14/5/2007

تعرب المنظمات الموقعة على هذا النداء عن دهشتها إزاء تقدم الحكومة المصرية بطلب ترشيح لعضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وما تضمنه هذا الطلب من تزييف لموقفها الحقيقي من حقوق الإنسان، وخاصة في ضوء الاعتداءات التي ارتكبتها في السنوات الأخيرة على الضمانات الدستورية والتشريعية، فضلا عن الممارسات المنافية لأبسط مبادئ وقيم حقوق الإنسان.

وتدعو المنظمات الموقعة الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأم المتحدة أن تفي بالتعهدات التي أخذتها على عاتقها عند إنشاء هذا المجلس، والتي تقضي بأن تأخذ بعين الاعتبار سجلات البلدان المرشحة في مجال حقوق الإنسان عند الإدلاء بصوتها في انتخاب أعضاء المجلس الأممي.

وتؤكد هذه المنظمات أن مصداقية المجلس الأممي وفاعليته ترتهن بانتخاب أعضاء لديهم شعور بالمسئولية تجاه المعايير والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، وأن انضمام بلدان معروفة بعدائها الشديد لحقوق الإنسان، واستخفافها الصارخ بالمعايير الدولية، وعدم تعاونها مع هيئات الأمم المتحدة المعنية ومقرريها الخاصين المعنيين بحقوق الإنسان، من شأنه أن يقوض مصداقية المجلس الأممي، ويعيق دوره في تحسين أوضاع حقوق الإنسان، ليس فقط في منطقتنا العربية، بل على مستوى العالم أجمع.

وتشير هذه المنظمات إلى أن تقارير المنظمات المحلية في مصر والمنظمات الإقليمية والدولية ولجان الأمم المتحدة ومقرريها الخاصين بحقوق الإنسان، تضع مصر من بين أسوأ دول العام استخفافا بحقوق الإنسان، حيث يحفل السجل المصري بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يجري ممارساتها على نطاق واسع ولسنوات طويلة. كما أن مصر مصنفة دوليا باعتبارها “دولة غير حرة”، و”لا تملك صحافة حرة”.

وتشدد هذه المنظمات على أنه بالرغم من محاولات الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة لتجميل صورتها أمام المجتمع الدولي. فإن الواقع الفعلي يفضح هذه الصورة، بل ويشير خلال العامين الأخيرين للمزيد من التدهور.

ويكفي أن نشير هنا إلى ما يلي:

أولا: استمرار ممارسات التعذيب الوحشي في مراكز الاحتجاز المختلفة، وإضفاء الحصانة على مرتكبيه، وبخاصة في الحالات ذات الصبغة السياسية، وقد سبق أن أكدت تقارير المنظمات المحلية والدولية -بما في ذلك لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة- أن التعذيب في مصر بات ممارسة منهجية وروتينية.

ثانيا: استمرار ظاهرة الاعتقال التعسفي وخاصة في ظل حالة الطوارئ الاستثنائية التي تعيشها مصر بشكل متواصل منذ عام 1981. وتقدر أعداد المعتقلين بعدة آلاف، مضى على اعتقال بعضهم -دون تهمة أو محاكمة- أكثر من عشر سنوات.

ثالثا: محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وحرمانهم من قاضيهم الطبيعي، بما في ذلك إحالة عضو برلماني معارض للمحاكمة العسكرية والحكم بسجنه لمدة سنة بسبب آرائه.

رابعا: التحرش بالمنظمات غير الحكومية والتضييق على أنشطتها، والتي كان آخرها منذ أيام حين تم إغلاق مقار دار الخدمات النقابية والعمالية، بما في ذلك مقرها الرئيسي، ومن قبل ذلك مداهمة وتفتيش مقر مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب. فضلا عن تدخل الحكومة الفظ واليومي في شئون الجمعيات، بما في ذلك الاعتراض على المرشحين لمجالس إداراتها، ورفض الترخيص لها بقبول المنح الخارجية أو التبرعات، أو رفض الترخيص بإنشاء جمعيات جديدة. وأخيرا الإعلان عن اعتزامها إجراء تعديلات أكثر تقييدا في القانون الاستبدادي الساري للجمعيات الأهلية.

