19 أكتوبر 2004م
منذ هزيمة نظام 23 يوليو في 1967 بدأ مخاض أحلام سياسية جديدة وتشكل لملامح مجتمع جديد. وخاض السادات معركته الخاصة للانفتاح ومسح شعارات سلفه ذات الطابع القومى عالى الصوت .ومن الناحية الشعبية طرحت الحركة الطلابية برنامجها الوطني الديمقراطي الذي أصبح أساسًا منذ بداية السبعينات لمطالب الإصلاح والتغيير السياسي والاجتماعي، لم تخترع الحركة الطلابية برنامجها ولكنها نجحت في طرح المطالب الشعبية بالتغيير الديمقراطي فيما سمى “بمطالب الحريات”، والاصلاح الاجتماعى فيما انتهى بمظاهرات الخبز 1977 ، وضغطت فى مجال القضية الوطنية بقوة أجبرت النظام على خوض حرب 1973، وسعي السادات لتغيير شكل النظام السياسي وإعادة الحياة الحزبية بقرارات فوقية وإن كانت وماتزال في ظل قوانين جائرة ومنظومة مستبدة معادية للحريات.
ومنذ نهاية السبعينيات خاضت بعض النقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين وبعض الأحزاب معركة مطالب الحريات السياسية واصطدمت بعنف بأجهزة الدولة في تلك الفترة وتوج نادى “نادى القضاه” هذه المعركة في “مؤتمر العدالة الأول 1986 ” بمطالب إصلاحية وثوريه بلغت حد المطالبة بعقد جمعية تأسيسه وطنية تقرر تغيير شكل نظام الحكم في مصر إلى شكل برلماني ديمقراطي بعد أن بلغت الأمور حدًا لا يحتمل من تغول السلطة التنفيذية والأمنية وتحكّم الحزب الحاكم في كل شيء وسيادة مبدأ الحكم بالطوارئ واتساع دائرة الاعتقال والتعذيب.
ومنذ ذلك الحين تواصلت حركة المطالبة بالإصلاح والتغيير السياسي والاجتماعي وأصبحت مؤسسات المجتمع المدني وخاصة ما عرف بحركة حقوق الإنسان طرفاً أساسيًا في معركة الإصلاح السياسي وذلك منذ نهاية الثمانينيات وحتى يومنا هذا. ورغم اتساع حركة المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري ورغم تعدد مشاربها السياسية ومستهدفاتها على الأقل من ناحية الظاهر، ورغم إدعاء بعض القوى السياسية وبعض مؤسسات المجتمع المدني أن المبادرة انطلقت من عندها وهذا في حد ذاته أحد ملامح الإشكالية التي نطرحها في هذه الورقة. نقول رغم ذلك لم تتحرك الدولة باتجاه التغيير أو الإصلاح بأي صورة من الصور وعلى العكس من ذلك سعت الدولة لتكريس سلطتها وإحكام قبضتها ولكن في ظل أداء جديد يتسم باستخدام الخطاب الديمقراطي وخطاب حقوق الإنسان، يتسم بالاحتواء للحركة وإجهاضها إما من داخلها – داخل مؤسساتها – أو بارتداء الدولة ذاتها لأقنعة متعددة، وأصبحت الدولة القابضة المركزية التي تتحكم في كل شيء عبر الأمن هي ذاتها راعية حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والبيئة وبينما الفساد يلتهم الأخضر واليابس ويغطى جسد المجتمع المصري نجد الدولة هي التي ترتدى مسوح مقاومة الفساد وبناء التنمية البشرية والمجتمعية.
الدولة المصرية المستبدة تلك البيروقراطية المركزية لم تحتمل أن تكون هناك معارضة ولا حركة إصلاحية، فأصبحت هي المعارضة ذاتها وما تزال تسعى لأخذ دور المجتمع المدني بكل مؤسساته، فهي تسيطر على العديد من النقابات وتتحكم في شئونها بل وفى إدارتها وأصبحت تنافس الجمعيات الأهلية في كافة المجالات وتقدم نفسها في الإعلام مرة باعتبارها الحكومة ومرة أخرى باعتبارها النشاط الأهلي.
