28/4/2007

منذ شهر يوليو الماضي وحتى شهر مارس من عام 2007 شهدت الحركة العمالية 174 احتجاجا عماليا تمثلت في 74 اعتصاما و 52 إضرابا و 48 تظاهره … أي بمعدل احتجاج واحد كل يوم ونصف اليوم وهو ما يعني أن هناك خللا في علاقة العمل في مصر في ظل أوضاع اقتصادية تزداد سوءا .

الملاحظة الأهم أن هذه الاحتجاجات لم تقدها النقابات العمالية التي من وظيفتها التفاوض مع صاحب العمل والإدارة حول المطالب العمالية وفي الغالب كانت هذه الاحتجاجات ضد الإدارة وضد النقابات الرسمية معا وهو ما يعكس خللا آخر في هيكلة الحركة النقابية العمالية المسيطرة عليها من الدولة ومن الشركات بحكم تاريخ طويل من دولة الحركة النقابية عبر آليات متعددة منها التحكم في المرشحين عن طريق الأمن وخلافه …

هذه الاحتجاجات العمالية علي اتساع حجمها كانت تحمل مطالبات اقتصادية واضحة ومباشرة سواء من ناحية الأجور أو الحوافز أو حتى القرارات الخاصة بالتشغيل والتي تؤثر علي عائدهم المادي, أي أنها لم تكن احتجاجات تحركها حزب سياسي أو جماعة سياسية لأهدافها وهو ما يدفع للتوقف عن النظرة الأمنية لأي احتجاج عمالي والتعامل معها في إطاره باعتباره جزء من صراع مصالح بين طرفي عملية الإنتاج العمل ورأس المال والملاحظة الأخيرة أن كل هذه الاحتجاجات تمت بشكل حضاري ووعي عال ولم تحدث حادثة تخريب واحدة .. وهو ما يعكس وعي الحركة العمالية بمصالحها .

وتمثلت خسائر الحركة في تلك الفترة في فصل 13172 عاملا وانتحار 22 عاملا بعد أن سدت أمامهم كل أبواب الأمل … حقيقة نضعها أمام المسئولين باتحاد العمال الذين يتشدقون بالكلام المعسول أمام وسائل الإعلام المختلفة مع كل عيد للعمال الذي ينعم فيه العمال علي حد زعمهم بأزهي عصور الرفاهية والحرية , ولسنا ندري حقيقة ماذا سيقول رئيس اتحاد نقابات العمال عن اعتصام عمال المحلة وكفر الدوار وشبين الكوم وأسمنت طرة والسكة الحديد , وماذا ستقول وزيرة القوي العاملة والهجرة التي قامت بدور رجل المطافئ في الحكومة والتي قامت بتبريد البؤر المشتعلة ولو بحبوب مسكنة أو بحلول مؤقتة … ويبدو أن الخطاب الحكومي في هذا العيد لن يختلف عن سابقيه بالرغم من علمهم بأن العامل المصري أصبح لديه من الوعي الشديد ما لا ينفع معه كل الوعود الزائفة أو الكلمات الخادعة بعد أن تبين له خلال عقود مضت الوجه الحقيقي القبيح لكل سياسات الحكومات المتعاقبة من خصخصة ومعاش مبكر وتقليص مساحات الحقوق والتشريد , أصبح من المسلم لدي العمال المصريين أنهم في خندق واحد في مواجهة كل محاولات الحكومة التي تجسد مصالح أصحاب الأعمال بعد أن تلاشي الفارق بين رجل الأعمال والسياسي, إن المتأمل لأرقام احتجاجات العمال في تلك الفترة سيدرك أن الاحتجاجات العمالية تزداد اشتعالا وتنتقل من موقع إلي موقع , 74 اعتصاما للعمال في تسعة أشهر , فقد شهد شهر يوليو 5 اعتصاما وشهر أغسطس 4 اعتصامات وسبتمبر 6 اعتصامات وأكتوبر 11 اعتصاما ونوفمبر 5 اعتصامات وديسمبر 12 اعتصاما ويناير 6 اعتصامات وفبراير 15 اعتصاما أما شهر مارس فقد شهد 10 اعتصامات ولم يختلف الحال بالنسبة لإضرابات للعمال خلال تلك الفترة والتي وصلت إلي 52 إضرابا , ” فقد توزعت ما بين يوليو 5 إضرابات وأغسطس 8 وسبتمبر 7 وأكتوبر 4 ونوفمبر 5 وديسمبر 3 ويناير 5 وفبراير 8 ومارس 7 إضرابات أما التظاهر فقد وصل إلي 21 تظاهره انقسمت إلي3 تظاهرات في شهر يوليو و 2 في شهر أغسطس و 2 في شهر نوفمبر و 7 تظاهرات في شهر ديسمبر وتظاهره واحدة في شهر يناير و 3 تظاهرات في شهر فبراير و 3 تظاهرات في شهر مارس ,

