22/5/2007

مع اشراقة كل صبح لن تلمح في وجوه الفلاحين تلك السماحة وهم يسحبون دوابهم في طريقهم إلى الحقول , مع كل يوم يضيق الخناق حل أعناقهم , ومع كل مساء تنطفئ قناديل البهجة فى بيوتهم وتخيم الهموم يقول تقرير البنك الدولي للتنمية البشرية الصادر في يناير 2007 إن الفلاحين في مصر يتعرضون لهجمة شرسة منذ بداية التسعينات وحتى الآن مما أدى إلى انهيار أوضاعهم وإلي تغيير خطير في أحوال الريف المصري , وقد ذكر التقرير أن قطاع الزراعة في مصر يستوعب نحو 28.3% إجمالي قوة العمل وان عدد الفلاحين الذين يعملون في الأراضى الزراعية بشكل مباشر 5.3مليون فلاح , وان عدد العمالة التي تساهم في زراعة الأرض 18.29 مليون عامل , وان عدد السكان الريف 22 مليون مواطن وان دخل الفرد يقل عن دولارين فى اليوم , وأكد التقرير أن القطاع الزراعي يساهم بنحو 70,3 مليار جنية من إجمالى الناتج المحلى البالغ 145,3 مليار جنيه سنويا . وأنه بسبب سياسة الحكومة المتخبطة مازالت مصر تستورد الكثير من الحاصلات الزراعية والمنتجات الغذائية , فالحكومة المصرية لا تقوم بدعم المزارعين وتحاول جاهدة أن تغل يدها عن أية أنشطة مما أثر سلبا على الإنتاج الزراعي ولم تفلح الشراكة الأوربية – المصرية والتي دخلت جيز التنفيذ فى أول يونيو عام 2004 في تحقيق التوازن التجاري حيث بلغت جملة الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبى 3,367 مليار دولار فى حين أن إجمالي الواردات وصل إلى مليار دولار 7,044 وهو ما تسبب فى عجز الميزان التجاري بقيمة 4,1 مليار دولار ,

جاء في التقرير إن التجارة غير العادلة بين مصر والدول الأخرى أدت إلى أضرار كبيرة على الزراعة المصرية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمزارعين , مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 3% كل عام على الأقل , كما أن التجارة الزراعية لم تخدم الفقراء وصغار المزارعين بل أدت إلى مزيد من إنتاج الفقر لنحو 40% من الفلاحين للدرجة التي أرغمت 9% من المزارعين إلى بيع أراضيهم خلال الخمسة أعوام الأخيرة بعد أن تفاقمت خسائرهم , ويؤكد التقرير أن ملامح انهيار أحوال الفلاح ظهرت بعد تطبيق القانون 96 لعام 1992 والذي ضاعف من إيجار الأرض إلى 22 مرة , مع إعطاء مالك الأرض الحق في طرد الفلاح في أى وقت ووصل عدد الفلاحين الذين طردوا من أراضيهم إلى حوالي 900 ألف مستأجر ولم يتم تسليم أراضى بديلة إلا لحوالي 12 ألف منهم فقط , كما كشف التقرير على انخفاض إنتاجية الفلاح في مصر عن نظيره فى الدول أخرى , حين تصل إنتاجية الفلاح في مصر إلى طن واحد يوميا في حيث تصل النسبة فى دول الاتحاد الأوروبي إلى 5 أطنان يوميا , وذلك يرجع إلى السياسات الزراعية فى مصر التي الغت الدعم على مستلزمات الإنتاج وتحرير أسواق المحاصيل مما أدى إلى ضياع حوالي 1.5 مليون فدان من أجود الأراضي في الوادي والدلتا بسبب عزوف أكثر من 200 ألف فلاح عن زراعة الأرض , كما أن هناك العديد من المشاكل الخاصة بالفلاحين ترفض الحكومة حلها , أولا مشاكل الفلاحين مع بنك التنمية ولائتمان الزراعي , حيث يوجد أكثر من 100الف مزارع متعثرين في السداد ويواجهون خطر السجن ,

وأيضا مشكلة الرقابة على تداول المبيدات , فبالرغم من أن وزارة الزراعة أصدرت قرارا بمنع تداول أكثر من 160 مبيدا حشريا إلا أن هنا أكثر من 300 نوع من المبيدات المحظورة دوليا في الأسواق وهو ما أدى إلى إصابة أكثر من 90الف فلاح بأمراض خطيرة وانتشار مئات الأطنان من الفواكة والخضروات السامة , وأدان التقرير الانتهاكات التي تحدث لحقوق الفلاحين في السكن وقيام أجهزة الدولة وكبار الملاك بطرد الفلاحين من منازلهم وسجنهم لعدم قدرتهم على سداد القيمة الايجارية والذين وصل عددهم منذ عام 1990 إلى الآن 50 ألف فلاح , كما أدى غياب دور وزارة الري وعدم قيامها بتطهير الترع وصيانتها إلى انقطاع مياه الرى عن بعض الأراضى مما تسبب فى تبوير 8% من الاراضى منذ عام 2000 إلى الآن..