الدولة لم تترك مجالاً واحداً ولا ثغرة واحدة إلا وأصرت على الدخول فيها لتحكمها وتسيطر عليها، وتضمن انضباط أدائها بمعرفتها. تكاد الدولة لا تحتمل وجود شعب له صوت أو رأى، ولا تحتمل وجود نخبة ولا مجتمع مدني مستقل، فهي التي تدير الإعلام وتدير الفنون وتدير الثقافة وهى الدولة التي تدير البرلمان والنقابات وتتحكم في تأسيس الصحف والأحزاب، بل وتسعى دائمًا لإدارة شئون القضاء، هي الدولة التي خلقت نموذجًا لم يعرفه العالم ولم تعرفه الرأسمالية ولا نظم رأسمالية الدولة، هذا الاختراع هو خلق “رجال الأعمال” أو خلق نظام القطاع الخاص، فرجال الأعمال عندنا هم صناعة الدولة فيما يمكن تسميته”بالبيزنوقراط” هم واجهة للدولة وشركاء لها بإرادتهم أو رغم إرادتهم في اقتسام المال والسوق أو احتكاره بل وفى تجريف أموال البنوك.
واعتقدت الدولة أنها لابد أن تأخذ ايضا مقعد حركة حقوق الإنسان المصرية وذلك بتأسيسها المجلس القومي لحقوق الإنسان،منفردة تماما وكالعادة بصياغة القانون وتعيين كافة اعضائة ودون ان تأخذ رأى أحد لا فى القانون ولا فى عضويتة و في محاولة يائسة لاحتواء هذه الحركة وقياداتها وسحب البساط من تحت أقدامها محلياً ودولياً، اصدرت تشريعا هشا يختزل هذا المجلس من الناحية القانونية -كما حدث مع المجالس القومية المتخصصة- الى مجرد” هيئة بريد تتلقى الشكاوى فى بريد المجلس ويقوم الخبراء والعباقرة بتصنيفها وكتابة التقارير عنها ثم بعض التوصيات لترفع للادارة العليا “، وبينما اصرت الادارة على الحدود القانونية الضيقة والصارمة لهذا المجلس فقد لجئت للتضخيم السياسى والاعلامى لدورة ووظيفتة ،فمن تعيين الأمين العام السابق للأمم المتحدة ونخبة من كادرات الدولة السابقين والحاليين والكادرات الجارى اعدادها ، الى حملة اعلامية ضخمة ومدروسة -كدنا نصدقها- بأننا قاب قوسين او ادنى من جنة الديموقراطية ( الغاء لقانون الطوارئ -الغاء للتعذيب وتغليظ لعقوبة جريمة التعذيب ووووووواا …) ولم يكن مدهشا سرعة تحول البعض من دعاة حقوق إنسان إلى أبواق للدولة ولسان لحالها تصدروا صحفها الرسمية وشاشات التلفزيون يروجون لخديعة كبرى بأن الدولة أصبحت راعية لحقوق الإنسان.هكذا فجأة وبدون مقدمات .
والحال هكذا يصبح الإصلاح والتغيير السياسي والاجتماعي الديمقراطي قضية تطرح نفسها بإلحاح. لقد أجابت معظم القوى السياسية والمثقفين على عدد كبير من الأسئلة عبر الثلاث عقود الماضية منذ السبعينيات وحتى الآن وغالبيتها تتسم بالميل الموضوعى ناحية التحليل و النقد والتقييم للماضى والحاضر.
بينما معظم الأسئلة الكبرى والقضايا المتعلقة بها خاصة مايتعلق بالحاضر والمستقبل ما تزال بلا إجابة، بل وتكاد تكون معلقة في الهواء وما تزال القوى السياسية والنخبة من المثقفين والمفكرين ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالتغيير لم تدلِ بدلوها فيها، أو كانت إجاباتها عنها في إطار إعلامي محدود أو قاصرة وغير معنية بالإجابة على تلك الأسئلة او ماتزال بروتوكولية تراعى العلاقات او تحسب حساب موازين القوى اكثر من حسابها لأى شئ آخر . ولم نسمع أن القوى السياسية أو النخب الثقافية قد التقت لتجيب على تلك الأسئلة. ونعنى بالأسئلة الكبرى هي تلك الأسئلة المرتبطة با لمستقبل، مستقبل الوطن أو مستقبل الناس والمواطنين. من حيث شكل الخريطة السياسية القادمة، ونمط ونظام الحكم المقبل ولذلك هي أسئلة كبرى.