وقد لوحظ أن عدد الاعتصامات التي حدثت في قطاع الأعمال في تلك الفترة وصلت إلي 33 اعتصاما في حين شهد القطاع الخاص 19 اعتصاما أما القطاع الحكومي فقد شهد 22 اعتصاما , أما بالنسبة للإضرابات فقد شهد قطاع الأعمال 15 إضرابا والقطاع الخاص 8 إضرابات والقطاع الحكومي 19 إضرابا , في حين شهد قطاع الأعمال 8 تظاهرات والخاص 3 تظاهرات والحكومي 10 تظاهرات , ويبدو من تلك الإحصائيات أنه لا فرق بين عامل في قطاع الأعمال والقطاع الحكومي أو القطاع الخاص , وأن مظالم الحكومة من خلال ما تسنه من قوانين تستهدف في المقام الأول تهميش دور العمال واقتطاع المزيد من حقوقهم لصالح طبقة من أصحاب الأعمال لا يهمهم غير الربح حتى ولو علي حساب حاضر العمال ومستقبل أسرهم , ولم يكن غريبا والحال كذلك أن تتمثل خسائر الحركة العمالية عن تلك الفترة في فصل 13172 عاملا , ففي شهر يوليو تم فصل 193 عاملا , وفي شهر أغسطس 76 عاملا , وفي شهر سبتمبر 3294 وفي شهر أكتوبر 528 عاملا وفي شهر نوفمبر 56 عاملا وفي شهر ديسمبر 1155 عاملا وفي شهر يناير 9500 عاملا وفي شهر فبراير 2700 عاملا وفي شهر مارس 972 وبالتأكيد فإن هذه الأرقام ستزداد خلال الشهور القادمة بعد أن أعدت الحكومة خطتها في تصفية العمالة في المواقع المشتعلة ولو بما يسمي بالمعاش المبكر , خاصة وأننا في هذه الأيام نستشعر محاولات الحكومة في تصفية العمال في شركة السيوف وشركة مصر للغزل والنسيج بشبين الكوم وغيرها من الشركات التي تجرأ عمالها علي الاحتجاج والاعتصام والإضراب ضد محاولات تنفيذ سياسة الحكومة … تلك السياسة التي راح ضحيتها خلال تلك الفترة 22 عاملا قاموا بالانتحار بعد أن تدنت أجورهم وسقطوا تحت خط الفقر وأصبحوا عاجزين عن توفير متطلبات أسرهم الأساسية ..!

ناهيك عن الأعداد الكبيرة من العمال والذين سقطوا من جراء مناخ العمل السئ بين مصاب وقتيل …
وبالرغم من أن عيد العمال يأتي هذا العام وهو يحمل بين طياته تلك الصورة القاتمة لما وصل إليه حال العمال في مصر , فإن هذه الصورة لا تخلو من بصيص ضوء قد يكون ضئيلا وبعيدا في نهاية النفق …

إلا أننا نؤكد أن هذا العيد يحمل من الأحداث التي صنعها العمال بنضالهم ما يعد إرهاصا حقيقيا لانتفاضة عمالية شاملة تنتزع الحق من أضلع المستحيل …!

في عيد العمال تدعو أولاد الأرض لإعادة حقوق العمال التي نصت عليها عقود واتفاقات حقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر , وعدم التدخل في حقهم في تشكيل نقاباتهم المعبرة عنهم ومنحهم حق الإضراب دون شروط والتعامل مع الاحتجاجات باعتبارها نتيجة خلل في علاقة العمل لإعادة إصلاح وليس باعتباره عملا تجريبا يحتاج لمعالجات أمنية …