21/4/2005

فيما أرجع ناشطون ومراقبون لأوضاع حقوق الإنسان في الأردن عدم استشعار المواطنين بجدوى المؤسسات الرسمية منها والأهلية العاملة في هذا المجال إلى “ثقافة الخوف من تقديم شكاوى حول انتهاك حقوقهم، أو لعدم تجاوب الحكومة مع فحواها”، أكد نائب رئيس الوزراء للشؤون البرلمانية وزير التنمية السياسية هشام التل بأن وزارته “ستتولى النظر في الشكاوى بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وحلها”.

وقال التل لـ”الغـد” إن الوزارة “ستتابع الشكاوى المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان وبأسرع وقت” مؤكدا على “حق المشتكي ومنظمات المجتمع المدني في الحصول على إجابات حيال شكواها وإنصاف صاحب الشكوى إن كان على حق”.

ودعا المواطنون إلى “الابتعاد عن ثقافة الخوف” مشيراً الى استعداد الوزارة “لاستقبال شكاوى المواطنين حيال انتهاك حقوقهم الإنسانية ورفع مظلمتهم، مع الحفاظ على سريتها”.

وكان تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان في الأردن أظهر أن الحكومة “لم تتعامل إلا مع شكويين رفعتهم إليها المنظمة من أصل 65 شكوى وصلت إليها خلال عام 2004، منها 52 موجهة ضد السلطات الداخلية”.

وبحسب التقرير، “تراجعت نسبة الردود الداخلية من 10.38% عام 2003 إلى 3.08% من إجمالي شكاوى العام الماضي، فيما بلغت (99) عدد الشكاوى الواردة للمنظمة خلال عام 2003.

وأكد التل ان سياسة الباب المفتوح والحوار والتواصل مع الجهات الشعبية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني “ستكون العماد في أي دراسة أو برامج متعلقة بالتنمية السياسية أو بحقوق الإنسان” مشيراً الى أن الوزارة “ستضع رئيس الوزراء في صورة أي خروج عن القانون فيما يخص حقوق الإنسان”.

من جانبه قال الناشط في مجال حقوق الإنسان فوزي السمهوري إن القيود المفروضة على نشاط المؤسسات القائمة وعدم تمكينها من الوصول إلى الإعلام المرئي والمسموع بحرية “يحول دون استشعار المواطن بأهميتها في الانتصار للحقوق التي يتم انتهاكها” موضحا أن المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان ليس بحوزتها وسائل ضغط فعالة للتأثير على الحكومات لرفع الانتهاكات”.

وأكد على أن الشعارات التي تتبناها الحكومات بشأن حقوق الإنسان “لا تخرج عن كونها جملا كلامية لا تنفذ على أرض الواقع” مدللا على ذلك “عدم تجاوب الحكومات مع الشكاوى التي ترفعها المؤسسات العاملة في هذا المجال”.

وفيما يتعلق بتبديد مخاوف المواطنين تجاه التقدم بالشكاوى حيال انتهاكات حقوق الإنسان، أشار السمهوري إلى ضرورة أن يصاحب ذلك “ضمانات تشريعية وتنفيذية من الحكومة في التعامل مع الشكاوى، خصوصا وأن المؤسسات الناشطة في هذا المجال ليست جهة تنفيذية، ولا تخرج عن كونها أداة ضغط على الحكومة لتصحيح أوضاع حقوق الإنسان”.

وأشار رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن هاني الدحلة إلى أن المؤسسات الناشطة في حقوق الإنسان بالأردن “لا تستطيع الوصول إلى المواطن، نظرا لضيق الحيز المتاح لها على صفحات الجرائد ونشرات الإذاعة والتلفزيون للتعريف بنشاطاتها وتقاريرها، إلى جانب عدم تجاوب الحكومة لتقاريرها والتعاطي مع شكاوى المواطنين”.

وأرجع أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب عدم استشعار المواطن بجدوى عمل المؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان إلى “عدم تجاوب الحكومة وتعاونها معها، وعدم مبادرة المواطن نفسه بالتعرف إلى عمل هذه المنظمات، أو لعدم قناعته بجدوى تقديم شكوى لها” عازيا السبب “لتخوف المواطن من الأجهزة الأمنية في حال علمت بشكواه أو لعدم قناعته كونها تشكل بوقا لرفع صوته أمام الرأي العام”.

وقال ان الاستطلاعات تشير إلى أن “86% من المواطنين لا يجرأون على انتقاد الحكومة، وبالتالي عدم امتلاكهم الجرأة لتقديم شكوى ضد انتهاك حقوقهم” مؤكدا أن الجمعيات “تقوم بدورها المطلوب منها وذلك باستقبالها لشكاوى المواطنين ضد انتهاكات حقوق الإنسان ومخاطبة الجهات الموجه ضدها الشكوى”.

وأوضح ذياب إن “عدم تجاوب الحكومة مع الشكاوى المرفوعة إليها من منظمات حقوق الإنسان دلالة على عدم احترامها للحريات العامة التي كفلها الدستور الأردني” لافتا إلى أن الحكومات المتتالية تتحدث عن الإصلاح، ولكن من الزاوية العملية “لا يوجد خطوات على أرض الواقع، إلى جانب إقرارها قوانين عرفية تنتقص من أوضاع الحريات”.

وأشار إلى أن إنجازات الحكومة السابقة تلخصت في انبثاق أربعة مشاريع لقوانين عرفية قانون الأحزاب، والجمعيات الخيرية، والاجتماعات، وقانون النقابات”.

وأشار تقرير المنظمة العربية، الصادر منتصف آذار (مارٍس) الماضي، إلى أن قانون الاجتماعات العامة رقم 45 لسنة 2001 والذي جرى تقنينه ليصبح قانونا دائما برقم 6 لسنة 2004 “لا يزال يسيطر على الحياة السياسية والنقابية ويؤثر على حرية الرأي والتعبير، حيث منعت على خلفيته العديد من الاجتماعات والمسيرات والمحاضرات”.

من جانبه، أشار رئيس لجنة الحريات بنقابة المهندسين ميسرة ملص إلى أن “عدم استجابة الحكومة سواء في سياساتها العامة أو تعاملها مع الشكاوى المرفوعة هو سبب عدم تلمس المواطن لجهود هذه المؤسسات”.

وطالب الجمعيات بـ”تكثيف دورها بغض النظر عن تعاون الحكومات مع جهودها أو عدمه” مؤكدا أن استمرارية صدور تقارير عن هذه المنظمات “لا بد وأن يؤثر في النهاية على السياسة العامة للدولة والتركيز بشكل أوسع على حقوق الإنسان”.

وتساءل ملص عن “حدود وصلاحيات الحكومة الجديدة للسيطرة على مواطن انتهاك حقوق الإنسان في الواقع التنفيذي وليس القانوني؟”.