29/1/2007
طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم وزارة الصحة بفتح تحقيق فوري في أسباب وفاة سامية (*) ، إحدى المتعايشات مع فيروس الإيدز، في 25 يناير 2007. ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها المبادرة المصرية، والتي تابعت الحالة عن كثب على مدى الشهور الماضية، فإن هناك أسباباً قوية تدعو للشك في أن وفاة سامية لم تنتج عن مرض يتعلق بإصابتها بالإيدز، وإنما عن إهمال جسيم وحرمان من الرعاية الصحية الأساسية داخل عنبر الإيدز بمستشفى الحميات في العباسية. وقد جاءت وفاة سامية، وهي أرملة تبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً وأم لثلاثة أطفال، بعد عشرة أيام من دخولها المستشفى بسبب شكواها من آلام حادة ومتزايدة في المعدة، وصداع مزمن، إضافة إلى القيء والإسهال المستمرين. وطوال إقامتها في حميات العباسية، وهي المستشفى الحكومي المخصص لرعاية وعلاج المتعايشين مع فيروس نقص المناعة ومرضى الإيدز في القاهرة، استمرت حالة سامية الصحية في التدهور السريع دون أن تتلقى رعاية طبية أو اهتماماً كافياً من أطباء وممرضي المستشفى. ووفقاً لعائلة سامية وأصدقائها الذين صاحبوها خلال أيامها الأخيرة، فإن عنبر الإيدز لم يحتوِ على أي معدات أو أدوية وكانت سامية تضطر لشراء الأدوية من خارج المستشفى. كما لم تتلق سامية خلال أيامها الأخيرة ما يكفي من السوائل لتعويض ما فقده جسمها، ولم تتم متابعة تلقيها للأدوية المضادة للفيروسات، ولم تتلق أي كشف أو رعاية تذكر من الأطباء والممرضات المناوبين. وكان مستوى النظافة في عنبر الإيدز في غاية السوء، فلم يتم تنظيف العنبر أو تغيير ملاءات الأسرة ولم تكن المياه الساخنة متوافرة داخل العنبر. وفي نهاية هذه المعاناة توفيت سامية وأخبر الأطباء أسرتها وأصدقاءها أن الوفاة نتجت عن القيء والإسهال المستمرين. وقالت الدكتورة راجية الجرزاوي من برنامج الصحة وحقوق الإنسان في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “عرفنا سامية قبل بضعة أشهر من وفاتها المفجعة، امرأة قوية وصلبة تكافح من أجل تربية أيتامها الثلاثة وحدها. كل المعلومات المتاحة اليوم تشير إلى أن الإهمال هو الذي قتل سامية وليس الإيدز.” وكانت سامية قد عاشت معاناة شديدة في الشهور السابقة على وفاتها. فقد اكتشفت في أكتوبر 2006 وجود ثلاث حصوات في المرارة يجب استئصالها جراحياً. وقضت ثلاثة أشهر بعدها تبحث عن طبيب أو عيادة أو مستشفى يقبل إجراء العملية لها، حيث كان الجميع يرفض علاجها ما أن يعلم بحملها لفيروس الإيدز بالمخالفة لأخلاقيات مهنة الطب ودون أي مبرر صحي أو علمي. وقد حاولت سامية وأصدقاؤها عدة مرات الاستعانة بالبرنامج القومي للإيدز بوزارة الصحة والذي تتضمن مسئولياته تسهيل وتحسين مستوى رعاية المتعايشين مع الإيدز غير أن البرنامج فشل في الاستجابة الفعالة لهذه الحالة العاجلة. ومع استمرار حالتها الصحية في التراجع، اضطرت سامية للجوء إلى طبيب خاص قام بإجراء العملية في 21 ديسمبر 2006. ولم تطلع سامية الجراح على حملها لفيروس الإيدز إلا قبل دقائق من بدء الجراحة نظراً لتخوفها من أن يرفض إجراءها لنفس الأسباب التمييزية. إن معاناة سامية ومحنتها تشبه معاناة كثيرين ممن يحملون فيروس الإيدز في مصر. وتشعر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بقلق بالغ نظراً لفشل الحكومة المصرية في توفير الرعاية الصحية اللائقة للمتعايشين مع فيروس أو مرض الإيدز بالمخالفة لكل من الدستور والقانون الدولي اللذين يلزمان الحكومة بتقديم الرعاية الصحية لكل من يعيش على أرضها، بما في ذلك للمتعايشين مع فيروس ومرض الإيدز. وأضافت الدكتورة راجية الجرزاوي: “لقد أظهرت خبرات الدول في كافة أنحاء العالم أن تقديم الرعاية للمتعايشين مع فيروس ومرض الإيدز هو أحد المكونات الأساسية اللازمة للاستجابة الفعالة للوباء. إن التحقيق في وفاة سامية خطوة ضرورية ليس فقط من أجل أسرتها وإنما من أجل توصيف وعلاج أوجه القصور الحاد في استجابة الحكومة لمتطلبات رعاية المتعايشين مع الإيدز”. |
[an error occurred while processing this directive] |