9 ديسمبر 2004
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان | مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان | المنظمة المغربية لحقوق الإنسان | الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان |
بيان صحفي
تشكل الاحتفالات العالمية السنوية بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر قبل 56 عاما، مناسبة هامة تسعى من خلالها الحكومات للتأكيد على التزامها باحترام تلك الحقوق، وتحاول العديد من هذه الحكومات اغتنام هذه المناسبة لتحسين سجلها لحقوق الإنسان، سواء بالإقدام على إصلاحات تشريعية لتعزيز حقوق الإنسان في بلادها أو تبني خطوات وتدابير عملية أو الإعلان عن خطط للعمل مقرونة بتوقيتات زمنية محددة تعكس لدى الرأي العام والمجتمع الدولي حرص هذه الحكومات على إحراز تقدم ملموس من عام إلى آخر في احترام الحقوق الإنسانية لمواطنيها.
وتأسف المنظمات الأربعة لأن تعلن في هذه المناسبة أن النظام العربي قد التقت إرادة أغلبية حكوماته -مجتمعة أو فرادى- على أن تكون رسالتهم للعالم ولمواطنيهم ولدعاة الإصلاح في هذه المناسبة هى رفض الاستجابة لأية مطالب أو ضغوطات أو مبادرات تأتي من الداخل أو الخارج ترمي إلى الإصلاح الشامل، وتحسين الوضعية المزرية للحريات العامة وحقوق الإنسان في هذه المنطقة، التي لم تهزها رياح الديمقراطية التي عرفها العالم، وبدلت نظما شمولية عاتية منذ الثمانينيات.
لقد وجدت هذه التوجهات الرسمية والرهانات الفعلية للنظام العربي ترجمتها على أرض الواقع خلال العام الذي كثر فيه الحديث عن الإصلاح في المزيد من تدهور أوضاع حقوق الإنسان حتى في البحرين التي كانت قد قطعت شوطا على طريق الإصلاح، ولكن ضاق صدرها أمام منتقديها، وأقدمت السلطات فيها على اعتقال ومحاكمة مدير مركز البحرين لحقوق الإنسان، وأصدرت أوامرها بإغلاق المركز، كما أقدمت على اعتقال عشرات من المتضامنين معه.
واستمرت التحرشات بالمدافعين عن حقوق الإنسان في أكثر من بلد، وعلى وجه الخصوص في سوريا وتونس ومصر. أما الخطاب الإصلاحي في المملكة السعودية فقد ترجم عمليا باعتقال دعاة الإصلاح، والبدء في إجراءات محاكمتهم. وفيما عزف الخطاب الرسمي للحكومة المصرية وحزبها على أوتار الإصلاح، فإن السلوك العملي للحزب والحكومة انتهى إلى رفض المناقشة من حيث المبدأ للإصلاح الدستوري وللمطالب الداعية لإجراءات الانتخابات الرئاسية المقبلة على أساس تعددي، فيما اتسع نطاق الاعتقالات التعسفية والجماعية وطالت عدة آلاف إضافية في أعقاب وقوع التفجيرات الإرهابية في طابا، وشهدت ممارسات التعذيب على نطاق واسع، وتفشيا خطيرا للاعتداءات الجنسية وهتك العرض للرجال والنساء على حد سواء، بصورة لا تختلف كثير عما تناقلته الفضائيات والتقارير الدولية بشأن التعذيب في سجن أبو غريب.
أما الجماهيرية الليبية التي شهدت تكثيفا للتصريحات والوعود البراقة بالإصلاح فقد ترجمته عمليا في نهاية العام بصدور أحكام نهائية بالسجن على 83 من سجناء الرأي الذين كانوا قد ألقى القبض عليهم منذ 1998 للاشتباه في مساندتهم للجماعة الإسلامية المعروفة هناك باسم الإخوان المسلمين. كما شملت الأحكام تأييد حكمين بالإعدام على اثنين من أساتذة الجامعات.
وفي تونس أصرت السلطات على المضي في مهزلة إجراء الانتخابات الرئاسية المطعون في دستوريتها دونما انتظار لما ينتهي إليه القضاء في شأن التعديلات التي تم إدخالها على الدستور، وأتاحت للرئيس التونسي فرص التجديد لأي عدد من المرات وحصنته من الملاحقة أو المساءلة القضائية حتى بعد خروجه من الحكم.
إن المنظمات الأربعة في ضوء هذه المؤشرات التي تكشف عن الهوة الواسعة التي تفصل العالم العربي عن التطلعات للديمقراطية والإصلاح التي ناضل وضحى من أجلها كثيرون من مختلف أنحاء العالم العربي، يؤكد أن تلبية هذه التطلعات ترتهن بالدرجة الأولى بالعمل على صياغة وحشد أوسع التحالفات بين التيارات السياسية المتطلعة للإصلاح ومؤسسات المجتمع المدني في إطار برنامج للعمل المشترك تحدده طبيعة الأولويات الحاكمة في مسار الإصلاح في هذا البلد أو ذاك.