27/08/2009
تخلد الحركة الحقوقية يوم 30 غشت – اليوم العالمي ضد الاختفاء القسري- وهي مناسبة تعبر من خلالها شعوب العالم التواقة للحرية والكرامة الإنسانية عن مناهضتها القوية لجريمة الاختطاف التي تظل من أبشع الجرائم التي يقترفها أعداء حقوق الإنسان دولا وجماعات لمواجهة المعارضين السياسيين والفاعلين النقابيين وحتى نشطاء حقوق الإنسان. إن جريمة الاختطاف هي جريمة مركبة تتكثف فيها انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان من اعتداء على الحق في الحياة والحق في الحرية والحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي للإنسان أفرادا وجماعات، وانتهاكا صارخا للقوانين الوطنية للدول التي تجرم ممارسة الاختطاف والتعذيب، ومساسا مباشرا بالمنظومة الكونية لحقوق الإنسان.
يعمل المدافعون عن حقوق الإنسان عبر العالم وحركات عائلات المختطفين مجهولي المصير في المناطق التي تكثر فيها ممارسة الاختفاء القسري، وبمساندة القوى الديمقراطية، على المراكمة في اتجاه توفير القدر الأكبر من آليات الحماية ووضع حد لاستمرار الإفلات من العقاب لمرتكبي هذه الجريمة التي تندرج ضمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقد استطاع المنتظم الدولي التدرج في التعاطي مع مسألة الاختفاء القسري إلى أن وصل إلى وضع إعلان للأمم المتحدة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري صودق عليه من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18/12/1992، ثم الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري التي تم الإعلان والتوقيع عليها في 18 فبراير 2007 بباريس، وهي مسيرة لعبت فيها عائلات المختطفين وضحايا الاختفاء القسري في مختلف مناطق العالم دورا رياديا .
وإذا كانت بلادنا قد أنشأت في07 يناير من سنة 2004 هيئة الإنصاف والمصالحة لمعالجة القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وضمنها ملف الاختفاء القسري، ويعد المغرب من بين الموقعين الأوائل على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري ،فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف يسجلان وهما يحييان اليوم العالمي ضد الاختفاء القسري، ما يلي:
- لازال المغرب وبرغم كل ما تضمنه التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، من توصيات تحث في جوهرها على أن الفلسفة التي تقوم على أساسها هذه التجربة هي عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والعمل من أجل سيادة القانون، فإن جريمة الاختطاف مازالت ترتكب في المغرب وهو ما تتابعه الهيآت الحقوقية المغربية والدولية، ويتعرض لها بشكل خاص المتهمون في قضايا المرتبطة “بالإرهاب” وفي بعض القضايا ذات الصبغة السياسية أو الاجتماعية.
وقد احتدت تلك الممارسات باختيار الدولة المغربية الانخراط في إطار إستراتيجية الولايات المتحدة في ما يسمى بمحاربة الإرهاب منذ أحداث شتنبر 2001. ويظل مركز تمارة السري المشهور بناحية مدينة الرباط ،والتابع لإدارة المحافظة على التراب الوطني DST المكان التي تؤكد الشهادات المنشورة والمتوصل بها على أن العديد من المختطفين مغاربة وأجانب تعرضوا فيه لأبشع أنواع التعذيب في عزلة تامة عن العالم الخارجي، ومن ضمنهم معتقلون تم تسليمهم إلى المغرب وتعرضوا للتعذيب بالمعتقل السري المذكور - لازال المغرب وبعد مرور حوالي ثلاث سنوات على توقيعه الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، ورغم التزاماته المتكررة أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف لم يصدق على هذه الاتفاقية.
- لازال المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان المكلف بمتابعة التوصيات المتضمنة في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة وضمنها تلك المتعلقة بالإختفاء القسري، بعد مرور حوالي أربع سنوات على هذا التكليف، يفاجئ الرأي العام ببياناته المتناقضة من بينها تلك التي أخبرت الرأي العام بالإنتهاء من تنفيذ التوصيات الصادرة في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة،في الوقت الذي تسجل فيه الحركة الحقوقية الوطنية والدولية أن الجزء الأكبر من التوصيات وأهمها، لم يتم تنفيدها، بما في ذلك الشق المتعلق بالكشف عن الحقيقة الكاملة في العديد من ملفات الاختطاف ولم يتم التقدم في الجزء الذي أبقته الهيئة مفتوحا بهذا الصدد ونخص بالذكر على سبيل المثال لا الحصر ملفات:
القائد السياسي المهدي بنبركة والحسين المانوزي ووزان بلقاسم وإسلامي محمد، وعبد اللطيف سالم وغيرهم، بل لازالت معاناة عائلات المختطفين مجهولي المصير مستمرة، وهو ما تعبر عنه بيانات لجنة تنسيق عائلات ضحايا الاختفاء القسري، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف .
والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف وهما يخلدان هذا اليوم العالمي إلى جانب حركات الدفاع عن حقوق الإنسان بالداخل والخارج، فإنهما يعبران عما يلي:
- تجديد تضامن الجمعية والمنتدى مع ضحايا الاختفاء القسري سواء الذين تم الكشف عن مصيرهم وتم الإفراج عنهم ولازالوا يعانون من مخلفات اختطافهم على مستويات عدة، أو الذين لازال مصيرهم مجهولا،
- إدانة استمرار ممارسة الاختطاف والتعذيب والاعتقال في مراكز سرية.
- المطالبة بالإغلاق الفوري للمركز السري بتمارة، وتفعيل التوصية المتعلقة بوضع إستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب،
- المطالبة بالكشف العاجل عن مصير المختطفين مجهولي المصير وتقديم جميع الحقائق للرأي العام حول ظروف وملابسات اختطافهم ، ووضع حد لإفلات المسؤولين عن جرائم الاختطاف من العقاب ومساءلتهم ومحاسبتهم على ما ارتكبوه – في الماضي والحاضر- من جرائم في حق المواطنين والمواطنات والشعب المغربي عموما في إطار تدابير القطع مع الماضي وعدم التكرار.
- المطالبة بالاستجابة لمطالب ضحايا الاختفاء القسري في الإدماج وتسوية أوضاعهم الاجتماعية والادارية…
- المطالبة بالمصادقة الفورية للدولة المغربية على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري،احتراما لالتزاماتها أمام الرأي العام الوطني والدولي والتزام الوزارة الأولى في لقاء مع ممثلي الفيدرالية الأورومتوسطية ضد الإختفاء القسري.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
المكتب المركزي
المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف
المكتب التنفيذي