24/11/2009
يعرب مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان عن استنكاره الشديد إزاء اقتحام مقر “منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان” بالعاصمة اليمنية، مساء 22 نوفمبر 2009، والعبث بمحتوياته وتهشيم بعض أجهزته. كما يسجل المركز مخاوفه العميقة إزاء ما تعرضت له رئيسة المنتدى أمل الباشا، من تهديد خطير لحياتها وسلامتها الشخصية خلال الأسبوع الماضي. حيث تعرض نظام الأمان للفرامل الخلفية لسيارتها لإتلاف عمدي. ثم أثناء مغادرتها المحكمة الجزائية بعد حضورها جلسة لمحاكمة نشطاء سياسيين في جنوب اليمن، قام مجهولون بإرهابها برش وجهها بسائل -بطريقة مماثلة لما يمارسه المتطرفون الإسلاميون عند قيامهم برش وجوه النساء بسوائل كيميائية حارقة تشوه الوجه وتعمي البصر- في نفس الفترة التي تتلقى فيها مكالمات متكررة عبر الهاتف بعد منتصف الليل من أشخاص مجهولين.
ويلاحظ بيان لـ”منتدى الشقائق” أن كل هذه الاعتداءات قد جرت بعد أسابيع قليلة من قيام “المنتدى”، بالتعاون مع عدد من المنظمات الحقوقية اليمنية بتقديم تقرير الظل الوطني “للجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة”؛ وهو التقرير الذي تم إعداده بالتنسيق مع “مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان”، و”الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان”، و”منظمة هيومان رايتس ووتش”. وعلى إثره تبنت “لجنة مناهضة التعذيب” توصيات حازمة، تطالب السلطات اليمنية باتخاذ التدابير القانونية والعملية اللازمة من أجل حظر التعذيب ومعاقبة مرتكبيه وإصلاح السجون. جدير بالذكر أنه في أعقاب عرض التقرير، حاول السفير اليمني في سويسرا ووزيرة حقوق الإنسان في اليمن الحصول من أحد أعضاء وفد المنظمات اليمنية على اسم كاتب/كتاب التقرير.
ومن المعتقد في اليمن على نطاق واسع أن جهاز الأمن القومي يقف خلف هذا النمط من الاعتداءات. ويعتقد مركز القاهرة أن السلطات اليمنية –إذا ما أرادت أن تبرئ ساحتها من الاعتداءات على منتدى الشقائق ورئيسته- فإنها ينبغي أن تتخذ إجراءات حازمة، للكشف عن هوية الجناة وتقديمهم للعدالة. غير أن السلطات اليمنية لم تشرع في إجراء أي تحقيق حتى الآن، رغم البلاغ الرسمي المقدم إليها من المنتدى، علما بأن المعتدين على مقر المنتدى لم يسرقوا أي شيء منه، مما يؤكد أن دوافع الهجوم هي إرهاب الحقوقيين اليمنيين.
إن هذه الهجمة التي استهدفت منتدى الشقائق ورئيسته، تعد مؤشرا خطيرا على أن السياسات التي تنتهجها السلطات اليمنية تحول البلاد إلى ساحة لحرب واسعة النطاق، لا تقف حدودها عند “صعدة” في الشمال، أو عند القمع الدموي للحراك السياسي في الجنوب. فبالتوازي مع حروب الشمال والجنوب، أشعل النظام اليمني حربا ثالثة على حرية الصحافة والمؤسسات الصحفية المستقلة، التي تقوم بفضح الجرائم التي يرتكبها النظام اليمني في الشمال والجنوب، وانعكس ذلك في إغلاق أو منع توزيع أو حظر طباعة ما لا يقل عن عشر صحف، واقتحام بعض المؤسسات الصحفية، ومحاصرة وإحراق بعض شاحنات توزيع الصحف، فضلا عن إحالة عدد من الصحفيين للمحاكمة، تلقى بعضهم -إلى جانب عقوبات الحبس- عقوبات إضافية تقضي بمنعهم بصورة مؤقتة أو أبدية من مزاولة المهنة! كما تعرض أحد الصحفيين للاختفاء لعدة شهور، ولم يعرف مصيره حتى الآن.
وبالتوازي مع ذلك أيضا بات المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يقومون برصد وتوثيق الانتهاكات في حرب صعدة، وفي جنوب البلاد أهدافا متزايدة للاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي طويل الأمد، دون تهمة أو محاكمة.
وأخيرا فإن مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان إذ يسجل تضامنه مع “منتدى الشقائق” ورئيسته أمل الباشا، ومع المؤسسات اليمنية الشجاعة المعنية بحقوق الإنسان والصحفيين اليمنيين، الذين يقومون بشجاعة بالكشف عن الانتهاكات الخطيرة، التي تشهدها الساحة اليمنية، فإنه يشدد على ضرورة تضافر جهود مختلف الهيئات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، من أجل وضع حد للهجوم المتزايد على المدافعين عن حقوق الإنسان باليمن، وقطع الطريق على مخططات السلطات اليمنية لخنق أصوات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، والمدافعين عنهم من الصحفيين والحقوقيين، في ظل نظام أدمن اللجوء للقمع والحلول العسكرية لتأمين بقائه.