23/11/2006

تابع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ببالغ القلق أسلوب تعاطي عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب المصري من الحزب الحاكم والإخوان المسلمين والمستقلين، مع تصريحات فاروق حسني وزير الثقافة حول ارتداء النساء المسلمات للحجاب، والتي انطوت على توجه قمعي مخيف تجاه حرية الرأي والتعبير، ومحاولة لتوظيف الدين كأداة في هذا المجال، وإحياء لمحاكم التفتيش في الضمائر التي عرفتها أوروبا في القرون الوسطى والعالم الإسلامي في عهود أخرى. ويستلفت النظر مدى حماس النواب في الاندفاع في هذا الاتجاه، وهي حماسة لم نشهدها من قبل في قضايا أكثر خطورة وأهمية، كالتعديلات الدستورية، وتفشي الفساد الذي أودى بحياة ألوف المصريين في قطار الصعيد ومحرقة بني سويف وعبَّارة السلام 98 وقطار دمنهور وغيرها، وأخيرا وليس آخرا ذلك الاعتداء الجماعي المنظم منذ أسابيع معدودة على كرامة النساء المصريات -بما فيهن المحجبات- من خلال جرائم التحرش الجنسي الجماعي في يوم العيد “الأسود” !

إذ يؤكد مركز القاهرة على إيمانه المطلق بأن اعتناق الأفكار والتعبير عنها حق لكل مواطن، فإنه يرفض بشدة تشكيل محاكم للتفتيش في الضمائر، وإصدار أحكام التكفير، وإرهاب صاحب الرأي المخالف أيا كان موقعه الوظيفي أو رأيه أو دينه أو جنسه. كما يؤكد المركز من ناحية أخرى على أن حق النساء في ارتداء الحجاب أو النقاب، أو غيره مسألة شخصية ترجع لقناعات كل إنسان الدينية والاجتماعية والثقافية.

وأخيرا يطالب المركز البرلمان المصري بضرورة فتح حوار معمق ومسئول حول ما حدث في يوم العيد “الأسود”، ودلالاته ومناقشة نقدية لدور أجهزة الدولة في حماية المواطن -نساء ورجال- من أي انتهاكات قد تؤثر على تمتعه بكرامته، بما في ذلك العنف الجسدي ضد النساء، وأعمال الإرهاب الفكري، التي تشكّل مقدمة منطقية للإرهاب الدموي، على النحو الذي عرفته مصر باغتيال المفكر فرج فودة، ومحاولة اغتيال الأديب نجيب محفوظ، ووضع عدد من المفكرين والكتاب تحت الحراسة الأمنية حتى الآن.