10/5/2005
تمر المؤسسة القضائية بمختلف قطاعاتها من قضاة و محامين و أعوان محاكم بمرحلة مفصلية من تاريخ أزمتها المزمنة بعد تكشف عجزها عن الاضطلاع بدورها بصفة طبيعية و مجاراة ما يشهده المجتمع التونسي و الدولي بصفة عامة من تطورات متلاحقة تزيد من عبئ الضغوط المسلطة عليها و تقتضي قدرا عاليا من الكفاءة و الشفافية القائمة على قواعد واضحة ومحددة سلفا في التعامل مع النزاعات القائمة بين الأفراد و المجموعات و المصالح المتضاربة لازال القضاء التونسي يفتقدها بسبب إرهاقه بضغوط الإعتبارات الظرفية و أصحاب المصالح الأنانية من جهة و غياب الإرادة السياسية و تلكئها في تمكينه من مباشرة صلاحياته الدستورية كسلطة مستقلة قائمة بذاتها يجب أن تتوفر لها جميع الضمانات اللازمة كمؤسسة و كأفراد باعتبارها ركيزة دولة القانون التي لا يمكن أن تقوم بدونها.
وقد جاءت الأحداث الأخيرة كمؤشر بليغ على هذه الحالة بما تخللها من تجاوزات أمنية خطيرة و ما رافقها من توظيف رخيص و مشين للقضاء و ما نجم عنها من عسف وظلم صارخ بدأ باختطاف الأستاذ محمد عبو عضو المكتب التنفيذي لمركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة و سجن الأستاذ فوزي بن مراد و الترويع بملاقاة نفس المصير للأستاذة الشابة سنية بن عمر و هي المعتدى عليها أثناء مباشرتها لعملها. وقد تخلل كل ذلك شتى صنوف الإعتداء و النيل المادي و المعنوي من المحامين بما في ذلك عميدهم سواءا في ذواتهم أوفي إعتبارهم أو في هيئتهم. وهي تجاوزات ما كان لها أن تحدث إلا على حساب علوية القانون و عن طريق إنتهاك الإجراءات الأساسية للبحث و التحقيق و المحاكمة وصلت لحد شطب دور الدفاع توظيفا للقضاء في تصفية الخلافات السياسية و أعطى بذلك مثالا حيا عن الإنحطاط الذي يمكن أن ينحدر إليه و خطورة التهديد الذي يمكن أن يشكله للمجتمع بانخراطه في دوامة القمع في غياب منهج فكر المؤسسات و ضوابط دولة القانون.
إن هذه التطورات تأتي شاهدا على خطورة سياسة المماطلة التي تنتهجها السلطة إرتدادا على وعودها و إلتزاماتها السابقة سواء في إصلاح القضاء أو في مجابهة المشاكل المتفاقمة للمحاماة. فإصلاح القضاء بما ينسجم و المقاييس الدولية لاستقلال السلطة القضائية محور إجماع وطني يتطلب الإستجابة للمطالب المزمنة للقضاة في وضع حد لسياسة الإنتقاء في إسناد المسؤوليات على أساس التبعية و الولاء للسلطة التنفيذية و ذلك عن طريق سن قانون أساسي يكفل للقضاة الضمانات الضرورية لممارسة وظائفهم في إطار الحياد و الإستقلالية و يتيح لهم إنتخاب مجلس أعلى للقضاء يمثلهم كسلطة دستورية وقادر على الدفاع على مصالحهم بما يدعم وضعيتهم المادية و المعنوية.
كما أن تلكئ السلطة في التجاوب مع مطالب المحامين، رغم سدهم لكل الذرائع التي كانت تتعلل بها لمماطلتهم في فتح حوار جدي بشأن مشاكلهم، يجعل منهم اليوم هدفا لسياسة عقوبات جماعية بدأت بالتضييق في مجال تدخلهم و السيطرة على النزاعات الخاصة بالدولة و المؤسسات الوطنية و توزيعها كرشاوى مقابل الولاء و استثنائهم دون غيرهم من الفئات هضما لحقوقهم وحقوق عائلاتهم من أدنى نظام للتغطية الإجتماعية لتنتهي بشطب دورهم التاريخي في قضايا الرأي و الحريات باعتماد سياسة المحاكمات الصورية لحد استهدافهم دون تمييز بمختلف صنوف التنكيل و الإعتداءات ليتحولوا هم أنفسهم إلى مطلوبين في هذا الصنف من المحاكمات.
إن مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة :
* يجدد تأكيد دعمه و مؤازرته للمحامين السجناء و وقوفه إلى جانب زملائهم المعتصمين حتى تتحقق مطالبهم في إطلاق سراحهم.
* يعتبر أن سياسة توظيف القضاء لتكريس التجاوزات والإنتهاكات الإجرامية في ممارسة السلطة والإعتداء على الحقوق الفردية و العامة و مصادرة الحريات بتلفيق التهم و المحاكمات الصورية قد وصلت إلى طريق مسدود وتوضحت بشكل مكشوف في أقبح مظاهرها للرأي العام الوطني و الدولي و لا مناص من التراجع عنها لأنها لن تعود بالوبال إلا على المتورطين فيها.
* يطالب بإطلاق سراح الأستاذين محمد عبو و فوزي بن مراد ووقف التتبعات ضد الأستاذة سنية بن عمر.
* يدعو لمراجعة منهجية عميقة قائمة على الحوار الشامل لمرفق العدالة و مركز السلطة القضائية في بناء دولة القانون بعيدا عن أجواء الإحتقان وذلك انطلاقا من تسريح كل مساجين الرأي و المساجين السياسيين و رفع كل صنوف الإضطهاد و التضييقات بسبب الإختلاف في الرأي على غيرهم من المواطنين.
عن مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة رئيس المركز:
المختار اليحياوي
Centre Tunisien pour l’Indépendance de la Justice (CTIJ)
Rue 8002 Espace Tunis immeuble A Montplaisir Tunis
Téléphone: 71950400 – 71950420
Cellulaire: 98667463 – 98327175
Télécopie: 71950370