وإذا كنا نتحدث عن ضرورة التغيير والإصلاح فإن الأسئلة الكبرى تدور حول:
ما هي قوى التغيير والإصلاح ؟ وما هي الآليات والأساليب ؟ وكيف سيكون التغيير وإلى أين ؟ ومن هم الخصوم ومن هم الحلفاء ؟ وما العمل إزاء الدولة القابضة التى تصر على سيناريو واحد احادى احداثة وأشخاصة فقط وفقط من صناعة الدولة ومن ابنائها التى ترضى عنهم وفقط ؟ ما العمل فى الدولة التى لاتقبل بشكل برلمانى حقيقى ، ولاتقبل بوجد دور للمعارضة الا ان يكون شكليا ؟ فما بالنا لو ان الحديث كان يتعلق بحكم ائتلافى ؟
أولاً : إذا كان من الممكن مجازاً الاعتقاد بأننا جميعاً نعرف ما هي العلة، أي ما هي الجوانب والمجالات التي يعتريها الخلل ويجب إصلاحها وتغييرها في واقعنا السياسي والاجتماعي. أي إذا كنا نستطيع أن نردد من زوايا مختلفة وجوانب متعددة قائمة مطالب الإصلاح السياسي التشريعي، إلا أننا لم نوجه بعد سؤالاً جوهرياً حول كيفية تحقيق الإصلاح والتغيير، وما هي قوى الإصلاح والتغيير وما هي مشاريع الإصلاح من حيث آليات التغيير وأساليبه؟وهل ثمة قراءة نقدية في خطاب القوى السياسية المختلفة لبعضها البعض، وهل ثمة قراءة نقدية موضوعية للتفاعلات بين القوى السياسية؟.هناك أفكار مغايرة ومختلفة ، هناك رؤى وبرامج بل ومعتقدات مختلفة لكنها لاتغنى من جوع ولاتشبع العقل .كيف ستوضع هذة الافكار على الارض ؟ ومن سيتولى أو من هى القوى التى ستتولى هذة المهام ؟ وماهى خريطة هذة القوى ؟ وهل السير معا ام منفردين ؟
ثانياً: هل ثمة خطاب جديد للتغيير السياسي والاجتماعي في مصر؟ وإلى أي خطاب نحتاج من أجل التغيير والإصلاح؟
هل هو خطاب الدولة الذي يستهدف حماية مواقع السلطة ويكرس الاستبداد ويلتف دائماً حول مطالب المجتمع؟
هل هو الخطاب الديني، خطاب الإسلام السياسي حيث جماعة سياسية تسعى للسلطة باسم الدين؟ هل يجوز في العصر الحديث أن تستخدم إحدى القوى “الدين” لمبارزة بقية الأطياف السياسية؟ وهل نجح هذا النموذج، أم سقط هو الآخر في هوة الاستبداد والقمع، بل وتحالف مع العسكر في بلد وتحالف مع الرأسمالية التجارية في بلد آخر؟ وانتهى بتكفير الآخرين.
هل هو الخطاب القومي الذي يتردد منذ نصف قرن؟ أي هل نحن بحاجة لنظام يعتمد على شعارات كبرى صاخبة “تهيج الجماهير” وقد تكون ديماجوجية “تضع الجماهير في قوالب واحدة” وتحرم الناس من الحريات والديمقراطية باسم اللحظة الثورية مرة ومرات باسم البناء، ثم ودائماً ” لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.
وهل نحن بحاجة لخطاب ثوري يساري يطالب بديكتاتورية الطبقة العاملة، سقطت نماذجه مع سقوط الاتحاد السوفيتي وسقوط حائط برلين، أو خطاب يساري يقدس الجماهير. يصطدم مع الرأسمالية بينما لا ينجح في بناء نموذج دولة ديمقراطية؟ ولم ينجح في بناء تنظيمات سياسية ديمقراطية؟ .
