29/12/2007

خبراء وبرلمانيين: ضعف تمثيل الاحزاب والقوى السياسية وسيطرة رجال الاعمال سبب تراجع الاداء البرلمانى
كشفت النقاشات التى دارت بين عدد من السياسيين وأعضاء مجلس الشعب ونشطاء حقوق الإنسان ان حصاد الآداء البرلمانى لمجلس الشعب خلال العاميين الماضيين كان ضعيفاً بسبب عدم نجاحة فى الوصول لحلول فى المشاكل التى تواجه أوضاع المواطن المصرى السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وإنتقد المشاركون التمثيل الضعيف للقوى السياسية المختلفة والفئات المهمشة مثل المراة، والاقباط، مقابل سيطرة شبة كاملة للأعضاء من رجال الأعمال، مما أدى الى إنحيازهم للسياسات التى تتفق مع مصالحهم.

جاء ذلك خلال ورشه العمل التى نظمتها الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية حول تقييم آداء البرلمان المصري خلال العامان الماضيين عبر عدد من المحاور، كان أهمها محاولة الإجابة على السؤال الذى شغل العديد من المراقبيين السياسيين وثار بعد إنتهاء إنتخابات عام 2005، وهو هل عكست تركيبة البرلمان المصري الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في البلاد ؟!

في البداية عرض الدكتور مجدي عبد الحميد رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية تقييما شاملا لرؤية الجمعية للآداء البرلمانى، وقال أن هناك عامان مروا من عمر البرلمان الحالي ويتبقى له ثلاث سنوات منذ إنتخابات 2005، وما جرى فيها من أعمال بلطجية وقمع تجاه المواطنيين، ورغم كل ذلك جاءت نتيجتها تحمل قدراً كبيراً من الغرابة… فهي الإنتخابات الأولى لنجاح 22% من رجال الأعمال، بالإضافة لنجاح 2% من صفة العمال الحقيقيين، و5% من الفلاحين، وبالتالي فإنّ القوة المدنية السياسية في مصر لم تحصل إلا على مقاعد هزيلة جداً، فمجمل الأحزاب الأربعة التي لها مقاعد والرجال المستقلون لم يتجاوزوا سوى 20 مقعد.

ثم طرح عبد الحميد سؤالاً حول ماذا جرى لحال القوى السياسية في الإنتخابات السابقة لافتاً إلى أن نسبة مشاركة النساء لم تتجاوز 1%، ونسبة مشاركة المسيحيين لم تتجاوز 0.2% والمرشح الوحيد الذي نجح منهم كان هو الوزير يوسف بطرس غالي. ومن جانبة طرح عبد الغفار شكر عضو الأمانه المركزية بحزب التجمع فى ورقتة التى أعدها حول الموضوع سؤالاً أخر، حول هل مجلس الشعب المنتخب عام 2005 يعكس على الحالة الإجتماعية، والسياسية، والإقتصادية في مصر؟ موضحاً ان مجلس الشعب طبقاً للدستور يحظى بمكانة عامة في مصر فله سلطة التشريع ويلعب دوراً مهماً في الموازنة المالية، وهو من له الحق في إصدار القوانين وتعديلها وإلغائها، وهو من له الحق في سحب الثقة من الوزراء ومحاسبتهم، وهو من له حق محاسبة رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن مجلس الشعب منذ عام 1976 لم يستخدم إختصاصاته مطلقاً، فهل مجلس الشعب الحالي حقق نمو هذه الإختصاصات؟

وأكد شكر أنّ المجلس الحالي من الناحية السياسية غير متوازن، ويسيطر علية رجال الأعمال و الرأسمالية الكبيرة، مما دفعه الى الإنحياز إلى سياسات الحكومة التى تتبنى إقتصاد السوق و أثر على آداء المجلس البرلماني، الذى تجاهل أيضاً إقتراحات القوى السياسية والحزبية المختلفة، فحينما أقرّ الرئيس التعديلات الدستورية الأخيرة أقرّها المجلس وتجاهل الإقتراحات المبلورة من حزبي الوفد والتجمع بالإضافة لإقتراحات المستقلين.

