بيروت – 22 مارس 2004

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية

بعد التحية والاحترام،
المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان، وفعاليات المجتمع المدني العربي، المجتمعون في “المنتدى المدني الأول الموازي للقمة العربية”، في بيروت خلال الفترة بين 19 و22 مارس (آذار) 2004، يتقدمون إليكم بخالص التحية، بمناسبة انعقاد القمة العربية العادية الرابعة في تونس خلال الفترة بين 29 و30 مارس 2004، مصحوبة بخالص أمنياتهم لكم بالتوفيق ، في التوصل إلى رؤية مشتركة تؤكد حق شعوب دول الجامعة العربية في تقرير مصيرها، وتثبيت استقلالها، وفي إخلاء أراضيها، وتحرير إرادتها، من كل وجود أو نفوذ أجنبي، ويضمن تمتع هذه الشعوب بكل الحقوق التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود ذات الصلة كافة. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

لقد حرصنا على أن نعقد هذا المنتدى المدني الأول، قبل أيام من انعقاد مؤتمركم؛ لكي نضع بين أيديكم حصيلة المناقشات التي دارت، لصياغة رؤية شعوب المنطقة، لمطالب الإصلاح السياسي والدستوري التى يستحيل دونها إقرار أو احترام وتعزيز حقوق الإنسان ، وهي أحد أهم بنود جدول الأعمال الذي سوف تناقشونه في القمة، وأكثرها ارتباطاً بالحاضر والمستقبل، في ضوء الظروف الدولية الراهنة، التي تواجه دول المنطقة فيها رأياً عاماً عالمياً ضاغطاً، يتخذ من شواهد وقتية، ذريعة لاتهام المجتمعات العربية بأنها أصبحت مشتلاً للإرهاب والعنف، وخطراً يهدد الحضارة الإنسانية، فضلاً عن تدخلات وضغوط أجنبية، كان لا بد من قطع الطريق عليها بإحياء وتجديد المشروع الوطني للإصلاح السياسي والديمقراطي، الذي كان ولا يزال – منذ عقود- على رأس اهتمامات القوى الشعبية والأحزاب السياسية في دول الجامعة العربية ، ومن بينها منظمات حقوق الإنسان و منظمات المجتمع المدني.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
إن واجب الإنصاف يقتضينا أن نعترف بأن عددا ً من الدول العربية، قد شهد خلال السنوات القليلة الماضية، خطوات على طريق الاصلاح وتعزيز حقوق الإنسان، لكن ذلك لا ينفى أن هذه الخطوات لم تشمل كل الدول العربية، وفضلاً عن أنها تبدو شكلية في بعضها الآخر، فإنها تسير بإيقاع بطيء، ويجري التراجع عنها أحياناً، مما يوحى بأنها تلقى مقاومة من بعض أجنحة الحكم.

ويفرض علينا واجب الإخلاص لأوطاننا ولشعوبنا، أن نصارحكم – أصحاب الجلالة والفخامة و السمو – بما يلي: (1) إن قضية الإصلاح السياسي والدستوري وإقرار وتعزيز واحترام حقوق الإنسان، أكبر وأعقد من أن تتصدى لها الحكومات وحدها، ولذلك، فقد آن الأوان لقيام شراكة حقيقية، بين منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية في كل بلد عربي وبين حكومته تتناول هذا الملف، وتنطلق من نية صادقة لتحقيق هذا الإصلاح، بعيداً عن الرغبة في التسويف، أو المناورة لاحتواء الضغوط الخارجية.

(2) إن الظروف الداخلية قبل الخارجية تفرض ضرورة التسريع بخطوات الإصلاح حتى تتوقى المجتمعات العربية مخاطر الهزات والقلاقل وأشكال الفوضى، التي يمكن أن تترتب على استمرار الوضع الراهن، مما يهدد استقلالها واستقرارها ويعرضها لمزيد من التدخلات الأجنبية في شئونها.

ومع تسليمنا بأن الظروف الخاصة لبعض البلدان العربية، قد تفرض تدرجاً في خطوات الإصلاح، فمن الضروري أن يتم ذلك في إطار برنامج زمني معلن، وفي سياق خطة محددة الأهداف تنتهي بإصلاح سياسي ودستوري جذري وتأكيد حقوق الإنسان طبقاً للأسس الواردة في هذه الرسالة، وللتفاصيل الواردة في البيان المرفق “الاستقلال الثاني: نحو مبادرة للإصلاح السياسي في الدول العربية”.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
يتمنى المشاركون والمشاركات في المنتدى المدني الأول، أن يصدر عن مؤتمركم إعلان تلتزمون بمقتضاه، برعاية وضع خطط لتحديث النظام السياسي العربي، بما يتواءم مع الاتجاه السائد في عالم اليوم، يتم صياغتها عبر حوار عام، تشترك فيه كل منظمات المجتمع المدني، وينطلق من الرغبة في إحياء وتجديد المشروع الوطني للإصلاح، على أن تشمل هذه الخطط:

