17/7/2008

في يوم الإثنين الرابع عشر من يوليو الجاري، قدم لويس ما رينو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية طلبا إلي قضاة المحكمة بتوقيف وضبط الرئيس السوداني /عمر البشير إستنادا إلي ما توفر لديه من أدلة تؤكد ارتكاب المذكور للجرائم التي تدخل في إختصاص المحكمة”جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية”وذلك في إقليم دارفور في السنوات الخمس الأخيرة.

ويعتقد البرنامج العربي أن هذا الطلب سيثير زوبعة من الانتقادات والشجب والاستنكار من العديد من الأطراف الحكومية وغير الحكومية في المنطقة العربية،من بينها ما أثارته جامعة الدول العربية من أن السودان ليس عضوا في نظام روما الأساسي المعتمد في يونيو 1998 ،وكذا القول بأن لرؤساء الجمهوريات حصانة خاصة تمنع محاكماتهم خاصة وهم يتولون السلطة الفعلية.

ويؤكد البرنامج العربي أن هذه المزاعم لاتستند علي أساس قانوني سليم،فعلي الرغم من أن السودان ليس طرفا في النظام الأساسي للمحكمة إلا أن المادة(13)تجيز للمحكمة أن تمارس أختصاصها إذا كان المدعي العام يباشر تحقيقا في الموضوع محل النزاع أو إذا أحيل الملف إليها من قبل مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما حدث في الحالة السودانية،ومن ناحية ثانية فإن النظام الأساسي في مادته رقم 27 قرر عدم الإعتداد بالصفة الرسمية لمن يخضعون لهذه المحكمة ،ومن ثم فلا داعي للاحتجاج بالصفة الرسمية للرئيس السوداني.

إن البرنامج العربي إذ يرحب بالطلب الذي قدم للمحكمة الجنائية الدولية فيما يخص البشير،فإنه يؤكد علي أنه رسالة إلي الحكام والأنظمة السياسية الجائرة بضرورة إحترام الحقوق والحريات ،وأن العدالة لابد وأن تتحقق ،ولا يقدح في ذلك قول دعاة “نظرية المؤامرة”من إزدواجية المعايير والانتقائية في التعامل علي المستوي الدولي وعدم تقديم رؤساء بعض الدول الكبري لذات المحكمة وبذات التهم. فإن تأخر العدالة عن الوصول إلي البعض لا يعني أن ننبذها بالنسبة للجميع

ويؤكد البرنامج علي إستقلالية المحكمة الجنائية الدولية التامة عن أية مؤثرات وشبهات ولا تخضع بأي شكل من الأشكال لأطراف المؤامرة المعروفين في العالم العربي . ولا ننكر وجود بعض الإزدواجية والانتقائية ولعل مرد ذلك يعود إلي الخلل في التنظيم الدولي إبان وضع ميثاق الأمم المتحدة وتشكيل مجلس الأمن الدولي،وهو الأمر الذي يتوجب علي منظمات حقوق الإنسان العمل علي إصلاحه وتكثيف جهودها في هذا الإطار .

إن البرنامج العربي أخيرا يؤكد علي مسئولية النظام السوداني عما وصلت إليه الأمور سواء من حيث كم الانتهاكات التي تجري بدارفور أو الحماية التي أسبغها علي من طلبت المحكمة ضرورة التحقيق معهم لمسئوليتهم عن الجرائم التي تجري هناك،وكذلك عرقلتها لقوات حفظ السلام،بل والهجوم علي هذه القوات واغتيال بعض جنودها وعرقلة المواد الإغاثية عن الوصول إلي المتضررين من سكان دارفور،وبالتالي فلا يجب أن تلوم السلطات السودانية إلا نفسها.

وقصاري الجهد أن تعمل السلطات السودانية جاهدة علي حل النزاع في دارفور وتتعهد بحماية المدنيين من جراء النزاع المسلح،مما يجعل مجلس الأمن يرجئ التحقيق مع البشير (المادة 16 من نظام روما الأساسي).

ويطالب البرنامج العربي الأنظمة العربية بالضغط علي القيادة السياسية السودانية لتعمل علي وقف نزيف الدم في دارفور وإعادة المدنيين إلي ديارهم ونزع أسلحة الميلشيات المسلحة وتوفير الأمن في هذا الإقليم المنكوب.

ويطالب البرنامج العربي مؤسسات المجتمع الدولي والعربي بأن يتصدوا لكافة أشكال الانتهاكات التي تجري علي الساحة العربية أيا كان القائمين عليها ومدي المصالح التي تربطهم بالدول الكبري،فحقوق الإنسان أولا وقبل المصالح السياسية وفوقها.