5 أيريل 2004

عقد مركز الأرض لحقوق الإنسان ورشته بعنوان “لا ..لإلغاء قانون التأمين الشامل” وذلك فى يوم 2/4/2004 وذلك بمقر جمعية الصعيد وشاركه فيها أكثر من 125 من الحضور من 15 محافظة ، وقد كان الحضور متنوع من شتى المهن ما بين : محامين، نقابيين، صحفيين، باحثين، طلبة وطالبات ، عمال، فلاحين، صيادين، موظفين ، أعضاء فى جمعيات تنمية وجمعيات حقوق إنسان ومهندسين وأعمال حرة وأصحاب معاشات ، كما ضم هذا التجمع أعضاء مجلس شعب ونشطاء حزبيين ..

هذا وقد تضمنت الورشة الكثير من الكلام حول التعريف بقانون التأمين الشامل وبالمستفيدين منه وكذلك احتوت الجلسات على الكثير من الأفكار حول العمل للتصدى لهذا القانون ضمن حزمة من القوانين والسياسات التى تتبناها الحكومة منذ سنوات والتى تمس بشكل مباشر حقوق الفقراء من العمال والفلاحين والعاطلين وغيرهم وتطرق الحديث والمناقشات لمشاكل فئات بعينها مثل الفلاحين الذين طردوا من أراضيهم نتيجة تطبيق القانون 96 لـ 92 والعمال الذين يعانون من وطأة الاستغلال وعدم وجود نقابات تعبر عنهم و الصيادين سواء فى بحيرة أدكو أو بحيرة السد العالى اللذين يتعرضون لسرقة أرزاقهم ومناطقهم التى يصطادون بها وإعطائها لكبار الشركات الاستثمارية ، وهو ما يوضح إنحياز الدولة ضد الأغلبية من الشعب المصرى .
هذا وقد أنقسمت أعمال الورشة إلى أربع جلسات بخلاف جلسة الافتتاح والحفل الفنى، و الجلسة الأخيرة وقد تضمنت أعمال الورشة تكريم النقابى والمناضل العمالى/ طه سعد عثمان ، تحية له على تضحياته ونضاله المستمر حتى الآن .

وقد بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة للأستاذ/ محمود جبر من مركز الأرض لحقوق الإنسان والتى أشار فيها إلى سياسات الحكومة المجحفة بحقوق الطبقات المهمشة ، متسائلاً ماذا لو أصرت الحكومة على إلغاء قانون التأمين الشامل ؟،أين يذهب 6 مليون منتفع ومشترك فى هذا النظام التأمينى ؟ كما أشار إلى دعوة المركز لكل الأطراف بما فيها المؤسسات الحكومية وكذلك بعض النقابات كما تم توجيه الدعوة لمنظمتى العمل العربية والدولية والهيئة العامة للتأمينات ووزارة الشئون الاجتماعية وذلك حتى
تكون الورشة تعبيراً عن أراء كافة الأطراف المختلفة، ولإتاحة الفرصة للورشة للتعرف على فلسفة القانون والدافع وراء سعى الحكومة لإصدار هذا القانون الذى يطيح بالحقوق التأمينية لـ 6 مليون مصرى يمثلون ستة عشر فئة من فئات الشعب المصرى ؟!.

هذا وقد بدأ الأستاذ عبد الغفار شكر نائب مدير مركز البحوث العربية والافريقية بشكر لمركز الأرض على اهتمامه بقضايا الفئات الضعيفة فى المجتمع والتى ليس لها نقابات تدافع عنها ، كما تحدث عن أهمية معرفة الإطار السياسى العام الذى يتم فيه إلغاء القانون 112 ، وأن إلغاء القانون هو جزء من هجوم يجرى منذ فترة على حقوق الفقراء والعمال ، وقد ظهر هذا من خلال القوانين التى تصدر من مجلس الشعب منذ عام 1985 والتى تكرس استغلال العمال ما لم يكن لهم من يمثلهم فى هذه المجالس وأكد الأستاذ عبد الغفار شكر على أن أى مطالب تتحقق إنما تتحقق نتيجة تضامن العمال ووقوفهم معاً وأنه ما لم يكن للعمال نقابات قوية وفعالة تدافع عنهم فسوف يستمر مسلسل التعدى عليهم، كما أكد على أهمية النضال السياسى ، وعلى ضرورة بلورة موقف واضح يستند على حجج قوية فى شكل صياغة لمشروع قانون وشدد على أهمية والعمل على تكوين رأى عام ضاغط من الآن ، وأهمية التواصل مع أعضاء مجلس الشعب والصحافة .