هل نحن بحاجة لخطاب جديد يتطلع مع آلة الزمن نحو المستقبل، أي خطاب مستقبلي جديد ديمقراطي عقلاني مستنير؟ خطاب يقر بالتعددية وألوان الطيف المختلفة حتى داخل التيار الواحد ويحترم آليات المساواة؟ هل نحن بحاجة لخطاب يستطيع أن يفصل بين رؤى ونظريات بل ومعتقدات النخبة وبين معايير وقواعد الحكم؟
أي هل يمكن أن تتفق جميع القوى السياسية والاجتماعية على دستور “عقد سياسي قانوني” يلتزم فيه الجميع بقاعدة حرية الفكر والعقيدة، واحترام كافة الحقوق والحريات السياسية العامة والخاصة. بغض النظر عن أي طرف يكون في مقاعد الحكم والسلطة؟
وإذا كانت الأسئلة الكبرى تدور حول ما هو المجتمع القادم وما هو المجتمع الذي نحلم به وكيف نسعى لتحقيقه؟
لذلك فإنه ثمة ضرورة موضوعية ملحة أن يفتح حوار – لا تكفير فيه – يتسع لجميع القوى السياسية والمثقفين وممثلي المؤسسات النقابية والأهلية يتضمن بالطبع عرض الرؤى الفكرية والسياسية المختلفة ولكنه يستهدف بالأساس الإجابة على الأسئلة التالية والتي نعتقد أنها جوهرية حيث الشكل والمحتوى ونعتقد كذلك أن هذا الحوار من حيث كونه يتصل بمستقبل الوطن يتسع لأرحب أشكال الديمقراطية في فضاء مفتوح لا يملكه بداية أحد ولا يمثل أحد فهو بمعنى ما ملك للجميع ويمكن للجميع أن يلتقوا ويتحاوروا فيه. إننا نبحث فقط عن إجابات بل ويمكن القول عن أسئلة جديدة.
نحن نملك حتى الآن أسئلة و نعتقد أنها أسئلة كبرى ما تزال بدون إجابات وهى :
أولاً : من هي قوى التغيير لبلوغ الإصلاح السياسي والاجتماعي هل هو الحزب الوطني الديمقراطي – حزب الدولة؟ أم جماعة الأخوان المسلمين – حزب الإسلام السياسي؟ أم أحد أحزاب المعارضة الرئيسية؟ حزب التجمع أم حزب الوفد أم الحزب الناصري؟ أم هي قوى أخرى سواء من داخل الدولة أو من خارجها وقد تكون محجوبة عن الشرعية أو لم تعلن عن نفسها بعد ؟
ثانياً : ما هو دور النخبة وما علاقتها بالجماهير؟ هل النخبة طليعة أم أنها صفوة انعزالية؟ وهل النخبة جزء من آلية النظام والمثقفون في خدمة الدولة أم هم تعبير عن المجتمع وجزء منه؟
ثالثاً : الدولة وحزبها هل يمكنها أن تتغير من داخلها وتتحول من الاستبداد إلى الديمقراطية؟ إلى أي مدى يمكن للدولة أن تؤمن بالتغيير وتسعى إليه. أي هل الدولة تصلح أن تكون حليف للقوى السياسية في الإصلاح والتغيير؟ وسواء ذلك بسبب الضغوط الداخلية أو ضغوط الخارج الأمريكي والأوروبي؟ أم أن الدولة في ضفة والقوى السياسية والنخبة والمجتمع المدني في ضفة أخرى؟
رابعاً : تحالف أو جبهة أم برنامج حد أدنى وبرنامج عمل مشترك بين القوى الوطنية والسياسية بأوسع معنى من أجل التغيير والإصلاح؟
أم تعمل جميع القوى والمؤسسات والأفراد جميعاً منفردين ومتفردين في الصياح والغناء وكل في بيداءه؟ ولتشتعل الآن أ وغداً حروب أهلية صغيرة قائمة على ضرب الجميع بالجميع عرض الحائط والمهم هو الذاتية الحزبية والقبلية السياسية. وهل هناك ضرورة قدرية في أوطاننا أن تكون كل الجماعات والمؤسسات والأفراد جزر وشذرات جزر؟
