25/2/2009

إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهى تحتفي بذكرى 8 مارس اليوم العالمي لحقوق المرأة تحت شعار:”المساواة في جميع المجالات وبدون تحفظات”، تسعى لجعلها محطة نضالية للتأكيد على أن حقوق المراة بوصفها جزء لايتجزء من حقوق الإنسان يتحتم تحقيقها بكل أبعادها.ذلك أن التحفظات، طالما ظلت قائمة – باى مبرر كان- تحد من مفعول المواثيق والعهود الدولية وتعرقل ملائمة القوانين المحلية معها، مما يلزم الدولة بضرورة الإسراع بسحبها.

يحل 8 مارس هذا العام في ظل مؤشرات دولية ووطنية مقلقة لا تبشر بالأمن والسلام والحرية والعدالة والكرامة والمساواة التي بدونها يصبح مستقبل البشرية وحقوق الإنسان مهددا.

ففي غزة تعرضت النساء الفلسطينيات وأطفالهن لأبشع أنواع التقتيل وبأحدث وسائل الإبادة، جراء الهجمة الشرسة التي شنها الكيان الصهيوني عليها بدعم من الامبريالية الأمريكية وتشجيع من الدول الأوربية وكندا وعجز الأمم المتحدة وتخاذل الأنظمة العربية. وفى العراق وأفغانستان لازالت معاناة النساء قائمة مع الاحتلال.

وفى كل بقاع العالم ورغم العديد من المكاسب التي تحققت على طريق المساواة وضمان الحقوق الإنسانية للمرأة. فقد فاقمت أزمات النظام الراسمالى وانعكاسات العولمة الليبرالية المتوحشة المتجلية أساسا في عولمة الاضطهاد والاستغلال وقيـم العنف والإرهاب عبر العالم، من أوضاع النساء خاصة في مجالات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

أما في المغرب وعلى الرغم من أهمية الدور الذي لعبته مكونات الحركة النسائية الديمقراطية وكل القوى المؤمنة بالمساواة فلازال المغرب يحتل مرتبة متدنية في مجال المساواة في الفرص بين النساء والرجال (الرتبة 125 من بين 135 دولة). ومازالت النساء تعانين من انتهاك حقوقهن الأساسية وتردى أوضاعهن، مع استمرار تجاهل الدولة لحقوق المرأة على عدة مستويات:

على المستوى التشريعي:

  • لم يصادق المغرب بعد على عدد من الاتفاقيات الخاصة بحقوق المراة ومن ضمنها الاتفاقية الخاصة بشأن جنسية المرأة المتزوجة واتفاقية الرضا بالزواج وتحديد السن الأدنى للزواج وتسجيل عقود الزواج وعلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بحقوق النساء ومن ضمنها الاتفاقيات: 156 حول العمال والعاملات ذوي المسؤوليات العائلية و171 حول العمل الليلي و183 المتعلقة بحماية الأمومة، وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص.
  • لا زالت الدولة المغربية التي صادقت على الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة تتحفظ على مواد تمس بغرض ومضمون هذه الاتفاقية رغم التصريحات الرسمية المعلنة بشان رفع التحفظات ولم توقع على البروتوكول الملحق بها.
  • وحتى مدونة الأسرة، لازال تطبيق القليل من المكتسبات التي جاءت بها، معركة مفتوحة إذ إن زواج القاصرين زاد ارتفاعا وصندوق التكافل العائلي لم يحدث لحد الآن وإن كانت قضايا النفقة والحضانة هي الأكثر رواجا بالمحاكم.
  • لم تعمل الدولة بعد على إصدار قوانين لتنظيم قطاعات تشغل النساء بشكل رئيسي وعلى رأسها قطاع خادمات البيوت والقطاعات ذات طابع تقليدي التي نصت مدونة الشغل في مادتها 4 على أن قانونا تنظيميا خاصا سيتم إصداره لهذا الغرض.
  • كما أنه لم يتم بعد إصدار قوانين تحد من ظاهرة العنف ضد النساء الدى أصبح أكثر استفحالا وبكل الأشكال، خصوصا مع استمرار نشر ثقافة التمييز من طرف مختلف الجهات المناهضة لحقوق الإنسان،وفي غياب تحمل الدولة لمسؤوليتها في نشر ثقافة حقوق الإنسان وتغيير الصورة السلبية للمرأة في وسائل الإعلام وفي الكتاب المدرسي، بقصد الإجهاز على حقوق النساء وعزلهن وإهدار كرامتهن. على المستوى المعيشي:
  • استمرار تعميق تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لعموم المواطنات والمواطنين نتيجة التخلي الممنهج للدولة عن تحمل مسؤولياتها في القطاعات الاجتماعية الأساسية كالتشغيل والتعليم والصحة وباقي الخدمات الاجتماعية الأخرى مما انعكس سلبا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء. ولازال الوضع مرشحا للتدهور مع استمرار الإجهاز على القدرة الشرائية لعموم المواطنين والمواطنات من خلال الزيادات المهولة في الأسعار ¸وإغلاق المؤسسات الشغلية والتسريحات الجماعية للعمال والعاملات مما فجر موجات من الغضب الشعبي تمثلت في اندلاع حركات احتجاجية كان للنساء فيها دور أساسي في كل من بنصميم ،صفرو و …
  • تضاعف معاناة النساء في العالم القروي وفى الأحياء الهامشية حيث كشفت الفيضانات الأخيرة عن هشاشة أوضاعهن في غياب الحدود الدنيا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من تجهيزات وبنى تحتية. ولا تسلم شروط عيش النساء المهاجرات واللاجئات بالمغرب القادمات من دول إفريقيا جنوب الصحراء من التدهور، حيث يتعرضن لشتى أشكال الاستغلال والعنف دون أية حماية.

إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، انطلاقا من تحليلها لأوضاع الميز والحيف التي تعاني منها النساء في المغرب، إذ تسجل عدم الانخراط الفعلي للدولة في رفع التحفظات ومحدودية الإجراءات المتخذة للنهوض بأوضاع المرأة وعدم فعاليتها فإنها تطالب الدولة المغربية ب:

  1. إقرار دستور ديمقراطي في خدمة حقوق الإنسان ينص على المساواة التامة بين النساء والرجال والتنصيص صراحة على المساواة بين الجنسين في الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وعلى سمو المواثيق الدولية على التشريع المحلي.
  2. التصديق على الاتفاقيات الدولية لحقوق المرأة التي لم تصدق عليها بعد وملائمة القوانين المحلية معها.
  3. رفع كافة التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة و ملائمة مدونة الأسرة معها بما يضمن المساواة الفعلية بين المرأة والرجل داخل الأسرة وبما يضع مصلحة الأطفال فوق كل اعتبار.
  4. التصديق على البروتوكول الملحق بٍالاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
  5. ملائمة مدونة الشغل مع معايير منظمة العمل الدولية والسهر على تطبيقها للحد من الخروقات التي تمارس ضد النساء في مجال الشغل وعند التشغيل ووضع حد لظاهرة اللاعقاب لمنتهكي حقوق العاملات، وإصدار قانون يحمي النساء المشغلات في البيوت ومنع تشغيل الطفلات في هذا الميدان.
  6. ضمان حقوق المرأة القروية في العيش الكريم تماشيا مع المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
  7. مواجهة الأسباب العميقة للفقر والاهتمام بالأوضاع الخاصة للنساء الفقيرات والمعيلات للأسر تماشيا مع مطالب الهيئات المشاركة في المسيرة الدولية للنساء2000 ضد الفقر وضد العنف.
  8. إصلاح القضاء و تأهيله و تطهيره من كل أشكال الفساد والرشوة وتعثر المساطر وبطئها مما يعيق أيضا إنصاف النساء ضحايا الطلاق. كما تحيى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، انخراط النساء في مختلف الحركات النضالية وعلى كافة الواجهات من اجل إقرار حقوقهن كما تحيى النضالات المتواصلة للحركة النسائية الديمقراطية من اجل الكرامة والمساواة .

وفي الأخير تعبر عن تضامنها مع المرأة العراقية والفلسطينية والأفغانية وتحيي كفاح النساء في كل بقاع العالم ضد الفقر والعنف والتمييز، ومن أجل السلم والمساواة ومن أجل توزيع عادل للثروة في العالم وتنمية مستدامة تحمي البيئة وتحافظ على ثروات الأرض للأجيال القادمة.

المكتب المركزي