22/3/2008

ولأن الفلاح المصري أصبح عبدا تفرقت ملكيته بين مؤسسات الحكومة وهيئاتها كان لزاما علي القائمين في أقاليم مصر أن يغتنموا الفرصة الوحيدة الباقية في عام 2008 لامتصاص جرعة كبيرة وأخيرة من تلك الفريسة التي لا حول لها ولا قوة قبل أن تؤول ملكيتها إلي وزارة المالية طبقا لقانون الضرائب العقارية الجديد الذي سيتم إقراره هذا العام , فعام 2008 وهو العام الأخير الذي ستؤول فيه حصيلة الضرائب العقارية علي الأراضي الزراعية إلي المحافظات .. وبعدها ستؤول تلك الحصيلة إلي وزارة المالية بعد إقرار القانون الجديد .. وهو الأمر الذي يعني حرمان المحافظات من موارد لا بأس بها كانت تقوم بتحصيلها وفقا للقانون رقم 113 لسنة 1939 والذي يقضي بتحصيل نسبة 14% من القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية وذلك بعد استبعاد 20% من القيمة الإيجارية كمصاريف صيانة وإنتاج علي أن يتم تقدير القيمة الإيجارية كل 10 سنوات , وتم العمل بالفعل بهذا القانون حتي عام 1989 ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتأجيل تقدير القيمة الإيجارية لمدة 5 سنوات ثم 5 سنوات أخري .. أي أنه كان من المفترض أن يتم تعديل القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية في عام 1999 وهو ما لم يتم ..

غير أن المحافظين الذين انتظروا 10 سنوات كاملة كان من الصعب عليهم الانتظار لعدة أشهر أخري لحين صدور قانون الضرائب العقارية الجديد ..!

وهو الأمر الذي يؤكد أن النية مبينه لامتصاص أخر قطرة من دماء الفلاحين .. وبدلا من أن يتم التحصيل بناء علي القيمة الايجارية للأراضي الزراعية التي قدرت في عام 1989 أراد القائمون علي المحافظات أن تكون الحصيلة اكبر والجباية أعظم فأطلقوا لجان تقدير القيمة الإيجارية علي الفلاحين في كل أرجاء مصر لترتفع القيمة الإيجارية للفدان من 250 جنيها إلي ما يقرب من 4 ألاف جنيها وبالتالي ترتفع حصيلة ضريبة ال 14 % من 35 جنيها إلي ما يقرب من 500 جنيها علي الفدان الواحد ..!

ففي محافظة الدقهلية تقوم 9 لجان من مصلحة الضرائب العقارية بإعادة تقدير القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية وقد بدأت هذه اللجان عملها اعتبارا من أول يناير الماضي وتستمر حتي 27 إبريل وفي محافظة بني سويف تم تشكيل 8 لجان لهذا الغرض , وفي محافظة الغربية انتهت اللجان بالفعل من تقدير القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية , وفي المنيا ستنتهي لجان التقدير من عملها في 30 إبريل , وفي سوهاج انتهت لجان تقدير القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية من أعمالها , وفي المجمل فإن جميع المحافظات ستنتهي أعمال اللجان بها مع نهاية شهر إبريل القادم ..!

الغريب في الأمر أن القانون رقم 69 لسنة 1942 أعفي من ضريبة الأطيان كل من تتجاوز الضريبة علي أطيانه جنيهن في السنة ولا تزيد عن عشرة جنيهات ثم صدر القانون 370 لسنة 1953 ليزيد حد الإعفاء لمن لا تتجاوز الضرائب المفروضة عليه عشرين جنيها , وفي عام 1973 صدر القانون رقم 51 والذي نص علي إعفاء صغار ملاك الأراضي الزراعية والذين يملكون ثلاثة أفدنة فأقل من الضريبة علي أن تكون الحيازة مسجلة بالشهر العقاري واستثني من هذا الإعفاء أي مساحة منزرعة بحدائق مثمرة وكل من يثبت أن له دخلا أخر من أي مصدر أخر خلاف النشاط الزراعي ” حتي ولو كان يتقاضى ما نسميه بمعاش السادات ” ونظرة متأملة لشروط الإعفاء سنجد أن معظم المزارعين لن يستفيدوا من هذا العفاء لأن كل الحيازات غير مسجلة لأن الأراضي الزراعية إرث يتوارثه الأجيال كما هو العرف السائد ..