خامسا : إذن إلى أي مدى يمكن للقوى السياسية والمثقفين، الأحزاب والمؤسسات الأهلية والنقابية أن تكون قادرة على تطوير نفسها خطابها وآليات وأساليب عملها لمواجهة التحديات المحلية والإقليمية والدولية الجديدة. أي هل القوى الوطنية مطلوب منها ومن الآن أي دون تأجيل وبوعي استراتيجي تطوير نسق يحتوى على آليات للتعامل مع ما قد يطرأ من متغيرات محلية وإقليمية أو دولية، و آليات للعمل المشترك ، وآليات ونسق للنضال، وآليات للتفاعل السريع مع لحظات ساخنة قد تفرض علينا أو تفرضها الظروف والأحداث ؟
سادساً : هل القوى السياسية بحاجة إلى “عقد سياسي” أو “ميثاق شرف” للعمل فيما بينها لخط طريق المستقبل وكيفية السير في مجتمعين أو منفردين؟ أم أننا بازاء “سباق” أو “منافسة” وأحياناً “تكسير عظام” والصعود على “جثث الآخرين”؟ أي هل هذا الوطن يستحق نهوضاً جماعيًا في إطار التزام سياسي جماعي ديمقراطي؟أم أن كل جماعة أو تيار يعتقد ويرى في نفسه أنه ليس بحاجة للآخرين؟ أم أن الأمر برمته لا يستحق العناء؟ أم أننا في انتظار لحظات قدريه من الانتفاضات وهبات جماهيرية مثلاً أو صاعقة أجنبية أمريكية أو فضائية وساعتها فليكن ما يكون وليفعل الله ما يشاء؟
سابعاً : يبقى سؤالاً محوريًا حول من هم الخصوم ومن هم الحلفاء في قضية التغيير والإصلاح؟ وهناك زاويتان في هذه القضية.
التغيير والإصلاح السياسي والاجتماعي كمطلب وطنى من ناحية ، والمشروعات الأمريكية والأوروبية كخريطة خارجية لطريق جديد في الحكم . والأطراف التي يطرح حولها تساؤلات والتباسات فيمن هم الخصوم والحلفاء و من حيث الحقيقة والمصداقية والمصالح هم :
– الدولة وحزبها من حيث علاقتها بالديمقراطية ومن حيث مدى الاستقلال ومدى التبعية.
– تيار الإسلام السياسي من حيث علاقته بالديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية أى من حيث قبوله التكتيكي بالديمقراطية بينما سعيه الحقيقي لدولة دينية مستبدة وأيضا من حيث طريقتة فى المناورة بما فى ذلك ارتباطاتة بقوى خارجية ، فيما عرف عنة من مكيافلية.
– الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من حيث مصالح الدول والشركات في نطاقنا الإقليمي وهل الولايات المتحدة تريد لنا الديمقراطية والرخاء أم تريد السيطرة على مواردنا وأسواقنا؟ أو ليس هو الأستعمار الجديد فى حقبة البترو ل وه التى تصل الى حد اعادة حقبة الاستعمار الكلاسيكى المسلح ام يد الرحمة الغربية تمتد الينا لتنتشلنا من جحيم الاستبداد والدكتاتوريات العربية ؟!
مطـالب الاصـلاح
بادئ ذي بدء نود أن نؤكد على أن منظمات حقوق الإنسان ككل قوى الديمقراطية في مصر تؤمن بإعلاء شأن العقل. وكما أنها تنبذ العنف بكافة صوره وأشكاله والاستبداد في الرأي، فإنها لا تعرف إلا الكلمة والحوار سبيلا للتخاطب العقلي دفاعا عن رأيها ومبادئها، كما أنها تؤمن بأن الحوار هو الوسيلة الحضارية السليمة بين الدولة والأفراد، كي لا تتغول السلطة التنفيذية على حقوق وحريات الأفراد. ومن ثم فإنه يكاد يكون الحوار عبر آليات سليمة وقانونية وحرية التعبير عن الرأي مطلبا للمجتمع المدني والقوى الديمقراطية نود أن تلتزم به الدولة، ودون أن يعطي أي طرف لنفسه الحق في شق صدور الآخرين ومحاكمة نواياهم.