(1) حق كل شعوب دول الجامعة العربية في التمتع بأنظمة حكم تمثيلية مدنية، تصوغها دساتير، تقوم على قاعدة أن السيادة للشعب وأنه مصدر كل السلطات، وعلى الفصل بين السلطات واستقلال كل منها، وعلى مبدأ سيادة القانون الذى يحترم مواثيق حقوق الإنسان ، وتقر بحق الشعوب في أن تشرِّع لنفسها وبنفسها ما يوافق زمانها، وتضمن كل حقوق المواطنة وتحتفظ لكل مواطن، أياً كان جنسه أو انتماؤه القومي أو الديني أو السياسي، بالحق في تقلد الوظائف العامة والسياسية في بلده.
(2) أن تصون هذه الدساتير الحق في التعددية الفكرية والسياسية والحق في تشكيل الأحزاب والجمعيات، ويحظر تشكيل الأحزاب والجمعيات التي تحرض على العنف أو تمارسه.
(3) أن تنص هذه الدساتير على حياد السلطة العامة، تجاه أتباع الديانات المختلفة والمذاهب المتعددة داخل الدين الواحد، وتضمن حق الجميع في المعتقد الدينى وفى أداء شعائرهم الدينية. (4) أن تقوم هذه الدساتير على قاعدة ألاّ سلطة بلا مسئولية أمام ممثلي الشعب، وأن تضع آليات لتداول السلطة السياسية ومدداً زمنية لشغل المواقع الرئيسية في قمة هذه السلطة.
(5) ضمان الحقوق والحريات العامة، ومن بينها حقوق الاعتقاد والاجتماع والتظاهر والإضراب وحرية الصحافة والنشر والتعبير والبحث العلمي .. وتدفق المعلومات.
(6) احترام حقوق الجماعات القومية والدينية والثقافية واللغوية في البلاد العربية في المساواة والكرامة وفي التمتع بكافة حقوق المواطنة.
(7) الإقرار بحقوق النساء في الكرامة وفي الأهلية القانونية، وفي المساواة الكاملة بين الجنسين.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
إن تهيئة الأوضاع لإحياء وتجديد وتنفيذ المشروع الوطني للإصلاح السياسي والدستوري وتعزيز حقوق الإنسان، يتطلب أن تتخذ الحكومات العربية على وجه السرعة الإجراءات التالية:

    • 1- إلغاء الأحكام العرفية ورفع حالات الطوارئ، ووقف العمل بالقوانين الاستثنائية، وإلغاء المحاكم الاستثنائية أو الخاصة، وإنهاء ممارسة التعذيب والإعدام التعسفي خارج إطار القانون، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وضمان استقلال القضاء، وتطبيق معايير المحاكمة العادلة، واتخاذ خطوات حاسمة للاصلاح الإدارى والمالى ، ومقاومة الفساد، والتصدى لنهب المال العام ، وتعزيز آليات الشفافية والمحاسبة.

    • 2- إنشاء آليات وطنية لحماية حقوق الإنسان، وإعطائها سلطة حقيقية في ممارسة دورها، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وضمان حقهم في الحصول على المعلومات وعقد الاجتماعات والاتصال بكافة الأطراف المعنية.

    • 3- إلزام المؤسسات الدينية حدود سلطتها، وعدم السماح لها بممارسة الرقابة على النشاط السياسي والفكري والأدبي والفني.

    • 4- رفع الرقابة عن كافة وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، وإطلاق حرية إصدار الصحف وتملك وسائل الإعلام وتداول ونشر المعلومات، ورفع القيود عن حرية الاجتماع، واحترام حرية واستقلالية الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدنى، لإتاحة الفرصة لكل القوى للمشاركة في الحوار حول قضايا الإصلاح السياسي.

    • 5-التوقيع والتصديق على الإعلانات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ، وإعادة النظر في التحفظات التى أبدتها بعض الحكومات العربية على تلك المواثيق بما ينتقص من الحقوق الواردة بها.

    6-مراجعة مشروع الميثاق العربى لحقوق الإنسان بما يتواءم مع المعايير الدولية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
إننا نثق أنكم تدركون أن الأوضاع في المجتمعات العربية، لم تعد تتحمل حالة الركود الراهنة، وأن السير في طريق الإصلاح السياسي والدستوري وإقرار واحترام وتعزيز حقوق الإنسان إنما يؤدى إلى تعزيز الأمن والاستقرار ودفع التطرف والارهاب ، بينما يؤدى التردد فى السير فى هذا الطريق إلى الفوضى والقلاقل ، ونثق، بأنكم – بحكم مسئولياتكم – سوف تسعون لتوقي هذا، بالسبيل الوحيد لذلك : أن نبدأ في الإصلاح فوراً بلا تسويف. وتفضلوا بقبول تحياتنا واحترامنا..

المنتدى المدني الأول*
الموازي للقمة العربية الرابعة