14 أبريل 2004

بيان صحفي
تلقى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان وجماعة تنمية الديمقراطية وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، بانزعاج بالغ نبأ إلقاء القبض على رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا المحامي البارز أكثم نعيسة والذي سبق أن أمضى ثمان سنوات داخل السجون السورية، عقابا على مبادرته بتأسيس أول منظمة داخل سوريا لحقوق الإنسان. وحسب هذه المعلومات فقد تم القبض على نعيسة بواسطة الأمن العسكري باللاذقية ظهر أمس، ولم يعد لمنزله، ورفضت سلطات الأمن تقديم أية معلومات حول مكان احتجازه أو مصيره.

إن احتجاز نعيسة وثيق الصلة بالدور النشط الذي تلعبه اللجان في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطي، وخاصة في أعقاب الحملة التي نظمتها اللجان للتوقيع على عريضة -هى الأولى من نوعها- تدعو السلطات لتبني عدد من المطالب في مقدمتها إنهاء حالة الطوارئ السارية منذ 41 عاما دون انقطاع، وقع عليها حتى الآن أكثر من 7 آلاف مواطن سوري. كما شارك عدة مئات من المثقفين ونشطاء المجتمع المدني السوري في اعتصام احتجاجي هو الأول من نوعه أمام البرلمان السوري دعت إليه اللجان ورفع ذات المطالب وقامت أجهزة الأمن بفضه، واحتجزت على أثره عشرات من المشاركين فيه لعدة ساعات بما فيهم أكثم نعيسة ذاته.

وقد أكد أحدث التقارير السنوية التي أصدرتها اللجان مؤخراً على أن السجون السورية تحتضن نحو ألفي معتقل من مختلف الانتماءات السياسية، وأن بعضهم مضى على اعتقاله ما يزيد على ربع قرن. وتشمل قائمة المعتقلين أعدادا من السياسيين لمجرد اختلافهم في الرأي مع الحكومة، كما أن بعضهم كان ضحية محاكمة بسبب المطالبة بالإصلاح أو بوضع حد للفساد. وفي أحدث المحاكمات العسكرية تلقى 14 من نشطاء المجتمع المدني أحكاما بالسجن لمجرد المشاركة في ندوة سلمية حول الطوارئ في سوريا.

وقد شارك نعيسة في أعمال المنتدى الذي نظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الشهر الماضي في بيروت من أجل بلورة رؤية مشتركة تجاه قضايا الإصلاح في العالم العربي لطرحها على القمة العربية، وأكد نعيسة من خلال ورقته التي تقدم بها للمنتدى على أن الحكومة السورية غير قادرة على دفع استحقاقات الديمقراطية والتعامل معها. وبعد أقل من شهر من هذا الاستنتاج الذي أطلقه نعيسة فإن احتجازه يبدو كما لو كانت الحكومة السورية قد أرادت التأكيد على ما ذهب إليه من استنتاجات.

إن ما يضاعف من القلق، أنه في ظل الشروط القاسية للاحتجاز في سوريا والسمعة السيئة التي تحظى بها السجون، فإن مخاوف شديدة تثور بشأن المخاطر التي تهدد حياة نعيسة من جراء احتجازه، خاصة وأنه هو نفسه كان قد كشف في تصريح صحفي له قبل يومين فقط من اعتقاله عن مقتل اثنين من المعتقلين على ذمة أحداث القامشلي بسبب التعذيب. كما أنه يعاني من أزمات قلبية متكررة، وقد تلقى تعليمات مشددة من الأطباء بعد تكرار هذه الأزمة الصحية خلال منتدى بيروت في 22 مارس الماضي بضرورة أن يلزم الراحة الكاملة لمدة شهر في إطار برنامج علاجي صارم.

إن المنظمات الأربعة تؤكد على إدانتها لاحتجاز أكثم نعيسة، وتدعو كافة المنظمات الدولية والعربية وأصحاب الضمائر الحية للتضامن معه ومع كل المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا والإفراج الفوري عنه.

وتؤكد أيضا على أن التنكيل بدعاة الإصلاح في العالم العربي ليس سوى تعبير عن الموقف الأصيل لبعض الحكومات العربية في رفض الإصلاح من الداخل وقمع المصلحين، وهو بحد ذاته دليل إضافي على أن القمة العربية –إذا كتب لها أن تنعقد- ليس لديها ما تقدمه لقضية الإصلاح في العالم العربي، سوى العبارات الإنشائية التي تستهدف قطع الطريق على ضغوط الإصلاح، سواء من الداخل أو الخارج.