هذا وقد دارت الجلسة الأولى حول تعريف قانون التأمين الشامل والخاضعين له وكان المتحدث الاستاذ برين عبد الرحمن المستشار القانونى والاعلامى لوزارة التأمينات سابقاً ، وكان المعقبين أ/ محمد عبد السلام النقابى العمالى ، أ/ طه سعد عثمان النقابى العمالى ،ومنسق الجلسة المهندس /أحمد الصياد النقابى العمالى .
وتحدث أ/ برين عن قانون التأمين الشامل والفئات المستفيدة منه ، وأن قانون التأمين الشامل هو مد مظلة التشريعات للفئات التى لم تغطيها القوانين الحالية ، وذكر بأن تمويل الصندوق 5, 92 مليون جنيه شهرياً يدفع من ميزانية الحكومة ، وأن الاشتراكات تمثل 3, % فقط من موارد الصندوق ، وذكر بأن وجود هذا النظام باشتراك جنيه واحد فقط يؤدى إلى التسرب من قوانين التأمين الأخرى إلى القانون 112، ومع هذا يرى بأن إلغاء القانون إنما هو بقرار سياسى ، وأن إلغاء القانون سوف يؤدى إلى تفشى ظاهرة التسرب إلى الضمان الاجتماعى .
هذا وتمحور كلام المعقبين والمداخلات من القاعة حول أن التأمين الذي يريدون الغاؤه الآن إنما هو نتيجة نضال وتضحيات الطبقة العاملة المصرية عبر السنين ، وأن ثلث الشعب المصرى فقط هو من يستظل بمظلة التأمين رغم نصوص الدستور والاتفاقيات الدولية التى ترى التزام الدولة بالحقوق التأمينية لكل المواطنين ، وأن مصادر التمويل يتم جمعها عبر أكثر من أثنى عشر مورد تحصل فى شكل ضرائب كالمحاصيل والضرائب على المحاصيل وتراخيص العمل ومراكب الصيد وغيرها ، ولكن المشكلة أن هذه الأموال لا تذهب إلى الصندوق وإنما تستغلها الجهات التى تقوم بجمعها ، كما أن ما تدفعه الدولة إلى صندوق التأمين الشامل تسترده من صناديق التأمينات الأخرى فى حالة وجود فائض ، وهو ما يحدث على مدار سنوات طوال ، بدليل تراكم 176 مليار جنيه استدانت منها الدولة 150 مليار ولا تريد ردها الآن .

كما أتفق المتحدثون بأن التأمين الشامل هو تأمين منتقص حيث لا يعطى للمنتفع تأمين بطالة ، ولا تأمين عن المرض ولا عن إصابة العمل ، هذا بخلاف أن المبلغ الذى يعطى لكل منتفع وهو 80 جنيه فقط لا يكفى شيئاً ،ولابد من السعى لتحسين شروط التأمين الشامل بدلاً من إلغاؤه ، كما ذكر أ/ فتح الله محروس نقابى عمالى بالاسكندرية بأن الزيادة فى عدد المنتفعين بقانون التأمين الشامل يرجع إلى الزيادة السكانية وكذلك زيادة الأعمال الهامشية ، وقد عبر العديد من الفئات عن مشكلاتهم والتى ترتبط بنفس الموضوع حيث ذكر حسنى عباس نقابى من نقابة السياحة والفنادق بالاسكندرية بأن العامل لكى يستطيع تسلم أى عمل يتكلف أكثر من مائة جنيه فى شكل رسوم على قياس المهارة والشهادة الصحية ، وكذلك ذكر الصيادين أن لديهم الكثيرين ممن وصل لسن الـ65 سنة ولم يتسلموا معاشهم بعد ،وذكر أحد الصيادين بأنه يدفع 3 آلاف جنيه سنوياً تأمينات جبرية على مركبين شراعيين فقط، وقالوا بأننا مصريين ومن حقنا أن نعيش .