وعلى الرغم من أن حركة حقوق الانسان المصرية قد خرجت من معطف الحركة الوطنية التقدمية والديمقراطية المصرية ـ ومن ثم فاٍن مطالب الديمقراطية والاصلاح السياسى التى ناضل من أجلها الشعب المصرى طوال العقود الماضية هى مرجعية أساسية لها ـ اٍلا أن هذة الحركة تبنت وأخذت بالمواثيق الدولية لحقوق الاٍنسان كمرجعية ثابتة أجمعت عليها شعوب العالم قاطبة .
اٍن حركة حقوق الاٍنسان تناضل وتعمل من أجل اٍلتزام الدولة بكافة المواثيق الدولية لحقوق الاٍنسان تشريعيا وواقعيا ، من الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاٍقتصادية والاجتماعية والثقافية الى حقوق المرأة والحق فى التنمية البشرية والاجتماعية الى الحق فى التعليم والعمل والصحة والسكن واٍزاحة الفقر والبطالة وحقوق الطفل والشباب والحق فى بيئة صحية سليمة ونظيفة …هى بالجملة كافة حقوق الأفراد والشعوب بما فى ذلك وعلى رأسها حق الشعوب فى تقرير مصيرها .
أولا : مطالب عاجلة
-
- 1. أن يوقف التدخل الأمني والبوليسي في أنشطة مؤسسات المجتمع المدني بمختلف صوره وأشكاله والتي تمثلت بعض صوره في رفض تأسيس وإشهار الجمعيات وملاحقة أنشطتها السلمية والقانونية بدعاوى أمنية مخالفة للدستور والقانون.
-
- 2. أن تعلن القيادة السياسية قرارات حازمة لوزارة الداخلية بوقف تعذيب المواطنين في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز الخاصة بجهاز أمن الدولة.
- 3. تطبيقا لمبدأ وشعار حقوق المواطنة أن يوقف إحالة المدنيين للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية.
ثانيا : مطالب إجرائية
-
- 1. تشكيل” لجنة وطنية عامة ” تضم كافة أشكال الطيف السياسى فى مصر ، تلعب دورا محايدا فى اٍدارة حوار جاد ومعمق حول كافة القضايا المرتبطة بالاصلاح التشريعية والسياسية والاجتماعية والثقافية وتكون بمثابة جمعية وطنية تؤسس لمرحلة جديدة فى الحياة السياسية والاجتماعية المصرية
-
- 2. لا يكون للحزب الوطنى الحاكم اليد العليا فى تشكيل ” اللجنة الوطنية العامة “أو اٍدارة الحوار .
-
- 3. إعلان محاور وقضايا وبرنامج الحوار بشكل اٍعلامى واسع ليتم دراستها والاتفاق عليها سلفا وبشكل ديمقراطي بين الأطراف المختلفة .
-
- 4. علانية الحوار ذاته عبر وسائل الإعلام المختلفة.
-
- 5. خلق آليات لاستمرار الحوار وصياغة محاضر اللقاءات بهدف التقدم فيه لخطوات حرصا على الوصول لإنجازات حقيقية وتعبيرا عن الجدية والحرص على بلوغ الأهداف.
- 6. اتساع عملية الحوار لكافة منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني فضلا عن الأحزاب السياسية والنقابات والمؤسسات العلمية والبحثية والاكاديمية وأصحاب الرأي والمثقفين وضمان مشاركتها جميعا.
ثالثاً: مطالب الإصلاح السياسي:
لا يخفى على القيادة السياسية في مصر أن القوى الوطنية والديمقراطية من الأحزاب والنقابات.
ومنظمات المجتمع المدني والمفكرين والكتاب قد انعقدت مطالبها منذ عقود وعقود على المطالبة بالإصلاح السياسي والديمقراطي الشامل.