ومن النادر أن تجد مزارعا قد قام بتسجيل حيازته في الشهر العقاري , وهو الأمر الذي يؤكد أن حصيلة الجباية التي سيفرضها المحافظون علي الفلاحين ستكون كبيرة وهي بمثابة مكافأة نهاية الخدمة قبل إن تتحول تلك الحصيلة إلي وزارة المالية بعد إقرار القانون الجديد ..!

والسؤال المهم .. إلي أين يهرب الفلاحون من مطرقة المحافظين وسندان وزارة المالية ..؟!
ومن المؤكد فإن المحافظين لا يهمهم من بعيد أو قريب الآثار السلبية لارتفاع حصيلة الضرائب العقارية للأراضي الزراعية وأولها ارتفاع القيمة الإيجارية مجددا ليقفز إيجار الفدان من 4800 جنيها إلي ما يقرب من 6 الأف جنيها في العام الواحد وهو الأمر الذي سيؤدي إلي اشتعال أسعار الحاصلات الزراعية في ظل ارتفاع مستلزمات الإنتاج الأخري من أسمدة وتقاوي ومبيدات , بما يعني أن هذا الاشتعال في الأسعار سيطول الجميع ولن يستثني أحدا ,

ويقول محمد علي مصطفي ” أحد الملاك ” الباحثي أولاد الأرض من الطبيعي أن تزداد القيمة الايجارية بعد رفع قيمة الضرائب العقارية علي الأراضي الزراعية والا فمن أين يأتي الربح , فليس من المعقول أن يدفع ملاك الأراضي الزيادة في الضرائب ويقومون بتأجير الأراضي بنفس القيمة الايجارية السابقة بعد هذه الزيادة

وفي شهادته لباحثي أولاد الأرض يؤكد حنفي عبد العال ” مستأجر إن تعديل القيمة الايجارية للأطيان الزراعية سيسهم في زيادة الأعباء والمعاناة علي الملاك والمستأجرين أيضا لأنه مع تحصيل نسبة 14% سيكون المبلغ المدفوع كبيرا في الوقت الذي زادت فيه أسعار الأسمدة والمبيدات أضعاف ما كانت عليه , بالإضافة إلي أن هذا التعديل سيسهم في زيادة أسعار المحاصيل الزراعية ويكون الضحية في النهاية هو المواطن البسيط الذي لا يستطيع مواجهة غول الأسعار خاصة في السلع الغذائية الضرورية مثل القمح والأرز وغيرها من البقوليات التي لا غني عنها لأي أسرة ”

أما التناقض العجيب والذي لم يلتفت ولن يلتفت إليه المحافظون او وزارة المالية لاحقا هو ما أقره قانون الضرائب العامة رقم 91 لسنة 2005 والذي نص علي إعفاء خمسة ألاف جنيه من الدخل السنوي لمن يعول من الضريبة وثلاثة ألاف جنيها لمن لا يعول وهو الأمر الذي يتعارض تماما مع ما يفرضه قانون الضرائب العقارية القديم ومشروع قانون الضرائب العقارية الجديد..

وذلك بأن أغفلا إدارج إعفاءات الضريبة العامة علي الفلاح كأي مواطن أخر علي أساس أن دخل المزارع يأتي من عمله في الأرض وهو الأمر الذي كان يستوجب إنتفاعه من الإعفاءات كما قررها قانون الضرائب العامة ..!

• من جانبنا .. فإن أولاد الأرض تطالب رئيس الوزراء بالوقف الفوري لكل محاولات المحافظين بفرض الجباية علي الفلاحين علي أن يتم تحصيل الضرائب العقارية علي الأراضي الزراعية علي أساس القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية في عام 1989 وذلك إلي حين صدور قانون الضرائب العقارية الجديد ..

كما تطالب أولاد الأرض بإدراج إعفاءات الضريبة العامة في قانون الضرائب العقارية الجديد .. وأن يتم معاملة الفلاح كأي مواطن يندرج تحت هذه الضريبة ..1