الجلسة الثانية : دارت حول الخلفية الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الحكومة لإلغاء قانون التأمين الشامل وقد كان المتحدث بها الاستاذ أحمد شرف الدين المحامى ،مركز العدالة للدراسات السياسية والاجتماعية وكان هناك ثلاث من المعقبين د. شكرى عازر ، اللجنة التحضيرية للتأمينات الاجتماعية ، أ/ محمد عبد العزيز شعبان عضو مجلس الشعب عن حزب التجمع ، وقد اعتذر أ/ محمد عبد الحليم ، رئيس نقابة عمال الزراعة وذلك لانشغاله مع وفد أجنبى ولكن الورقة التى أرسلتها النقابة إلى المركز كانت ضمن الاوراق المقدمة .
وقد اتفق الجميع على أن إلغاء قانون التأمين الشامل ضد الدستور يزيد من العبأ على المهمشين ، وأن المستفيدين من التأمين الشامل يمثلون 5, 32% من إجمالى المؤمن عليهم وأن أغلبهم من الفئات التى طال حرمانها من التأمين الاجتماعى ، والذين هم فى هذا القانون توجد تفرقة بينهم وبين سائر المؤمن عليهم وأن هذا التشريع الجديد سوف يحملهم بأعباء إضافية يتعذر فى ظلها الاستفادة من القانون كما يقلل القانون من ما يتمتعون به الآن من حقوق تأمينية رغم قلتها .

ودار الحديث حول أن ما يجرى هو جزء من سياسة عامة تتبناها النظم الرأسمالية فى العالم وذلك برفع يدها عن الخدمات الاجتماعية وهم بذلك يرفعون فكرة البقاء للأقوى ( قانون الغابة) لذا لابد من تضامن كل العمال والفقراء لإيقاف هذا العدوان لأننا كلنا مضارين ولابد من المواجهة لأنهم لن يفعلوا شيئاً تطوعاً ، ولن يعطوا شيئاً إلا إذا كنا قادرين على أخذه ، ولن نأخذه إلا إذا نظمنا أنفسنا .

وقد طرحت بعض الاقتراحات مثل زيادة الاشتراكات للمنتفعين من قانون التأمين الشامل بنسبة تتناسب مع ظروف الفقراء وليس إخراجهم من المظلة وكذلك نقل الفئات التى تملك أكثر من ثلاث أفدنة إلى نظام تأمينى آخر . الجلسة الثالثة : مواقف الأطراف المختلفة من المشروع … وآليات المواجهة والتى تحدث بها أ/ عبد المنعم الجمل المسئول عن التثقيف والتدريب بالنقابة العامة للبناء والأخشاب والأستاذ/ صابر بركات النقابى العمالى ، والباحث الاجتماعى وهناك تعقيبات ومداخلات من الاستاذ فتح الله محروس ، النقابى العمالى .
وقد أكد الحضور على ما تم التحدث فيه طوال الجلسات السابقة على أن من حق كل مصرى أن يشمله التأمين ، وأن الأصل ليس فى الاشتراك ولكن فيما يرد إليهم من موارد على سبيل المثال من المفروض أن يذهب إلى التأمينات الاجتماعية 13% عن كل عملية من عمليات المقاولات ، وأن من لديهم لنا من دين يكفى بدون أن ندفع أى اشتراكات أن نأخذ منه لأكثر من 50 سنة، وأننا لابد بأن نطالب بتحسين الشروط التأمينية ، مثل المطالبة بعلاوة تساوى العلاوة الاجتماعية للعاملين، وأن يكون الحد الادنى للمعاش هو الحد الأدنى للأجور ، وأن الحكومة تريد أن تلغى مشروع يستفيد منه 6 مليون معدم فى نفس الوقت الذى تنفق فيه على مدرب الكرة ملايين الجنيهات ، وهى بذلك تحاول أن تضلل وتزيف وعى الناس بتقديم مبررات وأسباب واهية لا سند لها من الواقع والدستور . ولذا لابد من أن يعرف الناس القضية لكى يقاتلوا من أجلها، وربما استطعنا تحويل معركة التأمينات إلى معركة كبرى للتحرر من الاستغلال والقهر والبطش .

هذا وقد خرجت الورشة بنوعان من الآليات والتوصيات ، الآليات والتوصيات التى قيلت من خلال المناقشات التى جرت على مدار الثلاث جلسات وكذلك التى استخرجناها من بعض استمارات التقييم للمشاركين وهى :

    • 1- ضرورة التوعية بين الناس بمخاطر القانون وذلك من خلال سلسلة الندوات والمؤتمرات فى المحافظات المختلفة .

 

    • 2- ضرورة أن تشارك كافة القوى السياسية من أحزاب ومنظمات مدنية للخروج برأى موحد يصل إلى جميع المستفيدين من القانون .

 

    • 3- ضرورة عمل حملة اعلامية واسعة النطاق .

 

    • 4- ضرورة عمل بيان شامل بتوقيع كل المؤسسات والاحزاب يشرح المشكلة وينشر بالجرائد حتى ولو كان مدفوع الأجر .

 

    • 5- ضرورة كتابة بيانات وكتيبات توزع على النقابات وأساتذة الجامعات وأعضاء مجلس الشعب.