وأرجع شكر تدهور آداء البرلمان الحالي الى ستة أسباب هى (نظام إنتخابي فاسد _ تعددية حزبية مقيدة ومشوهة _ آلية التشريع ضعيفة _ إحتكار وسائل الإعلام _ السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني _ الأزمة الإقتصادية الإجتماعية) مؤكداً أن علاج أزمة البرلمان الحالى يكمن فى علاج هذة المشاكل.

المستقلون يضطهدون تحت القبة:
وفى تعقيبة على ورقة عبد الغفار شكر أكد الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب المستقل أن المجلس من الداخل أصبح متحركاً فالأعضاء تحركوا من إنتماء لإنتماء، فكان للمستقلين والمعارضة في بداية الدورة البرلمانية 126 مقعد وصلوا بعد ذلك الى 105 عضو.

وحول ما يدور تحت القبة يحكي زهران: كنّا 30 مقعد مستقل تحت القبة وعملنا كتلة (المستقلين) وأستطاع الحزب الوطني أن يجذب منهم 4 ويسقط عضوية محمد أنور السادات فصرنا 25، وحينما فصل الحزب الوطني عضوان من أنصاره أجتذبنا واحد للكتلة.

لافتاً الى أعضاء كتلة المستقلين تعانى من إضطهاد داخل البرلمان، ولو أنّ أحد منكم سجل ما قلته الآن وقدمه لرئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور سيقدمني للجنة القيم.

جاء التعقيب الثاني للدكتور محمد السيد سعيد رئيس تحرير جريدة البديل، والذي بدأ كلامه بأنّ الدولة همشت دور المجالس النيابية بصورة متواصلة فلم يعد لهذه المجالس القيمة التشريعية والرقابية من أجل صورة سياسية بحتة، لذا فإنّ هذا النظام لا يملك برلماناً حقيقياً لأنّه قضى على إختصاصاته.

ومضيفاً ان السلطة التنفيذية فقدت الهيمنة على الترشح مما نتج عنه ظهور المستقلين، إذن فمجلس الشعب الحالي ليس مؤسسة سياسية ولكنها مؤسسة توزيعية.

ثم طرح في النهاية سؤالان: هل هناك إمكانية في أن تثور الحركة السائدة على الطبقة الحاكمة؟ وهل هناك إمكانية خلق طبقة حاكمة وما رؤيتها؟ مؤكداً أن بنية الدولة الإستبدادية تطور منظومة هيمنة لها القدرة على حكم البلد، فمجلس الشعب الحالي لا قيمة له في السياسة بمجرد خروج عمال للمظاهرة فبهذا الخروج يمكن أن يعدم كل أعضاء مجلس الشعب بطلقة واحدة وهي هذه المظاهرة.

الحزب الوطنى يحتكر العملية التشريعية :
وناقشت الجلسة الثانية للورشة موضوع (تقييم آداء البرلمان المصري خلال عامين على المستوى السياسي، والرقابي، والتشريعي) وترأستها الكاتبة الصحفية بجريدة البديل كريمة كمال، وجاء عضو لجنة الدفاع عن الديمقراطية فاروق العشري متحدثاً رئيسي بدلاً من الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة بعد إعتذاره، وعقب كلا من نائب رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشعب السابق أبوالعز الحريري، وعضو مجلس الشعب الحالي د. محمد البلتاجي.

في البداية أكد العشري ما جاء بورقة أبوسعدة من إختصاصات مجلس الشعب والمتمثلة في الرقابة والتشريع، طارقاً وجود رجال الأعمال داخل البرلمان وما يستفدونه من خدمات خلاف الرقابة والتشريع بالمجلس، مشيراً إلى ما إستنتجته الورقة من تقييم آداء البرلمان والمتمثلة في:

  1. وجود خلل في التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
  2. تحكم الحزب الوطني بأغلبيته تحت القبة في العملية التشريعية.
  3. أغلبية القوانين المقدمة من الحكومة مقارنة بالمقدمة من قبل الأعضاء.
  4. ضعف المبادرة التشريعية للأعضاء من خلال استخدام حقهم في اقتراحات مشروعات قوانين.
  5. سرعة المجلس في إصدار القوانين.
  6. تغيب أعضاء البرلمان عن حضور الجلسات.

