أولاد الأرض علي رفضها علي تحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي إلي شركة مساهمة وهو ما يدعو إليه الآن وزير الزراعة بدعوى هيكلته من جديد وهو ما يعنى حقيقة خصخصة بنك التنمية والائتمان الزراعي وخروج الدولة من الدور التنموي وتخليها عن دعم المزارعين لأن البنك بشكله الجديد سيسعي إلي الربح فقط مما سيؤدي إلي ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي مما يهدد مصير المزارع الصغير .