14/6/2007

جنيف/القاهرة

يشيد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالجهود التي بذلتها مؤخرا بعض الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لتعزيز إعادة إحياء عملية السلام بين المجموعات المتمردة في دارفور والحكومة السودانية. كان مركز القاهرة قد أشاد بقرار الجامعة العربية في عام 2004 في ما يتعلق بإيفاد لجنة تقصي حقائق إلى دارفور، للتحقيق في الوضع الذي يشهده الإقليم، ولكن الجامعة العربية لم تعلن أبدا عن تقرير اللجنة بسبب ضغوط الحكومة السودانية. كذلك أثنت ضغوط حكومة السودان الجامعة العربية والدول الأعضاء فيها عن دعم الجهود الدولية المبذولة لكفالة العدالة والحماية لملايين من المدنيين في دارفور، من بينهم ألاف المدنيين والنساء والأطفال الذين ارتكبت الميليشيات -المدعومة من الحكومة- في حقهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وإزاء هذه الانتهاكات لا يسع العالم العربي بعد الآن أن يغمض عينيه عن معاناة شعب دارفور، أو مسؤولية الحكومة السودانية الأكبر عن معاناته.

لقد تشجعت الحكومة السودانية -بفضل تمكنها من قمع تقرير لجنة تقصي الحقائق- على محاولة التلاعب بالاجتماع القادم للجنة حقوق الإنسان بالجامعة العربية، فقد طلبت الحكومة السودانية من اللجنة تضمين بندين في جدول أعمال اجتماعها الذي ينعقد في 18 يونيو، يتعلقان بدور المحكمة الجنائية الدولية في دارفور، وتقارير حقوق الإنسان بشأن حالات اغتصاب النساء واسعة النطاق في دارفور. ويخشى مركز القاهرة أن تكون الحكومة السودانية تسعى بذلك لاستخدام الجامعة العربية كدرع سياسي للتهرب من مسئولياتها تجاه ضحايا دارفور، والتزامها بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.

لا ينبغي أن يكون اجتماع هذه اللجنة فرصة أخرى لتمكين السودان من استخدام المؤسسات والهياكل العربية الإقليمية للتغطية على جرائم حقوق الإنسان في دارفور، ولتمكين الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم من الإفلات من العقاب. ويسترعي مركز القاهرة الانتباه إلى أن عمليات اغتصاب النساء واسعة النطاق التي ارتكبت في دارفور -والتي وثقها مراقبو الأمم المتحدة ومجموعات حقوق الإنسان المختلفة- لا تشكل جرائم حرب فحسب، بل هى في الواقع امتهان جسيم للقيم الإسلامية التي تزعم الحكومة السودانية والدول الأعضاء في جامعة الدول العربية احترامها والتمسك بها.

ولذلك يحث مركز القاهرة الجامعة العربية والدول الأعضاء فيها على عدم السماح لحكومة السودان باستخدام لجنة حقوق الإنسان بالجامعة العربية كمنبر لخدمة مصالحها الأنانية. كما يطالب مركز القاهرة اللجنة بدعم جهود الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية في وضع نهاية لإفلات مرتكبي هذه الانتهاكات من العقاب، ومحاسبة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة المرتكبة على نطاق واسع في هذا الإقليم.

إن الجامعة العربية والدول الأعضاء فيها قد تلكأت كثيرا في بذل الجهود اللازمة، وتنسيق العمل فيما بينها لضمان تحرك الحكومة السودانية نحو وقف هذا النمط من الانتهاكات، وعلى القيام بكل ما في وسعها لتقديم الدعم لشعب دارفور وحمايته. إن شعب دارفور بحاجة ماسة إلى الدعم والحماية والعيش في سلام، وينبغي على الدول العربية ألا تألوا جهدا في تقديم الموارد وكل ما يلزم للوفاء بهذه المتطلبات الثلاثة من خلال جامعة الدول العربية.