وأنهى العشري كلمته بالتوصيات التي جاءت بورقة أبوسعدة وأهمها:

  1. دعم عمل الأعضاء، وذلك بتطوير نظام مؤسسي لعلاقات النائب بدائرته الإنتخابية من خلال توفير الإمكانيات البشرية، والمكانية، والفنية، وتعاون السلطة التنفيذية مع البرلمان في إتاحة المعلومات، والإهتمام بالزيارت الخارجية لبرلمانات العالم، والإهتمام بعقد المؤتمرات الإقليمية والدولية لمناقشة القضايا الفنية والإدارية في المؤسسات البرلمانية، وكذلك دعم دور المرأة في البرلمان، والأخذ بنظام الحقيبة الوزارية للشئون البرلمانية.
  2. التطوير المؤسسي ويشمل تطوير اللوائح البرلمانية لتتيح قدر من التوازن بين التيارات السياسية والحزبية في إدارة فعاليات المجلس، وتولي المناصب القيادية، وتطوير نظام اللجان، وتحديث أدائها الفني وتفعيل دورها في المبادرة التشريعية.
  3. الإهتمام بالإعلام البرلماني، وذلك بالعمل على خلق قناة جديدة تبث فعاليات مجلس الشعب لا غيره.

لم يحدث في تاريخ مجلس الشعب أنّه مارس سياسة:
وفى تعقيبة على الورقة قال أبوالعز الحريرى نائب رئيس حزب التجمع إنة لم يحدث في تاريخ مجلس الشعب أنّ مارس السياسة، فرئيس مجلس الشعب أمامه لاب توب مع أنّ اللائحة تحرم القراءة من الورق.

لافتاً إلى إنه على القوى السياسية أن نسعى لإستعادة مجلس الشعب أصلاً، والتمسك بنسبة الفلاحين والعمال، وليس من المطلوب أن لا يجيد الفلاح والعامل القراءة والكتابة فحق لهم أن ينضجوا فكرياً.

واضاف انة على مدى الأربعين سنة الماضية نال معظم فئات الشعب حقه عن طريق الحركات السلمية، ومنذ عام 2000 بدأ الحراك الإجتماعي بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وأنتشرت وسائل الإعلام المختلفة من قنوات فضائية وصحف مستقلة. ومنوهاً: أتمنى أن يحدث تلاقي لكل منظمات المجتمع المدني لكل شرائحها وطوائفها، والوقوف يداً بيد من أجل تحرير هذا البلد من فاسديه… الجوع كافر فيجب أن نرفع الكفر عن الناس، عندنا فساد، عندنا إحتكار، عندنا تهريب، فلابد أن يتكاتف اليساريين مع اليمين مع الليبراليين مع الإخوان حتى نحل هذا التكتل…

وحذر الحريري في الختام من النظام في كونه يعد عدة خبيثة في مجلسي الشعب والشورى القادمان، ونادى الأحزاب الأربعة بقوله: على الأحزاب الأربعة بالمجلس مراعاة هذه العدة وليعلموا جيداً لن يمر أحد باب المجلس ثانياً إلا إذا مر من تحت أقدام رجال أمن الدولة.

وختام الجلسة جاء د. محمد البلتاجي ليقول في البداية: إذا استطاع المجلس الحالي إستئثار مهام رئيس المجلس ونائبه كلياً فيستطيع أن يخرج بجديد… لم يحدث مطلقاً محاسبة مسئول أخطأ…

ومضيفاً ان المعارضة تحت البرلمان بلغت 25% وهو جديد في الحياة السياسية المصرية لذا فعلينا بنقل المعركة الداخلية للشارع حتى تلتئم قوى الشعب من أجل الإصلاح.

مستقبل البرلمان الحالى:
جاءت الجلسة الثالثة والأخيرة للورشة تحمل عنوان (قراءة في مستقبل البرلمان المصري الحالي في ضوء تطور الوضع السياسي العام) وترأستها رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة نهاد أبوالقمصان، ومتحدثاً فيها كلا من الكاتبة الصحفية بالأهرام وعضو حزب التجمع أمينة شفيق، والكاتب والباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام د. وحيد عبدالمجيد، والكاتب والباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام د. جمال عبدالجواد.