خامسا: اتساع دائرة التجريم في قضايا النشر والرأي، والإبقاء على العقوبات سالبة الحرية في هذه القضايا، التي أدت مؤخرا لصدور حكم قضائي بسجن إعلامية مصرية في قناة الجزيرة لإعدادها فيلما تسجيليا يفضح التعذيب في مصر، وبحبس مدون مصري لمدة أربع سنوات بتهمة ازدراء الأديان وإهانة رئيس الجمهورية في إطار تحرش أمني واسع النطاق بالمدونين، فضلا عن أن عددا من القضايا قد بدأ نظرها أمام القضاء ضد عدد من رؤساء تحرير الصحف المتهمين بإهانة رئيس الجمهورية.

سادسا: استمرار ظواهر تزييف إرادة الناخبين والتلاعب بنتائج الانتخابات التمثيلية والاستفتاءات الشعبية، ومعاقبة القضاة الذين فضحوا التزوير، وقد اتجهت التعديلات الدستورية التي مررتها الحكومة في الشهر الماضي، إلى تمكينها من مزيد من تسهيل التلاعب بإرادة الناخبين.

سابعا: قمع الحق في التظاهر والتجمع السلمي، والذي بلغ ذروته في المذبحة الوحشية التي تعرض لها اللاجئون السودانيين المعتصمين في أحد ميادين القاهرة في ديسمبر 2005، والتي راح ضحيتها نحو 30 لاجئا، وهى المذبحة التي طالبت الأمم المتحدة مؤخرا بالتحقيق في ملابساتها، ورفضته الحكومة. فضلا عما شهدته شوارع وسط القاهرة في الخامس والعشرين من مايو 2005 من الاعتداء الجسدي والتحرش الجنسي الفاضح، للتنكيل بالمتظاهرين والمتظاهرات والصحفيات، الذين تظاهروا ضد تعديل الدستور. وقد شكلت تلك الوقائع التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان أساسا للدعوى المنظورة حاليا من قبل اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

ثامنا: تعديل الدستور في مارس الماضي، بما يتيح لأجهزة الأمن التحلل من الضمانات الدستورية التي تحمي الحق في الحرية والأمان الشخصي وتحظر مداهمة المنازل وتفتيشها دون إذن قضائي، والتي تحمي الحق في الخصوصية وتحظر مراقبة الرسائل والتنصت على الهواتف، ويعزز بالتالي مرتكزات الدولة البوليسية.

تاسعا: تصاعد الضغوط على حرية الاعتقاد، وتزايد الممارسات ذات الطابع التمييزي القائمة على أساس ديني، والتي تستند أحيانا إلى نصوص دستورية أو تشريعية أو أحكام قضائية.

عاشرا: تصاعد الضغوط على استقلال القضاء، والتوسع في دور القضاء الاستثنائي وخاصة العسكري، الخاضع للسلطة التنفيذية.

وأخيرا، فإن المنظمات الموقعة على هذا النداء تدرك أن فرص المفاضلة في الاختيار على أسس موضوعية لعضوية مجلس حقوق الإنسان من بين البلدان العربية تكاد تكون منعدمة بالنظر إلى أن معظم حكومات هذه البلدان -ربما باستثناء المغرب ولبنان وموريتانيا- تصنف بين أكثر دول العالم استخفافا بمعايير حقوق الإنسان.

ورغم ما يمثله ذلك من صعوبات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإننا نعتبر أن التصويت لصالح الحكومة المصرية يحمل في طياته إشارة ضمنية مشجعة لها -وللحكومات المماثلة- على توجهاتها المعادية لحقوق الإنسان.

توقيعات

1. البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان.
2. الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي.
3. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية.
4. الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب.
5. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
6. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي.
7. جماعة تنمية الديمقراطية.
8. جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان.
9. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء.
10. جمعية شموع لرعاية الحقوق الإنسانية وتنمية المجتمع المحلي.
11. دار الخدمات النقابية والعمالية.
12. مؤسسة المرأة الجديدة.
13. مركز الأرض لحقوق الإنسان.
14. مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف.
15. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف.
16. مركز حابي للحقوق البيئية.
17. مركز دراسات التنمية البديلة.
18. مركز هشام مبارك للقانون.
19. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.