على التغيير من دولة يحكمها حزب واحد ويسيطر البعد الأمني فيها على كل الأجهزة والمؤسسات بل والتشريعات إلى دولة مدنية حديثة. دولة يتساوى فيها الجميع أمام الدستور والقانون، حيث استقلال السلطة التشريعية والقضائية عن السلطة التنفيذية. وحيث كل مواطن شريك كامل في صنع السياسات وصنع القرار على قاعدة احترام حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وفي ظل المساواة الكاملة بين المواطنين دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو المرتبة الاجتماعية أو المعتقدات السياسية. دولة تحكمها مبادئ الديمقراطية ويشرع لها برلمان ديمقراطي.
دولة تتوافر فيها الضمانات الدستورية والقانونية لحرية الرأي والفكر والعقيدة وضمانات التعددية السياسية يتاح فيها التداول السلمي والديمقراطي عبر الانتخاب الحر المباشر. دولة يملك فيها المواطنين حق تأسيس الأحزاب والنقابات والروابط والجمعيات وإصدار الصحف وممارسة حق الاجتماع والتجمع والتظاهر السلمي بحرية كاملة وضمانات دستورية وقانونية.
دولة تنظم الحقوق والحريات لا تقيدها ولا تصادرها ولا تلتف حولها. لذلك فإنه من حق القوى الوطنية والديمقراطية في مصر ومن ضمها منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان أن تحلم وتناضل من أجل الإصلاح السياسي والاجتماعي والديمقراطي الشامل وأن تطالب الدولة بأن تضع هذا الإصلاح في قمة أولوياتها وأن يصبح هذا الإصلاح هو قاعدة وبرنامج الحوار مع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.
إن أهم مطالبنا للإصلاح السياسي تتلخص في الآتي:
-
- 1. تعديل كافة التشريعات بما يتلائم مع اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية واتفاقية منع التمييز ضد المرأة بكافة صوره وأشكاله واتفاقية منع التعذيب بكافة صوره وأشكاله واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية الحق في التنمية وغيرها مما يرتبط بالحقوق والحريات تلك التي التزمت بها مصر وصدقت عليها، ووضعها موضع التنفيذ.
-
- 2. إلغاء حالة الطوارئ التي تعيشها مصر منذ سنوات متصلة وإلغاء محاكم أمن الدولة طوارئ وقصر سلطات الحاكم العسكري على حالات الحروب والكوارث العامة.
-
- 3. إطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات وكافة أشكال التنظيمات السلمية والمدنية ووضع الضمانات القانونية والسياسية الكفيلة بحماية استقلاليتها.
-
- 4. إطلاق حرية الصحافة وتحرير أجهزة الإعلام من السيطرة الحكومية وإطلاق حرية تملك وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وحق إصدار الصحف.
-
- 5. إتاحة فرصة متكافئة للأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وكافة الاتجاهات والتيارات الفكرية الديموقراطية في طرح آرائها وأفكارها في كافة أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية.
-
- 6. وضع التشريعات والسياسات الملائمة لتوفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة لفتح المجال أمام التعددية السياسية ومشاركة في السلطة أو تداولها.
-
- 7. إصدار قانون جديد للحكم المحلي لتفعيل المشاركة الشعبية للمواطنين وتمكينهم عبر الانتخاب الحر المباشر- دون تدخلات من السلطة التنفيذية أو الأمنية أو سيطرة الحزب الوطني الديموقراطي- من ممارسة الإدارة المحلية وممارسة الرقابة الشعبية على الأجهزة التنفيذية.
-
- 8. الفصل الكامل بين الحزب الوطني الديموقراطي وبين الدولة وأجهزتها وتخلي رئيس الجمهورية بصفته رئيساً لكل المصريين عن رئاسته للحزب.
-
- 9. انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الحر المباشر بين أكثر من مرشح.
-
- 10. تقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهوريةبموجب الدستور .
- 11. اصلاح وتعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية خاصة المتعلقة بالأجور وأسعار السلع والخدمات الصحية والتعليمية والنقل والاتصالات والمواصلات والمياه والكهرباء وأسعار المساكن والتي باتت تهدد حياة المواطنين وتوسع دائرة الفقر والبطالة، والعمل على وضع خطط بديلة للتنمية البشرية والاجتماعية بهدف تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.