بدأت الكاتبه الصحفية أمينة شفيق مداخلتها بالمقارنة بين حال المجتمع المصري الحالي ومستقبل البرلمان الحالي، إذ يمر المجتمع بأزمة إقتصادية وإجتماعية، نتج عنه مجتمع أبوي ذكوري مستبد وفي الإقتصاد مجتمع ريعي أي غير منتج، فيجب أن يتحول هذا المجتمع إلى مجتمع مؤسسي مشيرة الى أن مجلس الشعب بتركيبته الحالية لا يستطيع أن يواجه مشكلتان أساسيتين 40% من الشعب تحت خط الفقر، بالإضافة للمجتمع الذكوري الأبوي المستبد الريعي.

وفي نهايه كلمتها وضعت شفيق حلاً لهذه المشكلة بقولها: يجب أن نستمر في النضال عن طريق الحرية الليبرالية الديمقراطية، تحتاج لمنظمات حزبية ومنظمات المجتمع المدني ويتمتعا بالتعامل بالحريات الليبرالية الديمقراطية.

وجاء المتحدث الثاني للجلسة د. وحيد عبدالمجيد والذي طرح عدة أسئلة في بداية مداخلته تمثلت في: هل يمكن أن يحدث تطور في آداء هذا البرلمان في الفترة القادمة ؟ هل سيحل هذا البرلمان سواء بقرار من السلطة المختصة أو حركة سائدة من المجتمع ؟

مجيباً: لم يحدث تطور بالبرلمان، وليس مرجحاً حله!! لأنّ الوضع السياسي العام لا يفرز هذه اللحظة ما نبنى عليه متوقعاً بحدوث كبير، وكذلك طبيعة الوضع السياسي العام فالحزب الحاكم لا توجد داخله رؤية واحدة حتى الآن بشأن إجراء إنتخابات…

ووصف عبد المجيد إنقسام الحزب الحاكم لحرس قديم وجديد بأنهم شلل متخلفة في بيئة متخلفة موضحاً على حد قولة يا ليت “مخالفتهم من أجل المصلحة العامة إنّما مبنية على المصالح الشخصية “.

واضاف أنه على الجانب الآخر تقف الأحزاب المصرية في حالة لا يرثى لها، بالإضافة إلى أنّ قدرتها على إستعادة دورها ضعيف لأسباب تراكمت منذ 30 عاماً وأهمها الصراعات الداخلية، والحل في التوافق فيما بينهم.

واكد عبدالمجيد بأنّ الإخوان رغم قوتهم الظاهرة على الأرض إنّما في الحقيقة هم يقدموا نموذج إستثنائي من البرامج الكيفية، فهو تنظيم كلما إزداد حجمه ضعفت قوته مما تعود المصلحة للنظام…

في النهاية وضع عبدالمجيد حلاً لما طرحه بقوله: الإحتجابات الإجتماعية هي العنصر المتحرك الوحيد في هذا الوضع لكن تأثيره السياسي في هذا الزمن سيظل محدود لفترات قليلة… الفرصة الوحيدة في التطور أن يتنامى وضع ويتنامى فكرة بناء قوة ثالثة بين النظام والإخوان، تتجه أعمالها إلى بناء ائتلاف سياسي ديمقراطي مفتوح لكل من يقبل عليها، ويشترط في هذا الإئتلاف ثقافة الإئتلاف والعمل على دعمها، وللأسف هذه الثقافة غير متوفرة في مصر..

وختام الجلسة جاء الدكتور جمال عبدالجواد ليؤكد بأنّ الإصلاح عملية تدريجية لا تنتهي، مشيراً لإعتقاده بأنّ هناك إمكانية تصليح آداء البرلمان لأن ذلك يتوقف على المجتمع نفسه فماذا نحن فاعلون.

وأوضح أن ظاهرة تمثيل رجال الأعمال أنا غير منزعج من ذلك لكن المنافع الخاصة هي التى تدمر بشكل عام أي جهاز مؤسسي.

[an error occurred while processing this directive]