 

    • 6- ضرورة عمل كتيبات وبيانات توزع على أصحاب المشكلة والمنتفعين.

 

    • 7- تشكيل اتحادات وروابط تتصدى لهذه المشكلة، وذلك عن طريق خلق حركة يومية ضاغطة فى سبيل الحصول على حقوقنا وتوسيعها.

 

    • 8- عمل نقابة خاصة لأصحاب المعاشات .

والنوع الثانى من التوصيات والاليات والذي عمل على صياغته بعض منسقى الورش والمشاركين فى الورشة والذي تم إعلانه بالجلسة الختامية التى حملت اسم : الاقتراحات البديلة …والتوصيات وهى :

    • 1- توحيد كل قوانين التأمينات فى قانون واحد تخضع له كافة فئات المجتمع من عاملين بالقطاع العام والخاص والحكومة والقوات المسلحة والشرطة وكافة فئات المجتمع دون تمييز وبما يغطى كافة الحقوق التأمينية وتعويض المخاطر الاجتماعية .

 

    • 2- التأكيد على أن العمالة غير المنتظمة والجماعات المهمشة هى أكثر الفئات احتياجاً للحماية الاجتماعية على أن يتكفل المجتمع بأعباءها .

 

    • 3- الحقوق التأمينية هى حقوق مواطنة يتعاون المجتمع بكل فئاته لتوفيرها لجميع الموطنين دون تحميل الفئات الغير قادرة بأى أعباء تمويلية جديدة وخاصة فى ظل وجود فائض ضخم لأنظمة التأمين القائمة كما يمكن تعويض أى عجز بفرض رسوم أو ضرائب على الثروات الطبيعية والأنشطة الرأسمالية .

 

    • 4- رفض محاولات الحكومة لإستبدال أموال التأمينات بأى مشروعات تؤدى إلى ربط النظام التأمينى باقتصاديات السوق بما يهدد الاستقرار والثبات اللازمين لأى نظام تأمينى والتزام الحكومة برد الأموال التى أستولت عليها إلى صناديق التأمين .

 

    • 5- تشجيع كافة المبادرات الفردية والجماعية لمقاومة الاعتداء على الحقوق التأمينية وفوائض أموال التأمينات وحقهم فى ابتداع اشكال تنظيم أصحاب المصلحة لإدارة ومراقبة أموال التأمينات والتزام الدولة بتوسيع المظلة التأمينية تشمل كافة المواطنين.

 

    • 6- عدم إجراء أى تعديل على الأنظمة التأمينية القائمة دون الرجوع وموافقة أصحاب المصلحة ( المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات)

 

    7- المطالبة بعمل لجنة تقصى حقائق تشكل من النواب وأصحاب المصلحة لمراجعة حسابات أموال صناديق التأمينات الاجتماعية وأوعية المنصرف منها وتحديد المسئولين عن ذلك .

كما أشارت الورشة إلى عدد من الاليات أهمها :

    • 1- حشد الجهود لمقاومة الهجوم على الحقوق التأمينية للمواطنين وتعبئتهم فى منظمات أو أشكال تتناسب مع إمكانيات وظروف كل موقع .

 

    • 2- استخدام كافة الوسائل الاحتجاجية من الكتابة على الجدران واصدار البيانات وتعليق الملصقات وعقد الندوات والمؤتمرات والمظاهرات وكافة أشكال الاحتجاج السلمى .

 

    • 3- تنشيط وتشجيع التجمعات فى الاقاليم والمحافظات ومناطق التواجد الجماهيرى فى حملة حماية حقوق المواطنين التأمينية والتنسيق مع جهود لجنة حماية الحقوق التأمينية بالتعاون مع كافة منظمات المجتمع المدنى المعنية .

 

    4- تنشيط حملة جمع التوقيعات ودعوة المواطنين للانضمام للدعاوى المرفوعة فى هذا الشأن .

وبهذا الشكل نتمنى أن تكون الورشة قد حققت أهدافها والتى أخذناها من خلال رأى المشاركين واللذين عبروا عن أن الورشة حققت ما يلى من الأهداف :

    • 1- وضوح التعريف بمشكلة قانون التأمين الشامل ومشكلة التأمين بشكل عام، وذلك من خلال المداخلات والتعقيبات والآراء المقترحة .

 

    • 2- ساعدت الورشة على توحيد الرؤية .

 

    • 3- عملت على زيادة المعلومات فى موضوع الورشة وغيره من الموضوعات .

 

    4- خلف مبادرات وآليات العمل للمستقبل .