وبالرغم من اختلافنا مع التقرير في بعض الأرقام مثل أن القيمة الايجارية للفدان زادت 22 ضعفا , وان 12 ألف مستأجر استلمو بالفعل أراضى بديلة , فان ما رصدناه على أرض الواقع يؤكد أن القيمة الايجارية زادت 8 أضعاف فقط فإيجار الفدان فى عام 1997 كان 600 جنيها وصل الآن إلى 4800 جنيها , كما أن الحكومة قامت بتسليم 5 ألاف مستأجر فقط أراضى بديلة وليس كما ذكر التقرير , إلا أن التقرير فى مجملة جسد صورة صادقة لما وصل إلية الفلاح المصرى , ولم يكن غريبا والحال كذلك أن تتفاقم حوادث العنف بين الفلاحين في الريف المصري , وأن يسقط المزيد من الضحايا لأتفه الأسباب فقد شهد شهر ابريل سقوط 4 قتلى و27 مصابا قام فلاح بالانتحار ..

ففي ديروط بمحافظة أسيوط قام فلاح شاب بالانتحار وذلك بان تناول كمية من الأقراص المخدرة بعد أن قام والده بتانيبه بعنف لضربه الحمار دون سبب واضح , فما كان منه غير الانتحار ….

وفى قرية النجاح بمركز بدر بمحافظة البحيرة قام كلب يمتلكه الفلاح السيد على الاتربى بعفر خروف يمتلكه محمد عبد العزيز هنداوى فقامت مشاجرة بين الأسرتين انتهت بطلق نارى من فرد خرطوش أصاب صاحب الخورف وولديه عبد القادر وحسن وتولت النيابة التحقيق….

وفى كفر بهرمس بإمبابة قامت مشاجرة بين فريد عبد الموجود بصحبة والده محمد مع احمد رجب محمد عبد الحميد وذلك اثر دخول الماعز التي يمتلكها فريد إلى بيت احمد رجب , وتطورت المشاجرة فقام ابن صاحب الماعز بضرب احمد رجب ( بالشرشرة ) فأصابة بجرح نافذ فى الصدر وفروة الرأس وتم نقله إلى مستشفى القصر العيني فى حالة سيئة … وفى ايتاى البارود بمحافظة البحيرة لقي المزارع محمد عبد الرؤوف الطيب مصرعه وذلك اثر سقوطه من أعلى نخلة كان يقوم بتقليمها فاصطدمت رأسه بمجر فلقى مصرعه فى الحال…

وفى قرية الأربعين بمركز طما بمحافظة سوهاج أصيب 6 أشخاص أثناء مشاجرة بالشوم والأسلحة النارية بسبب النزاع على أسبقية شراء الخبز من مخبز القرية…

وفى قرية الحلفاوية بنجع حمادى عثر الأهالى على جثة المزارع جاد الرب محمد حفنى مهشمة الرأس داخل منزله بالرغم من وجود زوجتة وطفليه داخل المنزل .

وفى قرية بندار مركز جرجا بسوهاج القت أجهزة الأمن القبض على المزارع رفعت بعد أن عثرت فى منزلة على 29 زجاجة مليئة بالسولار والمسامير والفتيل ملفوفة بالقماش وقد اعترف المتهم أنة قام بتصنيع الزجاجات المتفجرة للدفاع عن نفسه ضد جيرانه لوجود خلافات بينهم على حدود مساقى رى الأرض الزراعية ….

وفى قرية منشية الجرايدة مركز البلينا لم يتحمل المزارع عمر محمد عمر عفيفي اعتراض جارة احمد احمد غازى على مرور الموتوسيكل الخاص به أمام منزله , تراشقوا بالكلمات انفعل المجني عليه فسقط جثة هامدة …..

وشهدت محطة قطار نجع حمادى بمحافظة قنا قيام كل من هانى عباس ويصا وشقيقه سمير بالاعتداء على عمهما قديس ويصا قلينى سائق القطار الخاص بمصنع الألمونيوم أثناء توقفه بالقطار فى المحطة حيث قاما بطعنه بمطواة فاصبب فى الصدر إصابة بالغة , وذلك لخلاف بينهم على ميراث فى الأرض الزراعية , تم القبض على المتهمين وتواصل النيابة التحقيق .

وفى قرية جلبانة مركز القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية أصيب 9 مزارعين بإصابات بالغة أثناء تواجدهم بالأراضى الزراعية الخاصة بهم , حيث فوجئوا بمجموعة من البلطجية يستقلون 10 سيارات نصف نقل يطلقون عليهم الأعيرة النارية , تم ضبط 7 متهمين من البدو وأحيلوا إلى النيابة , و تم نقل المصابين إلى المستشفى , ومازلت النيابة تواصل التحقيق….

وفى المحلة الكبرى بمحافظة الغربية قامت معركة شرسة بين عائلتي الزاهي والعرب استخدمت فيها الأسلحة النارية والبيضاء والزجاجات الفارعة , وانتهت المعركة بمقتل حسن على العرب وإصابة 8 آخرين , تم القبض على كل من اشرف حسين الزاهى وزكريا حسين الزاهي وصابر عباس السيد , وقررت النيابة حبسهم على ذمة التحقيق..الغـــريب فى الأمر أن قوات الأمن المر كزى مازالت تحاصر مكان المعركة منعا لنشوب توترات ثانية بين العائلتين خاصة بعد رفضت أسرة القتيل تلقى العـــزاء فيه … وهو ما يعنى واقعيا انتقال عادة الثأر من الوجه القبلي إلى الوجه البحري. ومن المؤكد فان معظم حوادث هذا التقرير كانت لأسباب تافهة ,, كما أسلفنا …!